رأس الحكمة … مرسى زايد … هل من حكمة في جلب الإستثمارات ؟
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
رأس الحكمة … #مرسى_زايد … هل من حكمة في #جلب_الإستثمارات ؟
بقلم / #أحمد_عبدالفتاح الكايد_أبو_هزيم
أعلنت الحكومة المصرية ودولة الإمارات العربية المتحدة ” الصندوق السيادي ” توقيع عقد تطوير وتنمية مدينة ” رأس الحكمة الجديدة ” ، بحجم إستثماري يصل إلى 150 مليار دولار عند إكتمال جميع مراحل المشروع ، تتضمن 35 مليار دولار تدفع مباشرة للحكومة المصرية خلال شهرين من توقيع العقد ، منها 24 مليار دولار سيولة نقدية مباشرة و 11 مليار دولار موجودة أصلاً كوديعة لدى البنك المركزي المصري ، على أن تحصل الدولة المصرية على 35.
تقع منطقة ” رأس الحكمة ” المراد تطويرها على الساحل الشمالي الغربي لمصر على بعد 350 كيلو متر شمال غرب القاهرة ، وهي عبارة عن خليج داخل البحر الأبيض المتوسط بعمق 50 كيلومتر ، كانت تعرف سابقاً باسم ” رأس الكنائس ” لوجود جبل بالقرب منها يحتوي على آثار الكثير من الكنائس ، تم تغيير الإسم بأمر من الملك فاروق في العام 1941 م .
المشروع في نظر الكثير من المراقبين يمثل ” قبلة الحياة ” التي أوقفت تدهور الإقتصاد المصري ، وسيكون له مردود إيجابي على مجمل القطاعات الإقتصادية من أهمها تشغيل مئات الآلاف من الأيدي العاملة التي قد تصل إلى مليون ونصف بشكل مباشر وغير مباشر ، كذلك من المتوقع أن تستقبل منطقة رأس الحكمة عند إكتمال جميع مراحل المشروع ما يقارب من 8 مليون سائح .
يرى البعض أن الإستثمار الإماراتي في المشروع له بعد سياسي تطلب تداخل جراحي لمعالجة الإقتصاد المصري منعاً من انهياره أو على الأقل إعطائه فرصة لالتقاط أنفاسه من خلال ضخ عشرات المليارات من الدولارات ، في وقت تمر به المنطقة بأصعب لحظاتها نتيجة عدوان صهيوني همجي ظالم تقوم به قوات الإحتلال على قطاع غزة والضفة الغربية ، ولا تحتمل معه المنطقة أي اختلالات سواءً كانت سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية وخصوصاً دول الطوق .
و لتكتمل الصورة في تسليط الضوء على آلية معادلة جلب الإستثمارات وإدارتها والتعاطي مع أكبر قدر ممكن من المكاسب والمنافع عبر رافعة فن الترويج للمشاريع والفرص الإستثمارية للدول والشركات والصناديق السيادية وخصوصاً الخليجية منها ، ومن أجل المقاربة في استغلال الفرص الإستثمارية وآلية عرضها على المستثمر نسلط الضوء على إتفاقية وقعتها الحكومة الأردنية وشركة المعبر الإماراتية في العام 2008م ، لإقامة مشروع مرسى زايد السياحي ” أبراج وفنادق ومجمعات تجارية وسكنية ومراكز مالية وترفيهية ” في مدينة العقبة المنفذ البحري الوحيد للأردن .
بناءً على ما ورد في بعض وسائل الإعلام تقوم الحكومة الأردنية ببيع شركة المعبر الإماراتية أرض أردنية تبلغ مساحتها 3200 دونم ، من ضمنها ميناء العقبة ” العامل ” في ذلك الحين ، والذي ” كان ” يحتوي على العديد من أرصفة البواخر والمستودعات والساحات وصوامع الحبوب بمبلغ 500 مليون دولار ، على أن تقوم الحكومة الأردنية بنقل الميناء وإنشاء أرصفة جديدة على الشاطئ الجنوبي بكُلف تقدر بمئات الملايين من الدنانير ، علماً بأن إجمالي طول الواجهة البحرية للأردن على البحر الأحمر ما يقارب 30 كيلو متر ، وبذلك يكون الأردن من أقل دول العالم إطلالة على البحار .
بعد أكثر من 15 عاماً ما زال مشروع مرسى زايد في مراحله الأولية ، حيث تعطل لأكثر من عشر سنوات لأسباب إقتصادية و لوجستية ، ويتوقع له في حال إكتمال جميع مراحله خلق أكثر من 16 ألف فرصة عمل من خلال الفنادق والمنشآت المتعددة التي يحتويها المشروع ، بعد قيام الشركة المطورة بضخ سيولة مالية قد تصل إلى عشر مليارات دولار .
لا مجال للمقارنة بين مرسي زايد السياحي ورأس الحكمة من حيث المنافع والمكاسب التي تحققت أو التي قد تتحقق لكلتا الدولتين ، بسبب ضخامة حجم الإستثمار في مشروع رأس الحكمة أولاً وأيضاً إلى اختلاف السياسات الإقتصادية التي تنتهجها الدولتين في التعاطي مع الإستثمارات الأجنبية ثانياً .
الشيء الملفت للإنتباه والذي كانت له معارضة شديدة في ” الشارع ” ومن بعض المدارس الإقتصادية أن الحكومات الأردنية المتعاقبة أعتمدت آلية خروج الدولة الجزئى أو الكلي من الشركات والمؤسسات الإستراتيجية تحت بند الخصخصة ” بيع الأصول ” ، واكتفت بالعوائد الضريبية مع تعامل مرن ” تساهل ” في باقي التفاصيل ، لحاجتها للسيولة المالية في ذلك الحين ربما أو لعدم كفاءة الإدارة غالباً . أما الجانب المصري وتحديداً في مشروع رأس الحكمة أخذ بالشراكة الإستراتيجية والمشاركة في المغنم بالتحديد ، وأعتمد سياسة المشاركة في إستثمار الأصول .
العائد الإستثماري لمشروع مرسى زايد لم يتحقق منه شيء يذكر لغاية الآن بسبب عدم إكتمال الإنشاءات ، علماً بأن ثمن الأرض ” موقع الميناء القديم والأرض الخلفية ” الذي تقاضته الحكومة الأردنية من شركة المعبر تم تسديده في ذلك الحين لإكمال صفقة الشراء المبكر للديون الخارجية ” نادي باريس ” .
عرض فرص الإستثمار في الأصول حق سيادي للدولة ، حيث تتنافس الدول فيما بينها على جذب الإستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة ، وتختلف السياسة الإستثمارية وطريقة عرض المشاريع من دولة إلى أخرى .
مطلوب من الحكومة الأردنية الحالية ومن سوف يليها بذل كل الجهود في الترويج للإستثمار بجميع أشكاله ، بعيداً عن الإستعراض وبيع الأوهام ، وإزالة جميع المعوقات التي تمنع تدفقها ، ومطلوب أيضاً خلق الظروف المناسبة من خلال تحديث التشريعات من قوانين وأنظمة وتعليمات فعلاً وليس قولاً ، وتحديث البنية التحتية ، وتحديد ما هي القطاعات الأكثر تنافسية ، وإزالة جميع القيود التي تعرقل أي عملية إستثمارية بما لا يتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا و معتقداتنا وسيادة الدولة .
حمى الله الأردن وأحة أمن واستقرار .
و على أرضه ما يستحق الحياة .
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: جلب الإستثمارات أحمد عبدالفتاح الحکومة الأردنیة ملیار دولار رأس الحکمة
إقرأ أيضاً:
نهج الحكمة
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
يرى كثيرون أنَّ القناعة مع فهم الواقع والتعايش معه، أمرٌ لا يجنح بصاحبه نحو مهاوي الردى، ولا يجعله يشطط وفظًا غليظ القلب ناكرًا للمعروف والجميل الذي تلقاه من هنا وهناك، وحصل عليه بطيب خاطر دون إكراه وعدم القدرة على الإحسان.
ويأتي على أمة أن يكون رعاياها ليسوا في قمة الرضا عن ما تقدمه من خدمات وواجبات وعهود ووعود، وفي المقابل هناك من يحظى فيها، بكل سبل الراحة والطمأنينة والسكينة والسعادة والهدوء.
وفي الحقيقة إذا مر على الإنسان يوم لم يتلقِ فيه ما يزعجه ويكدر خاطره، ولم يصبه في نفسه وأهله وأولاده أية مصيبة أو حادثة، أخذت الصحة والحال والمال، فهو في خير ونعمة من الله تعالى، يجب أن يشكره عليها.
إننا بتنا نرى ونسمع في مختلف أصقاع المعمورة، عمن يركن إلى الهوى والفكر الضال غير المدروس والمتسرع في اتخاذ قرار الابتعاد عن الوطن، لسبب أو لآخر، والزج باسمه ونفسه في قائمة المعارضين والمناشدين للصلاح والإصلاح.
وينتج عن هذه التصرفات تبعات كثيرة ومآلات ضارة غير محمودة الجانب، تفتح العداوات وتثير النعرات، وتدعو إلى زعزعة الاستقرار والأمن والأمان، وتسيء إلى السلطات والرموز الوطنية، والى مقدرات البلاد وسائر الإنجازات التي تحققت عليها.
وسلطنة عُمان وهي تعمل في تحقيق تنمية مستدامة تطال الإنسان العُماني أينما وجد، فهي واحدة من تلك الأقطار التي تحترم آدمية الإنسان، بعدم اعتبار إساءاته- إن حدثت- أمرًا يقتضي ضرب الأعناق وهتك الأعراض والنيل من المسيء بأبشع الصور، للانتقام منه، مثل الكثير من دول العالم التي ليس لديها نفس طويل بالصبر على منتقديها، واعتبار الخارجين عليها أعداء لها، فحاشا أن تكون حكومتنا وسلطاننا بهذا الفكر.
لقد تابعنا منذ مدة، ابتعاد البعض عن تراب هذا الوطن ثم عودتهم إليه بعد غياب طويل، وتلك المعاملة الحسنة الطيبة التي وجدوها عندما وطأت أقدامهم أرض عُمان السلام والمحبة، حاصلين على عفو شامل، انطلاقًا من قاعدة "عفا الله عما سلف".
ولقد سُعدنا بذلك النهج الحكيم الأبوي الذي من شيمته الصفح والعفو وغض الطرف عن الإساءة، وكبح جماح النفس بعدم الشروع بالانتقام أو العداء أو الكره، أو الغضب وعدم ضبط النفس، من النيل من المسيء بالعقوبة المغلظة، أو بارتكاب أبشع الأفعال السيئة في حقه.
فما كان من معاملة حسنة وجدوها، هي تربية للمقصر، وإعطاء فرص له، للعدول عن فكره الضال، تشمل العفو عن الزلات، والتجاوز عن التقصير والأخطاء، بالترحيب به، بيد أن الوطن للجميع، ويتسع للجميع، وجميعنا يجب أن نكون في خندق واحد، وصف واحد من أجل وعُمان برمتها.
مما لا شك فيه أنه "إذا خليت خربت"، وهذا قد يكون قانونا في الأرض مستمر حتى قيام الساعة؛ إذ إن الصراع بين الحق والباطل، قائم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ولا غرابة إذن أن يكون هناك من هو شاذ عن القاعدة السوية، وعلى السلطات والنظام العام، التعامل مع ذاك الشذوذ وتلك النماذج، بحكمة وهدوء وعقلانية، وعدم الانجرار وراء الدوافع التي تقسوا على الأنفس، وإلا لن يكون هناك بناء وتقدم وتتطور واحتواء، ومعالجة الأحداث والوقائع بشيء من الهدوء والفكر الراقي والسماحة وإعمال العقل.
نقول دائمًا إن العدل والمساواة أمران يحققان توازناً ورضًا، وانسجاما وتناغما في تقدير الجهود التي تبذل، وما يحدث لدينا في عُمان بانتهاج كل ذلك، إنما يفضي إلى تحقيق معدلات نمو ممتازة، وجعل الجميع في حال من السعادة، وبمكانة مرموقة ومتقدمة، لا يشوبها ظلم ولا نقص، وكل عمل من الممكن أن يعتريه النقص، وكل امرئ يمكن أن يخطئ؛ فالكمال لله وحده.
حفظ الله جلالة السلطان المعظم- أيده الله- عزيزًا كريمًا على سخائه وتفهمه، وشكرًا لحكومتنا الرشيدة وأجهزتها الأمنية على الرحابة والسعة في التعامل برحمة ولطف، مع الأشخاص والشدائد والأحداث، التي ساءت وتسيء، والله نسأل أن يجمعنا على الخير من أجل عُمان وسلطانها المفدى.