لجريدة عمان:
2025-07-05@21:45:43 GMT

قانون البصمات الحيوية .. نحو عدالة ناجزة

تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT

ساهمت الثروة العلمية التكنولوجية في مجالات الطب الحيوي في تأمين حياة أفضل للإنسان، وتعزيز أمن المجتمع، خاصة ما يتعلق بمجال الهندسة الوراثية واستخدام البصمة الحيوية، والتي ساعدت في كشف الكثير من الأمراض المستعصية وعلاجها من جهة، وتحديد الهوية من جهة أخرى كالمتعلقة بكشف وتحديد هوية الشخص المجرم أو المفقود.

وتغيرات العالم وتطوراته المتلاحقة، والطفرات العلمية الحديثة، والعولمة الرقمية، فضلاً عن الكثافة السكانية، انعكست في تحدٍ على مجالات عدة، لاسيما على مجال العدالة الجنائية. ولا يمكن استيعاب هذه التحديات إلا باستثمار التقدم العلمي والتقني، وإعداد التشريعات الوطنية بشكل يتواكب مع متطلبات العصر والتغيرات السريعة.

إن المتأمل للسياسة التشريعية في سلطنة عمان، ليلحظ بوضوح مضيها وفق منهجية تتابعية بنائية مدروسة، وخطط مدعومة بالحقائق العلمية، على النحو الذي يأخذ واقع الحال في الحسبان، وتراعي تدرج الثقافة المجتمعية وتطور البنية التحتية، والغايات الوطنية والتوجهات العالمية.

ولذلك كله، وتحقيقاً لمقتضيات النظام الأساسي للدولة ومساندة القوانين الجزائية والتكامل معها، وما قضت به رؤية 2040 من إيجاد منظومة قضائية متطورة ومرنة، توظف تقنيات المستقبل وتوطن أفضل الممارسات العالمية بما يتواكب مع تطور العصر وسرعته وفق أعلى المعايير تحقيقاً للعدالة الناجزة والتي تنعكس إيجاباً ومباشرة في تعزيز الأمان المجتمعي، جاء المرسوم السلطاني رقم (21 /2024) بإصدار قانون البصمات الحيوية، ممثلاً نقلة نوعية في المنظومة التشريعية العمانية، ومواكباً للمستجدات العلمية والتقنية، واضعاً الإطار القانوني لعملية جمع واستخدام وحماية البيانات المتعلقة بالبصمات الحيوية، والتي هي الخصائص المميزة القابلة للقياس، لتحديد هوية الشخص وتمييزه عن بقية الأشخاص، مثل: البصمة الوراثية، وبصمة الأصابع والكفوف، وبصمة الوجه، وبصمة العين.

صدر قانون البصمات الحيوية بتاريخ 26 مارس 2024م، ونُشر في الجريدة الرسمية العدد رقم (1539) الصادر يوم الأحد الموافق 31 مارس 2024م، وعليه دخل حيز النفاذ الإثنين الموافق 1 أبريل 2024م. ويتضمن القانون 18 مادة مقسمة على أربعة فصول، يتضمن الفصل الأول التعريفات، والفصل الثاني قاعدة بيانات البصمات الحيوية، والفصل الثالث عينات وبيانات البصمات الحيوية، بينما نص الفصل الرابع على العقوبات.

وتكمن أهمية هذا القانون في تعزيز أحد أبرز مقومات المحاكمة العادلة وهي افتراض قرينة البراءة، حتى تثبت إدانة المتهم بحكم قضائي بات مبني على الجزم واليقين، وهو حق دستوري وحق إنساني دولي بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فأضحت التشريعات الجنائية الحديثة تميل إلى الاستعانة بالأدلة العلمية وعلى رأسها البصمات الحيوية، لحجيتها في الإثبات الجنائي ما لم يثبت عكس ذلك، بموجب المادة (6) من هذا القانون، باعتبارها من الوسائل شديدة الدقة في الكشف عن الهوية، كونها ثابتة ومتفردة بين كل شخص وآخر.

علاوة على أن البصمة الوراثية كأحد أنواع البصمات الحيوية، وهي السمات الحيوية أو النمط الجيني للمواقع غير المشفرة عالية التباين في الحمض النووي الكروموسومي الناتجة عن تحليل الحمض النووي، ولا تتكرر إلا في حالات التوأم المتطابق، تتفرد بعدة خصائص عن غيرها من الأدلة العلمية، كإمكان استخلاصها من الحامض النووي من أي خلية في جسم الإنسان - عدا خلايا الدم الحمراء - إضافة إلى تعدد مصادر الجين البشري، حيث يمكن الحصول عليه من اللعاب أو الشعر أو الأنسجة البشرية مما يجعله كافياً للاعتماد عليه في حالة خلو مسرح الجريمة من بصمات الأصابع والكفوف مثلاً .

كما تبرز أهمية هذا القانون في وجود قاعدة بيانات البصمات الحيوية وهي نظام تقني تخزن فيه بيانات البصمات الحيوية، والتي يمكن للجهات المختصة بجمع الاستدلالات والتحقيق والمحاكمة الاستعانة بها بسرعة وسهولة في تحديد هوية الشخص وعلاقته بالجريمة المرتكبة، أو في أي حالات تقتضيها المصلحة العامة. بالإضافة إلى تمكين الجهات المختصة من إجراء فحص البصمة الوراثية في حالات اغتصاب القصر وفاقدي الأهلية، أو لتحديد هوية الجثث المجهولة، أو حالات الاشتباه في المواليد أو ضياعهم أو اختلاطهم بسبب الحوادث والكوارث، وتعذر معرفتهم.

علاوة على الموثوقية العلمية والتقنية لنظام البصمات الحيوية، الأمر الذي سيؤدي بلا شك إلى تسريع وتيرة العمل القضائي بدءاً من إجراءات جمع الاستدلال والتحقيق الجنائي إلى المحاكمة، بالتكامل مع أحكام قانون الإجراءات الجزائية والقوانين ذات الصلة، وانسجاماً مع اختصاصات ومهام الجهات ذات العلاقة وتعزيز كفاءتها في التوصل للمتهمين والمتورطين في الجرائم واتخاذ ما يلزم من إجراءات، وذلك في ظل الانفتاح الاقتصادي والتطور التقني، وزيادة الكثافة السكانية ما انعكس على تطور وتنوع أساليب الجريمة.

ومن جانب آخر، تعد البصمة الحيوية من الوسائل العلمية الحديثة والمتطورة، وحتى تعطي أساسها القانوني الصحيح والسليم، يستوجب استخدامها على قدر كبير من الحيطة والحذر، تفادياً للأخطار المحتملة والناجمة عن تطبيق تقنيات الهندسة الوراثية، وحتى لا تخرج عن أغراضها القانونية والمرجوة من استعمال البصمات الحيوية، إلى جانب الموازنة بين ما توصلت إليه التقنيات والعلوم الحديثة وبين حماية حقوق الإنسان؛ فأكد المشرع في المادة (2) من هذا القانون على وجوب احترام كرامة الأشخاص وحرمة حياتهم الخاصة وحماية بياناتهم الشخصية في أثناء مراحل جمع العينات والبصمات الحيوية.

كما حصر المشرع مصادر بيانات البصمات الحيوية في خمسة مصادر وفق المادة (3) من القانون ذاته، كالأثر الحيوي المرفوع من موقع الجريمة أو من الجثث والأشلاء المجهولة، أو العينة الحيوية المأخوذة من المتهمين والمحكوم عليهم جنائيا.

إضافة إلى الضوابط الفنية لعملية جميع العينات والآثار الحيوية والبصمات وإجراء الفحوصات، بأن تُجرى من قِبل المختصين في مختبر جنائي مهيأ ومجهز بأكثر الأجهزة حداثة ودقة لإجراء هذا الفحص.

كما أولى المشرع الاهتمام والحماية بالطفل بأن حظر جمع العينة الحيوية المرجعية منه إلا بحضور ولي أمره أو من ينوب عنه قانوناً. كما حظر على المؤسسات الصحية الخاصة إجراء فحص البصمة الوراثية إلا بعد الحصول على ترخيص من الإدارة المختصة.

ومما لا شك فيه، بأن للبصمات الحيوية وبياناتها الخصوصية والسرية، فقد منع المشرع الاطلاع عليها إلا بإذن من المفتش العام أو من يفوضه، فضلاً عن حظر استخدامها في غير الأغراض المنصوص عليها في هذا القانون بموجب المادة (4). مؤكداً على ذلك بإيراد عقوبات صارمة على من أفشى أياً من البيانات، أو خالف أحكام هذا القانون.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البصمة الوراثیة هذا القانون

إقرأ أيضاً:

مشروع قانون ترامب للموازنة يتعثر في الكونغرس

فشل الجمهوريون في مجلس النواب الأميركي في تخطي خلافاتهم والتقدم نحو إقرار مشروع قانون موازنة يفترض أن يشكل إنجازا تشريعيا كبيرا للرئيس دونالد ترامب الذي أبدى استياءه حيال هذا التعثر.

وبعدما أقر مجلس الشيوخ الثلاثاء مشروع القانون بأرجحية صوت جيه دي فانس نائب الرئيس، كان من المفترض أن يبت مجلس النواب خلال النهار بشأن "مشروع القانون الواحد الكبير والجميل" الذي يتضمّن تخفيضات ضريبية ضخمة واقتطاعات شاملة في الرعاية الصحية بقيمة آلاف مليارات الدولارات.

غير أن معارضة عدد من النواب المحافظين أرغمت الرئيس الجمهوري للمجلس مايك جونسون على وقف آلية إقرار النص، وتعليق تصويت إجرائي لأكثر من 7 ساعات وسط جمود تعذر كسره.

ففي ظل غالبية تقتصر على 8 مقاعد، لا يمكن للحزب الرئاسي تحمل معارضة أكثر من 3 جمهوريين.

لكن بحلول منتصف الليل في واشنطن، كان آخر تصويت إجرائي قبل الإقرار النهائي يواجه 5 أصوات "معارضة" بين الجمهوريين، ما يهدد بإسقاط مشروع القانون.

غير أنه يبقى بإمكان النواب تعديل تصويتهم قبل إغلاق عملية الاقتراع، وباشر جونسون مشاورات سعيا لإقناع المعارضين في صفوف الغالبية بتبديل رأيهم.

وأعلن في وقت متأخر ليل الأربعاء عبر شبكة "فوكس نيوز" أنه سيبقي العملية مفتوحة "للوقت اللازم".

جونسون سعى في مشاورات لإقناع المعارضين لمشروع القانون (الفرنسية) "ماغا غير مسرورة"

من جانبه، صعّد ترامب النبرة وكتب على منصته "تروث سوشال" بعيد منتصف الليل "ماذا ينتظر الجمهوريون؟؟؟ ما الذي تحاولون إثباته؟؟؟".

وأضاف الرئيس البالغ 79 عاما والمعروف بأطباعه السريعة الغضب "ماغا غير مسرورة، وهذا سيكلفكم أصواتا"، في إشارة إلى قاعدته التي تحمل اسم شعاره الانتخابي "لنجعل أميركا عظيمة مجددا".

ويمثل هذا "القانون الكبير والجميل" مثلما أطلق عليه الرئيس، حجر الزاوية لبرنامجه الاقتصادي، وهو يحض الكونغرس منذ عدة أسابيع على إقراره قبل الجمعة، يوم العيد الوطني الذي حدّده كموعد رمزي لإصدار الموازنة.

إعلان

وفي طليعة التدابير المدرجة في مشروع القانون:

تمديد الإعفاءات الضريبية الضخمة التي تم إقرارها خلال ولاية ترامب الأولى (2017-2021). إلغاء الضريبة على الإكراميات التي كانت من أبرز وعود الرئيس الانتخابية. توفير مليارات الدولارات الإضافية لقطاع الدفاع ومكافحة الهجرة.

وأكد ترامب الأربعاء أنه في حال إقرار المشروع، ستشهد الولايات المتحدة "نهضة اقتصادية لم تعرفها من قبل".

غير أن دراسات مستقلة تشير إلى أن الفئة الرئيسية التي ستستفيد منه ستكون الأسر الأكثر ثراء، في حين أن ملايين الأميركيين المتواضعي الدخل قد يخسرون إمكانية الوصول إلى برامج الضمان الصحي والمساعدات الغذائية.

ترامب هدد الجمهوريين بقاعدته الانتخابية في إشارة إلى إمكانية عدم انتخابهم مجددا (الفرنسية)(الفرنسية) كبح الدين

ويحذر خبراء وسياسيون من زيادة ضخمة متوقعة في العجز الفدرالي.

وتشير تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس المسؤول عن تقييم تأثير مشاريع القوانين على المالية العامة، إلى أن مشروع القانون من شأنه أن يزيد الدين العام بأكثر من 3.4 تريليونات دولار بحلول عام 2034، فيما سيكلف تمديد الإعفاءات الضريبية 4.5 تريليونات دولار.

وقال النائب الجمهوري عن تكساس كيث سيلف مبررا معارضته في التصويت الإجرائي: "جئت إلى واشنطن للمساعدة على كبح ديننا الوطني"، معتبرا أن الأمر في نهاية المطاف هو "مسألة أخلاقية".

وللتعويض جزئيا عن زيادة العجز، يخطط الجمهوريون لخفض ميزانية برنامج "ميدك ايد"، الضمان الصحي العام الذي يعتمد عليه ملايين الأميركيين من ذوي الدخل المحدود.

ومن المقرر تخفيض برنامج سناب للمساعدات الغذائية بشكل حاد، وإلغاء العديد من الحوافز الضريبية دعما لاعتماد للطاقة المتجددة التي أقرت في عهد الرئيس السابق جو بايدن.

ويواجه المشروع معارضة ديموقراطية موحدة في مجلس النواب.

وقال زعيم الأقلية الديموقراطية في المجلس حكيم جيفريز إن "هذه الموازنة الكبيرة البشعة تؤذي الأميركيين العاديين لتكافئ أصحاب المليارات".

ماسك ينتقد

من جانبه، انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك مشروع القانون، واصفا إياه بأنه "مجنون ومدمّر تماما"، وذلك بعد أسابيع من تسوية خلاف بين الرجلين بسبب تعليقات رجل الأعمال على التشريع.

وقال ماسك في منشور على إكس "أحدث نسخة من مشروع القانون (المنظور أمام) مجلس الشيوخ ستدمر ملايين الوظائف في أميركا وستسبب ضررا إستراتيجيا هائلا لبلدنا".

وأضاف "إنه (مشروع القانون) يقدم مساعدات لصناعات عفا عليها الزمن بينما يلحق ضررا بالغا بصناعات المستقبل".

مقالات مشابهة

  • ترامب يوقع قانون خفض الضرائب والإنفاق
  • برلماني: قانون المهن الطبية يعزز العدالة ويواكب التطورات العلمية
  • أول تعليق لـ إيلون ماسك على قانون خفض الضرائب الأمريكي
  • ترامب يوقع قانون خفض الضريبة والإنفاق
  • قانون
  • سلام: لا استقرار من دون عدالة اجتماعية
  • مجلس النواب الأمريكي يقر مشروع قانون ترامب للضرائب
  • تجديد اعتماد مركز زراعة الأنسجة والهندسة الوراثية بجامعة مدينة السادات
  • رؤية تستحق التمعن ( قانون الجرائم الإلكترونية )
  • مشروع قانون ترامب للموازنة يتعثر في الكونغرس