قضايا غريبة وقعت وأثارت الجدل تحول فيها القاتل إلى برئ، والجاني إلى مجني عليه، ألغاز كشفتها التحقيقات، وأزال عنها الستار دفوع المحامين في ساحات القضاء، اليوم السابع يقدم على مدار 30 حلقة خلال شهر رمضان المبارك، أبرز هذه القضايا ووقائعها المُثيرة.


يروى هذه الحلقة المستشار بهاء الدين أبو شقة فى كتابه "أغرب القضايا".

.


وقعت أحداث هذه القضية فى أقصى صعيد مصر، كانت أحداثها مثيرة بشعة تمتزج فيها الدهشة بالغرابة والحيلة.. كانت الخسة والنذالة .. تحجر القلب والوحشية التى لا حد لها ولا وصف.. هى الإطار الذى حوى أحداث هذه القضية..

كان رجلاً بالغ الصرامة والقسوة.. طغى جبروته على فكره.. واستبد عنفه بعقله.. كانت له سطوة ورهبة بين أهل قريته كان مرهوب الكلمة لا يستطيع أحد أن يرد له قولاً أو يعصى له أمراً.. عرف الجميع عنه أنه رجل بلا قلب.. أو وحش كاسر بلا فكر ولا مشاعر.. مات قلبه وانعدمت أحاسيسه وفارقت الرحمة قلبه.. له باع طويل فى الجريمة والإجرام.. كانت جرائمه كعدد حبات الأرز، ومع ذلك فما كان بمقدور أحد كائناً من كان فى قريته الوقوف فى وجهه أو الشهادة ضده فى أى جريمة من جرائمه، حتى ولو رآه رؤية العين وارتكبها فى وضح النهار.. لم يتحرك قلبه من قبل أمام أى امرأة .. فلم يعرف الحب طريقاً إلى قلبه.. رغم أنه كان "زير نساء".. عاشفاً لأجسادهن.. إلا أن مغامراته كانت كاجنة بعيدة كل البعد لا خلق ولا مبدأ لها غير النزوة المجردة والبوهيمية المطلقة.. ولم يتحرك قلبه الصخرى إلا أمام هذه السيدة..

كان قلبه أمامها ضعيفاً واهياً خافقاً لأول مرة فى حياته، فرغم أن من قابلهن فى حياته لم يحركن شعره فى رأسه.. إلا أن تلك المرأة هزته بعنف وغزت قلبه واستولت على فكره.. وأصبح ذلك الجبل أمامها ذرة من الرمال.. طفلاً وديعاً..

كانت هذه السيدة زوجة لعامل أجير فقير، وكعادته دائماً الاستيلاء على ما فى يد غيره واقتناص وغصب ما لاحق له يه.. جرب كل الحيل أمامها فلم يفلح.. راودها عن نفسها كثيراُ وطاردها ليلاً ونهاراً عله يصل إلى قلبها وكنه لم يحقق مراده، وباءت كل محاولاته بالفشل.. وفى كل مرة حاول فيها الظفر بها كانت تصده.. وفى المقابل كانت النار تتأجج بين ضلوعه وطول التفكير فيها ينهش فى قلبه.. وشوقه إليها وحبه لها سهام تغرس فى قلبه وتدمى فؤاده.. كان بمقدوره أن يصل إلى مراده بجبروته وعنفه كما حدث مع الكثيرات قبلها.. وكلما نشطت هذه الفكرة فى عقله طردها من عقله على الفور ولفظها من مخيلته بلا تردد..

رأى فيها صورة ونوعا جديداً من النساء .. ورغم أن جميع النساء كن يحملن بالظفر به لفحولته الطاغية وأمواله التى استحوذ عليها من نهب العباد، إلا أنه رأى أنها عجينة خاصة.. وباءت أحلامه ومحاولاته بالفشل بأن تقع هذه العجينة بين أسنانه.. ولم تكن أمامه بعد أن طال انتظاره سوى الشر الذى سيطر على أفعاله.. وكان حلاً لأى مشكلة تواجهه..

هداه شيطانه إلى استعداء زوجها وتهديده وتوعده بعظائم الأمور إن لم يطلقها.. وعلى طريقة العصا والجزرة نجح فى مراده.. أجبر زوجها على تطليقها وتزوجها.. وأشاع فى القرية أن زوجها قد غدر بها وأنه قبض ثمن طلاقها وساوم فى الثمن.. ولكن محبوبها الجديد لم يبخل من أجل عينيها، بل ودفع أكثر مما طلبت.. وشربت زوجته وأهل القرية تلك "التمثيلية" الدنيئة، واقتنعت بنذالة مطلقها وعاشت فى مملكتها الجديدة ملكة غير متوجة بعد أن وضع قلبه بين يديها، وماله وفكره وعقله رهناً لإشارتها.. لم يبخل عليها بشىء .. انسابت الأموال بين يديها.. أحضر لها أعلى الملابس والعطور .. ووضع تحت إمرتها العديد من الخدم حتى يعوضها عن حياة الفقر والحرمان التى عاشت من قبل..


قلبه الصخرى تحول إلى عجينة طيعة بين أناملها تشكلها كان تريد، وزادت سعادته عندما دب أول جنين له بين أحشائها.. أحس بالندم لما فاته فى صدر حياته وهو يعيش حياة العبث واللهو والمجون.. وصمم وهو يحوم حول الخمسين من عمره أن يكرس حياته لأسرته وأن ينفض غبار الماضى حتى يفتح ابنه عينيه على صورة مشرفة لأبيه.

ولكن الفرحة لم تدم وسعادته لم تستمر.. كان القدر له بالمرصاد وكأنه أراد أن ينتقم لماضيه.. فقد اختفت زوجته فجأة وهى فى شهرها السابع من الحمل وبحث فلم يجدها..

وبعد طول بحث تم العثور عليها قتيلة فى مكان مهجور من القرية.. قتلت بطريقة بشعة ثم سكب عليها "البنزين" وأشعلت فيها النار.


كان واضحاً- منذ الوهلة الأولى – لرجال الشرطة الذين انتقلوا فور الحادث وعاينوا مسرح الجريمة.. أن قتلها كان مدبراً وأن هناك قصداً مصمماً عليه لإزهاق روحها..وإحراق جسدها.. إذ إنه من البادى للوهلة الأولى أن إعداد القاتل "للبنزين" وإحضاره فى هذا المكان كان مقصوداً، حيث تبين من التحقيقات أنه لا حاجة ولا ضرورة لوجود البنزين فتى تلك العشة المهجورة التى لا يقطن فيها أحد.

وبسؤال صاحب الأرض التى وقع فيها الحادث ، قال إنه هجر تلك الأرض منذ فترة جاوزت السنتين لمرضه وأن العشة كان قد شيدها وسط أرضه ليستظل بها عندما كان يزرع الأرض..

كانت بشاعة الجريمة على النحو الذى تم فيه العثور على الجثة وقد تفحمت تمامًا، أن القصد من ارتكابها هو الانتقام من نفس متعطشة إلى إشفاء غليلها وإطفاء نار غيظها التى جردت القاتل من أية أحاسيس أو مشاعر ليقتل امرأة وهى تحمل فى أحشائها جنينًا. 

ولكن السؤال الذى طرح نفسه: من القاتل الذى تحجر فؤاده ومات ضميره فارتكب جريمته فى لحظة غاب عنه ميزان العقل.. لماذا ذهبت المجنى عليها إلى هذه الأرض البور التى لا تطؤها قدم.. ولماذا ذهبت إلى هذا العش المهجور.. وهل كانت بمفردها أم كان معها أحد أخر.. ومن هذا الشخص.. ولماذا ذهبت معه.. وهل كان ذهابها معه اختيارياً أم إجبارياً..

كانت تلك الأسئلة الحائرة الباحثة عن جواب تحتل فكر سلطات التحقيق ...


 







المصدر: اليوم السابع

كلمات دلالية: غرائب القضايا اغرب القضايا اخبار الحوادث

إقرأ أيضاً:

«شمس الدين» يطوف المحافظات لزراعة «الكتان».. و«النتيجة مبهرة»

قطع أحمد شمس الدين مسافة تمتد لأكثر من 70 كيلو، حاملاً بيديه بذور الكتان التي انتوى أن ينقلها من محافظته «الغربية»، التى تعد الأشهر في زراعته، إلى محافظة الدقهلية، ليرى ثمار تجربته الجديدة بالمحصول الذى يصفه بـ«الاستراتيجي» لدخوله في عدد كبير من الصناعات المهمة من ضمنها أجزاء من السيارات والعملات الورقية.

رحلة إقناع نحو زراعة جديدة في الأراضي بالدقهلية 

شرع «شمس الدين» بالتجول داخل حقول الدقهلية لإقناع أهلها بتأجير بعض أراضيهم لاستخدامها في زراعة الكتان، وهو محصول جديد على المحافظة: «نجحت فى الحصول على ما يقارب الـ120 فداناً داخل مركز السنبلاوين بقرية ميت غريطة، وبدأت فى زراعتها منذ أشهر بسيطة، وبدأت الأرض في الاستجابة للمحصول الجديد وأخرجت بشائر النتاج الخاص بالمحصول».

زراعة الكتان في المحافظات...إنتاج وفير

ويحكى «شمس الدين» أنه اعتاد أن يتجول فى مختلف المحافظات من أجل زيادة رقعة الأراضى المزروعة من الكتان، الذى يعتبر محصولاً استراتيجياً مهماً فى محافظة الغربية، إذ يدخل فى صناعة أفضل أنواع الخيوط والأقمشة، مؤكداً أن العصا الخاصة بمحصول الكتان تدخل فى صناعة الأخشاب، وهو الخشب الحبيبى، الذى يعتبر من أفضل أنواع الأخشاب، لذا مع كل هذه الميزات والصناعات كان لا بد من زيادة المحصول والبحث عن أكبر عدد ممكن من الأراضي التى تستجيب لزراعة الكتان.

وساهم نجيب المحمدى، نقيب الفلاحين فى الدقهلية، بمساحات كبيرة من أرضه؛ من أجل مساندة نجاح الفكرة الجديدة على أراضي الدقهلية، ليخرج أكبر قدر ممكن من المحصول، ويقول إن الكتان من المحاصيل المهمة التى تدخل فى صناعة الأوراق والعملات المعدنية، لذا كان هناك تحدٍّ كبير أن تتم زراعته فى أرض أخرى خارج الغربية: «البشاير جاءت بالخير والنتيجة مبهرة حتى الوقت الحالى».

ويستعد «شمس الدين» من أجل حصاد الكتان بالدقهلية بداية من شهر مارس القادم حتى منتصف شهر أبريل.

مقالات مشابهة

  • يا وزير اسرع كرم عمر الجزلى وهو حى يرزق قبل ان يلتحق بالرفيق الاعلى
  • كشف حساب للدور الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى
  • حنان أبوالضياء تكتب عن: الهوية الأنثوية المشوشة فى Wild Diamond
  • اللجوء.. وكرم شعب
  • تاريخهم فى الملاعب لا يُذكر.. أنصاف لاعبين يتنمرون على الكرة النسائية!!
  • أفلام وفعاليات مهرجان القاهرة السينمائى 45 «كامل العدد»
  • حقيقة الحالة الصحية لـ محمد منير
  • «شمس الدين» يطوف المحافظات لزراعة «الكتان».. و«النتيجة مبهرة»
  • تواضروس الثانى.. البابا الذى أحبه المصريون
  • عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل.. لا شىء اسمه فلسطين