الوطن:
2024-12-22@05:40:25 GMT

عمرو صالح يكتب: ماذا نريد لمصر أن تكون؟

تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT

عمرو صالح يكتب: ماذا نريد لمصر أن تكون؟

طلبت منى أسرة التحرير فى جريدة الوطن أن أكتب أمانى رؤيتى لما أريد لمصر أن تكونه فى الجمهورية الجديدة القادمة. ولم أتردد لحظة، بل سعدت ورحبت أشد الترحيب بأن أكتب عن الوطن، عن الأم، عن الرحم، عن الكيان، عن تلك المدرسة العريقة التى نبتنا فيها ونوّرت وعلّمت العالم كله وليس فقط المحيط العربى والأفريقى، فمن نفحات هذا الوطن العظيم فى هذه الأيام المباركة مثال صغير على تأثير مصر على العالم أجمع، هو أن عادة البيض الملون فى عيد شم النسيم، الذى هو عيد الإيستر عند مسيحيى العالم، هى عادة مصرية فرعونية، إيذاناً ببدء فصل الربيع الذى تحول إلى ميلاد المسيح فى المسيحية وفى العالم كله، وتلك هى إحدى الذرات والنفحات القليلة التى أخرجت فيها مصر للعالم عاداتها وتقاليدها ومعارفها وإنسانيتها وقوتها ونورها وأيضاً حكمتها التى ستظل مدرسة إلى يوم الدين.

‏ماذا أريد لمصر أن تكون؟ فى كتاب الاقتصاد، وأول درس نقوم بتدريسه للطلبة فى الجامعة، هو أن السياسات الاقتصادية تعنى توزيع الموارد المتاحة على الاحتياجات المطلوبة. وبالتالى، ومن هذا المنطلق، إذا أردنا أن نحدد إلى أين يمكن أن نسير، وما هى الأهداف التى يمكن أن يحققها هذا الوطن، فلا بد أن نتحدث أولاً عما لدينا من موارد لكى نحدد ما هى احتياجاتنا؟ وما هى رؤيتنا أو ما يمكن أن نحققه؟

‏مواردنا لا تُعد ولا تُحصى، يقول المولى عز وجل فى كتابه الحكيم: «وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ»، فإن كنا لا نستطيع حصر كل ما أنعم الله به على مصر من نعم، فحسبنا أننا نعلم أن مصر تمتلك أعظم موارد العالم، مصر دولة أعظم العمارة والبناء والتشييد والأهرامات والمعابد، مصر ‏دولة الطب والفلك والعلوم، مصر مجدى يعقوب وفاروق الباز وأحمد زويل ومو صلاح، مصر تمتلك أعظم وأرقى شواطئ العالم، مصر علمت العالم الزراعة والمقاييس، مصر منتخب الساجدين البطل التاريخى لأمم أفريقيا تمتلك 7 ألقاب تتربع بها على عرش القارة السمراء، مصر السياسة والقوة التى، فى عنفوان إمبراطوريتها الفرعونية، احتلت وضمّت دولاً من آسيا وأفريقيا، مصر التى يتعلم تلاميذ العالم -وكنت واحداً منهم فى فرنسا فى سن السابعة- فى المدارس أن الدرس الأول فى التاريخ هو مصر الفرعونية، ثم تأتى بعدها كل دروس التاريخ، مصر الإيجوبتومانيا فى أوروبا، مصر القادة والقيادة والرؤية الملهمة، من الملك الملهم مينا موحد القطرين، ‏ مروراً بملوك الرعامسة والبطالسة وصلاح الدين الأيوبى وسيف الدين قطز وصولاً لعرابى وعبدالناصر والرئيس الملهم عبدالفتاح السيسى الذى وقف ضد إعادة تشكيل وتفتيت العرب بمشروع الشرق الأوسط الكبير، وتقف مصر عبدالفتاح السيسى اليوم بكل ثقة وثبات ضد محو القضية الفلسطينية.. مصر مواردها لا تُعد ولا تُحصى، ومن هنا، ماذا نريد وكيف نرى مصر شكلاً ووجهاً فى الجمهورية الجديدة؟

أرى مصر وطناً وموطناً للعلماء والكفاءات ورجال الأعمال والمليونيرات ورواد الأعمال من كل الأوطان والجنسيات كما كانت فى الثلاثينات والأربعينات، هى التى استقطبت سليم وبشارة تقلا مؤسِّسَى جريدة الأهرام التى نوّرت الصحافة العربية، وجورج أبيض مؤسس المسرح المصرى، وجاستون ماسبيرو الفرنسى الذى أسس مصلحة الآثار المصرية، وأنشأ وأدار أول متحف مصرى، والبارون البلجيكى إمبان الذى أنشأ مصر الجديدة فى صحراء العباسية. أحلم بمصر داليدا وديميس روسوس وكلود فرانسوا ورشدى أباظة الإيطالى وعمر الشريف المولود يهودياً فى الأصل، مع ليلى مراد، ثم نيللى ولبلبة الأرمنية الذين ولدتهم مصر. أحلم بمصر تستقطب علماء العالم، ولا تفرط فى أبنائها الذين أصبحوا علماء فى كل دول العالم.. أحلم ببناء مدن وأحياء إيطالية وفرنسية وصينية وروسية ولاتينية، تجعل من مصر قبلة الأعمال والمال والإنتاج والسينما والفن والصناعة فى العالم.. منطقة قناة السويس الجديدة يمكن أن تصبح منطقة مصرية عالمية، ومناطق عالمية داخل مصر.

أحلم بمصر تستثمر كل بنيتها التحتية العملاقة والتى وضعت فيها 10 تريليونات، وليس ملايين أو مليارات، جنيه مصرى خلال عشر سنوات، وجَّه بها الرئيس عبدالفتاح السيسى لتطوير الطرق والموانئ والمطارات ورقمنة الأجهزة الحكومية والقطاع المصرفى.

‏سياسة الاستثمار فى البنية التحتية جعلت مصر الأولى فى أفريقيا فى استقطاب الاستثمار الأجنبى المباشر بمقدار 12 مليار دولار عام 2023، معها أدعو مجدداً لخلق مناطق حرة دولية بها صناعات واستثمارات أجنبية، بها مناطق وفيلات سكنية للمستثمرين الأجانب مدعومة بالمستشفيات الأجنبية والمدارس التى تضمن توطين السلع الأجنبية والمشروعات الأجنبية كما فى دبى وجنوب أفريقيا وتركيا، فمصر مؤهلة أن تكون «دولية»، وأدعو لطرح هذه الفكرة على المطورين المصريين الكبار ذوى الأسماء المحلية والدولية المرموقة فى بناء الكومبوندات فى 6 أكتوبر والتجمع الخامس، والعاصمة الإدارية الجديدة، أدعوهم لبناء وإدارة وتشغيل مناطق سكنية إنتاجية للجاليات الأجنبية، تعمل على ضخ العملات الأجنبية وأيضاً جلب الثورة المعرفية والتكنولوجية وتوطينها والاستفادة من البنية التحتية المصرية العملاقة ومن موقع مصر الجغرافى ومناخها الرائع وإمكانياتها السياسية والثقافية فى العالم.

‏أريد أن أرى ثورة فى القضاء والتقاضى، وأن لا تتعدى القضايا مدة ستة شهور، وهو هدف لا بد أن نحققه إذا أردنا حياة كريمة واستثمار واستقطاب كفاءات، ولا سيما أن الدولة استثمرت على رقمنة وأتمتة القضاء، وأيضاً يمكنها أن تعيّن أضعاف الأضعاف من شباب وكلاء النيابة والقضاة لخلق مزيد من فرص العمل مع رفع رسوم التقاضى، والتى سيكون المتقاضى مستعداً لأن يدفعها نظير العدالة الناجزة.

‏ أحلم بمصر نمر من النمور الصناعية والإنتاجية المصدرة ‏والمنتشرة فى أنحاء العالم؛ر وهو هدف حياة وموت وقد أطلق السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى حلم 100 مليار دولار، وهو هدف وليس حلم، أؤمن بقوة وتاريخ رجال الصناعة المصرية الوطنية، وعلى الدولة أن تطبق دولة الرأسمالية الوطنية، ولا سبيل عن هذا المنهج كما طبقته الدول الصناعية الكبرى مثل كوريا واليابان والولايات المتحدة فى القرن الماضى. ‏أحلم بمصر تعود لتغزو العالم، وليس فقط العالم العربى، فى الإنتاج الفنى والسينمائى، فالهند اليوم عملاق سينمائى مع كوريا وتركيا، أدعو الدولة لأن تساعد القطاع الخاص وتبنى صناعة سينما مصرية مع القطاع الخاص، كما كان التليفزيون بقطاع إنتاجه يغزو العالم العربى من خلال «رأفت الهجان» و«ليالى الحلمية» و«الطريق إلى إيلات» و«دموع فى عيون وقحة» و«عائلة الحاج متولى» و«زينب والعرش»، والتى تنازلت عن عرشها لصالح الدراما التركية والسورية بقيادة محمد رمضان وأقزام يتم صنعهم ونبقيهم على أجهزة تنفس صناعى حتى يستمروا وهم لا يملكون ربع ما كانت مصر عليه، أعطونى صناعة السينما لكى تصبح «صناعة تصديرية» تغزو أسواق العالم وتنفذ بقوة مصر الناعمة الحديدية، وتكون أداة ووسيلة لجذب الاستثمار وليس للترفيه وتضييع الوقت بل أداة لجذب السياحة والاستثمار واستيراد الطلبة العرب والأجانب بعملتهم الأجنبية وجعل مصر منصة للاستثمار والفن والرياضة العالمية.

إمكانات مصر ‏لا تُعد ولا تُحصى فى تصدير صناعة التعليم والفن والثقافة والصناعة والسياحة والزراعة والعلم والعلماء والتجارة. مصر قادرة على أن يصبح كل قطاع من القطاعات التى أشرت إليها منجم ذهب يُدر عملات أجنبية على الاقتصاد المصرى.

‏لدينا نماذج رائعة فى السنوات العشر الماضية، ورجال استطاعوا المستحيل، ومنهم -على سبيل المثال- الوزير الفذ كامل الوزير، الذى طوّر صناعة وخدمة عجز وزراء ووزارات عن تنفيذها خلال 50 عاماً. ‏الحل فقط فى قيادة وطنية اقتصادية مستنيرة عالمية ودولية تفكر خارج الصندوق وتترجم التوجهات والأفكار الرائعة للرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أحلام ومشروعات، فطريق الحلم المصرى سيتحقق بإذن الله فى الجمهورية الجديدة، لتحيا مصر الأعظم والأقوى فى كل المجالات.

نريد أن نستلهم إيمان القائد عبدالفتاح السيسى لتكون مصر كما فى سفر التكوين: «قد جَاءَتْ كُلُّ الأَرْضِ إِلَى مِصْرَ إِلَى يُوسُفَ لِتَشْتَرِىَ قَمْحاً، لأَنَّ الْجُوعَ كَانَ شَدِيداً فِى كُلِّ الأَرْضِ». وليصدق فيها من دعا المولى عز وجل أن: يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا.. اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ.

‏ثلاث كلمات مفتاحية: إيمان، رؤية، وعمل دؤوب.

‏هذه هى مصر الإيمان ومصر التغيير ومصر النصر، والتى أرادتها القيادة فى الجمهورية الجديدة.

فلتحيا مصر.

* أستاذ الاقتصاد السياسى ومستشار البنك الدولى السابق

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عمرو صالح جريدة الوطن الجمهورية الجديدة الوطن مصر فى الجمهوریة الجدیدة عبدالفتاح السیسى یمکن أن

إقرأ أيضاً:

أستاذ علوم سياسية: تعاون دول الجنوب يساهم في صناعة القرار الدولي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية، إن استضافة مصر قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي شهدت تسليم الرئاسة إلى مصر، لافتةً إلى أنها عُقدت تحت شعار الاستثمار في الشباب و دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتشكيل اقتصاد الغد.

وأضاف بدر الدين خلال مداخلة هاتفية بقناة إكسترا نيوز، أن القمة تركز على الشباب و الدول النامية، موضحًا أنها انعقدت في ظروف يواجه العالم تحديات متعددة سواء من الناحية الاقتصادية و المالية والأمنية.

وتابع أستاذ العلوم السياسية، أنّ الدول النامية هي الأكثر عرضه لتأثير هذه التحديات، ومن ثم، فإنه من المهم تضافر جهود هذه الدول النامية لمواجهة التحديات، متابعًا، أن لمصر دور كبير في إطار الدول النامية، وتشارك في المحافل و المؤتمرات الدولية فأن مصر تتحدث باسم دول الجنوب. 
وذكر، أن لمصر دور مهم في إيجاد تكتل يمكن تسميته بتكتل الجنوب، لمنح هذه الدول أهمية في صناعة القرار الدولي في مواجهة التحديات التي يعاني منها العالم والتي تؤثر تأثير كبير على هذه المجموعة.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: " بلطجة " التعليم الخاص !!
  • محمود الجارحي يكتب: من وقائع جلسات محاكمة سفاح التجمع.. ماذا قال المتهم؟
  • خلافات بين طارق صالح والعليمي حول تسمية رئيس الحكومة الجديدة في عدن
  • منير أديب يكتب: سوريا المستقبل من بين رحم المؤامرة
  • أستاذ علوم سياسية: تعاون دول الجنوب يساهم في صناعة القرار الدولي
  • ناصر عبدالرحمن يكتب : الشخصية المصرية (6) الغواية
  • د.حماد عبدالله يكتب: المشروعات " الوطنية " الكبري !!
  • باحث: قمة المليار نسمة تزيد من حجم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي
  • وفد السودان باجتماع مجلس الوحدة الاقتصادية يشكرالرئيس السيسى وشعب مصرعلى مساندة السودان في أزمته
  • باحث: الغارات الإسرائيلية في اليمن جاءت بعد التنسيق مع أمريكا| فيديو