تعزيز النزاهة من وجود هيئة الخدمات المالية
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
شهدت سلطنة عُمان في مرحلة تأسيس المؤسسات الاقتصادية والمالية وترقيتها لتُصبح مؤسسات متخصصة في تقديم الخدمات ومتابعة القضايا التي تهم المستثمرين والعملاء. ومن هذا المنطلق جاء صدور المرسوم السلطاني السامي رقم (20/ 2024) بإنشاء هيئة الخدمات المالية بهدف إعادة ترتيب هذه المؤسسة وتعزيز نزاهة المؤسسات التي سوف تخضع لها.
المرسوم الجديد قضى بنقل تبعية مكاتب المحاسبة والمراجعة إلى هذه الهيئة الجديدة بالإضافة إلى أعمالها الأخرى السابقة ومنها الإشراف على شركات التأمين والوساطة والأوراق المالية، في حين أن تبعية مكاتب المحاسبة والمراجعة كانت تحت مسؤولية وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قبل ذلك.
ويعد قطاع مكاتب المحاسبة والمراجعة قطاعًا كبيرًا في البلاد ويبلغ عددها 196 مكتبًا، وتدار معظمها من قبل شركات المحاسبة والتدقيق الدولية، بجانب بعض شركات المحاسبة العمانية التي تقوم بإعداد التقارير المالية السنوية للشركات والمؤسسات الخاصة والشركات الحكومية وغيرها من المؤسسات التابعة للمجتمع المدني كالجمعيات المهنية العاملة التي تهم المجتمع العماني. كما أن معظم العاملين في هذه المكاتب هم من الوافدين الذين استغلوا وجودهم وأصبحوا من الحيتان السمان في ظروف سنين قليلة.
ولا شك أنَّ وجود هيئة خاصة على هذه الشركات سوف يُعطي الفرصة للمؤسسة الجديدة بالمتابعة والإشراف على أوضاع الشركات والمؤسسات بصورة أكبر، خاصة وأن معظم التقارير المالية التي تقوم بإصدارها هي للشركات المساهمة العامة المدرجة بسوق مسقط للأوراق المالية وغيرها من الشركات العائلية والفردية. ويرى البعض أنَّ هناك عاملون في بعض شركات المحاسبة والتدقيق غير ملتزمين بكل معايير النزاهة، من حيث تقديم المعلومات والحفاظ على سريتها، خاصة تلك التي تهم الشركات المساهمة العامة؛ الأمر الذي يؤدي إلى استغلال فرص البيع والشراء لأسهم الشركات المدرجة بسوق مسقط الأوراق المالية من قبل بعض الأشخاص قبل أن يعرفها جميع العملاء والمستثمرين في السوق. وهذا الأمر يؤدي إلى إلحاق الضرر للمستثمرين في السوق.
وفي السنوات الماضية، ومنذ إنشاء سوق مسقط للأوراق المالية تمكن بعض الوافدين من الجنسيات الآسيوية والعربية العاملين في مؤسسات الوساطة المالية من استغلال العلاقات مع العاملين في شركات المحاسبة والتدقيق وأصبحوا من الأثرياء في ظرف سنين قليلة بسبب التجاوزات التي حصلت في هذا الشأن. والموضوع يحتاج إلى ذكر الكثير من التفاصيل التي لسنا بصددها اليوم.
لكن وجود هيئة الخدمات المالية من شأنه أن يُعزِّز من مهام شركات المحاسبة والمراجعة للقيام بمهامها بشكل صحيح ومكمّل لباقي القطاعات الأخرى المدرجة في الهيئة، والتي ستقوم خلال الفترة المقبلة بإعداد خطة تنفيذية لحصر تلك المكاتب، وإعادة النظر في قانون تنظيمها وفق ما صرح به سعادة عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي لهيئة الخدمات المالية مؤخرًا.
كما أن إنشاء هذه الهيئة سوف يعزز من نزاهة واستقلال القطاع المالي في السلطنة، وتوسيع أعمالها وقطاعاتها المختلفة، بجانب الإِشراف والرقابة على مهنة المحاسبة والمراجعة بصورة أكبر. ويمهّد هذا العمل إصدار التشريعات والقوانين واللوائح الخاصة لكل قطاع، وبما يتناسب مع طبيعته وتركيبته التنظيمية بهدف تعزيز دور الهيئة في توفير البيئة الاستثمارية المناسبة لتحقيق التنويع الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار، وتطوير القطاع الخاص، ومبادرات العمل والتشغيل، وتعزيز التعاون الدولي.
ولا ننسى أن وجود هذه الهيئة سيتم من خلالها تمكين وتأهيل وبناء القدرات الوطنية للعمانيين في وجود هذا العدد الكبير من خريجي مجالات المحاسبة والتدقيق والمراجعة من المواطنيين من جامعة السلطان قابوس والجامعات الوطنية والأجنبية وفي تخصصات قريبة من المحاسبة. كما أن وجود الهيئة الجديدة سوف تعمل على تعزيز حماية حقوق المستثمرين والمتعاملين مع القطاعات التي تشرف على تنظيمها، بالاضافة إلى تعزيز الثقة في الأسواق المالية والتشجيع على الاستثمار وتحقيق الشمولية الاقتصادية التي نهدف إلى تحقيقها في جميع الأعمال المصرفية والمالية وغير المصرفية. وبذلك يمكننا تعزيز الاستقرار المالي وضمان كفاءة المؤسسات وقدرتها على التعامل في الاسواق وتجاوز التحديات المماثلة أمام هذه المؤسسات بالاضافة إلى إدارة المخاطر والأزمات التي يمكن أن تتعرض لها.
الهئية مع مرور الايام ستصبح مسؤولة عن تنظيم العديد من القطاعات والإشراف والرقابة عليها، وعلى أسواق رأس المال بكافة مكوناتها، بجانب قطاع التأمين ووكالات التصنيف الائتماني وعلى سوق بعض السلع والمنتجات المهمة. وهذه المسؤولية ستعمل على تنظيم وتطوير مكاتب تدقيق الحسابات والارتقاء بمستوى أدائها نحو أفضل مستويات النزاهة والمصداقية، بجانب معالجة الكثير من التحديات المرتبطة بسلامة البيانات ودقة التقارير المالية، وتعزيز الثقة في الأسواق المالية والجهات العاملة بها؛ الأمر يعزّز من مبادئ الشفافية والنزاهة. كما سيؤدي هذا العمل إلى تمكين الكوادر العمانية من العمل والانخراط في مجالات تخصصية جديدة، وتمكينهم واستيعابهم في مهن نوعية أخرى في تلك التخصصات والعمل في مشاريع وطنية كبيرة مستقبلا، بجانب تهيئة البيئة المناسبة للابتكار لتقديم خدمات ومنتجات تلبي حاجة المجتمع العماني سواء في مجال الأوراق المالية أو الخدمات الاستثمارية أو التأمين أو الأمور المالية والمصرفية الأخرى.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حوار مجتمعي مع ممثلي شركات التخصيم والتأجير التمويلي لمناقشة معايير الملاءة المالية
تعقد الهيئة العامة للرقابة المالية تحت رئاسة الدكتور محمد فريد حوار مستمر مع كافة الأطراف ذات الصلة وهم شركاء التنمية لضمان تعزيز الأثر التنموي للتشريعات التي تصدرها الهيئة واستكمالاُ للنهج الذي تتبناه ، لمساعدة الشركات على تطوير أعمالها والهيئة على تحقيق مستهدفاتها وفي مقدمتها وضع التشريعات موضع التطبيق السليم، عقدت الهيئة حواراً مجتمعياً بمشاركة ممثلي شركات التخصيم والتأجير التمويلي الخاضعة لإشراف ورقابة الهيئة بحضور الدكتور إسلام عزام، نائب رئيس الهيئة، لاستعراض معايير الملاءة المالية وفق "بازل 3"، والاستماع لمقترحاتهم وقبل البدء في تطبيقها قريباً.
هيئتا الاستثمار والأبنية التعليمية تبحثان تحفيز القطاع الخاص على المشاركة بمبادرة إنشاء المدارس سعر جرام الذهب عيار 21 في السعودية "القاهرة للدراسات الاقتصادية" يوضح أهمية رفع التصنيف الائتماني لمصر في هذا التوقيت
يمتد الحوار المجتمعي ليشمل باقي ممثلي الشركات المرخص لها من الهيئة بمزاولة انشطة التمويل غير المصرفي وذلك على مدار الأسبوع الجاري، للاستماع إلى مقترحاتهم وارائهم في هذا الشأن.
يأتي الحوار حرصاً على الالتزام بتلك المعايير في كافة جوانب عمل قطاع التمويل غير المصرفي بالفترة المقبلة، وذلك للتأكد من الملاءة المالية والمتطلبات التكنولوجية اللازمة، وفي ضوء سعي الهيئة لخلق بيئة أكثر تشاركية وتفاعلية مع كافة الأطراف ذوي الصلة، تدعيماً للتواصل المباشر، وفقاً لأفضل الممارسات العالمية المطبقة.
أشار الدكتور إسلام عزام، نائب رئيس هيئة الرقابة المالية، إلى أهمية تطبيق معايير الملاءة المالية وفق "بازل 3"، بما أنها تطبق أفضل الممارسات في شأن الرقابة والإشراف على النظام المالي غير المصرفي وتدعيم آليات التحكم في المخاطر، مما يحقق سلامة المراكز المالية، وتوفير البيئة الملائمة للنشاط الاقتصادي وفق أسس سليمة.
وأهاب الدكتور عزام، بالشركات المنخرطة في الأنشطة المالية غير المصرفية، تجربة العمل بالمعايير المُعلنة من الهيئة وموافاتها بالنتائج ومناقشة ما ستتوصل إليه الشركات. كما لفت إلى تطبيق المعايير على كافة شركات التمويل غير المصرفي، وإتاحة الهيئة فترة يمكن فيها للأطراف المعنية توفيق أوضاعها.
استعرضت الدكتورة رحاب طه، مستشار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، معايير الملاءة المالية وفق "بازل 3" في شركات التمويل غير المصرفي، موضحة أنها أول تطبيق لمعايير "بازل 3" على شركات التمويل غير المصرفي. وبيّنت أن الهيئة وضعت شرائح لمعيار كفاءة رأس المال، وأضافت دعامات للتحوّط من التغييرات الاقتصادية؛ ضماناً للاستقرار المالي وسلامة الشركات العاملة في القطاع.
قالت الدكتورة رحاب إن الهيئة أدخلت تعديلات جوهرية على هامش مخاطر التشغيل مع إضافة هامش آخر لمخاطر السوق. كما أدخلت الهيئة تعديلات على مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها ومخاطر التركز الفردي والقطاعي.
تسهم معايير الملاءة المالية وفق "بازل 3" في التأكد من صلابة الملاءة المالية للشركات، مما يدعم المراكز المالية لها، ويحقق الاستقرار المالي للقطاع.
كانت الهيئة العامة للرقابة المالية فتحت باب تلقي المُقترحات بخصوص معايير الملاءة المالية وفق "بازل 3" لشركات التمويل غير المصرفي، في ضوء الشراكة الاستراتيجية بين الهيئة والمؤسسات المالية غير المصرفية، لتعزيز الأثر التنموي للتشريعات والقرارات التنظيمية، واستمراراً لمساعي الرقابة المالية نحو إحداث تطوير دائم لقنوات تواصل مباشرة وفعالة، تعزز تحقيق الأهداف الرئيسية للهيئة والتي يأتي على رأسها تحقيق الاستقرار المالي بالتعاملات المالية غير المصرفية.
وتشمل معايير الملاءة المقترحة لمؤسسات التمويل غير المصرفي وفقاً لمعايير "بازل 3"، معيار كفاءة رأس المال وكذلك الرافعة المالية ومعيار السيولة ومسائل أخرى جميعها تراعي متطلبات إدارة المخاطر التي تمكّن الرقيب من قياس وتحديد التحقق من درجة الاستقرار المالي للأسواق والمؤسسات المالية غير المصرفية، بما يسهم في تعزيز تنافسية القطاع وتطوير قدرته على جذب الاستثمارات بالتوازي مع تلبية احتياجات الأفراد والمؤسسات بشكل مستدام يدعم جهود تحقيق الشمول المالي والتأميني والاستثماري بشكل مستدام ويوفر قدر كبير من الحماية للمتعاملين في الخدمات المالية غير المصرفية.