موقع النيلين:
2025-02-07@10:23:48 GMT

???? لماذا حميدتي؟! لماذا السودان ؟!

تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT


ربما يتسائل البعض، ولهم كامل الحق في ذلك: لماذا تربط أي دولة تريد أن تحافظ على سمعتها وصورتها الايجابية، نفسها بشخصية مجهولة الأصل والهوية، وعليها ملايين الملاحظات، ومتهمة بجرائم إبادة جماعية، مثل محمد حمدان دقلو “حميدتي، وتدخل نفسها في حالة عدائية مع عدة شعوب بأكملها، وهل الأمر يستحق؟!

مع الأسف، نعم الأمر يستحق ذلك!
منطقة الساحل الأفريقي، وهو الحزام الأفقي الممتد بعرض القارة الأفريقية من المحيط الأطلسي غربًا حتى البحر الأحمر شرقًا، يزخر بالعديد من الموارد الطبيعية التي لا مثيل لها في العالم.

ثروات نفطية وغازية وتعدينية ويورانيوم خام، بجانب ثروة حيوانية، وامكانيات كبرى لجعل المنطقة (لو تكاملت مع القرن الأفريقي) في شرق أفريقيا ما بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، بأن تصبح سلة غذاء العالم،

كذلك تتميز هذه المنطقة، بأهمية جيوسياسية بجانب أهميتها الجيو-اقتصادية، حيث تسيطر على أهم طرق نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، وهو ما يوفر للقارة العجوز حاجاتها من الغاز والخامات بما يغنيها عن الاحتياج لروسيا، وبأسعار معقولة، بجانب حماية القارة من موجات الهجرة المزعجة، وإعادة بناء البنية التحتية في منطقة بحاجة لكل شيء،

تخيل نفسك دولة لديها أموال كثيرة، وتريد أن تشكل إمبراطورية اقتصادية تحقق أرباح طائلة، وتلعب دور على الساحة الدولية يمنحها مكانة أكبر بكثير من حجم حدودها وقدرات جيرانها الأكبر، ويجعل من بقاءها واستقرارها وازدهارها (مصلحة لكافة القوى العالمية المؤثرة) تمامًا كما أن بقاء إسرائيل، هو الشيء المتفق عليه داخل منظومة الغرب الجماعي،

في هذه الحالة، لديك فرصة مثالية، المستعمر القديم فرنسا، دخل الروس ولعبوا دور كاسحة الألغام لطرده، لكن موسكو لا تمتلك الأموال ولا الديناميكية الكافية لملء هذا الفراغ، ووجودها يزعج الولايات المتحدة وأوروبا وبقية منظومة الغرب الجماعي، هنا يمكنك أن تقدم نفسك للغرب الجماعي بأكمله، دعوني أخرج الروس عبر منحه بعض المكاسب من خلال علاقاتي معه، وأسد الفراغ وأنا جزء منكم بدلاً من الفوضى أو ترك المنطقة للصينيين والروس والإيرانيين، وسألعب دور الوكيل لمصالحكم في إطار علاقة تفيدني وتستفيدون منها،

لكن نجاح هذا المشروع، يصطدم بعقبتين هامتين. الأولى، ضعف الموارد البشرية لدى هذه القوى الطامحة. الثانية، عدم وجود قدرات عسكرية. وفي هذه الحالة يلعب حميدتي، دور حيوي وهام للغاية، حيث يمتلك بحكم خلفيته قدرة على حشد من 2 إلى 5 مليون مقاتل من عرب الشتات الموزعين في المنطقة من موريتانيا إلى السودان، الذين دمر التقسيم الاستعماري، والدولة القومية الحديثة بحدودها وقوانينها منظومة هذه القبائل الاقتصادية، وبسهولة يمكن أن يجندهم لتحقيق حلم تشكيل “كونفدرالية عربية في الساحل الأفريقي”، كذلك حميدتي، لا يمكن أن يتمرد على مشغليه، كونه شخص منبوذ داخل مجتمعه، وبدون دعم خارجي، وعمل شركات الـ PR، لا يساوي شيء في الخارج، كذلك عليه العديد من أدلة الإدانة والإبتزاز، التي تضمن أن يكون عميل طيع!

لماذا السودان؟!
السودان، ليس هو المستهدف في حد ذاته، لكن قيمة وأهمية السودان في كونه النقطة الأخيرة بمنطقة الساحل، المشرفة على البحر الأحمر، وعقدة الوصل أو الربط بين الساحل والقرن الأفريقي، والمعبر الطبيعي للوصول إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا، والأهم الدولة الأكثر تقدمًا في منطقة الساحل، وبمثابة الحلم لكل قبائل الشتات، ليحلوا محل السكان الأصليين، مع امتلاكه بجانب إثيوبيا لمنابع النيل، وهو ما يضمن إخضاع الطرف الأقوى في المنطقة القادر على التصدي لهذه المشروع (مصر) التي تم اخضاعها بالديون، والآن المياه وهي سر وجودها، واستغلال وجود عدم تنسيق بالشكل الكافي بين القاهرة والرياض، وفي حال السيطرة على السودان، فقد تم اطباق الحصار المطلق على القاهرة، وضمان عدم امتلاكها لأي أدوات ضغط على إثيوبيا، وبناء عليها مقايضتها بقبول ما يحدث في السودان مقابل تسهيل حصولها على المياه والسيف مسلط على رقبتها عبر امتلاك إثيوبيا وحلفائها للمحبس، وامكانية غلقه في أي وقت لو تغير الوضع السياسي المصري مستقبلاً،

فيما بعد، ستشكل قوات حميدتي، مورد بشري هام، لإعادة توزيعها في إطار “فيالق أفريقية”، تخدم المشاريع المزمع القيام بها من خطوط نفط وغاز ومزارع ومستوطنات بشرية غربية وغابات مغلقة ومحميات طبيعية للسياحة ومناجم ومزارع، وكذلك لحماية الموانيء في البحر الأحمر والجزر اليمنية في المحيط الهندي،

هذه نبذة بسيطة عن أساس الصراع الحالي على السودان لا في السودان، لحين شرحه بشكل مفصل، في حلقات أنوي تقديمها على اليوتيوب بعنوان “خمسة جيوبوليتيك”،
أخيرًا، هل يمكن لوم أي قوة حتى لو صغيرة الحجم والمساحة والسكان على طموحها لتكون قوى عظمة في المنطقة؟ بالتأكيد لا، والطموح حق مشروع لكل دولة، وفي العلاقات الدولية تقاس الدول بأفعالها لا أحجامها، ربما يمكن لومها على أنها تنتهج ما أسميها سياسة “شايلوك” أي تعمد الإضرار بمصالح الآخرين حتى لو لم يكن هناك حاجة لذلك، وهنا المعضلة، ولكن اللوم الأكبر يوجه لمن يصفون أنفسهم بأنهم “كبار” لكنهم لم يفعلوا ما يقتضيه موقعهم وتاريخهم، وتركوا كل هذا الفراغ، فلا تثريب على من قرر الدخول والعمل على الأرض، ليستغل الأوضاع لصالحه!!

أما من يسطحون الصراع على أنه مجرد خلاف بين جنرالين في السودان أو صراع بين ديمقراطية وعسكرية، فهم حقًا أكثر تفاهة من حتى إضاعة الوقت في نقاش أطروحاتهم، فهم إما “مغفل مفيد” أو “مستفيد”!

كتب (أحمد دهشان)

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

لماذا يدعم ناشطو الديمقراطية السودانيون الجيش الآن؟

في خضم الحرب المدمرة في السودان، بدأ العديد من النشطاء الديمقراطيين الشباب، الذين كانوا في السابق من معارضي الجيش، في دعم القوات المسلحة السودانية بعد أن ارتكبت قوات الدعم السريع فظائع ضد المدنيين.

وهؤلاء النشطاء يرون أن الحرب ليست مجرد صراع على السلطة، بل معركة من أجل بقاء السودان، حيث انضم بعضهم إلى الجيش للمساهمة في الدفاع عن سيادة السودان ضد الميليشيا المدعومة من الخارج، وعلى الرغم من اختلافاتهم السياسية السابقة، تجمعهم الرغبة في حماية مؤسسات الدولة السودانية.



وقالت مجلة "فورين بوليسي"، في تقرير لها ترجمته "عربي 21"، إنه بعد عامين من الحرب الكارثية في السودان، بدأت تلوح بارقة أمل مع تحقيق القوات المسلحة السودانية تقدمًا كبيرًا، مشيرة إلى أنه خلال الأسابيع الأخيرة، استعادت القوات المسلحة السودانية مساحات واسعة في ولايتي سنار والجزيرة، واقتربت من العاصمة الخرطوم، حيث تمكنت من فك الحصار عن مقر قيادتها. وقد أدى تحرير مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، من سيطرة قوات الدعم السريع إلى احتفالات واسعة بين السودانيين، مما أعاد الأمل في العودة إلى ديارهم بعد سنوات من النزوح والمعاناة.

وأشارت المجلة إلى أنه بينما يعزو المراقبون الدوليون هذه الانتصارات إلى الدعم الإقليمي، حيث تدعم مصر وقطر وإيران القوات المسلحة السودانية فيما تساند الإمارات وتشاد قوات الدعم السريع، فإن هناك عاملًا حاسمًا لم يحظَ بالاهتمام الكافي، وهو تعبئة النشطاء الديمقراطيين الشباب الذين كانوا في السابق من أشد المنتقدين للجيش، والذين حمل بعضهم السلاح ضد قوات الدعم السريع، معتبرين الميليشيا أكبر تهديدًا لسيادة السودان ومستقبله.

وأضافت المجلة أن المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، صور النزاع على أنه صراع بين فصيلين متساويين في المسؤولية، لكن على الرغم من ذلك، لم تعد هذه السردية قابلة للاستمرار، كما أن القرار الأخير لإدارة جو بايدن بأن قوات الدعم السريع قد ارتكبت أعمال إبادة جماعية، إلى جانب العقوبات التي فرضت على قادة القوات المسلحة السودانية، بما في ذلك الجنرال عبد الفتاح البرهان، لا يعكسان الواقع المعقد على الأرض.

وأردفت المجلة بأنه بالنسبة للنشطاء الشباب، تمثل القوات المسلحة السودانية مؤسسات الدولة السودانية الشرعية — وإن كانت غير مثالية — فيما يُنظر إلى قوات الدعم السريع على أنها ميليشيا مدعومة من الخارج مسؤولة عن الجرائم البشعة، بما في ذلك أعمال النهب والقتل والعنف المنهجي، مشيرة إلى أنه في المراحل الأولى من الحرب، أنشأت القوات المسلحة السودانية مراكز تجنيد وتدريب تطوعية في جميع أنحاء السودان لمعالجة نقص القوى العاملة لديها، وبعدما كانت تعتمد على قوات الدعم السريع كقوة مشاة قبل النزاع، واجهت القوات المسلحة السودانية فجوة كبيرة بعد تمرد قوات الدعم السريع.

وتابعت المجلة بأن المجموعات الثورية الشابة، التي كانت في السابق من أقوى منتقدي القوات المسلحة السودانية، تدخلت لملء هذا الفراغ، وانحاز أغلبهم إلى الجيش عندما بدأت قوات الدعم السريع في استهداف المدنيين والأقليات العرقية بشكل علني.

ويُعد باسل عبد الحميد، مهندس كهرباء وعضو سابق في لجنة مقاومة حي كلاكلا، مثالاً لهذا التحول، ففي العام 2019، كان عبد الحميد يحلم بسودان مؤسس على العدالة والمساواة والفرص، وكان مشاركًا بشكل عميق في المبادرات الشعبية والاحتجاجات ضد كل من الجيش والأحزاب السياسية المدنية، لكن مع اندلاع الحرب ووحشية قوات الدعم السريع أديا إلى تغيير رؤيته للواقع، حيث غزت قوات الدعم السريع منزله، وأرهبت عائلته، فقرر التطوع مع سلاح المدرعات في القوات المسلحة السودانية.

ولفتت المجلة إلى قصة محمد إبراهيم فاضل، خريج العلوم الفيزيائية، الذي انضم إلى القوات المسلحة السودانية على الرغم من ميوله السياسية الإسلامية ومعارضته السابقة لحكم العسكر، حيث تم اعتقاله أثناء الاحتجاجات ضد اتفاق تقاسم السلطة الذي همش الإسلاميين، ورغم ذلك رأى فاضل أن قوات الدعم السريع تشكل التهديد الأكبر لاستقرار السودان.

وهناك شاب آخر يدعى حسن عبد الرحمن، وهو طالب في درجة البكالوريوس بالمحاسبة المالية، والذي شهد الفظائع التي ارتكبتها الميليشيات في غرب السودان، والتي دفعته للتحالف مع القوات المسلحة السودانية باعتبارها المدافع الشرعي عن سيادة السودان.

وبينت المجلة أن هؤلاء المتطوعين الشباب يؤكدون أن مشاركتهم في النزاع ليست مدفوعة بالربح السياسي، بل برغبة في حماية مؤسسات الدولة السودانية وهزيمة قوات الدعم السريع.



وبحسب المجلة؛ لم يقتصر الأمر على النشطاء الذكور فقط، حيث كان للنساء قوة مركزية في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، وكثير منهن يدعمن الآن القوات المسلحة السودانية حتى وإن لم يحملن السلاح، مدللة على ذلك بقصة جوليا سليم، خريجة جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، والتي كانت مناصرة للتغيير الجذري والديمقراطية في السودان، لكنها بعد الثورة فقدت الثقة في الأحزاب السياسية والجماعات التي تحالفت مع حكومة الانقلاب واستمرت في دعم الجهود ضد انقلاب البرهان لاستعادة الديمقراطية، مؤيدة للجيش السوداني من أجل الحفاظ على الدولة والوحدة الوطنية.

واختتمت المجلة تقريرها بالقول إنه بينما يؤطر المجتمع الدولي الصراع باعتباره صراعًا على السلطة بين جنرالين متجاهلًا دور وتطلعات هؤلاء النشطاء الشباب، إلا أن الحرب بالنسبة للشباب ليست مجرد صراع على السيطرة الإقليمية؛ وإنما معركة من أجل وجود السودان نفسه، مشيرة إلى أن قصص هؤلاء الشبان تتحدى السرديات التبسيطية وتبرز أهمية فهم الديناميكيات الشعبية التي تشكل مستقبل السودان.

مقالات مشابهة

  • مقارنات: جيش الزبير باشا، وجيش حميدتي وجيوش اخري
  • "مدبولي" يستعرض موقف أعمال التنمية بالساحل الشمالي الغربي مع عدد من المستثمرين
  • خطة تنمية الساحل الشمالي الغربي على طاولة رئيس الوزراء ووزير الإسكان
  • مدبولي يستعرض موقف أعمال التنمية بالساحل الشمالي الغربي مع عدد من المستثمرين
  • 20 مليون نازح بالقرن الأفريقي.. تداعيات خطيرة لأزمات متفاقمة تهدد 8 دول
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • قمة طارئة لـ”مجلس السلم والأمن الأفريقي” حول السودان
  • لبينة السودان.. هل يجاور غرب حميدتي شرق حفتر؟
  • لماذا يدعم ناشطو الديمقراطية السودانيون الجيش الآن؟
  • بدر عبدالعاطي: نقف بجانب الشعب السوري الشقيق للعودة إلى دوره الفعال في المنطقة