العشر الأواخر من رمضان
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
د. خالد بن علي الخوالدي
نعيش نفحات وروحانيات العشر الأواخر من شهر رمضان المُبارك، لم يتبق إلّا أيام قليلة لهذا الضيف المُبارك الذي يأتي ويرحل بصورة سريعة، قبل أيام قلنا أهلًا بشهر الصوم وتبادلنا التهاني والتبريكات وها هو ضيفنا عجولًا كعادته، فأكرموه قبل الرحيل وأكثروا فيه من العمل الصالح الذي ينفعكم في دنياكم وآخرتكم.
شهر رمضان المُبارك يُمثل دورة تدريبية واقعية، فخلال هذا الشهر الفضيل نتدرب على الصبر والعطاء والتسامح والعفو والصفح والغفران والصدقة وملازمة قراءة القرآن والصلاة وقيام الليل والذكر وغيرها من الأعمال الصالحة، وطالما تعودنا على هذه الأعمال التي تقربنا إلى الله زلفى فلماذا لا نُواصل عليها في بقية الشهور؟ لقد تعودنا فلماذا التفريط وهدم كل ما تحقق بمجرد انتهاء الشهر الفضيل.
وأهم قيمة وخلق يعلمنا إياه الصيام هو الصبر، والصبر صبر على الطاعة وصبر عن المعصية وصبر على مشاق الحياة المُختلفة والابتلاءات وغيرها. والصبر فضيلة لا يستطيع تحملها إلا فئات محدودة من البشر لذا أجره عظيم وثوابه جزيل فقد جعل الله ثواب وأجر الصابرين مفتوح حيث قال المولى سبحانه "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ" (الزمر:10) اغتنموا هذا الأجر الكبير واصبروا على زوجكم وأولادكم وإخوانكم وأحبابكم واصبروا على المرض وعلى متاعب الحياة تفلحوا.
والصبر عن شهوة الطعام من أهم الرسائل الإيمانية التي نتعلمها من صيام شهر رمضان المبارك، وفي هذه النقطة بالتحديد يُخالف البعض الهدي النبوي الشريف حيث نجد أن البعض تعود الاهتمام ببطنه في هذا الشهر الفضيل فلا يعجبه إذا كانت سفرة الطعام عند الفطور قصيرة وليس بها أصناف متنوعة من المأكولات والمشروبات، والأدهى والأمر أنه بدل لا يقول شكرا وما قصرتوا ينتقد هذا الصنف ويذم تلك الطبخة ويتأفف ويتنازع ويعلو صوته وقد توصل الأمور إلى المشادة الكلامية، ومن خلال هذه الرسالة القصيرة نقول هون على نفسك أيها الصائم الكريم وقدم الشكر والثناء وكلمات اللطف والمحبة لمن جهز لك الفطور واحمد الله على نعمه فهناك أسر كثيرة قد لا تجد ما تفطر به بينما قد ترمون أصناف وأصناف في حاوية القمامة.
وبما أننا في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المُبارك والتي يتحرى الصائمون فيها ليلة القدر التي تعد خير من ألف شهر، وفضلها معروف، فعلينا جميعًا قيامها وحث أهلنا عليها وتحبيبهم في فضائلها، ونأسف كل الأسف لفئات من النَّاس التي تتحرى الأسواق والمراكز التجارية وعلى ضوء ذلك نرى الزحمة والطوابير الطويلة في كل مكان.
رسالتي الأخيرة هي استغلال الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك بالصدقة وتلمس حاجة أقاربكم وإخوانكم وأهلكم، فربما يعانون من قصور في جانب معين فنحن على أبواب العيد السعيد، أنشروا الفرحة والسعادة في وجوههم ووجوه أطفالهم، ساعدوهم قدر الإمكان وتصدقوا عليهم بما تملكون من مال الله، ولا تذهبوا بعيدًا بصدقاتكم؛ فالقريب أجره مضاعف، فهي صدقة وصلة، بينما للبعيد صدقة فقط، تقبل الله منكم صيامكم وقيامكم وصالحات أعمالكم، وكل عام وأنتم بخير.
ودُمتم ودامت عُمان بخيرٍ.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فضل صيام شعبان.. «سُنَّة قبلية استعدادا لفريضة رمضان»
يعتاد المسلمون في شهر شعبان على الإكثار من العبادات والأعمال الصالحة، خاصة وأنه من الأشهر المباركة التي تقربهم من شهر رمضان الكريم، ومن هذه العبادات المستحبة فيه هي الصيام، إلا أن البعض قد لا يعلم فضل صيام شعبان، وهو ما يستعرضه هذا التقرير بناء على ما ذكرته دار الإفتاء المصرية.
فضل صيام شعبانقالت هيئة كبار العلماء التابعة للأزهر الشريف، عبر صفحتها الرسمية على «فيس بوك»، إنه يستحب صيام يوم النصف من شعبان لأنه أحد الأيام البيض التي يسن صيامها لقول أَبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عنه: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ: بصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنامَ متفقٌ عَلَيْهِ؛ ولقول أبي ذر رضي الله عنه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صمت شيئاً من الشهر فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة». [أخرجه الترمذي والنسائي].
وأكدت دار الإفتاء، عبر «فيس بوك»، أنه يجوز صيام النصف الثاني من شعبان، خاصَّة إذا وافق عادةً للمسلم، كصيام يومي الاثنين والخميس، أو قضاء أيام فائتة أو نذر أو غيرها من أنواع الصيام التي لها سبب.
صيام شعبانوقال مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، عن فضل صيام شعبان، إن الصوم في شعبان بمنزلة السُنة القبلية في صلاة الفريضة؛ فإنها تهيئ النفس وتنشطها لأداء الفرض، ولذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصوم فيه؛ فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْته فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ» متفق عليه.
وأضاف «البحوث الإسلامية» أن هذا دليل على أنه كان يخص شهر شعبان بالصوم أكثر من غيره، كما أن السلف الصالح كانوا يجتهدون فيه في العبادة؛ استعدادًا لاستقبال شهر رمضان، وفي هذا المعني قول أبي بكر البلخي: «شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع».
وتابع، أنه قد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة من كثرة صيامه فيه؛ فعن أسامة بن زيد –رضي الله عنهما-، قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال:«ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة.