حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

شهدت سلطنة عُمان في مرحلة تأسيس المؤسسات الاقتصادية والمالية وترقيتها لتُصبح مؤسسات متخصصة في تقديم الخدمات ومتابعة القضايا التي تهم المستثمرين والعملاء. ومن هذا المنطلق جاء صدور المرسوم السلطاني السامي رقم (20/ 2024) بإنشاء هيئة الخدمات المالية بهدف إعادة ترتيب هذه المؤسسة وتعزيز نزاهة المؤسسات التي سوف تخضع لها.

المرسوم الجديد قضى بنقل تبعية مكاتب المحاسبة والمراجعة إلى هذه الهيئة الجديدة بالإضافة إلى أعمالها الأخرى السابقة ومنها الإشراف على شركات التأمين والوساطة والأوراق المالية، في حين أن تبعية مكاتب المحاسبة والمراجعة كانت تحت مسؤولية وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قبل ذلك.

ويعد قطاع مكاتب المحاسبة والمراجعة قطاعًا كبيرًا في البلاد ويبلغ عددها 196 مكتبًا، وتدار معظمها من قبل شركات المحاسبة والتدقيق الدولية، بجانب بعض شركات المحاسبة العمانية التي تقوم بإعداد التقارير المالية السنوية للشركات والمؤسسات الخاصة والشركات الحكومية وغيرها من المؤسسات التابعة للمجتمع المدني كالجمعيات المهنية العاملة التي تهم المجتمع العماني. كما أن معظم العاملين في هذه المكاتب هم من الوافدين الذين استغلوا وجودهم وأصبحوا من الحيتان السمان في ظروف سنين قليلة.

ولا شك أنَّ وجود هيئة خاصة على هذه الشركات سوف يُعطي الفرصة للمؤسسة الجديدة بالمتابعة والإشراف على أوضاع الشركات والمؤسسات بصورة أكبر، خاصة وأن معظم التقارير المالية التي تقوم بإصدارها هي للشركات المساهمة العامة المدرجة بسوق مسقط للأوراق المالية وغيرها من الشركات العائلية والفردية. ويرى البعض أنَّ هناك عاملون في بعض شركات المحاسبة والتدقيق غير ملتزمين بكل معايير النزاهة، من حيث تقديم المعلومات والحفاظ على سريتها، خاصة تلك التي تهم الشركات المساهمة العامة؛ الأمر الذي يؤدي إلى استغلال فرص البيع والشراء لأسهم الشركات المدرجة بسوق مسقط الأوراق المالية من قبل بعض الأشخاص قبل أن يعرفها جميع العملاء والمستثمرين في السوق. وهذا الأمر يؤدي إلى إلحاق الضرر للمستثمرين في السوق.

وفي السنوات الماضية، ومنذ إنشاء سوق مسقط للأوراق المالية تمكن بعض الوافدين من الجنسيات الآسيوية والعربية العاملين في مؤسسات الوساطة المالية من استغلال العلاقات مع العاملين في شركات المحاسبة والتدقيق وأصبحوا من الأثرياء في ظرف سنين قليلة بسبب التجاوزات التي حصلت في هذا الشأن. والموضوع يحتاج إلى ذكر الكثير من التفاصيل التي لسنا بصددها اليوم.

لكن وجود هيئة الخدمات المالية من شأنه أن يُعزِّز من مهام شركات المحاسبة والمراجعة للقيام بمهامها بشكل صحيح ومكمّل لباقي القطاعات الأخرى المدرجة في الهيئة، والتي ستقوم خلال الفترة المقبلة بإعداد خطة تنفيذية لحصر تلك المكاتب، وإعادة النظر في قانون تنظيمها وفق ما صرح به سعادة عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي لهيئة الخدمات المالية مؤخرًا.

كما أن إنشاء هذه الهيئة سوف يعزز من نزاهة واستقلال القطاع المالي في السلطنة، وتوسيع أعمالها وقطاعاتها المختلفة، بجانب الإِشراف والرقابة على مهنة المحاسبة والمراجعة بصورة أكبر. ويمهّد هذا العمل إصدار التشريعات والقوانين واللوائح الخاصة لكل قطاع، وبما يتناسب مع طبيعته وتركيبته التنظيمية بهدف تعزيز دور الهيئة في توفير البيئة الاستثمارية المناسبة لتحقيق التنويع الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار، وتطوير القطاع الخاص، ومبادرات العمل والتشغيل، وتعزيز التعاون الدولي.

ولا ننسى أن وجود هذه الهيئة سيتم من خلالها تمكين وتأهيل وبناء القدرات الوطنية للعمانيين في وجود هذا العدد الكبير من خريجي مجالات المحاسبة والتدقيق والمراجعة من المواطنيين من جامعة السلطان قابوس والجامعات الوطنية والأجنبية وفي تخصصات قريبة من المحاسبة. كما أن وجود الهيئة الجديدة سوف تعمل على تعزيز حماية حقوق المستثمرين والمتعاملين مع القطاعات التي تشرف على تنظيمها، بالاضافة إلى تعزيز الثقة في الأسواق المالية والتشجيع على الاستثمار وتحقيق الشمولية الاقتصادية التي نهدف إلى تحقيقها في جميع الأعمال المصرفية والمالية وغير المصرفية. وبذلك يمكننا تعزيز الاستقرار المالي وضمان كفاءة المؤسسات وقدرتها على التعامل في الاسواق وتجاوز التحديات المماثلة أمام هذه المؤسسات بالاضافة إلى إدارة المخاطر والأزمات التي يمكن أن تتعرض لها.

الهئية مع مرور الايام ستصبح مسؤولة عن تنظيم العديد من القطاعات والإشراف والرقابة عليها، وعلى أسواق رأس المال بكافة مكوناتها، بجانب قطاع التأمين ووكالات التصنيف الائتماني وعلى سوق بعض السلع والمنتجات المهمة. وهذه المسؤولية ستعمل على تنظيم وتطوير مكاتب تدقيق الحسابات والارتقاء بمستوى أدائها نحو أفضل مستويات النزاهة والمصداقية، بجانب معالجة الكثير من التحديات المرتبطة بسلامة البيانات ودقة التقارير المالية، وتعزيز الثقة في الأسواق المالية والجهات العاملة بها؛ الأمر يعزّز من مبادئ الشفافية والنزاهة. كما سيؤدي هذا العمل إلى تمكين الكوادر العمانية من العمل والانخراط في مجالات تخصصية جديدة، وتمكينهم واستيعابهم في مهن نوعية أخرى في تلك التخصصات والعمل في مشاريع وطنية كبيرة مستقبلا، بجانب تهيئة البيئة المناسبة للابتكار لتقديم خدمات ومنتجات تلبي حاجة المجتمع العماني سواء في مجال الأوراق المالية أو الخدمات الاستثمارية أو التأمين أو الأمور المالية والمصرفية الأخرى.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تعزيز التعاون المصري - الليبي في مجال الخدمات الملاحية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقبلت الشركة الوطنية لخدمات الملاحة الجوية وفدًا رفيع المستوى يضم ممثلين عن أكاديمية مصر للطيران للتدريب، ومقدم الخدمات الملاحية الليبي، وأكاديمية أجنحة السماء لعلوم الطيران الليبية، وذلك بمقر مركز القاهرة للملاحة الجوية.

يأتي ذلك في ضوء توجيهات الدكتور سامح الحفني، وزير الطيران المدني، لتعزيز التعاون على المستويات المحلية والإقليمية والدولية وتبادل الخبرات في مختلف أنشطة الطيران المدني، ووفقًا لرؤية الشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية بتوجيه من المهندس أيمن فوزي عرب لتدريب الكوادر من الدول الإفريقية والدول الشقيقة في كافة المجالات، خاصة في المجال الملاحي.

جاءت هذه الزيارة في إطار تعزيز التعاون المشترك لتدريب ضباط المراقبة الجوية الليبيين، ضمن تفعيل بروتوكول الشراكة مع أكاديمية مصر للطيران للتدريب.

شملت الفعاليات عرضًا مرئيًا تناول الأنشطة المختلفة للشركة الوطنية لخدمات الملاحة الجوية وإنجازاتها في مجال التدريب المتخصص على المستويين المحلي والإقليمي. كما تم تسليط الضوء على التعاون مع الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية (EAPD) لتدريب الكوادر الإفريقية في مجال الملاحة الجوية.

تضمنت الزيارة جولة في محاكي تدريب المراقبة الجوية بمركز القاهرة للملاحة الجوية (TBS) للاطلاع على الإمكانيات الفنية والتقنية المتاحة. كما ناقش الجانبان الإجراءات التنفيذية لتداول الحركة الجوية وآليات الربط التشغيلي بين المجالين الجويين المصري والليبي، بهدف تحسين إدارة الحركة الجوية بين البلدين.

وفي هذا السياق، صرح المهندس أيمن فوزي عرب، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية، بأن هذه الخطوة تأتي في إطار خطة الشركة لدعم الأشقاء الأفارقة في مجالات الملاحة الجوية والمطارات، مما يساهم في تحسين كفاءة تداول الحركة الجوية بين مصر وليبيا خلال الفترة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • شكشك يؤكد على أهمية الشراكة مع المجتمع المدني في تعزيز الشفافية والمساءلة
  • تقرير هيئة النزاهة ومكافحة الفساد: توصية مهملة تكشف عمق التجاوزات / وثائق
  • «السبكى» يبحث تطوير منظومة الأجهزة الطبية في مستشفيات الهيئة
  • رئيس «الرقابة المالية» يشدد على تطوير معايير المحاسبة
  • الرقابة المالية: تطوير وتحديث شامل لمعايير المحاسبة المصرية لمواكبة الممارسات العالمية
  • رئيس «الرقابة المالية»: تطوير معايير المحاسبة لمواكبة الممارسات العالمية
  • رئيس الرقابة المالية: نفذنا خطة تطوير وتحديث شاملة لمعايير المحاسبة المصرية
  • رئيس الرقابة المالية يستعرض خطة تطوير وتحديث شاملة لمعايير المحاسبة المصرية
  • تعزيز التعاون المصري - الليبي في مجال الخدمات الملاحية
  • استجابة للوفد.. هيئة الدواء تستجيب لدعوة الشعبة دعما لقطاع شركات التوزيع والمخازن