لجريدة عمان:
2025-02-27@23:20:45 GMT

الإسلام وأهل الكتاب.. الكتب المنزلة

تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT

لقد أنزل الله على أنبيائه كتبًا، هدايةً للناس للإيمان به والعمل بشرائعه، وأول نبي ذُكِر بأن له كتبا هو إبراهيم، حيث ورد في القرآن بأن له صُحُفًا: (صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى)، وعندما تُذكَر الصُحُف فيه فهي صُحُفهما. والقرآن نفسه: (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ) عبس:13، وقد ربط الله بين ما جاء به القرآن وهذه الصُحُف بقوله: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) الأعلى:18-19، إذًا؛ ما جاء به القرآن من الهدى ليس أمرًا بدعًا، فهو ما في تلك الصُحُف، وليس لأهل الكتاب احتكار الوحي لهم.

والقرآن.. لم يذكر طبيعة الصُحُف الأولى، ويذهب دارسو الأديان إلى أن إبراهيم وُجِد في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، وإذا رجعنا لـ«علم الآثار» فأقدم كتابة هي المسمارية التي كتب بها السومريون ألواحهم، وأول ظهور لها كان حوالي منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد، أما مبتدأ الكتابة الأبجدية فكان حوالي القرن الرابع عشر قبل الميلاد.

القرآن.. نزل مُفصّلًا بلسان عربي: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فصلت:3، ولم يكن النبي يعلم به قبل بعثته: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) يوسف:3. وقد أُنزل القرآن لتعقله: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) يوسف:2، ولم ينزل دفعة واحدة: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ) الإسراء:106، ودعا إلى تدبره ليُتيقن بأنه من عند الله: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النساء:82. هكذا رسم القرآن الصورة عنه للناس ليؤمنوا به. فكيف قدّم نفسه لأهل الكتاب؟

أهل الكتاب.. يعلمون أن القرآن تنزيل رباني: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ) الأنعام:114، وهم يعرفون ذلك كمعرفتهم أبناءهم: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ) الأنعام:20، ولذلك؛ دعاهم إلى الإيمان به: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ) النساء:47، وخاطبهم بأن الرسول محمدًا جاءهم بكتاب يبيّن كثيرًا مما يخفون من كتبهم: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ) المائدة:15، بل أن الله دعا نبيه أن يسألهم إن خالجه الشك فيما جاءه، فهم يعرفون بأنه لا يمكن إلا أن يكون إلهي المصدر: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) يونس:94.

لقد كانت ردة فعل أهل الكتاب تجاه القرآن على موقفين:

- الإيمان به.. وأغلب أصحابه نصارى: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلُ إِلَيْكَ) الرعد:36، و(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ، وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) القصص:52-53، فقد جاء موافقًا لما كانوا عليه من هدي الأنبياء، ومنه: (كَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونُ بِهِ) العنكبوت:47، (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) آل عمران:199.

- الكفر به.. وأغلب أصحابه يهود: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ) آل عمران:23، بل سعوا للصدِّ عنه بالخداع: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) آل عمران:72-73.

أما بنو إسرائيل -والمقصود هنا اليهود- فعلماؤهم يعلمون بأن القرآن وحي كالذي أوحي للنبيين: (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) الشعراء:197، ولذلك؛ دعاهم إلى الإيمان به: (وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ) البقرة:41، وقد بيّن لهم بأنه جاء ليحل مشكلة الاختلاف الديني لديهم: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) النمل:76، ورغم كفرهم به إلا أن بعضهم آمن: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ) الأحقاف:10.

أما التصور الذي قدّمه القرآن عن التوراة والإنجيل.. فعندما يذكر أهل الكتاب؛ فهو يقصدهما بالكتاب: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) المائدة:68. لم يحدد القرآن زمن نزول التوراة، ولا على مَن أنزلت، وإنما ذكر بأنها أنزلت بعد إسرائيل: (إِلَّا مَا حَرَّمَ إٍسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ) آل عمران:93، ولا توجد آية تصرّح بأنها أنزلت على موسى، وأصرح آية في هذا الشأن: (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا) الأنعام:91؛ ومع ذلك؛ فهي لا تنص صراحةً على التوراة، فقد تكون هناك كتب أخرى جاءت لموسى. أما الإنجيل فذكره القرآن بلفظ الإتيان على عيسى: (وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ) الحديد:27.

التوراة والإنجيل.. أنزلهما الله هدايةً للناس: (وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ) آل عمران:3-4، وكان الأنبياء يحكمون بالتوراة: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) المائدة:44. وقد وصف الله الأنبياء بالإسلام ولم يعتبرهم يهودًا، فهم خارج «الطائفية الدينية». ويبدو أن نسخة التوراة زمن النبي محمد لم تكن هي التي لدى اليهود والمسيحيين اليوم، فربما أنها ضاعت، وهي التي كان فيها حكم الله: (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ) المائدة:43، وقد طالب القرآن أهل الكتاب أن يقيموا التوراة والإنجيل: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) المائدة:66. وهدّد الله أهل الإنجيل إن لم يحكموا بما أنزل فيه: (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) المائدة:47، وكذلك؛ هذا الإنجيل ربما يكون قد ضاع، أو من الأناجيل التي لا يعترف بها المسيحيون، ويسمونها المنتحلة.

شاع لدى المسلمين منذ القِدَم تحريف التوراة والإنجيل، ويستدلون عليه بالقرآن، ولكن لا يوجد نص صريح عليه، فالآية: (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ) النساء:46؛ لم تذكر تحريف اليهود للتوراة، وإنما ذكرت «الْكَلِمَ» وبيّنت التحريف فيه، ومثله قول الله: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) المائدة:13. وأما قوله: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ) آل عمران:78، فهو «ليُّ اللسان بالكتاب»، وليس تحريفًا في النص المكتوب، كما أنه لم يُعرّف المقصود بـ«الكتاب». وكذلك آية الأنعام:91 السابقة تبيّن بأنهم يخفون كثيرًا من «الكتاب»، والإخفاء ليس التحريف.

وأما الآية: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) البقرة:75؛ فهي تتحدث عن بني إسرائيل الذين يسمعون القرآن ثم يحرّفونه، وهو تحريف ما يسمعونه منه ليصرفوا الناس عنه، وهذا خارج نطاق حفظ الله للذكر القرآني. ومثله ما ورد في المائدة:41.

ختامًا.. شكّلت مسألة تحريف التوراة والإنجيل جدلًا دينيًّا وعلميًّا واسعًا، ولم يعد التحريف الذي أصابهما خافيًا، وهذا ما يجعل التفريق بين النُسَخ المحرّفة وتلك التي تحدث عنها القرآن ضروريًّا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التوراة والإنجیل أهل الکتاب آل عمران ال ک ت اب تحریف ا الص ح ف

إقرأ أيضاً:

آخر ليلة في شعبان.. كيف تستعد لشهر رمضان؟

أخر ليلة فى شعبان ، كيف تستعد لشهر رمضان ؟ يفصلنا ساعات قليلة عن شهر الرحمة والعتق من النار شهر المغفرة والقرآن، عن الشهر الذي ينتظره العالم كله بفارغ الصبر من العام للعام خاصًة العشر الأواخر من رمضان، ويبحث الكثير عبر محرك البحث العالمي جوجل ونحن فى اواخر يومين من شعبان عن كيف استعد لرمضان حتى يدخلون رمضان وهم فى همة ونشاط، ويكثر الدعاء لبلوغ شهر رمضان الكريم، حيث ترفع القلوب بدعاء «اللهم بلغنا رمضان»، وقبل رمضان بساعات قليلة يقدم موقع صدى البلد روشتة دينية عن كيف تستعد لشهر رمضان؟.

كيف تستعد لشهر رمضان ؟

1) افتح صفحة جديدة فى رمضان مع ربك ونفسك ومع الناس

2) اهجر الذنوب كلها واتركها لله ستجد حلاوة ذلك فى قلبك

3) رتب اوقاتك واملأها بما ينفعك فى الدنيا والآخرة

4) حافظ على الصلوات المفروضة فى أوقاتها مع أهل بيتك

5) صاحب القرآن فى شهر القرآن، وليكن وردك من القرآن الكريم قراءة جزء أو أكثر كل يوم

6) لا تترك الدعاء وخصوصًا عند الإفطار فإن لك دعوة مستجابة كل يوم

7) أكثر من النوافل والصلاة والصدقة وجبر الخواطر

8) عليك بكثرة ذكر الله تعالى استغفار وصلاة وسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو حيثما تجد قلبك

9) احرص على صلاة القيام ومناجاة ارحم الراحمين خاصة فى أوقات الأسحار قبيل الفجر

10) اسجد واقرب فاكثر من السجود فهو سبب فى زوال الهم وتنوير القلب

11) استحضار بعض النيات والأعمال الصالحة التي يمكن القيام بها في رمضان.

12) بادر بصلة رحمك وتواصل مع الآخرين وأكثر من صيام التطوع.

13) مساعدة الفقراء والمساكين من أفضل الأعمال القريبة لله تعالى.

14) عدم التخاذل فى العمل أو التجاوز مع الآخرين بحجة الصيام.

15) ُتب إلى الله من ذنوب العام الماضي لتدخل رمضان نقيًا من الذنوب.

16) خذ قرارًا أن تُغير صفة واحدة سيئة في رمضان هذا العام.

17) خصص مبلغًا من مالك تخرجه للصدقات في أول رمضان.

كيف تستعد لرمضان ؟

قال الدكتور شوقي علام، المفتي السابق، إنه يجب على المسلم أن يتوب لله عز وجل توبة نصوحًا، وأن يقضي ما عليه من حقوق الناس وأن يصل رحمه ويقضي ما عليه من فرائض لم يؤدها لأن دين الله أحق أن يقضى.

ونبه المفتي إلى خطورة الإسراف في النفقات من طعام وشراب في شهر رمضان، مؤكدًا أننا في حاجة إلى تعديل بعض السلوكيات، خاصة تلك المنافية للشهر الكريم مثل الإسراف الشديد رغم أنه شهر الصوم، وكل النصوص الشرعية تدعو إلى الاقتصاد وعدم الإسراف، فديننا دين الوسطية في كل شيء.

وقال علام: "لا ننكر التوسعة على الأهل ولكن في حدود الضوابط الشرعية وبدون إسراف، فرمضان فرصة حقيقية ودرس عملي لمن أراد أن يقتصد ويدرب نفسه على عدم الإسراف".

وحذر المفتي من التحجج بالصوم لتعطيل مصالح الناس، مؤكدًا أن النموذج النبوي في رمضان كان خير مثال على الحركة والعمل الدؤوب في رمضان، وقد كانت أغلب الانتصارات في رمضان ولم يكن الصوم مانعًا من أن يعمل الناس ويجتهدوا في العمل.

كيف استعد لشهر رمضان؟

أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، عن سؤال ورد اليه مضمونة: “ما السبيل للاستعداد لاستقبال شهر رمضان ووظائف وأعمال شهر شعبان؟”، قائلا: “يمكننا أن نستعد لاستقبال شهر رمضان بعدة أمور منها: تنظيم اليوم والرجوع إلى تقسيمه إلى يوم وليلة، ومنها: التدريب على الصيام، والتلاوة، والقيام ، والذكر ، والدعاء ، وغير ذلك من العبادات والطاعات”.

وأضاف: “ولعل اتباع هدي النبي ﷺ بالإكثار من الصيام في شهر شعبان ييسر على المسلم مهمة الصيام في شهر رمضان ولا يشعر بعناء في تلك العبادة العظيمة، وذلك لأن شعبان شهر يتناسب في المناخ وطول النهار وقصره مع شهر رمضان لأنه الشهر الذي يسبقه مباشرة، فالتعود على الصوم فيه ييسر على المسلم ذلك”.

وتابع: “أمر آخر للاستعداد لاستقبال الشهر المعظم، وهو القرآن الكريم ومدارسته وتلاوته ومحاولة ختم المصحف في شهر شعبان، وذلك لتيسير قراءته وختمه في شهر رمضان، فقراءة القرآن عبادة نيرة، تعين المسلم على باقي العبادات في شهر رمضان وغيره، وهي تنير قلب المسلم وتشرح صدره، فلا ينبغي للمسلم أن يتركها ولا يقصرها على رمضان، إلا أنه يزيد منها فيه لاستغلال هذه الدفعة الإيمانية والنفحة الربانية”.

واستطرد: "ولا ننسى أن نذكر بأهم ما يعين على ذلك كله ألا وهو ذكر الله عز وجل، وقد ورد الحث على الذكر في كتاب الله وسنة النبي ﷺ ، فمن القرآن قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} ، ويقول سيدنا رسول الله ﷺ نصيحة عامة : «لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ». [أحمد]

وأوضح: “فبذكر الله يعان المؤمن على كل ما أراد أن يقبل به على ربه عز وجل، ولا ننسى أن نؤكد على أهمية الإعداد والاستعداد لهذا الشهر الفضيل ؛ فمن أراد تحصيل شيء استعد له، ومن أراد النجاح ذاكر، فمن أراد أن يغتنم هذا الشهر الفضيل أحسن الاستعداد له، ولقد ذم الله أقواما زعموا أنهم أرادوا أمرا ولكنهم ما أعدوا الله فقال تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ}. نعوذ بالله أن نكون من هؤلاء ورزقنا الله حسن الاستعداد لاستقبال رمضان”.

مقالات مشابهة

  • آخر ليلة في شعبان.. كيف تستعد لشهر رمضان؟
  • رمضان.. شهر القرآن
  • الشؤون الإسلامية تضع خارطة طريق لأئمة المساجد في رمضان
  • إنّا على العهد إلى شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله ورفاقه العظماء
  • أدعية شهر رمضان من الكتاب والسنة.. رددها طوال الوقت
  • أدعية رمضان من الكتاب والسنة.. ردد كلمات الأنبياء تفتح لك أبواب الرزق
  • شرطة عجمان: 47 نزيلاً يعتنقون الإسلام في 2024
  • عَــلَمُ الــهدى يسـقينا الهـدايةَ في شـهر الله
  • رئيس تيار نصرة الشريعة ودولة القانون يكتب: حول بعض مواد الوثيقة الدستورية
  • باحث: جماعات الإسلام السياسي لا تقبل فكرة النقد والاعتراف بالهزيمة