استقبل الدكتور إلهامي ترابيس، رئيس جامعة دمنهور، اليوم الإثنين، فضيلةَ الأستاذ الدكتور شوقي علام –مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- بمقر إدارة الجامعة ضمن زيارة لجامعة دمنهور على هامش إلقاء ندوة دينية وحضور حفل الإفطار الجماعي الذي تنظِّمه أسرة طلاب من أجل مصر. 

كما أهدى الدكتور إلهامي درع الجامعة للدكتور شوقي علام؛ وذلك تقديرًا وتكريمًا له، حيث إنه يعد واحدًا من أهم الرموز الدينية التي تفتخر بها مصر والعالم الإسلامي.

مفتي الجمهورية: القوانين والأحكام المعاصرة لا تخالف الشريعة الإسلامية مفتي الجمهورية: حب المسلمين للكرم والإيثار يعكس مدى حضور النموذج النبوي الموروث

وقد أعرب الدكتور شوقي علام عن سعادته بحفاوة الاستقبال، مُشيدًا بالإنجازات الملموسة التي تَشهدها جامعة دمنهور في شتى المجالات الأكاديمية والبحثية والمجتمعية، وما تتيحه من فرص تعليمية متعددة، وكذا تقديمها العديد من المبادرات المجتمعية والصحية والثقافية وغيرها خدمةً لأبناء محافظة البحيرة. 
وخلال كلمته بالندوة التي عقدتها الجامعة تحت عنوان" شهر رمضان وبناء الشخصية الواعية" قال المفتي: إن لشهر رمضان جوانب إيجابية كثيرة تنعكس على شخصية المسلم؛ فلا تقتصر على الصبر عن الامتناع عن الأكل وغيره من الشهوات فقط، ومن أهم هذه الجوانب الإيجابية بناء شخصية المسلم ليكون واعيًا بنفسه وأهمية تنمية الرقابة الذاتية عليها والعمل على سموها الروحي مع الموضوعية في التفكير، وكذلك ليكون واعيًا بمتطلبات مجتمعه من العمل والاجتهاد فيه وإدارة الوقت للتنمية والعمران وواعيًا بمسئوليته المجتمعية، وكذلك ليكون واعيًا بالمقصد من خلقه في هذه الدنيا.

وأضاف أن الشرع الشريف يحث على الرقابة الذاتية بوصفها أهم أنواع الرقابة وأكثر إفادة في تحسين خُلُق الفرد وسلوكه، فشهر رمضان فرصة لتنمية الرقابة الذاتية، لأن الصوم عبادة باطنة، كما أن الرقابة الذاتية تدل على حقيقة الإيمان بالله، لأن الشخص المراقب لذاته يدرك أن الله بصير بالعباد، وأنه مطلع عليه في كل حال؛ قال تعالى: ﴿ إن الله كان عليكم رقيبًا ﴾؛ فالفرد المراقب لذاته أكثر الأشخاص تأهيلًا للالتزام بكافة القوانين واللوائح، لأن التزامه نابع من إرادته لذلك دون إلزام خارجي.
وعن أهمية شهر رمضان كفرصة للسمو بالروح؛ ‏قال فضيلته: إن من أهم آثار التقوى التي يُحصِّلها الفرد بصومه والتزامه به السمو بالجانب الروحي في المسلم، والتخلُّص من سيطرة المادة عليه، لأنه يحارب الشهوات المادية، وقت الصوم، فيقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
‏وأشار فضيلة المفتي إلى ما للصيام من دور بارز في مجاهدة النفس وإجبارها على الالتزام بالشرع وتعاليم الدين، بالكف عن الأمور المباحة في غير رمضان كالأكل والشرب ونحو ذلك من الشهوات، كما أن قدرة الإنسان على مجاهدة نفسه يصقل شخصيته ويكسبها قوة وصلابة؛ لكون جهاد النفس أكبر أنواع الجهاد، كما قال صلى الله عليه وسلم بعد غزوة تبوك: رجعنا من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأكبر؛ يقصد جهاد النفس.

وثمَّن المفتي دَور الصيام في كبح الرغبات قائلًا: إن الإنسان المسلم عن طريق الصوم يتحكم في هواه الذي يؤدي به للخمول والراحة، وهذا التحكم هو ركيزة البناء العقلاني، لأن إزاحة ساتر الهوى برغباته ومتطلباته ينير بصيرة المؤمن، حيث إن الإنسان عندما يتخلص من اتِّباع هواه يتيح لعقله الفرصة للتفكير الحقيقي الموضوعي بعيدًا عن الهوى.

الصيام وتأثيره على النفس الإنسانية يعزز من صفة التواضع

وشدد على أن الصيام وتأثيره على النفس الإنسانية بالخضوع لخالقها والكف عن كل شيء ابتغاء مرضاته يعزز من صفة التواضع لديه، فيقول صلى الله عليه وسلم: «ما نَقَصَ مال من صدقة -أو ما نقصتْ صدقة من مال- وما زاد اللهُ عبدًا بعفْو إِلا عزًّا، وما تواضَعَ عبدٌ للهِ إِلا رَفَعَهُ اللهُ». (أخرجه مسلم، والترمذي). وكان صلى الله عليه وسلم في بيته في مهنة أهله، يحلب شاته، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ويقمَّ البيت، ويأكل مع الخادم ويعجن معه.
وأضاف فضيلته أن‏ ‏شهر رمضان يساهم في بناء شخصية واعية بقيمة الوقت فيُذكِّر المؤمن بأهمية الوقت وقيمته، فموسم الخير في رمضان وتزاحم الأعمال بين العبادات والصوم والعمل مع باقي شؤون الحياة يدفع الفرد لتنظيم وقته وإدارته بالشكل الأمثل.

‏وأوضح مفتي الجمهورية أن التجربة التي يخوضها الفرد المسلم خلال ثلاثين يومًا من الجوع والعطش كل يوم ثم الشعور بالشبع والري بعد ذلك، ومعالجة الإحساس مع نقيضه يدرك به حجمَ نعمة الله عليه من جهة توفر أسباب الحياة، ومن جهة أخرى يشعر كيف يمكن لأخيه الإنسان أن يعاني مع استمرار ذلك الشعور بالحاجة والعوز وفقد تلك النعمة.
‏وأكد فضيلة المفتي أن شهر رمضان له دَور في صناعة شخصية واعية بالمسؤولية المجتمعية؛ فانطلاقًا من الصيام يشعر الفرد بحجم دوره المجتمعي من ضرورة العمل على حل تلك المشكلات الاقتصادية، ويعلم أنه ولا بد أن يكون جزءًا من ذلك الحل وأنه مسؤول عنه في الأصل؛ يقول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا".

وأشار إلى أن قيمة الإنسان بقدر ما يعطيه لغيره وينفع به مجتمعه، والعطاء قيمة إسلامية أصيلة، حيث إن المؤمن يعتاد العطاء في رمضان، ويشعر بأثره الإيجابي على نفسه وغيره، ومن ثم تتوطن شخصيته على قيمة العطاء، وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان من أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل كل ليلة يدارسه القرآن، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود من الريح المرسلة.

واختتم كلمته بالتأكيد على أهمية شهر رمضان في بناء شخصية واعية بأهمية الاجتهاد في العمل والعبادة، حيث إن أعظم انتصارات المسلمين كانت في شهر رمضان المبارك، فشهر رمضان من المواسم التي يتسابق فيها المؤمنون بالاجتهاد في العمل والعبادة وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي رَمضانَ مَا لا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ، وَفِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ منْه مَا لا يَجْتَهدُ في غَيْرِهِ.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية هيئات الإفتاء جامعة دمنهور ندوة دينية شوقي علام الرقابة الذاتية صلى الله علیه وسلم مفتی الجمهوریة شهر رمضان حیث إن

إقرأ أيضاً:

حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء من الأمراض.. الإفتاء توضح

أكدت دار الإفتاء المصرية، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو رحمةُ الله للعالمين؛ فهو سببُ وصولِ الخير ودفْع الشر والضر عن كل الخلق في الدنيا والآخرة، وكما أنه صلى الله عليه وآله وسلم شفيعُ الخلائقِ؛ فالصلاةُ عليه شفيعُ الدعاء؛ فبها يُستجاب الدعاء، ويُكشف الكرب والبلاء، وتُستنزَل الرحمة والعطاء، وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم -وهو الصادق المصدوق- أنَّ الإكثار منها حتى تستغرق مجلس الذكر سببٌ لكفاية المرء كلَّ ما أهمه في الدنيا والآخرة. 

وأضافت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، أن الصلاة على النبي وردت آثارُها عن السلف والأئمَّة بأنها سببٌ لجلب الخير ودرء الضر، وعلى ذلك جرت الأمَّةُ المحمديةُ منذ العصر الأول، وتواتر عن العلماء أن عليها في ذلك المعول؛ حتى عدوا ذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم المستمرَّة بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وتواترت في ذلك النقول والحكايات، وألفت فيه المصنفات، وتوارد العلماء على النص على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإكثار منها في أوقات الوباء والأزمات؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو رحمة الله تعالى لكل الكائنات.

حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء من الأمراض

وأشارت دار الإفتاء إلى أن الأخبار تواترت عن الأئمَّة الأخيار عبر الأعصار والأمصار بأنَّ الصلاة على المختار هي أعظمُ ما تُدرأ به الأخطار، وتوضع به الآصار والأوزار، وتُستَدْفَع به نوائب الأقدار، والملمات والمضار، حتى نقلوا في ذلك ما تتنوَّر به الصفحات، وتتعطر به الكتب والمصنفات، من متواتر الوقائع والكرامات، في تفريج الكربات، وجلاء الأزمات، ودفع الملمات، ببركة الصلاة والسلام على خير البريات، وسيد أهل الأرض والسماوات، ما عدُّوه من عظيم المعجزات المستمرة لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم بعد الممات.

وذكرت دار الإفتاء أقوال عدد من الفقهاء حول هذه المسألة ومنهم:

قال الإمام الحافظ أبو عمرو بن الصلاح (ت643هـ) في "أدب المفتي والمستفتي" (ص: 210، ط. مكتبة العلوم والحكم) وهو يتكلم عن معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [فإنها ليست محصورةً على ما وجد منها في عصره صلى الله عليه وآله وسلم، بل لم تزَلْ تتجدَّد بعده صلى الله عليه وآله وسلم على تعاقب العصور؛ وذلك أنَّ كراماتِ الأولياء من أُمَّته صلى الله عليه وآله وسلم وإجابات المتوسلين به في حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسلهم به في شدائدهم براهين له صلى الله عليه وآله وسلم قواطع، ومعجزات له سواطع، ولا يعدها عد ولا يحصرها حد، أعاذنا الله من الزيغ عن ملته، وجعلنا من المهتدين الهادين بهديه وسنته].

علي جمعة: تعدد أسماء النبي في القرآن دليل على عظمة مكانتههل يجوز إضافة لفظ سيدنا عند ترديد الصلاة على النبي؟.. الإفتاء تجيبعلي جمعة: تعظيم النبي أمر إلهي وليس اختراعا بشرياما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب

وقال الحافظُ السخاوي في كتابه الماتع "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع" (ص: 442، ط. دار الريان) صلى الله عليه وآله وسلم: [ومن تشفَّع بجاهه صلى الله عليه وآله وسلم، وتوسَّل بالصلاة عليه، بلغ مراده، وأنجح قصده، وقد أفردوا ذلك بالتصنيف، ومن ذلك: حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه الماضي وغيره، وهذه من المعجزات الباقية على ممر الدهور والأعوام، وتعاقب العصور والأيام، ولو قيل: إن إجاباتِ المتوسلين بجاهه عقب توسلهم يتضمَّن معجزاتٍ كثيرةً بعدد التوسلات، لكان أحسن؛ فلا يطمع حينئذٍ في عد معجزاته حاصر، فإنه ولو بلغ ما بلغ منها حاسر قاصر، وقد انتدب لها بعض العلماء الأعلام فبلغ ألفًا، وايم الله إنه لو أمعن النظر لزاد منها آلافًا تُلفَى، صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا، وحسبك قصة المهاجرة التي مات ولدها ثم أحياه الله عز وجل لها لما توسَّلت بجنابه الكريم، ويدخل هنا حديث أبي بن كعب رضي الله عنه وغيره من الأحاديث الماضية في الباب الثاني؛ حيث قال فيها: «إِذن تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ»، ولله الحمد].

وأفرد الأئمة كتبًا في تفريج الكروب، بالصلاة على الحبيب المحبوب صلى الله عليه وآله وسلم، كما صنع الإمام الحافظ المنذري (ت656هـ) صاحب "الترغيب والترهيب" في رسالته "زوال الظما، في ذكر من استغاث برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الشدة والعمى"، والإمام أبو عبد الله بن النعمان المراكشي (ت683هـ) في كتابه "مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام، في اليقظة والمنام"، والعلامة نور الدين الحلبي الشافعي (ت1044هـ) في كتابه "بغية ذوي الأحلام، بأخبار مَن فُرِّجَ كربُه برؤية المصطفى عليه الصلاة والسلام في المنام"، والإمام العارف بالله أحمد بن سليمان الأروادي الخالدي النقشبندي (ت1275هـ) في كتابه "مفرج الكروب، بالصلاة على النبي المحب المحبوب" صلى الله عليه وآله وسلم.. وغيرهم.

ومن ذلك: ما ذكره العلامة الفيروزآبادي (ت817هـ) في كتابه "الصِّلَات والبُشَر، في الصلاة على خير البشر" (ص: 169-170، ط. سماح للنشر)؛ قال: [فمنها ما أخبرني العلامة أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الحسن، محدث مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشافهة، قال: نقل الإمام عمر بن علي اللخمي المالكي قال: أخبرني الشيخ الصالح موسى الضرير: أنه ركب في مركب في البحر المالح، قال: وقامت علينا ريح تسمَّى "الإقلابية" قلَّ مَن ينجو منها من الغرق، فضجَّ الناس خوفًا من الغرق، قال: فغلبتني عيناي فنمتُ، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: قل لأهل المركب يقولوا ألف مرة: اللهم صلِّ على سيدنا محمَّد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا عندك بها أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات، من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات. قال: فاستيقظتُ وأعلمتُ أهل المركب بالرؤيا، فصلينا نحو ثلاثمائة مرة، ففرَّج الله عنا، هذا أو قريبًا منه. قال أبو عبد الله: وأخبرني الشيخ الصالح الفقيه حسن بن علي بن سيد الكل المهلني الأسواني رحمه الله تعالى بهذه الصلاة، وقال: من قالها في كل مهم ونازلة ألف مرة فرج الله عنه وأدرك مرامه].

طباعة شارك النبي الصلاة على النبي الإفتاء دار الإفتاء حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء الشفاء من الأمراض حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء من الأمراض

مقالات مشابهة

  • احذر يمين الخراب.. يجلب الفقر ويقطع النسل ويأتي بكل أمر عسير
  • حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء من الأمراض.. الإفتاء توضح
  • أحمد حسن يكشف حقيقة تعاقد الأهلي مع محمد بن رمضان
  • خطأ شائع يقع فيه الحجاج يوم عرفة.. أمين الإفتاء يحذر منه
  • الأزهر يحذر من كلمة تفتح باب للشيطان
  • ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • علي الشامل يكشف حقيقة خلافه مع محمد رمضان
  • الدكتور أيمن أبو عمر: الوطن نعمة تستوجب الشكر.. وحبه نابع من الإيمان
  • دار الإفتاء تكشف حكم سجود التلاوة بدون وضوء
  • خطيب المسجد الحرام: القوة الحقيقة في الربط بين الإيمان والأخذ بالأسباب