لماذا تراجعت موائد الأرحام بالأردن في رمضان الجاري؟
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
يُعد رمضان فرصة لتعزيز العلاقات الاجتماعية عبر أنشطة موسمية تميز الشهر المبارك. وكغيرهم في العالمين العربي والإسلامي، يحرص الأردنيون خلاله على الالتزام بعاداته وتقاليده الخاصة.
لكن الظروف الاقتصادية الصعبة هذا العام أدت إلى تراجع هذه العادات، مدفوعة بمشاعر الحزن والألم على وقع حرب دموية مدمرة تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ومن أبرز هذه العادات "موائد الأرحام"، التي يقيمها أردنيون، خاصة في مناطق الأرياف والقرى، بهدف جمع أقاربهم وأرحامهم على مائدة رمضانية، ابتغاءً للأجر والثواب وتعزيز الروابط الاجتماعية.
إلا أن الحالة الاقتصادية الصعبة في الأردن، ضمن أزمات عامة إقليمية ودولية، تسببت في تراجع ملحوظ لـ"موائد الأرحام"، كما أثرت أحداث غزة على الأردنيين أيضا.
طعام وزعه أهل منطقة الصريح شمال الأردن على المتضررين من الحرب الإسرائيلية على غزة (الجزيرة) إطعام جياع غزةأستاذ العقيدة الإسلامية في الجامعة الأردنية محمد الخطيب قال إن "صلة الأرحام ليس لها وقت وزمان، ولكن الناس اعتادت في شهر رمضان أن يقيموا هذه الموائد للأرحام؛ زيادةً في الأجر. لكن في وقتنا الحاضر، يبدو أن الناس ترى فيما يجري في غزة من جوع وقتل وتدمير، فرصةً لتوجيه نفقات هذه الموائد إلى الجياع من أهلنا في القطاع".
وإلى جانب مجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، خلّفت الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة عشرات آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
وأضاف الخطيب، "يجب على الإنسان أن يقتصد في نفقاته، ولكن ليس على حساب صلة الأرحام. يجب أن لا نقطع عادةً طيبةً، وأن نجتهد في هذا الشهر لزيادة الأجر والثواب، وأن نقيم الموائد لأرحامنا، وهذا لا يعني أن تكون بإسراف؛ فالمقصد من إقامة تلك الموائد هو الجمع الجيد والطيب للأقارب والأرحام؛ ليستأنسوا ببعضهم، وليس المقصود الأرحام بقدر ما هو زيادة الألفة والمحبة".
ورأى أن ذلك "يعطي أجرين: الأول أننا لم نقطع أرحامنا، والثاني الاقتصاد وتوجيه الأموال إلى الجياع في غزة".
حسين محادين: لا بد من المحافظة على قيمة صلة الرحم من خلال التوازن في ولائم رمضان (الجزيرة) ضرورة تعديل السلوكأما أستاذ علم الاجتماع بجامعة مؤتة حسين محادين، فقال إنه "من حيث المبدأ، صلة الرحم هي فريضة مستدامة من منظور ديني، لكن التعبير عن هذه الفريضة بالسنوات السابقة أخذ مظاهر استهلاكية مبالغا جدا فيها".
وأضاف أن "الناس أصبحوا يربطون بين ضرورة تفعيل صلة الرحم والمبالغة في التعبير عنها، دون مراعاةٍ للظروف الاقتصادية الضاغطة على معظم شرائح مجتمعنا، والذين جلهم يحتاج إلى إعطاء هذه النفقات لأبنائهم وأسرهم".
وأكد أنه "يمكن أن نحافظ على هذه القيمة النبيلة بشكل متوازن، بحيث إن الداعي لولائم رمضان يتصرف بمعقولية في تقديم ما يود تقديمه للمستضافين. وعلى الضيوف أن يدركوا إمكانات مضيفهم".
وأردف محادين، "علينا أن نعمل لتعديل كثير من سلوكياتنا المرتبطة بصلة الرحم، سواء في رمضان أو الأعياد، بأن نلجأ إلى رمزية التعبير عن فضائل هذه القيمة"، مشددا على ضرورة أن "تتعاون كل الأطراف لإنضاج مثل هذا الموقف الحضاري، وسندنا في ذلك أن الإسراف مرفوض في قيمنا الإسلامية".
ورأى أستاذ علم الاجتماع أن "حرب غزة والمقاومة مثّلا أنموذجا مميزا عبر التاريخ بأن بإمكان الإنسان أن يتخلى جزئيا عن المظاهر والموجودات المادية لصالح قيم الإسلام العظيمة القائمة على القناعة وإيثار الآخرين على أنفسنا".
وأضاف أن ذلك يتمثل في "ما نشاهده من حرب إبادة ضد أهلنا في غزة (نحو 2.2 مليون فلسطيني) تشمل الطعام وأسباب العيش الأساسية".
مازن مرجي: أسباب اقتصادية وظروف سياسية تتعلق بما يجري في غزة وراء تراجع موائد الأرحام الرمضانية (الجزيرة) صعوبات اقتصاديةمن جانبه، قال المحلل الاقتصادي مازن مرجي إن "الموضوع يتكرر في كل رمضان؛ لأن البعد الاقتصادي والتكاليف التي تفرض على المسلمين تأخذ بعدا يتعلق بالواقع الاقتصادي".
وتابع، "بالنسبة للأردن، فالمعاناة مستمرة من حيث الصعوبات الاقتصادية، الأجور لم ترتفع، والقوة الشرائية هبطت، ومستويات الأسعار مرتفعة، وكل ذلك له علاقة بظروف داخلية وخارجية، وهي اقتصادية بحتة إلى جانب ظروف سياسية. رمضان بالذات؛ ونتيجة للمتطلبات الاقتصادية الكبيرة، يتحول إلى عبء اقتصادي على الصائمين؛ بسبب مجموعة من العوامل الاجتماعية".
مرجي أضاف أن "التجار يحاولون استغلال الشهر، وهذا من أسوأ ما يُمارس في الأردن، فبدل التخفيف عن الناس، فإنهم يحاولون استغلال الظروف رغم تأكيد الحكومة على تشديد الرقابة، وفي الواقع ليس لإجراءاتها أي تأثير".
ولكنه اعتبر أن "تراجع الحضور بالنسبة لموائد الأرحام الرمضانية ليست له علاقة بالوضع الاقتصادي؛ لأنه ليس للأردن بالقطاع (غزة) أي ارتباطات تجارية، والتأثر طال السياحة في المنطقة بشكل عام، لكن تأثير ما يجري هناك اجتماعي على الأردنيين".
وأكد أن "المواطن الأردني مجبور على تلك الموائد تحت ضغوط العادات والتقاليد، مدفوعة بالبعد الديني الذي يؤكد على صلة الأرحام بالدرجة الأولى".
وتأثرت العديد من القطاعات الاقتصادية الأردنية بالحرب على غزة، وخاصة السياحة، إذ تفيد البيانات بإلغاء نحو 50% من الحجوزات السياحية.
وتبلغ إيرادات الخزينة العامة من قطاع السياحة 15% من الناتج المحلي الإجمالي، بنحو 4.8 مليارات دينار سنويا.
كما تأثر الأردن بتداعيات ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين في البحر الأحمر، وبالتالي زيادة أسعار السلع؛ جراء الهجمات التي يشنها الحوثيون من اليمن، "تضامنا مع غزة"، على سفن مرتبطة بإسرائيل.
وتواصل إسرائيل الحرب على قطاع غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن، في 25 مارس/آذار الماضي، بوقف فوري لإطلاق النار خلال رمضان، ورغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات رمضان 2024 صلة الرحم فی غزة
إقرأ أيضاً:
المعرض والمؤتمر الدولي للصيدلة والطب 21 الجاري
الشارقة: «الخليج»
أعلن مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار انطلاق فعاليات المعرض والمؤتمر الدولي الثالث عشر للصيدلة والطب (ICPM 2025) في الفترة من 21 إلى 23 يناير 2025، تحت شعار «بناء ثقافة الابتكار والتكنولوجيا بالمجال الصحي»، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجالات الطب والصيدلة والرعاية الصحية.
يهدف المؤتمر، الذي يُعد أحد أبرز الفعاليات الصحية في المنطقة، إلى تعزيز الابتكار والإبداع لدى مقدمي الرعاية الصحية والأكاديميين والمهنيين، كما يسعى لتسليط الضوء على أحدث التقنيات الطبية والدوائية، وفتح آفاق جديدة للتعاون الدولي والاستثمار.
ومن المتوقع أن يشهد الحدث مشاركة واسعة من كبار الشخصيات وصناع القرار، إلى جانب نخبة من الأكاديميين والباحثين، وممثلي كبرى الشركات العالمية والمحلية المتخصصة في التكنولوجيا الصحية والصناعات الدوائية، وسيكون المعرض المصاحب منصة لعرض أحدث الابتكارات والمنتجات في مجالات الطب والصيدلة والتكنولوجيا الحيوية.
ويتضمن برنامج المؤتمر العديد من المحاضرات العلمية وورش العمل المتخصصة، التي سيقدمها خبراء من أنحاء العالم، كما ستُعقد جلسات نقاشية تفاعلية ولقاءات ثنائية بين الشركات والمستثمرين.
وأكد مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، التزامه بتوفير بيئة مثالية تحتضن الابتكار وتدعم الشركات الناشئة والمتخصصة في القطاع الصحي، ومن المتوقع أن يستقطب الحدث آلاف الزوار من داخل الدولة وخارجها، إضافة لمشاركة مئات العارضين من كبرى الشركات العالمية المتخصصة في قطاع الرعاية الصحية.
كما يُعد المعرض والمؤتمر الدولي للصيدلة والطب، منصة مثالية للباحثين والطلاب ورواد الأعمال لاستكشاف أحدث الابتكارات في القطاع الصحي، وبناء شراكات استراتيجية.