مفاجآت نتائج الانتخابات البلدية في تركيا.. الأسباب والدلالات
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
جدل لا ينتهي منذ ليلة أمس حول نتائج الانتخابات البلدية في تركيا 2024، ما بين ذهول من النتائج التي فاجأت الجميع، بمن فيهم المعارضة الفائزة، من حجم الفوز، وما بين شغف متشعب للبحث عن أسباب منطقية لهذه النتيجة التاريخية، كما فاجأت النتائج حزب العدالة والتنمية الحاكم أيضا، والحقيقة أن فوز المعارضة في حد ذاته ليس مفاجأة، لاعتبارات كثيرة تتعلق بأخطاء الحزب الحاكم أكثر من تعلقها بنجاحات المعارضة، المفاجأة كانت في حجم الفوز التاريخي.
حزب الشعب الجمهوري، أبرز أحزاب المعارضة وأقواها، حقق نصرا تاريخيا لم يحقق مثله منذ 1977، وحصد أمس 37.7% من أصوات الناخبين، بعد أن كانت نتيجته في انتخابات 2019 هي 30.1%، وانتزع 35 بلدية في عموم تركيا، منها البلديات الثلاث الكبرى: إسطنبول وأنقره وأزمير، بعد أن كان رصيده 21 بلدية فقط في انتخابات 2019، بينما حصد حزب العدالة والتنمية الحاكم 35،5%، بعد أن كانت نتيجته في انتخابات 2019 هي 44،3%، وحصد 24 بلدية بعد أن كان يحكم 39 بلدية في انتخابات 2019 .
لم تتوقف المفاجآت عند هذا الحد، بل إن مجالس البلديات الكبرى "بلديات الأحياء داخل المدن" خسرها أيضا حزب العدالة، ومنها بلدية إسطنبول، حيث فقد الأغلبية في مجلس إدارتها، كما خسر بلديات مدن شهيرة هي تاريخيا مضمونة له في كل انتخابات، مثل بلدية ولاية "مانيسا" التي لم يخسرها حزب العدالة أبدا منذ تأسيسه، ومثل بلدية بورصة التي لم يخسرها أبدا أيضا، ومدينة "بارتين"، ومدينة "دينزلي"، وبشكل عام يمكنك أن تكرر عبارة: "لأول مرة" في عشرات النتائج لعشرات الولايات والمدن التركية في مفاجآت كبيرة متتالية، وإن كان حزب العدالة قد حقق اختراقات "قليلة" مثل انتزاعه بلدية ولاية "هاطاي" للمرة الأولى وهي تعتبر معقلا تاريخيا للعلمانية ولحزب الشعب الجمهوري، كما أن فوز حزب العدالة ببلدية "غازي عنتاب" إحدى كبرى المدن التركية في الجنوب له رمزية مهمة، لأنها المدينة التي يسكنها أكبر نسبة من المهاجرين، ففوز العدالة بها للمرة الثانية على التوالي يبطل ادعاءات بعض متحدثي الحزب بأن المهاجرين هم السبب في الخسارة الصاعقة للانتخابات البلدية.
من المهم الانتباه إلى الفخ الذي ينتشر بأن الناخب التركي عاقب حزب العدالة بسبب موقفه من أحداث غزة، وهو طرح شديد السذاجة، وذلك أن المعارضة الفائزة موقفها أسوأ بمراحل تجاه غزة والمقاومة، ولم يتورع رئيس حزب الشعب "الفائز" عن وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب ووصف عملية 7 أكتوبر بالعملية الإرهابية، وهو درك سياسي لا وجه للمقارنة بينه وبين المواقف المشرفة لحزب العدالة والتنمية "الخاسر" في الانتخاباتالملاحظة المهمة أيضا، أن الأحزاب التي يتزعمها رموز سياسية قديمة، مهما كان لهم من تاريخ، كلها فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أي مكسب في تلك الانتخابات، فحزب الدكتور أحمد داوود أوغلو "حزب المستقبل"، وحزب علي باباجان "الحزب الديمقراطي"، وحزب السعادة بقيادة تمل كرم الله أوغلو، لم يصل أي منهم واحد في المائة، ربما باستثناء السعادة الذي لامس الواحد في المائة، وكلها أحزاب لها خطاب محافظ أو يفترض أن قاعدتها من المحافظين، كما أن حزب الظفر "النصر" الذي يتزعمه عدو المهاجرين أوميت أوزداغ، لم يحقق سوى صفر في المائة تقريبا في تلك الانتخابات، بما يعني أن الخطاب المحرض على المهاجرين أو الذي يوظف قضيتهم في حسابات سياسية رخيصة لا يمكنه أن يحقق مكسبا سياسيا في تركيا، بينما حقق حزب "الرفاه الجديد" وهو حزب ناشيء فوزا مذهلا جعله الحصان الأسود، برصيد تجاوز بقليل 6% .
أسباب تلك النتائج متعددة بطبيعة الحال، وهي بكل تأكيد تعود لأخطاء الحزب الحاكم أكثر مما تعود لإنجازات المعارضة، فالمعارضة تقريبا بلا إنجازات، باستثناء نجاح "منصور ياواش" في بلدية العاصمة أنقره، وهناك إجماع على أن أكرم إمام أوغلو فشل فشلا ذريعا في إدارة بلدية إسطنبول خلال الخمس سنوات الماضية، وساءت أحوال المدينة، ومع ذلك فاز مجددا وبفارق مليون صوت عن منافسه "مراد كوروم" مرشح حزب العدالة الحاكم، وهذا ما جعل أردوغان في كلمته تعقيبا على النتائج أمس يعترف بالتقصير ويقول إن النتائج تلزمنا بممارسة النقد الذاتي ومراجعة الأخطاء.
أخطاء حزب العدالة متعددة، في مقدمتها الاضطراب في إدارة الملف الاقتصادي، وارتفاع نسبة التضخم، وتراجع سعر الليرة، وارتفاع الفائدة بعد أن كان أردوغان يعلن الحرب عليها قبل ذلك، وأيضا تصريحات محمد شمشك وزير المالية المستفزة عن عدم إمكانية رفع معاشات التقاعد، وهو تصريح مدهش قبل انتخابات يفترض أن يذهب إليها عدة ملايين من أصحاب المعاشات التقاعدية والذين عاقبوه في الصناديق فيما يبدو، عندما نسي أنه وزير سياسي قبل أن يكون تكنوقراط اقتصادي .
من الأسباب أيضا ضعف أداء الحزب في ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة، وللأمانة تركيا قدمت الكثير في هذا الملف، مساعدات متواصلة غذائية وطبية ودعم سياسي وديبلوماسي مكثف وتسهيلات بلا سقف للقادة الفلسطينيين داخل تركيا ونقل الجرحى والمصابين للعلاج في مستشفيات تركيا وأمور أخرى عديدة، لكن جرائم العدوان كانت أكبر من ذلك كله، وتضغط على أعصاب المحافظين الأتراك وتؤلمهم جدا تجاه محنة إخوانهم في غزة، وهو ما تسبب في إحباط القاعدة الانتخابية الأساسية لحزب العدالة ومقاطعة ملايين منهم للانتخابات وهو ما صب في صالح المعارضة، ويكفي أن نعلم أن نسبة التراجع في التصويت اقتربت من 14% في بعض التقديرات، بما يعني أن حوالي 9 مليون مواطن على الأقل قاطعوا الانتخابات وهي ضربة هائلة للحزب، ويلاحظ أن النسبة التي خسرها حسب الأرقام المعلنة وبالمقارنة مع انتخابات 2019 هي 10% وهي شبه مطابقة لنسبة المقاطعين للانتخابات، بينما حشدت المعارضة أقصى طاقاتها في قواعدها الانتخابية الثابتة.
دون أدنى شك فإن بطل المشهد الديمقراطي في تركيا هو هذا الرجل، رجب طيب أردوغان، الذي رعاها على مدار ربع قرن تقريبا، وكان أمينا معها، ووفى بعهده في احترامها وحمايتها وتعزيزها، ورسخ ميراثا للدولة المدنية، الشعب فيها هو الحكم وهو السيد وليس العسكر والدبابة أو العمامة، وحقق لبلاده مجدا سياسيا وعسكريا واقتصاديا واستراتيجيا، خلال عقدين فقط، يقترب من المعجزة.ومن المهم الانتباه إلى الفخ الذي ينتشر بأن الناخب التركي عاقب حزب العدالة بسبب موقفه من أحداث غزة، وهو طرح شديد السذاجة، وذلك أن المعارضة الفائزة موقفها أسوأ بمراحل تجاه غزة والمقاومة، ولم يتورع رئيس حزب الشعب "الفائز" عن وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب ووصف عملية 7 أكتوبر بالعملية الإرهابية، وهو درك سياسي لا وجه للمقارنة بينه وبين المواقف المشرفة لحزب العدالة والتنمية "الخاسر" في الانتخابات، فلو أراد الناخب معاقبة حزب على موقف سلبي تجاه غزة لعاقب حزب الشعب الجمهوري بداهة، والحقيقة أنه من الاستسهال المخل النظر لما جرى من هذا الثقب الضيق، وهو استسهال يصل إلى مستوى السطحية في التحليل .
أيضا من أسباب خسارة حزب العدالة، المفاجأة الكبيرة التي حققها حزب "الرفاه الجديد" برئاسة فاتح أربكان، نجل الزعيم التاريخي للتيار الإسلامي في تركيا المرحوم "نجم الدين أربكان"، فقد فاجأ الحزب الناشيء الجميع وحقق نسبة 6،2%، وقاعدته الانتخابية هي نفسها التيار المحافظ الذي يصوت عادة لحزب العدالة ، أي أن الناخب المحافظ الذي اعترض على سياسات حزب العدالة منح صوته لحزب الرفاه، وهذه هي الضربة العنيفة، خاصة عندما تعلم أن الفارق بين حزب الشعب الجمهوري المتصدر وبين حزب العدالة لا تتجاوز 2%، فلو ذهبت 6% التي انتزعها حزب الرفاه إلى العدالة كما كانت تذهب سابقا لصحح أوضاعه، وحزب الرفاه الجديد حزب صغير جديد، لم يحقق أي نجاح سياسي أو انتخابي منذ نشأته، سوى دخول خمسة مرشحين له في البرلمان الأخير، وكلهم دخلوا على أكتاف حزب العدالة وبدعمه، بعد أن تحالفوا معه، بينما وقع الشقاق في الانتخابات البلدية بعد أن طمع الرفاه في أن يترك له العدالة عدة بلديات مهمة رأى الحزب أنها أكبر من قامة حزب الرفاه وحجمه، وكانت الدعاية الانتخابية لحزب الرفاه تتعمد الضرب في حزب العدالة تحديدا، كما كان يتلقى دعما إعلاميا واضحا من حزب الشعب الجمهوري المعارض، رغم أنه تيار إسلامي والشعب الجمهوري أبو العلمانية في تركيا ، لكنها لعبة السياسة .
في تقديري أن النتائج خادعة، إذا كنا ننظر إلى موازين الثقل الحقيقية الثابتة على الأرض والكتل الانتخابية، وأسبابها عارضة وليست أصيلة من إنجازات هنا وإخفاقات هناك، كما أنها لا تغير كثيرا من قواعد اللعبة السياسية في الدولة التركية محليا أو دوليا، بل ربما ساهمت في تعزيز السلام الاجتماعي لتركيا بجعل المعارضة شريكا في إدارة الدولة وحكمها، لكنها أرسلت رسالة واضحة لحزب العدالة الحاكم بأن شيئا من الترهل قد أصابه بسبب استرخائه في السلطة قرابة 24 عاما، واعتماده دائما على كاريزما زعيمه التاريخي رجب طيب أردوغان، والقبول الشعبي الطاغي له في البلاد، وأثبتت أن الحزب في حاجة ماسة وعاجلة إلى تجديد شبابه وتطوير أدائه ، والبحث عن وجوه شابة جديدة تتصدر لمرحلة يمثل الشباب عنصرا وازنا بين الناخبين فيها، ولذلك تحدث اردوغان عقب ظهور النتائج ليلة أمس بأن ما حدث يوجب على الحزب ممارسة النقد الذاتي، واعتبر ـ عن حق ـ أن الديمقراطية في تركيا انتصرت وهي الفائز الحقيقي.
أيا ما كانت النتائج، وبدون أدنى شك فإن بطل المشهد الديمقراطي في تركيا هو هذا الرجل، رجب طيب أردوغان، الذي رعاها على مدار ربع قرن تقريبا، وكان أمينا معها، ووفى بعهده في احترامها وحمايتها وتعزيزها، ورسخ ميراثا للدولة المدنية، الشعب فيها هو الحكم وهو السيد وليس العسكر والدبابة أو العمامة، وحقق لبلاده مجدا سياسيا وعسكريا واقتصاديا واستراتيجيا، خلال عقدين فقط، يقترب من المعجزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتائج الانتخابات تركيا تركيا انتخابات رأي نتائج مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العدالة والتنمیة حزب الشعب الجمهوری لحزب العدالة حزب الرفاه بعد أن کان فی ترکیا بلدیة فی
إقرأ أيضاً:
هل يعود داود أوغلو إلى حزب العدالة والتنمية؟
أطلق رئيس حزب المستقبل، أحمد داود أوغلو، في الآونة الأخيرة، عدة تصريحات توحي بأنه يرغب في العودة إلى حزب العدالة والتنمية. وقال الأسبوع الماضي، خلال لقائه مع الصحفيين في مدينة قونيا، إنه "لم ينقطع عن روح حزب العدالة والتنمية"، مضيفا أنه جزء من الجماهير المؤيدة لهذا الأخير، وأن "حزب المستقبل لم يتأسس لمنافسة حزب العدالة والتنمية"، كما ذكر أن أبوابه مفتوحة لكل من يريد لقاءه، في إشارة إلى انتظاره دعوة من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان للقائه.
هذه التصريحات أثارت علامات استفهام وتكهنات حول مدى احتمال انضمام داود أوغلو مرة أخرى إلى حزب العدالة والتنمية الذي استقال منه في أيلول/ سبتمبر 2019. وفي حواره مع الإعلامية جانسو تشامليبال، ذكر داود أوغلو أن هناك حاجة ماسة إلى رص الصفوف، في ظل القلق الذي يشعر به مؤيدو حزب العدالة والتنمية من احتمال تولي حزب الشعب الجمهوري لحكم البلاد بعد انتهاء فترة رئاسة أردوغان، مضيفا أنه مستعد للمشاركة في جهود الوحدة سواء داخل حزب العدالة والتنمية أو خارجه.
المفهوم من تصريحات رئيس حزب المستقبل أنه يرغب بشدة في لعب دور فعال في الملف السوري، كما يرى نفسه ذاك الزعيم الذي يمكن أن يسد الفراغ في غياب أردوغان بعد انتهاء فترته الرئاسية الثانية، ويعتقد بأن الناخبين المؤيدين لحزب العدالة والتنمية القلقين من تولي حزب الشعب الجمهوري لحكم البلاد، سيتقبلونه ويحتضنونه برحابة الصدر. إلا أن هناك شكوكا حول صحة كل هذه التوقعات
المفهوم من تصريحات رئيس حزب المستقبل أنه يرغب بشدة في لعب دور فعال في الملف السوري، كما يرى نفسه ذاك الزعيم الذي يمكن أن يسد الفراغ في غياب أردوغان بعد انتهاء فترته الرئاسية الثانية، ويعتقد بأن الناخبين المؤيدين لحزب العدالة والتنمية القلقين من تولي حزب الشعب الجمهوري لحكم البلاد، سيتقبلونه ويحتضنونه برحابة الصدر. إلا أن هناك شكوكا حول صحة كل هذه التوقعات.
داود أوغلو أخطأ في حساباته حين أسس حزب المستقبل وظن أن نسبة كبيرة من أنصار حزب العدالة والتنمية ستؤيد الحزب الجديد. وحصل حزب المستقبل على 10 مقاعد في البرلمان بفضل تحالفه مع حزب الشعب الجمهوري، إلا أن شعبيته في الانتخابات المحلية التي خاضها وحده، لم تتجاوز 0.11 في المائة. ويبدو أنه يخطئ اليوم مرة أخرى في قراءته للمشهد السياسي التركي وميول الناخبين، حين يظن أنه يمكن أن يعود إلى حزب العدالة والتنمية أو أن يسد فراغ أردوغان بعد خروجه من القصر الرئاسي.
هناك تناقضات في تصريحات داود أوغلو حول علاقاته بحزب العدالة والتنمية ورئيسه رجب طيب أردوغان. ويقول، على سبيل المثال، إنهم لم يؤسسوا حزب المستقبل لمنافسة حزب العدالة والتنمية، إلا أن الواقع الذي لا يجهله أحد، ينفي ذلك، ويعلم الجميع أن حزب المستقبل تحالف مع حزب الشعب الجمهوري المعارض ضد حزب العدالة والتنمية، وأن داود أوغلو ذاته سعى إلى إسقاط أردوغان وإيصال رئيس حزب الشعب الجمهوري السابق، كمال كليتشدار أوغلو، إلى القصر الرئاسي. ويتحدث عن قلق المؤيدين لحزب العدالة والتنمية من فوز حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات القادمة، ويبدي استعداده لإزالة هذا القلق، بعد أن دعا الناخبين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة إلى التصويت لصالح حزب الشعب الجمهوري.
هناك تململ في صفوف حزب المستقبل، وانزعاج من تصريحات داود أوغلو، قد يؤدي إلى موجة استقالات في الأيام القادمة. ويرى المنزعجون من تلك التصريحات أنها إساءة إليهم وإلى جهودهم التي يبذلونها لنجاح الحزب، ويتساءلون: "لماذا نضيع أوقاتنا وأموالنا في سبيل نجاح حزب المستقبل، إن كان رئيس الحزب ذاته يقول إنه لم يقطع صلته بحزب العدالة والتنمية، ويرغب في العودة إليه؟".
داود أوغلو، كمؤيد للثورة السورية، يريد أن يلعب دورا في علاقات أنقرة مع دمشق، وبناء سوريا الجديدة. إلا أن محاولته الفاشلة لتمكين كليتشدار أوغلو من الفوز برئاسة الجمهورية، رغم علمه بأنه من أكبر المؤيدين للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد ونظامه الطائفي وأنه يتعهد بطرد اللاجئين السوريين في حال فاز في الانتخابات، تقلل من احتمال تقبل أي دور له من قبل الإدارة السورية الجديدة. كما أن تصريحاته الأخيرة التي ذكر فيها أنه لا داعي للخوف من النظام الفيدرالي في حال اتفق السوريون على تبنيه، وأنه يمكن أن تكون للتركمان منطقة حكم ذاتي على غرار منطقة الأكراد، تثير استياء الرافضين لمشاريع تقسيم سوريا، المدافعين عن وحدة ترابها.
حزب المستقبل يعاني حاليا من مشاكل عديدة لعدم نجاحه في الحصول على ثقة الناخبين، ويمكن اعتبار تصريحات داود أوغلو الأخيرة محاولة للخروج من هذا المأزق
حزب المستقبل يعاني حاليا من مشاكل عديدة لعدم نجاحه في الحصول على ثقة الناخبين، ويمكن اعتبار تصريحات داود أوغلو الأخيرة محاولة للخروج من هذا المأزق. وتحالف حزب المستقبل مع حزب السعادة لتشكيل كتلة برلمانية مشتركة إلا أن هناك خلافات كبيرة بين الحزبين في بعض القضايا الهامة، مثل الموقف من ثورة الشعب السوري التي يراها حزب السعادة "مؤامرة صهيونية"، تجعل ذاك التحالف مجرد اتفاق هش لمصلحة مؤقتة.
الكتلة البرلمانية التي شكلها حزب المستقبل مع حزب السعادة، سقطت الثلاثاء بعد تراجع عدد أعضائها إلى 19 بسبب استقالة النائب مصطفى نديم يامالي من حزب المستقبل، ويتوقع أن ينضم يامالي إلى حزب العدالة والتنمية. وقد يشهد حزب المستقبل استقالات جديدة في الأيام القادمة لينضم عدد من نوابه إلى حزب العدالة والتنمية، إلا أن عودة داود أوغلو نفسه إلى حزبه القديم في الظروف الراهنة شبه مستحيلة، في ظل رفض نسبة كبيرة من مؤيدي حزب العدالة والتنمية لمثل هذه العودة.
x.com/ismail_yasa