إسطنبول- رويترز

تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس الاثنين بتصحيح أي أخطاء قد تكون قادت إلى هزيمة حزبه في الانتخابات المحلية في البلاد؛ حيث استفادت المعارضة من المشاكل الاقتصادية ونفور الناخبين الإسلاميين مما أثار حالة من عدم اليقين بشأن خططه الإصلاحية.

وتمثل نتيجة الانتخابات أسوأ هزيمة لأردوغان وحزب العدالة والتنمية بعد أكثر من عقدين في السلطة كما عززت مكانة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو باعتباره أهم منافس للرئيس في المستقبل.

وفي انتخابات أعادت رسم الخريطة السياسية التي هيمن عليها حزب العدالة والتنمية لفترة طويلة، اكتسح حزب الشعب الجمهوري معظم المدن الرئيسية بعد أن فاز بأكبر قدر من الأصوات لأول مرة منذ عقود، كما تغلغل في وسط تركيا المحافظ. وقال محللون إن عزوف الناخبين عن تأييد حزب العدالة والتنمية يعود إلى الضغوط الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع معدل التضخم الذي وصل إلى ما يقرب من 70 بالمئة، علاوة على سياسة أردوغان التي تغذي الانقسام. وأضافوا أن النتيجة تقضي على آمال أردوغان في تعديل الدستور بما يسمح بتمديد فترة حكمه إلى ما بعد 2028 عندما تنتهي فترة ولايته الحالية. فعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية وحلفاءه يتمتعون بأغلبية في البرلمان فإن أردوغان سيحتاج إلى دعم أوسع أو استفتاء ناجح لتعديل الدستور.

وألقى أردوغان خطابا حزينا أمس، قال فيه إن "هذه ليست النهاية بالنسبة لنا لكنها في الواقع نقطة تحول"، مُقرًا بما سماه "فقدان تفوق" حزب العدالة والتنمية. وقال للحشود في مقر حزب العدالة والتنمية بأنقرة "إذا ارتكبنا خطأ فسنصلحه"، دون الإشارة إلى التغييرات التي قد يجريها داخل حزبه أو في السياسة.

وارتفعت الأسهم التركية ولامست الليرة، التي فقدت أكثر من 80 من قيمتها خلال خمس سنوات، أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار في أعقاب الفوز الكبير الذي حققته المعارضة على حزب العدالة والتنمية.

وأجرى أردوغان تحولًا مفاجئًا في السياسة الاقتصادية بعد فوزه في الانتخابات العامة العام الماضي مما أدى إلى رفع أسعار الفائدة بشكل كبير لكبح توقعات التضخم التي زادت في ظل موقفه السياسي غير التقليدي الذي يتخذه منذ سنوات. وطالب أردوغان بالصبر مع تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع تكاليف الاقتراض، وقال وزير المالية محمد شيمشك إن برنامج التقشف سيستمر. لكن مرشحي حزب العدالة والتنمية هُزموا في الانتخابات بمدينتي إسطنبول وأنقرة وحتى في المعاقل المؤيدة بقوة لأردوغان مثل أقاليم بورصة وأفيون قره حصار وأديامان.

وقال ولفانجو بيكولي الرئيس المشارك لشركة تينيو لاستشارات المخاطر السياسية "أعتقد أن الأمر يتعلق أساسا بالاقتصاد وخاصة قصة... التضخم. أعتقد أن الناخبين قرروا معاقبة أردوغان لهذه الأسباب". وأضاف أن حزب العدالة والتنمية فقد السيطرة على المناطق الصناعية حيث يتقاضى كثير من العمال الحد الأدنى للأجور. وتابع أن حزب العدالة والتنمية بشكل عام "عانى بسبب الغطرسة نتيجة الثقة المفرطة"، مشيرا إلى نجاح حزب الرفاه الجديد الإسلامي، الذي ظهر كثالث أكبر حزب في مفاجأة كبيرة بحصوله على نسبة تأييد بلغت 6.2 بالمئة.

وقال محللون إن حزب الرفاه الجديد استفاد من اتخاذ موقف أكثر تشددا من موقف أردوغان ضد إسرائيل بسبب حرب غزة مما ساعد على جذب الناخبين المتدينين بعيدا عن حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية.

وحصل حزب الشعب الجمهوري، حزب مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة، على ما يقرب من 38 بالمئة من التأييد على مستوى البلاد متقدما بفارق تجاوز نقطتين على حزب العدالة والتنمية ومحطما سقف التأييد بنسبة 25 بالمئة الذي تمتع به هذا القرن. ووصفت صحيفة جمهوريت المعارضة ذلك بأنه "نصر تاريخي" لقن أردوغان درسًا.

وحصل إمام أوغلو من حزب الشعب الجمهوري على تأييد بنسبة 51 بالمئة في إسطنبول، أكبر مدينة في تركيا، متقدما بفارق 11 نقطة مئوية على منافسه من حزب العدالة والتنمية رغم إشارة استطلاعات الرأي إلى أن السباق متقارب.

وفاز أوغلو رغم انهيار تحالف من المعارضة بعد هزائم انتخابية العام الماضي ووصل إلى الأكراد وغيرهم ممن هم عادة خارج قاعدة حزب الشعب الجمهوري العلماني. وقال إمام أوغلو (53 عاما) لآلاف من أنصاره المبتهجين مساء الأحد "انتهت فترة حكم الشخص الواحد اعتبارا من اليوم".

وهزم رجل الأعمال السابق، الذي دخل السياسة عام 2008، مرشح أردوغان في الانتخابات المحلية قبل خمس سنوات منهيا حكم حزب العدالة والتنمية وأسلافه الإسلاميين الذي استمر 25 عاما في المدينة. ويوصف الآن بأنه منافس رئاسي.

وقال أونور هيزميتجي، وهو محاسب يبلغ من العمر 42 عاما "لم نصوت لصالح (حزب العدالة والتنمية) بسبب الظروف الاقتصادية والوعود التي لم يف بها"، موضحا أنه ظل يصوت لحزب العدالة والتنمية على مدى الخمسة عشر عاما الماضية. وأضاف "على جميع الأطراف الابتعاد عن الاستقطاب والقيام بشيء لبلادنا من خلال الوحدة... سئم الناس من القتال والجدال".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بينها اليمن.. أسوأ 8 اقتصادات في 2025

أظهرت قائمة أنجزتها "براند فيجين" (Brand Vision) المتخصصة في رصد العلامات التجارية، أن سوريا تتصدر قائمة أسوأ ثمانية اقتصادات في العالم، يليها السودان واليمن، إضافة إلى كل من فنزويلا ولبنان وهايتي وأفغانستان والأرجنتين على التوالي، ما يعني أن الدول العربية المصنفة بين الأفقر عالمياً تشكل 50% من هذه اللائحة.

 

وفي مشهد عالمي متغير باستمرار، توضح الدول ذات أسوأ الاقتصادات في عام 2025 التأثير المدمر للصراع أو سوء الإدارة أو الأزمات المالية. وبعض هذه الدول مزقتها الحروب وانهار ناتجها الإجمالي بسبب العنف والعقوبات، في وقت إن دولاً أخرى متوسطة الدخل محاصرة في دورات متكررة من التضخم وفشل السياسات. ورغم الاختلافات الشاسعة في الجغرافيا والسياق، فإن كل حالة تؤكد العواقب الإنسانية للانحدار الاقتصادي الشديد المتمثل بمظاهر الفقر المتزايد والهجرة الجماعية والتضخم المفرط وتفكك الهياكل الاجتماعية.

 

وتصنف هذه القائمة الصادرة الخميس البلدان ذات أسوأ اقتصادات في عام 2025، من خلال فحص المؤشرات الرئيسية التي تحدد انحدارها، بدءاً من النمو السلبي للناتج المحلي الإجمالي والتضخم المتصاعد إلى البطالة المزمنة وعدم الاستقرار السياسي. وبدعم من بيانات صندوق النقد والبنك الدوليين ومصادر أُخرى موثوق بها، يسلط التقرير الضوء على التطورات الاقتصادية الأخيرة والأسباب الجذرية وراء صراعاتها. ورغم أن بعض الدول تواجه عقبات فريدة مرتبطة بالصراع، فإن دولاً أخرى تشترك في فخاخ مشتركة مثل انهيار العملة أو أعباء الديون غير المستدامة.

 

1 – سورية

 

وفي التقرير أن سورية تأتي في طليعة البلدان ذات أسوأ الاقتصادات بسبب أربعة عشر عاماً من الحرب الأهلية المدمرة التي اندلعت في عام 2011، حيث أدى الصراع إلى تدمير البنية التحتية، وإجبار الملايين على ترك منازلهم، ودفع الإنتاج إلى ما يقرب من التوقف. وانكمش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنحو 64% منذ بدء الحرب، ولا تزال أي ومضات من النشاط الاقتصادي غير رسمية أو مرتبطة باقتصاد الحرب. ومع بداية عام 2025، تشير التقارير إلى معدلات نمو سلبية متكررة، مثل انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 3.5% في 2022 و3.2% إضافية في عام 2023، مما ترك دخل الفرد عند مستويات منخفضة تاريخياً. وتعكس هذه الاتجاهات المدمرة تفككاً كاملاً للسوق المحلية النابضة بالحياة في سورية ذات يوم، فقد تحولت المراكز التجارية إلى أنقاض، ويكافح النظام المنهك لاستعادة حتى الحد الأدنى من الحياة الطبيعية.

 

كما أن العقوبات وسقوط العملة والتضخم المفرط في السلع الأساسية كلها عوامل تغذي انحدار سورية إلى واحد من أسوأ الاقتصادات. وعلى مدى العامين الماضيين، فقدت الليرة السورية نحو ثلثي قيمتها، مما أدى إلى تضخم يقدر بنحو 40% رسمياً، لكن من المرجح أن يكون أعلى في المعاملات اليومية. وفي الوقت نفسه، لا يزال نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في وقت إن السلع الأساسية من الخبز إلى الدواء بالكاد يمكن تحملها. يُضاف إلى ذلك أن إحصاءات البطالة غير موثوق بها، رغم أن التقديرات المحلية تضع معدلاتها عند مستويات مرتفعة للغاية. كما لا يوجد أمل يُذكر في إعادة الإعمار الشامل من دون حل سياسي واضح.

 

2 – السودان

 

في السودان، أدى انزلاق البلاد إلى الفوضى لدفعها بين البلدان ذات أسوأ الاقتصادات في عام 2025. فبعد عقود من التحولات المضطربة، أدى تجدد القتال بين الفصائل العسكرية المتنافسة في إبريل/ نيسان 2023 إلى تحطيم أي أمل بالاستقرار. ويرسم البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي صورة قاتمة لهذا البلد، بعدما انكمش الاقتصاد بنسبة غير مسبوقة بلغت 37.5% عام 2023 وحده، حيث سقطت البنية التحتية والإنتاج الزراعي والشركات الصغيرة ضحية للصراع. ويمحو مثل هذا الانخفاض الحاد علامات التعافي المتواضع السابقة ويدفع دخل الفرد إلى مستويات منخفضة كارثية. وفي ظل غياب هياكل الحكم العاملة في مناطق الصراع، من المرجح أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكبر عام 2024، بما يجعل اقتصاد السودان المنهك أقل من نصف الحجم المسجل قبل بضع سنوات.

 

ومن أسوأ المؤشرات ارتفاع التضخم المفرط الذي بلغ نحو 146% عام 2023، مدفوعاً باعتماد الحكومة على طباعة النقود لتغطية عجزها المتضخم. وتعمل العقوبات وهروب رأس المال على تضخيم انهيار العملة، مع تدهور مستمر للجنيه السوداني. كما ارتفعت معدلات الفقر، ليعتمد أكثر من نصف السكان الآن على المساعدات الإنسانية، وتواجه مجتمعات بأكملها ظروفاً أشبه بالمجاعة. ويظل الدين موضوعاً غامضاً. وإلى أن تتفق الأطراف المتحاربة على سلام دائم وتبدأ جهود إعادة البناء الحقيقية، تظل آفاق البلاد قاتمة بشكل مثير للقلق، مما يوضح كيف يمكن للصراع أن يحول الأزمة بسرعة إلى واحد من أكثر الانهيارات الاقتصادية حدة في العصر الحديث.

 

3 – اليمن

 

منذ عام 2015، دمرت الحرب الأهلية كل قطاع في اليمن تقريباً، ما أدى إلى حالات ركود متكررة وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50%. وقد وفّر وقف إطلاق النار عام 2022 فترة راحة قصيرة، لكن الحصار والتوترات المستمرة تبقي الاقتصاد الرسمي في حالة يرثى لها. فقد انخفضت صادرات النفط التي كانت في السابق تشكل أساساً للإيرادات. وحتى احتمالات النمو المتواضعة أصبحت ملغاة بسبب تدمير البنية التحتية والحوكمة المتصدعة. وبحلول عام 2025، يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل بكثير من أرقام ما قبل الحرب، مما يؤدي إلى كارثة إنسانية هائلة، حيث أصبح الملايين على شفا المجاعة.

 

وينبع التضخم في اليمن من تفتت العملة وانقطاع سلسلة التوريد. ورغم أن أرقام التضخم الرسمية تتراوح في خانة العشرات، فإن التجربة المعيشة أكثر قسوة، خاصة بالنسبة للغذاء والوقود. ومع سيطرة سلطات الحوثيين على البنك المركزي الشمالي وتولي الحكومة المعترف بها دولياً إدارة جهاز العملة الجنوبي، يعاني الريال اليمني من انخفاض مستمر في قيمته. كما تكابد غالبية السكان البطالة على نطاق واسع، ويعيش نحو 80% منهم تحت خط الفقر. وإلى جانب آفاق إعادة الإعمار الضئيلة والاستثمار الأجنبي المباشر الضئيل، فإن البيئة التي تعاني من الصراع المستمر في اليمن تعزز ترتيبها بين أسوأ الاقتصادات في عام 2025، مع القليل من الأمل في الإغاثة ما لم يتحقق اتفاق سلام شامل وتدفق المساعدات.

 

4 – فنزويلا

 

تمثل فنزويلا حالة معقدة من الانهيار الاقتصادي الشديد الناجم عن سوء الإدارة والعقوبات والإفراط في الاعتماد على صادرات النفط. فعلى مدى العقد الماضي، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة مذهلة بلغت 70%، بما يمثل أحد أكبر الانكماشات في زمن السلم التي لوحظت على الإطلاق. وقد أدى التضخم المفرط الذي بلغ ذروته عند 130000% عام 2018، إلى تحطيم القدرة الشرائية للمستهلكين، ما أدى إلى نزوح جماعي لملايين الأشخاص بحثاً عن ظروف معيشية أساسية في أماكن أخرى. وفي عامي 2023 و2024، استمر التضخم في الارتفاع بمستويات مرتفعة للغاية مراوحاً بين 190% و230%. ورغم أن التضخم المفرط الإجمالي قد تراجع قليلاً، إلا أن البوليفار الفنزويلي لا يزال منخفض القيمة بقوة.

 

وفي خضم هذه الاضطرابات، تفاقمت معدلات البطالة والفقر. وفي حين سجلت البلاد نمواً إيجابياً صغيراً عام 2023 بسبب زيادة طفيفة في إنتاج النفط، فإن هذا التحسن بالكاد يُسجل مقارنة بالسقوط الاقتصادي الهائل. كما يظل الدين العام هماً كبيراً مع تخلف البلاد عن السداد، إذ تفتقر فنزويلا إلى بلوغ قنوات الإقراض العالمية منذ عام 2017. ويستمر الجمود السياسي الذي تفاقم بسبب العقوبات الدولية التي تستهدف نظام نيكولاس مادورو، في خنق أي إصلاح شامل. وحتى لو ارتفعت أسعار النفط، فإن نقاط الضعف البنيوية تجعل التعافي الحقيقي بعيد المنال.

5 – لبنان

 

دفع الانهيار المالي الدرامي منذ أواخر عام 2019 لبنان إلى صفوف الدول ذات أسوأ الاقتصادات في العالم. وبعدما كان لبنان مشهوراً بقطاع الخدمات والسياحة النابض بالحياة، يعاني الآن من انهيار غير مسبوق في الناتج المحلي الإجمالي، حيث خسر أكثر من 50% من ناتجه الاقتصادي في أقل من خمس سنوات، لدرجة أن البنك الدولي صنف أزمة لبنان بين أشد ثلاثة انهيارات اقتصادية على مستوى العالم منذ القرن التاسع عشر. كما لا تزال ودائع الناس في المصارف مقيدة وخسرت الكثير من قيمتها بسبب انهيار الليرة اللبنانية.

 

وأحد الأعراض الرئيسية لسقوط الاقتصاد اللبناني هو أزمة العملة. فقد تم ربط الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي عند سعر صرف ناهز متوسطه 1507.5 ليرات لعقود من الزمان، لكن بحلول عام 2023، ارتفع سعر الدولار إلى ما يزيد عن 90 ألف ليرة في الأسواق الموازية، ما أدى إلى زيادة التضخم بثلاثة أرقام. وقد لجأ المواطنون اللبنانيون، الذين فقدوا ثقتهم في النظام المصرفي، إلى التعامل بالدولار من أجل البقاء. ونتيجة لهذا الواقع، ارتفعت معدلات الفقر من نحو 14% قبل الأزمة إلى نحو 44%، حيث يكسب أكثر من نصف السكان أجوراً لا تكفي لتغطية حتى السلع الأساسية. والواقع أن المزيج القاتل من الشلل السياسي الذي سبق انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون وتشكيل حكومة جديدة برئاسة نواف سلام، إضافة إلى الفساد المستشري، لطالما شكل رادعاً لأي خطة إنقاذ أو إصلاح.

 

6 – هايتي

 

تعاني هايتي من حلقة مفرغة من الفوضى السياسية والانهيار الاقتصادي. ورغم تاريخ الكوارث الطبيعية والهشاشة البنيوية، فإن الارتفاع الأخير في عنف العصابات وانهيار الحكم أدى إلى تسريع السقوط. وقد انكمش الاقتصاد لمدة ست سنوات متتالية حتى عام 2024، حيث أظهرت تقديرات الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل -1.9% عام 2023 و-4.2% عام 2024، في وقت إن المناطق التجارية بأكملها في بورت أو برنس مشلولة فعلياً بسبب الجماعات المسلحة، ما أدى إلى توقف أي تجارة أو نشاط طبيعي.

 

وما يزيد من تفاقم الأزمة الفقر المستشري وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع. ويحتاج أكثر من نصف السكان إلى مساعدات عاجلة، ويؤدي الانهيار شبه الكامل في التوظيف الرسمي إلى تعزيز الهجرة الجماعية. وارتفع التضخم إلى ما يزيد عن 49% عام 2023، قبل أن ينخفض ​​​​قليلاً بسبب انحسار الطلب، بما يعكس أن العديد من الأسر تفتقر إلى المال لأي شيء يتجاوز الضروريات الأساسية. كذلك، فإن قدرة الحكومة ضئيلة، لأن الإيرادات الضريبية لا تذكر، والمساعدات الأجنبية تقوم بمعظم العمل الشاق رغم أن المخاطر الأمنية المتزايدة تعوق توزيع الإغاثة. ويؤكد عجز هايتي عن إجراء الانتخابات أو الحفاظ على برلمان فعال، الفراغ السياسي الذي يغذي الأزمة، وكل ذلك في ظل النمو السلبي المستمر والفقر المدقع والضعف المؤسساتي حتى عام 2025.

7 – أفغانستان

 

دفع التحوّل الهش لأفغانستان، في أعقاب استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس/آب 2021، البلد إلى قائمة الدول ذات أسوأ الاقتصادات. وسريعاً ما اختفت المساعدات الخارجية التي كانت تمثل سابقاً 40% من الناتج المحلي الإجمالي، ما أدى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20% إلى 30% بين عامي 2021 و2022. وبحلول عام 2023، استقر اقتصاد البلاد قليلاً، ليسجل انتعاشاً بنحو 2.7%، لكن الناتج الإجمالي يظل محدوداً. كما أدى عدم القدرة على الوصول إلى احتياطيات البنك المركزي، إلى جانب العقوبات والقيود المفروضة على توظيف النساء، إلى خنق الإنتاجية بشكل أكبر.

 

ورغم تجنب التضخم المفرط منذ انهيار الطلب وبقاء المعروض النقدي المحدود، فإن أزمة أفغانستان تظل راسخة، إذ يعيش أكثر من 90% من الأسر في فقر، ويعتمد نحو نصف السكان على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. ويواصل المهنيون الماهرون الفرار من البلاد، ما يؤدي إلى استنزاف القدرة على إدارة الخدمات الصحية أو التعليمية الأساسية. ومن الناحية السياسية، يعمل الحكم الاستبدادي لطالبان والعزلة الدولية على ردع الدعم أو الاستثمار الخارجي على نطاق واسع، مما يؤدي إلى إدامة اقتصاد الكفاف. وحتى التحسينات الطفيفة في الزراعة غير كافية لتعويض الانخفاض الهائل في الخدمات والصناعة.

 

8 – الأرجنتين

 

تعاني الأرجنتين بسبب سوء الإدارة المزمن وارتفاع التضخم وضائقة الديون. وعلى مدى العقد الماضي، قوّضت الأزمات المتكررة ما كان ذات يوم اقتصاداً مزدهراً للدخل المتوسط ​​في أميركا اللاتينية. وبين عامي 2023 و2024، ارتفع التضخم إلى 211%، مسجلاً أعلى مستوى منذ أوائل التسعينيات، حيث فقد البيزو الأرجنتيني الكثير من قيمته في أسواق الصرف الموازية. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 2-3% عام 2023 و3.5% عام 2024، بسبب الجفاف الشديد الذي ضرب الصادرات الزراعية وموجة من عدم الاستقرار النقدي. ويعيش أكثر من نصف الأرجنتينيين الآن تحت خط الفقر، وهو مؤشر صارخ على الانهيار في القدرة الشرائية.

 

ويكمن وراء هذه المصاعب عجز الأرجنتين المتكرر عن كبح جماح العجز والحد من إصدار العملات، ما يؤدي إلى دورة من تخفيض قيمة العملة. كما أن التقلبات السياسية التي تضخمت بسبب انتخابات عام 2023 المثيرة للاستقطاب، تؤدي إلى تفاقم الأزمة. وتشير بعض التوقعات إلى إمكانية حدوث انتعاش قوي إذا ترسخت الإصلاحات الجذرية، مثل الدولرة الكاملة. ومع ذلك، فإن سجل الأرجنتين الحافل بالتدابير التي لم يتم تنفيذها بالكامل والانعكاسات السياسية المفاجئة يحد من التوقعات الإيجابية. وإلى أن يتم احتواء التضخم بشكل حاسم وتنفّذ الإصلاحات الهيكلية، تظل الأرجنتين أحد البلدان ذات أسوأ الاقتصادات في عام 2025، حيث تعاني من صدمات العملة المتكررة، والفقر المتصاعد، والتهديد المستمر بالتخلف عن سداد ديونها.


مقالات مشابهة

  • أبرز المرشحين لخلافة أردوغان وفق استطلاع رأي
  • «المركزي» الصيني يتعهد بدعم الشركات الخاصة
  • محمد عيد: حياة كريمة نموذج وطني لتعزيز التكافل والتنمية المستدامة
  • محافظ الشرقية يؤكد أهمية تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية
  • نائب أردوغان يعلن موعد الانتخابات المبكرة
  • هزيمة تاريخية لريال مدريد أمام نجمه السابق!
  • وكالة الفضاء المصرية تشارك في المنتدى العربي العالمي للتعاون الرقمي والتنمية
  • انخفاض كبير في أسعار الوقود بتركيا.. البنزين والديزل يشهدان تراجعًا جديدًا
  • بينها اليمن.. أسوأ 8 اقتصادات في 2025
  • السفارة الأوكرانية بتركيا تعلق بصورة على إهانة ترامب لزيلينسكي.. ما علاقة أردوغان؟