محمد الجندي يكتب: كيف تتحكم أمريكا في دول العالم بالدولار؟
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
تحظى الولايات المتحدة بأكبر اقتصاد وقوة عسكرية في العالم، وتمتلك ديونًا تجاوزت 33 تريليون دولار وهذا يعني أنها ليست مجرد تجاوز حدود الاقتراض المعروفة اقتصاديًا، بل تجاوزت حتى الناتج القومي الإجمالي للبلاد. ومع ذلك، يطرح التساؤل: لماذا تستثمر الدول والمؤسسات والأفراد في ديون أمريكا؟
الإجابة ببساطة هي أن جميع الديون مقومة بالعملة الأمريكية، وهي الدولار.
وبطبيعة الحال، تقوم أمريكا بطباعة المزيد من الدولارات كما تشاء. وهذا أدى إلى زيادة التضخم الذي يشهده الاقتصاد منذ منتصف عام 2023، وما زال مستمرا حتى الآن. ولمكافحة التضخم، يتم تطبيق آلية زيادة أسعار الفائدة المعروفة اقتصاديًا. وفورا، تتبعها الدول المرتبطة اقتصاديًا بالولايات المتحدة، مثل الدول المنتجة للنفط والبنك الأوروبي والدول المعتمدة على رؤوس الأموال الساخنة.
ومع ذلك، يفضل معظم المستثمرين استثمار دولاراتهم في سوق البنوك الأمريكية، لأنهم يعلمون أنهم سيحصلون على رأس المال بالإضافة إلى فائدة حتى وإن كانت ضئيلة مقارنة بالدول الأخرى، لانخفاض مستوى المخاطر.
وببساطه لديهم آلة طباعة الدولار فقط في أمريكا أما الدول الأخرى، فتواجه تداعيات هذه الأفعال، ما يؤدي إلى هروب الدولارات منهم. وتستمر هذه الدورة بنفس الوتيرة كل عدة سنوات لأن الدولار الأمريكي هو العملة الاحتياطية العالمية الرئيسيه لغالبية الدول و العديد من الدول تحتفظ باحتياطيات من الدولارات كجزء من احتياطيتها النقدية. وبالتالي، تتحكم الولايات المتحدة في العديد من الاقتصادات العالمية من خلال سيطرتها على العملة الاحتياطية. للبنوك المركزية
وتستخدم الولايات المتحدة وضعها كأكبر اقتصاد في العالم وقوة لتشجيع الدول على اتباع سياساتها الاقتصادية والسياسية المرغوبة سواء بالترغيب أو الترهيب وعلى سبيل المثال، يمكنها فرض عقوبات اقتصادية على الدول التي لا تتبع سياستها أو تنافسها كما حدث مع الصين ثم روسيا ، وهذا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الاقتصادات الوطنية لتلك الدول.
وتتمتع الولايات المتحدة بقوة دبلوماسية كبيرة وتتمتع بتحالفات وشراكات مع العديد من الدول عوضا علي القواعد العسكرية . ويمكنها استخدام هذه العلاقات للتأثير على الاقتصادات الأخرى وتعزيز استخدام الدولار في التجارة الدولية والتعاملات المالية.
وبشكل عام، يمكن القول إن التحكم في العالم بدولارها يعتمد على القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية الهائلة التي تتمتع بها الولايات المتحدة. ومع ذلك، هناك تحركًا عالميًا نحو التنوع (diversify) للعملات او ما يسمي بسلة العملات وهو اللجوء الى مزيج من العملات المستخدمة في التجارة والاحتياطات النقدية لتقليل التعلق الزائد بالدولار الأمريكي وتقليل الاعتماد الشديد عليه وهذا الامر كي يظهر تأثيره يحتاج لتكاتف الدول ذات الناتج المرتفع و يحتاج لوقت قد يمتد لعشرات السنوات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الولايات المتحدة الناتج القومي الإجمالي العملة الأمريكية الدولارات الولایات المتحدة فی العالم من الدول
إقرأ أيضاً:
السياسات التحوطية للبنك المركزي في مواجهة مخاطر الازمات الاقتصادية العالمية
يشهد النظام الاقتصادي العالمي منذ عدة سنوات ازمات اقتصادية ومالية وامنية معقدة بسبب جائحة كورونا والحرب الروسية الاوكرانية والعقوبات الامريكية والاوربية على روسيا والعدوان الاسرائيلي على غزة ولبنان واليمن وسوريا واخرها القرارات الامريكية في رفع الرسوم الجمركية على الصين ودول كثيرة وما زاد من تعقيد الامور الصراع الحالي على قيادة الاقتصاد العالمي بين امريكا والصين لذلك فان هذه الاسباب المتراكمة ادت الى ارتباك في خارطة التجارة العالمية للغذاء والطاقة.
والدليل الازمات الحالية التي اضرت باقتصاديات الدول الكبرى قبل الصغرى هو مانتابعه الان من ارتفاع التضخم الركودي في بعض الدول وتوقعات بتباطئ النمو الاقتصادي والانخفاض في اسعار النفط والانحدار الحاد في الدولار الامريكي بنسبة 9%مقارنة مع معدلاته في كانون الاول /2025 وهو ادنى مستوى من ثلاث سنوات .مما جعل الدول التوجه للاستثمار في الذهب الذي إرتفعت قيمته الى 3500 دولار ويتوقع ان يصل الى 4000 دولار في الربع الاخير من السنة الحالية .
وبما ان الاستقرار الاقتصادي يتحقق بالاستقرار في النظام المالي والنظام النقدي لذلك كانت السياسات التحوطية الاستباقية من قبل البنك المركزي لما متوقع من التطورات في الازمات المقبلة ومواجهة المخاطر ان يكون الاعتماد اساسيا على بناء احتياطيات اجنبية بمستوى يغطي العملة المحلية في التداول والاستيرادات وتسديدات الدين الخارجي والالتزامات الدولية الاخرى . كذلك العمل على تنويع الاحتياطيات وهذا مهم واستراتيجي لتشمل سلة من العملات والذهب والسندات والاوراق المالية والاستفادة القصوى من ارتفاع الذهب لزيادة الاحتياطي الى اعلى حد ممكن .
وهذا فعلا ماقام به البنك المركزي خلال العام الماضي حيث بلغت احتياطياته النقدية الاجنبية بحدود اكثر من 100مليار دولار و163طن من الذهب حيث اعلن مجلس الذهب العالمي ان العراق هو من الدول التي تحتل المرتبة الثامنة والعشرون عالميا والرابعة عربيا في شراء واحتياطي الذهب في 2025 .
وهذا يؤكد ان البنك المركزي يسير بخطى ثابتة لتحقيق اهداف السياسة النقدية في الحد من التضخم والسيطرة على المستوى العام للاسعار كذلك السيطرة على عرض النقد والمحافظة على سعر صرف الدينار ضمن السعر المستهدف للجمهور ومتابعة وتحليل سعر الفائدة المحددة من قبل البنك المركزي بشكل مستمر وبذلك تكون سياسات البنك المركزي اثمرت في مواجهة المخاطر الاقتصادية المتوقعة على المدى المتوسط والبعيد .
وهذا يتطلب من السياسة المالية والقطاعات الاقتصادية الاساسية والوزارات المسؤولة عنها يجب ان تعمل بشكل مشترك وبتنسيق واضح ومحدد مع ادارة البنك المركزي على تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتجاوز الازمات الاقتصادية العالمية والحد من تداعياتها.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام