بوابة الوفد:
2025-04-26@15:01:02 GMT

جدلية الحاكم والمحكوم!

تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT

هناك نظريتان بهما فلسفة معينة، النظرية الأولى أن صلاح الرعية من صلاح حاكمها والعكس بالعكس، وأما النظرية الثانية فإن الحاكم أولًا وأخيرا ابن البيئة، وأنه ليس سوى انعكاس لطبيعتها، وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»، حيث تُعتبر العلاقة بين الحاكم والمحكوم هى الإشكالية الأساسية فى أية دولة، وعلى حلّها يتوقف تقييم الدولة بأنها ناجحة، أو فاشلة، عادلة أو ظالمة، ديمقراطية أو تسلطية، والأمر يتعلق بشكل الدولة وطبيعة نظامها السياسى، والمبادئ والقيم التى تحكمها، وتاريخيًا كان (ابن خلدون) مؤرخًا عربيًا من القرن الرابع عشر ويعتبر أبو علم التأريخ ومعروفًا بنظرياته حول صعود وسقوط الإمبراطوريات وأشهر أعماله «المقدمة» وهو نص تأسيسى فى مجال التأريخ ويعتبر من أهم الكتب فى الفلسفة الإسلامية، وفى هذا العمل وضع ابن خلدون نظرية شاملة فى التاريخ وعلم الاجتماع والسياسة، وقام بتحليل أسباب صعود وسقوط الإمبراطوريات، حيث نظر ابن خلدون إلى علاقة الحاكم والمحكوم على أساس فهمه الخاص للتاريخ والحضارة، ووجد ابن خلدون أن نهضة الحضارات ترتكز على مجموعة من الأفراد الذين يعملون معًا لتحقيق أهداف مشتركة، ومثل هذه الجماعات تستمر فى الوجود طالما أدرك أفرادها أنهم يتشاركون فى مصيرهم المشترك وأن نجاحهم يتوقف على وحدتهم وتعاونهم، وعلى الجانب الآخر نجد أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم لها تاريخ حافل بالمتناقضات والمتجانسات، وبالاستقرار والاضطرابات، ولقد مر على بعض الأمم فترات كان الحاكم فيها له السلطة المطلقة التى تجعله يتظاهر بأنه إله، أو يدعى الربوبية، كما ورد بالقرآن العظيم: {أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِى حَاجَّ إبراهيم فِى رَبِّهِ أن آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّى الَّذِى يُحْيِى وَيُمِيتُ قَالَ أنا أُحْيِى وَأُمِيتُ قَالَ إبراهيم فإن اللَّهَ يَأْتِى بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِى كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (البقرة: 258) وفى آيات أخرى: {اذْهَبْ إلى فِرْعَوْنَ أنه طَغَى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إلى أن تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إلى رَبِّكَ فَتَخْشَى * فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى * فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أنا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخرةِ وَالأولى} (النازعات: 17-25)، وبالتالى ومما سبق ذكره أرى أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم، انطلاقًا من المساواة والعدل والشراكة والمشاركة، وبالطبع مبادئ الحريّة، فإنها تشكّل أساس المواطنة فى الدولة العصرية، وللحديث بقية أن شاء الله.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د أحمد محمد خليل ابن خلدون

إقرأ أيضاً:

د. إبراهيم نجم يكتب: في وداع البابا فرانسيس خادم الإنسانية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

برحيل البابا فرانسيس، فقد العالم صوتًا استثنائيًا وحضورًا مضيئًا تجاوز الحدود الدينية والثقافية. لقد كان البابا فرنسيس، الذي غادر عالمنا مؤخرًا، أكثر من مجرد زعيم ديني؛ كان خادمًا حقيقيًا للإنسانية جمعاء، ونموذجًا نادرًا في التفاني والتواضع والشجاعة الأخلاقية.

بصفتي مستشارًا لفضيلة مفتي الديار المصرية، لطالما أُعجبت بقدرة البابا فرنسيس الفريدة على توحيد الشعوب المختلفة تحت راية واحدة هي راية المحبة والتعاطف والاحترام المتبادل. ففي زمن طغت عليه مشاعر الريبة والانقسامات، كان رسالته البسيطة والقوية تذكّرنا دائمًا بإنسانيتنا المشتركة ومسؤوليتنا تجاه الفئات الأكثر ضعفًا في مجتمعاتنا.

لم يتردد البابا فرنسيس يومًا في مواجهة حقائق عالمنا الصعبة، مثل الفقر المدقع والهجرة القسرية والنزاعات المسلحة وأزمة المناخ. كانت أفعاله نابعة من إيمان عميق وليس مجرد واجب أخلاقي فرضته عليه مكانته. لقد جسّد بحق معنى الرحمة للعالمين التي أشار إليها القرآن الكريم في وصف النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بقوله تعالى: “وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين”. كان البابا فرنسيس يُعبّر بأقواله وأفعاله عن تلك الرحمة الإلهية التي تتجاوز كل الفوارق الدينية والثقافية والاجتماعية.

إن التزامه الراسخ بالحوار بين الأديان سيبقى من أبرز إنجازات عهده البابوي. لقد آمن البابا فرنسيس بقوة الحوار الحقيقي، ليس كعمل دبلوماسي أو بروتوكولي فحسب، بل كتجربة روحية أصيلة تقود إلى اكتشاف عمق الآخر وغناه الروحي. ولعل اللقاء التاريخي بينه وبين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وتوقيعهما معًا على “وثيقة الأخوة الإنسانية” في أبو ظبي عام 2019 هو خير دليل على هذا الالتزام العميق والأصيل بالسلام العالمي والإخاء الإنساني.

ويتوافق هذا النهج الروحي والإنساني مع الرؤية الإسلامية التي يدعو إليها القرآن الكريم، حين يوجّه المؤمنين قائلًا: “فاستبقوا الخيرات” (سورة المائدة: 48)، مؤكدًا أن التعددية الدينية ينبغي أن تكون مصدرًا للتعاون والتعارف، وليس سببًا للخلاف والشقاق.

بالإضافة إلى أفعاله العامة، تميز البابا فرنسيس بشخصية متواضعة وبساطة نادرة جعلته قريبًا من عامة الناس بعيدًا عن مظاهر الترف التي قد ترتبط أحيانًا بمنصبه. وقد جعلت هذه البساطة الحقيقية من البابا فرنسيس شخصية تحظى بالحب والاحترام ليس فقط لدى أتباع الكنيسة الكاثوليكية، بل لدى مختلف الشعوب والأديان.

واليوم ونحن نستذكر ذكراه العطرة، علينا أن نتأمل في إرثه العظيم الذي تركه للبشرية: تذكير مستمر بأن المحبة الحقيقية والاستماع الجاد والاحترام المتبادل هي أمور ليست ممكنة فقط، بل ضرورية لبناء مجتمع عادل ومسالم وإنساني.

رحيل البابا فرنسيس لا ينبغي أن يكون نهاية عصر، بل بداية جديدة لوعي مشترك حول واجبنا تجاه التضامن العالمي والتعايش الاجتماعي والتواصل الحقيقي بين أتباع الديانات المختلفة. ليكن مثاله مصدر إلهام مستمر لنا جميعًا، يدفعنا نحو مزيد من التعاطف والإنصات والوحدة الإنسانية.

فلتبقَ ذكراه منارةً تضيء لنا درب الأخوة والسلام والتعايش بين كل شعوب الأرض.

مقالات مشابهة

  • إبراهيم شقلاوي يكتب: المصباح يثير جدلًا !
  • ياسر إبراهيم يرد على هجوم جمهور الأهلى
  • د. إبراهيم نجم يكتب: في وداع البابا فرانسيس خادم الإنسانية
  • المونسنيور دييغو رافيلي: الجنازة ستُقام وفق طقس الراعي وليس الحاكم
  • أخرجته حفيدته.. الحاكم العسكري فيلم عن واقع فلسطين منذ النكبة
  • عون: السياسة لخدمة الإنسان لا الحاكم
  • عبد الله علي إبراهيم: من الثورة إلى الحرب: الطريق الوعر لبناء الدولة السودانية (دار الموسوعة الصغيرة، 2025)
  • اللواء محمد إبراهيم الدويري: سيناء رمز السيادة وعنوان الإرادة
  • فقيهي وشاولي يزفان إبراهيم
  • صفقة أسلحة مع إسرائيل تهدد الائتلاف الإسباني الحاكم