أثير – مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري

في القصة التي أهدت للمجموعة عنوانها، حكاية منها ومثلها آلاف الحكايا المنتشرة في جهات الأرض، عن قصة حبّ بين حبيبين، نجح الكاتب فهد العتيق في استدراجي كقارئ للعنوان وغاطس مباشرة في لجّ النصّ، فالعنوان يوحي بأشياء رهيبة وخطيرة فهو “ليل ضال مثل بلاد ضائعة” ينبأ بأشياء مفزعة، فأن تجمع ليلا ضالا لا يهتدي إلى السكينة والطمأنينة والسلام ببلاد ضائعة، فتلك حيلة ناجحة.

وصراحة انطلت عليّ، وانخرطتُ في القراءة واكتشفتُ الذكاء الكامن في شخص صديقي الجديد، إذ لم تجمعني به الدنيا، وما جمعتنا سوى أدوات التواصل الاجتماعي، على كلّ هذا ما حدث يا سادتي القرّاء، فقد انطلت عليّ وتدحرجتُ مع سلاسة النصّ إلى سرد خاص بقصة تحكي على “محل فيديو الموعد”، حيث كان لقاء الحبيبين، وحيث تنغلق القصة على افتراقهما:

“في هذه اللحظة، كأنّي أراها في الشارع من بعيد تتلفّت حولها، قلت: ليتها تتذكرني، أراها تفتّش في حقيبتها، قلت : ربّما تدرك الآن أنّها نسيتني، هنا، في منتصف الحارة، وليس في حقيبتها الفارغة”

أعود إلى قصّة أولى ..(كمين الحكاية) كنتُ خلّفتها طمعا في المتن السرديّ الثاني، أعود لأقطف منها الفكرة طازجة ونيئة وبهيّة مثلما اقترف فهد العتيق خلال هذه القصة، يا لهذا الفنّ القصصي كم يتطوّر ويستعمل أدوات شعرية يجعلها في صلب العمل السردي، فمن البحث عن فكرة للكتابة يظفر بها الكاتب فتتحوّل إلى قصة ثمّ إلى حبيبة، سأقتطف جملتين لتوضيح ما أصبو إليه:

“وجدت على الرصيف المظلم فكرة صغيرة ضائعة، كانت مثل فكرة هائمة أو مثل فكرة قصة تائهة، التقطتها فأصابتني بنشوة عالية”

“سأقول لها: أنت فكرتي التائهة وأنت حبيبتي الضائعة، سأشتكي لها وأقول إنّني حزين جدّا وأنّني كلّ يوم أفقد  شيئا من ذاتي”

يشتغل الكاتب السعودي فهد العتيق داخل نصّه السرديّ على الحلم والخيال والكوابيس والهواجس، وكلّ ما يدخل في هذا الباب، ففي القصة القادمة بعنوان “محاولة دفن رطبة” يبقى متصارعا مع أعماق ذاته وبواطنها السرية، يحاول أن يلغي منها ما يستطيع وما لا يقوى عليه، يحاول إقصاء هذه المرة: الخيال، وهل ثمّة كائن بشري بدون خيال، يظلّ طوال القصة يصارعه، يدفنه وسط كومة رمل في سطح البيت وينزل إلى الصالة فيتبعه، خلاصة الأمر: ينتصر الخيال، هذا ما استنتجته فلا أقوى وأفدح من خيال الإنسان:

“وأنا أرى بعد عملية الدفن أنّها كانت من خيال انتهى، حاولت الابتعاد عنها قليلا لكنّني لم أستطع الحركة، قلت في نفسي: ما زال الخيال يعمل، لم أدفنه بالكامل..”

يوجد في هذه المتن الممتع عدّة نصوص مكثفة وجميلة، لكنّي أحسّ أنّ قصة “سيناريو صغير” شدّتني بل شدّني الحوار بين بطلين في فيلم وهما على شاطئ البحر، فالحوار ككلّ سؤال وجواب لكنّه يفضح الكاتب (مؤلف ليل ضال مثل بلاد ضائعة) في مسألة هامة ألا وهي الحياة، اسمعوا فهد العتيق متقمّص دور البطل:

“قالت: ماذا تحبّ في الحياة؟
قال: أحبّ كثيرا أن أكون حرّا في طريقة فهمي لها دون سلطان عادة وتقليد
سألته: كيف؟
قال: لا أريد أن أرتبط بطريقة تفكير سائدة عن الحبّ مثلا ، أو عن أي شيء آخر، في هذه الحياة ، أريد أن أتعامل مع الحياة بشكل جديد”.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: مكتب تونس

إقرأ أيضاً:

الحرب ستشتعل في الضعين؛ قراءة في المشهد القادم!

. الضعين نهاية المطاف.. الحرب ستشتعل في الضعين؛ قراءة في المشهد القادم!
يبدو أن الحرب في السودان تدخل مراحلها النهائية، حيث تتحرك بكامل قوتها نحو مدينة الضعين، وسيتصاعد الصراع في دارفور في الايام القادمة بوتيرة غير مسبوقة.

منذ بداية هذه الحرب، كنت قد أشرت إلى أن القبائل العربية في دارفور ستكون الضحية الأولى للصراع – بوست الهجمة المرتدة – ، ليس فقط بسبب فقدانها للدعم الجوي والاستخباراتي الذي كان يوفره الجيش لها، بل أيضًا لأن تحول هذه الأدوات إلى الطرف الآخر – الزرقة – سيغير موازين القوة بالكامل. واليوم، نشهد هذا التحول على أرض الواقع!

الرزيقات في قلب العاصفة
إذا استمر التصعيد بهذه الوتيرة، فإن الرزيقات هم من سيدفع الثمن الأكبر لهذه الحرب. فالمعادلة العسكرية لم تعد في صالحهم، وبنهاية الحرب، من المتوقع أن تخرج غالبية مكونات هذه القبيلة من السودان ( رأى وتوقع خاص جدا).

ربما كان البعض يتوقع أن تكون نتائج هذه الحرب مؤقتة أو محدودة، لكن الواقع يكشف أن الأمور تتجه نحو تغيير ديمغرافي عميق في الإقليم.

المسيرية: تغيير التحالفات قادم
أما المسيرية، فهم على وشك الانسلاخ من التحالف مع قوات الدعم السريع، ومن المرجح أن يلعبوا دورًا رئيسيًا في القضاء عليه. ومع ذلك، لن يكون خروجهم من المشهد العسكري والسياسي سهلاً، إذ سيتم وضعهم تحت المراقبة لسنوات قادمة، تحسبًا لأي تحركات مستقبلية قد تؤثر على موازين القوى.

الضعين.. معركة الحسم؟
كل الدلائل تشير إلى أن نهاية الحرب ستكون في الضعين. هذه المدينة قد تتحول إلى نقطة الصراع الأخيرة، حيث تتلاقى القوى المتصارعة في مواجهة حاسمة. ما سيحدث هناك سيحدد ملامح السودان الجديد، سواء من حيث التركيبة السكانية أو مراكز النفوذ السياسي والعسكري.

الحرب في السودان لم تعد مجرد صراع بين جهتين، بل أصبحت إعادة تشكيل كاملة للمشهد السياسي والاجتماعي. والضعين قد تكون الفصل الأخير في هذه الرواية الدامية.
دي طوبتي وبذكركم

وليد محمدالمبارك احمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مليار دولار.. القصة الكاملة للعقل المدبر وراء أضخم عملية سطو إلكتروني
  • “جوجل” تؤكّد حذف تطبيقات لديها أكثر من 56 مليون عملية تنزيل من متجر “جوجل بلاي”.. ما القصة؟
  • مجموعة عراقية تعلن عن تشكيل قوات “درع العباس”
  • هل ثواب قراءة القرآن من الهاتف أقل من المصحف الورقي؟.. الإفتاء تجيب
  • رحيل الكاتب النرويجي داغ سولستاد عن 83 سنة
  • الحرب ستشتعل في الضعين؛ قراءة في المشهد القادم!
  • الكاتب الصحفي صلاح الدين عووضه يروي تفاصيل جديدة عن نجاته من “الوحوش”.. ونجوت!!
  • ميناء خليفة يستقبل سفينة “سي إم ايه سي جي إم آيرون”
  • مجلس الأمن: مجموعة “أ3+” تدعو إلى وقف إطلاق النار في السودان
  • تصريحات صادمة.. مُحسن جابر: “لا أرغب في الحياة”.. وهذه خليفة “أم كلثوم” وأمنيتي الأخيرة