لجريدة عمان:
2025-11-01@19:38:33 GMT

قانون البصمات الحيوية .. نحو عدالة ناجزة

تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT

ساهمت الثروة العلمية التكنولوجية في مجالات الطب الحيوي في تأمين حياة أفضل للإنسان، وتعزيز أمن المجتمع، خاصة ما يتعلق بمجال الهندسة الوراثية واستخدام البصمة الحيوية، والتي ساعدت في كشف الكثير من الأمراض المستعصية وعلاجها من جهة، وتحديد الهوية من جهة أخرى كالمتعلقة بكشف وتحديد هوية الشخص المجرم أو المفقود.

وتغيرات العالم وتطوراته المتلاحقة، والطفرات العلمية الحديثة، والعولمة الرقمية، فضلاً عن الكثافة السكانية، انعكست في تحدٍ على مجالات عدة، لاسيما على مجال العدالة الجنائية. ولا يمكن استيعاب هذه التحديات إلا باستثمار التقدم العلمي والتقني، وإعداد التشريعات الوطنية بشكل يتواكب مع متطلبات العصر والتغيرات السريعة.

إن المتأمل للسياسة التشريعية في سلطنة عمان، ليلحظ بوضوح مضيها وفق منهجية تتابعية بنائية مدروسة، وخطط مدعومة بالحقائق العلمية، على النحو الذي يأخذ واقع الحال في الحسبان، وتراعي تدرج الثقافة المجتمعية وتطور البنية التحتية، والغايات الوطنية والتوجهات العالمية.

ولذلك كله، وتحقيقاً لمقتضيات النظام الأساسي للدولة ومساندة القوانين الجزائية والتكامل معها، وما قضت به رؤية 2040 من إيجاد منظومة قضائية متطورة ومرنة، توظف تقنيات المستقبل وتوطن أفضل الممارسات العالمية بما يتواكب مع تطور العصر وسرعته وفق أعلى المعايير تحقيقاً للعدالة الناجزة والتي تنعكس إيجاباً ومباشرة في تعزيز الأمان المجتمعي، جاء المرسوم السلطاني رقم (21 /2024) بإصدار قانون البصمات الحيوية، ممثلاً نقلة نوعية في المنظومة التشريعية العمانية، ومواكباً للمستجدات العلمية والتقنية، واضعاً الإطار القانوني لعملية جمع واستخدام وحماية البيانات المتعلقة بالبصمات الحيوية، والتي هي الخصائص المميزة القابلة للقياس، لتحديد هوية الشخص وتمييزه عن بقية الأشخاص، مثل: البصمة الوراثية، وبصمة الأصابع والكفوف، وبصمة الوجه، وبصمة العين.

صدر قانون البصمات الحيوية بتاريخ 26 مارس 2024م، ونُشر في الجريدة الرسمية العدد رقم (1539) الصادر يوم الأحد الموافق 31 مارس 2024م، وعليه دخل حيز النفاذ الإثنين الموافق 1 أبريل 2024م. ويتضمن القانون 18 مادة مقسمة على أربعة فصول، يتضمن الفصل الأول التعريفات، والفصل الثاني قاعدة بيانات البصمات الحيوية، والفصل الثالث عينات وبيانات البصمات الحيوية، بينما نص الفصل الرابع على العقوبات.

وتكمن أهمية هذا القانون في تعزيز أحد أبرز مقومات المحاكمة العادلة وهي افتراض قرينة البراءة، حتى تثبت إدانة المتهم بحكم قضائي بات مبني على الجزم واليقين، وهو حق دستوري وحق إنساني دولي بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فأضحت التشريعات الجنائية الحديثة تميل إلى الاستعانة بالأدلة العلمية وعلى رأسها البصمات الحيوية، لحجيتها في الإثبات الجنائي ما لم يثبت عكس ذلك، بموجب المادة (6) من هذا القانون، باعتبارها من الوسائل شديدة الدقة في الكشف عن الهوية، كونها ثابتة ومتفردة بين كل شخص وآخر.

علاوة على أن البصمة الوراثية كأحد أنواع البصمات الحيوية، وهي السمات الحيوية أو النمط الجيني للمواقع غير المشفرة عالية التباين في الحمض النووي الكروموسومي الناتجة عن تحليل الحمض النووي، ولا تتكرر إلا في حالات التوأم المتطابق، تتفرد بعدة خصائص عن غيرها من الأدلة العلمية، كإمكان استخلاصها من الحامض النووي من أي خلية في جسم الإنسان - عدا خلايا الدم الحمراء - إضافة إلى تعدد مصادر الجين البشري، حيث يمكن الحصول عليه من اللعاب أو الشعر أو الأنسجة البشرية مما يجعله كافياً للاعتماد عليه في حالة خلو مسرح الجريمة من بصمات الأصابع والكفوف مثلاً .

كما تبرز أهمية هذا القانون في وجود قاعدة بيانات البصمات الحيوية وهي نظام تقني تخزن فيه بيانات البصمات الحيوية، والتي يمكن للجهات المختصة بجمع الاستدلالات والتحقيق والمحاكمة الاستعانة بها بسرعة وسهولة في تحديد هوية الشخص وعلاقته بالجريمة المرتكبة، أو في أي حالات تقتضيها المصلحة العامة. بالإضافة إلى تمكين الجهات المختصة من إجراء فحص البصمة الوراثية في حالات اغتصاب القصر وفاقدي الأهلية، أو لتحديد هوية الجثث المجهولة، أو حالات الاشتباه في المواليد أو ضياعهم أو اختلاطهم بسبب الحوادث والكوارث، وتعذر معرفتهم.

علاوة على الموثوقية العلمية والتقنية لنظام البصمات الحيوية، الأمر الذي سيؤدي بلا شك إلى تسريع وتيرة العمل القضائي بدءاً من إجراءات جمع الاستدلال والتحقيق الجنائي إلى المحاكمة، بالتكامل مع أحكام قانون الإجراءات الجزائية والقوانين ذات الصلة، وانسجاماً مع اختصاصات ومهام الجهات ذات العلاقة وتعزيز كفاءتها في التوصل للمتهمين والمتورطين في الجرائم واتخاذ ما يلزم من إجراءات، وذلك في ظل الانفتاح الاقتصادي والتطور التقني، وزيادة الكثافة السكانية ما انعكس على تطور وتنوع أساليب الجريمة.

ومن جانب آخر، تعد البصمة الحيوية من الوسائل العلمية الحديثة والمتطورة، وحتى تعطي أساسها القانوني الصحيح والسليم، يستوجب استخدامها على قدر كبير من الحيطة والحذر، تفادياً للأخطار المحتملة والناجمة عن تطبيق تقنيات الهندسة الوراثية، وحتى لا تخرج عن أغراضها القانونية والمرجوة من استعمال البصمات الحيوية، إلى جانب الموازنة بين ما توصلت إليه التقنيات والعلوم الحديثة وبين حماية حقوق الإنسان؛ فأكد المشرع في المادة (2) من هذا القانون على وجوب احترام كرامة الأشخاص وحرمة حياتهم الخاصة وحماية بياناتهم الشخصية في أثناء مراحل جمع العينات والبصمات الحيوية.

كما حصر المشرع مصادر بيانات البصمات الحيوية في خمسة مصادر وفق المادة (3) من القانون ذاته، كالأثر الحيوي المرفوع من موقع الجريمة أو من الجثث والأشلاء المجهولة، أو العينة الحيوية المأخوذة من المتهمين والمحكوم عليهم جنائيا.

إضافة إلى الضوابط الفنية لعملية جميع العينات والآثار الحيوية والبصمات وإجراء الفحوصات، بأن تُجرى من قِبل المختصين في مختبر جنائي مهيأ ومجهز بأكثر الأجهزة حداثة ودقة لإجراء هذا الفحص.

كما أولى المشرع الاهتمام والحماية بالطفل بأن حظر جمع العينة الحيوية المرجعية منه إلا بحضور ولي أمره أو من ينوب عنه قانوناً. كما حظر على المؤسسات الصحية الخاصة إجراء فحص البصمة الوراثية إلا بعد الحصول على ترخيص من الإدارة المختصة.

ومما لا شك فيه، بأن للبصمات الحيوية وبياناتها الخصوصية والسرية، فقد منع المشرع الاطلاع عليها إلا بإذن من المفتش العام أو من يفوضه، فضلاً عن حظر استخدامها في غير الأغراض المنصوص عليها في هذا القانون بموجب المادة (4). مؤكداً على ذلك بإيراد عقوبات صارمة على من أفشى أياً من البيانات، أو خالف أحكام هذا القانون.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البصمة الوراثیة هذا القانون

إقرأ أيضاً:

كيف يوازن قانون اللجوء المصري الجديد بين الحق والحماية؟.. تفاصيل

أقرّ مجلس النواب خلال دور الانعقاد الماضي قانون لجوء الأجانب الجديد، الذي صدّق عليه رئيس الجمهورية، ليضع إطارًا تشريعيًا شاملًا ينظّم أوضاع اللاجئين داخل البلاد، ويحدد شروط منح صفة “لاجئ” والحالات التي تُسقط هذا الحق، في خطوة تعدّ الأولى من نوعها في مصر لتنظيم الملف وفق معايير إنسانية وقانونية واضحة.

استعدادات مكثفة.. مطروح تضع اللمسات الأخيرة لانتخابات مجلس النوابأخبار قنا: تجهيز مقار انتخابات مجلس النواب.. وشاشات بالميادين لبث افتتاح المتحف الكبير.. وافتتاح مبنى إداري بهندسة الأزهرالمهندسين تتقدم بشكوى ضد 27 مرشحا بانتخابات مجلس النواب غدا"الجبهة الوطنية" يحشد بالإسكندرية دعمًا لمرشحيه في انتخابات مجلس النواب 2025

ووفقًا للمادة (8) من القانون، يُحرم طالب اللجوء من اكتساب صفة “لاجئ” في خمس حالات رئيسية، أبرزها:

 إذا وُجدت أسباب جدّية للاعتقاد بارتكابه جريمة ضد السلام أو الإنسانية أو جريمة حرب،

 أو ارتكابه جريمة جسيمة قبل دخوله مصر،

 أو قيامه بأعمال تتعارض مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة،

 أو إدراجه على قوائم الكيانات الإرهابية أو الإرهابيين طبقًا لقانون رقم 8 لسنة 2015،

 أو ارتكابه أفعالًا تمس الأمن القومي أو النظام العام.

لجنة دائمة لشئون اللاجئين تحت إشراف رئيس الوزراء

كما نصّ القانون على إنشاء لجنة دائمة لشئون اللاجئين، تتمتع بالشخصية الاعتبارية وتتبع رئيس مجلس الوزراء، ويكون مقرها في القاهرة. وتعدّ هذه اللجنة هي الجهة الرسمية المختصة بكل ما يتعلق بشئون اللاجئين داخل مصر، من حيث إدارة البيانات والإحصاءات، والتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين والمنظمات الدولية، فضلًا عن التنسيق مع الجهات الحكومية لتقديم الرعاية والخدمات الإنسانية للاجئين.

وتتولى اللجنة كذلك الفصل في طلبات اللجوء وفقًا للمادة (7) من القانون، وتقديم التوصيات المتعلقة بتنظيم الإقامة أو إنهائها في الحالات التي تستدعي ذلك.

موارد اللجنة وتخصيصاتها

وحددت المادة (5) من القانون مصادر تمويل اللجنة من خلال الاعتمادات المخصصة بالموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى المنح والتبرعات والهبات والقروض التي تحصل عليها بموافقة الجهات المختصة، بما لا يتعارض مع أغراضها الإنسانية والتنظيمية.

حالات انتهاء اللجوء

وبيّن القانون في مادته (33) ثماني حالات لإنهاء وضع اللجوء، من بينها:

عودة اللاجئ طوعًا إلى بلده الأصلي أو دولة إقامته،

إعادة توطينه في دولة أخرى،

حصوله على الجنسية المصرية،

أو تجنّسه بجنسية جديدة يتمتع بحمايتها،

إضافة إلى مغادرته مصر لمدة ستة أشهر متصلة دون عذر تقبله اللجنة.

تشريع يوازن بين الأمن القومي والالتزام الإنساني

ويهدف القانون الجديد إلى تحقيق توازن دقيق بين حماية الأمن القومي المصري من أي تهديدات محتملة، وبين الوفاء بالتزامات مصر الدولية تجاه اللاجئين، وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.

طباعة شارك القانون الجديد الجنسية المصرية عودة اللاجئ

مقالات مشابهة

  • تفاصيل فترات الإخلاء في قانون الإيجار القديم.. 7 سنوات للسكن و5 لغيره
  • قبل مناقشته بالنواب .. تفاصيل مشروع قانون تعديل رسوم مباني الخارجية بالخارج
  • فترات السماح وشروط الإخلاء في قانون الإيجار القديم
  • فرنسا: اتهام شرطيين باغتصاب امرأة داخل محكمة بعد يوم من تعديل قانون الاغتصاب
  • قانون الضمان الاجتماعي.. حق التظلم وآليات استئناف الدعم
  • اتحاد الكرة: الاجتماع الخاص لاعتماد اللائحة يتم بالتوافق مع القانون
  • كيف يوازن قانون اللجوء المصري الجديد بين الحق والحماية؟.. تفاصيل
  • نائب:السوداني وراء تعطيل قانون تعديل سلم رواتب الموظفين
  • أستاذ قانون دولي يحذر: الفاشر تشهد إبادة جماعية عاجلة
  • بعد ضبط 11 طن دقيق مدعم.. هذه عقوبة احتكار السلع في القانون