أعلنت أوكرانيا، اليوم الخميس، أن قواتها استعادت قرية في مقاطعة دونيتسك شرقي البلاد وسط معارك عنيفة مستمرة مع القوات الروسية، في حين تحدث الرئيس الروسي عن خسائر كبيرة تكبدتها القوات الأوكرانية في إطار هجومها المضاد المتواصل مع أسابيع.

فقد قالت آنا ماليار، نائبة وزير الدفاع الأوكراني، أن قوات بلادها سيطرت على قرية ستارومايورسك وتنفذ عمليات تمشيط داخلها.

ونشر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لقطات للسيطرة على القرية على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، وأظهرت المشاهد جنودا أوكرانيين يرفعون علم بلادهم في القرية.

ومنذ بدء هجومها المضاد في الرابع من يونيو/حزيران الماضي، استعادت القوات الأوكرانية قرى وبلدات في دونيتسك (شرق) وكذلك في مقاطعة زاباروجيا (جنوب شرق)، لكن التقدم كان بطيئا بسبب حقول الألغام والتحصينات القوية التي أقامها الروس في الأشهر القليلة الماضية.

وأقر الرئيس الأوكراني مؤخرا بأن الهجوم المضاد يسير بوتيرة أبطأ مما هو متوقع، لكنه تحدث مساء أمس الأربعاء عن نتائج جيدة جدا تتحقق في جبهات القتال، دون تقديم تفاصيل عن ذلك.

وفي المقابل، وصف الرئيس الروسي فلاديميير بوتين الهجوم الأوكراني المضاد بالفاشل.

وكانت نائبة وزير الدفاع الأوكراني قالت في وقت سابق إن قوات بلادها تتقدم تدريجيا جنوب مدينة باخموت بدونيتسك وسط معارك وصفتها بالصعبة للغاية.

كما قالت ماليار إن القوات تتقدم نحو مدينتي ميليتوبول وبرديانسك الخاضعتين للسيطرة الروسية في زاباروجيا على بحر آزوف، مشيرة إلى أنها تواصل صد التقدم الروسي باتجاه مدينتي ليمان بدونيتسك وكوبيانسك في زاباروجيا، اللتين استعادتهما أوكرانيا العام الماضي.

وكشف مسؤولون أوكرانيون أمس الأربعاء أن كييف بصدد تلقي شحنة تضم 1700 طائرة مسيرة هجومية واستطلاعية للمساعدة في الهجوم المضاد.

بوتين قال إن أوكرانيا لم تحقق أي نجاح في هجومها المضاد المستمر منذ أسابيع (الأوروبية) خسائر كبيرة

وعلى هامش القمة الروسية الأفريقية في سان بطرسبرغ، أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الخميس بازدياد وتيرة المعارك مع القوات الأوكرانية، خاصة على محور زاباروجيا.

وقال بوتين في تصريحات للصحفيين إن تلك القوات تكبدت خسائر كبيرة خلال هجومها الأخير، مضيفا أن أوكرانيا لم تحقق أي نجاح في أي مكان على الجبهة.

من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها صدها هجمات في محاور بدونيتسك بينها محور باخموت وأيضا في زاباروجيا.

حصار الموانئ

في غضون ذلك، قالت المتحدثة باسم قيادة عمليات الجنوب الأوكرانية ناتاليا هومنيوك اليوم الخميس إن روسيا عززت حصارها للموانىء الأوكرانية منذ انسحابها من اتفاق الحبوب.

وأضافت هومنيوك في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية أن "ما يحدث حاليا هو أن كافة الموانئ تقريبا مغلقة. ولا يمكن لأي سفينة المغادرة".


وعلى الرغم من تلقي كييف وسائل دفاع جوي بينها منظومة باتريوت الأميركية، أوضحت المتحدثة الأوكرانية أن روسيا "تحسن  تكتيكاتها في كل مرة ولا تتوقف".

وأشارت إلى القوات الروسية تقوم في وقت واحد بإطلاق صواريخ كروز وأخرى فرط صوتية وأخرى مضادة للسفن، مما يؤدي إلى تشتت وسائل الدفاع، موضحة أن الأخيرة "غير قادرة على مواجهة هذا التهديد".

وشددت هومنيوك على أن القوات الأوكرانية تحتاج إلى دفاع جوي ومضاد للصواريخ، معزز وقوي وحديث، يستطيع التصدي لأنواع الصواريخ الروسية، قائلة إنها تحتاج أيضا إلى مقاتلات أميركية من طراز إف-16 قادرة على استهداف أنظمة الأسلحة والسفن الروسية المستخدمة لاستهداف جنوب أوكرانيا.

وفي تصريحات متزامنة للجزيرة، قالت هومنيوك أن بلادها قادرة على تأمين ممر لتصدير الحبوب إذا اتفقت الأطراف على ذلك، مضيفة أن أوكرانيا قادرة على استهداف أي سفينة ترى أنها تشكل تهديدا لها.

وبعد استهداف الجسر الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم للمرة الثانية في أقل من عام، شنت القوات الروسية في الأيام القليلة الماضية سلسلة من الهجمات على أهداف تقع في نطاق موانئ تصدير الحبوب بجنوب أوكرانيا، لاسيما في أوديسا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القوات الأوکرانیة خسائر کبیرة قادرة على

إقرأ أيضاً:

الحرب الروسية الأوكرانية ولحظة البحث عن السلام

صمتت المدافع وتوقفت المسيرات في المسافة بين روسيا وأوكرانيا عشية عيد الفصح، وسُجل وقف هش ونادر لإطلاق النار على كل الجبهات، رغم الاتهامات المتبادلة بخرق الهدنة من الجانبين، لكن الأمر لم يدم طويلا، وعادت الحرب دون أن يكون للأجواء الروحية التي سادت يوم الفصح أي تأثير حقيقي على غرف عمليات القتال في الجانبين.

لكن لماذا سمح العالم لمثل هذه الهدنة أن تمر مرورا عابرا دون وقفة تأمل حقيقية وعميقة حول الحرب. كانت ثمة مناسبة، وثمة فرصة ملحة للتفكير في الحرب، وتأثيرها ومآلاتها، وضحاياها وآلامها، وكان الفصح المقدس في روسيا وفي أوكرانيا وفي الغرب عموما مناسبة تستحق، خاصة وقد هدأ ضجيج المدافع والطائرات، لحظات تأمل منطقي حتى في لحظة روحية تتخطفها العاطفة أكثر مما يحضر فيها المنطق، وذلك من أجل حرب استمرت حتى الآن أكثر من ثلاث سنوات وأزهقت عشرات الآلاف من الأرواح وغيرت أخلاق أوروبا قبل سياساتها.. لماذا لم تتحوّل هذه الهدنة، التي خلقتها لحظة روحية نادرة، إلى نقطة انطلاق لشيء أعظم، وأكثر واقعية؟ ولماذا لم يتحول الاحتفال الروحي إلى فرصة سياسية فيها من الخير الكثير ليس لروسيا وأوكرانيا ولكن للعالم أجمع؟

ليس في هذا تسطيح للحرب، ولكنه طرح واقعي يستند إلى الكثير من دروس التاريخ، خاصة وأن هذه الحرب لا تتعلق فقط بموضوع النصر والهزيمة ولكنها تتعلق بالنتائج أكثر من أي شيء آخر.

لكن النتيجة الجوهرية في هذا المسار تتعلق بمصير أوكرانيا تحديدا هل تكون قاعدة أمامية للغرب، أم تكون تابعة لروسيا؟

لكن دروس التاريخ تُعلمنا أن الصراعات التي تُختزل في معادلة النصر والهزيمة غالبا ما تُفضي إلى أطراف منهكة لا إلى حلول عادلة. ولعل التجربة الأوكرانية نفسها، بكل تعقيداتها الجغرافية والتاريخية، تفتح الباب أمام خيار ثالث لا يقوم على الاستقطاب، بل على التوازن. خيار لا يرى في أوكرانيا ساحة صراع بين الشرق والغرب، ولكنه جسر يمكن أن يصل بينهما، إذا ما تحررت من ضغوط المعسكرين، واختارت طريقها الخاص، كدولة مستقلة تجمع الفرقاء حول طاولات الحوار.

قد يبدو تصور مثل هذا التوازن صعبا اليوم، مع تحصن الجبهات وتصلب الخطاب. لكن، دائما ما يكون وسط الحرب وبين الركام أصوات للعقل والحكمة وهي أصوات تستحق أن نسمعها في وقتها لا أن نتحسف على تجاهلنا لها بعد ذلك بسنوات أو عقود!

إن وقف هذه الحرب ليس معاهدة سلام كتلك التي وقعت في أعقاب سقوط جدار برلين وبداية حقبة تاريخية جديدة ولكنه في هذه اللحظة قرار قد يُنقذ الأرواح، ويجنب العالم خطر الانزلاق نحو حرب كونية تعود فيها لغة التهديد النووي إلى الواجهة.

وإذا كان التاريخ يحضر كثيرا عند الحديث عن روسيا وأوكرانيا فإنه يقول بشكل واضح أن كلا من روسيا وأوكرانيا ورغم كل الذي حدث يمكن أن يرى كل منهما الآخر باعتباره شريكا لا عدوا فثمة تاريخ مشترك كبير بين البلدين، والبلدان يشكلان امتدادا لحضارة واحدة متشابكة من حيث الثقافة والدين واللغة وكذلك المآسي والنكبات والآلام والكثير من المعاني التي تجمع بينهما ولا يمكن أن تنبت رغم فداحة هذه الحرب.. والذي يمكن أن يقرب هذا المعنى بين الطرفين، روسيا وأوكرانيا، أوكرانيا بوصفها دولة وليس بوصفها نقطة رمزية للغرب هو حديث المصالح؛ مصلحة وقف الحرب وعودة الأمن ومصلحة العودة للحياة الطبيعية الهادئة والهانئة.

وربما تستطيع أوكرانيا أن تعود إلى المنطق أكثر فيما لو استطاعت أن تتخلص من فكرة أنها تقاتل روسيا الآن بالنيابة عن أوروبا/ الغرب لأن ذلك من شأنه أن يقضي عليها مع استمرار هذه الحرب ويزيد التخلي عنها فالكل في الغرب يبحث عن مصالحه.. وما فعله ترامب خير دليل على ذلك.

والسلام الذي بات أمرا مهما بين البلدين الآن يحتاج واقعية دبلوماسية وفهما عميقا للتاريخ.. وأيضا شجاعة أخلاقية وهذا كله يحتاج إلى الحوار.

وإذا كان عيد الفصح الذي أوقف الحرب ولو لساعات ليست طويلة يعني في التقاليد المسيحية انتصار الحياة على الموت وتجدد الأمل بعد الألم فإن ذلك كان أجدى أن يجعل الجميع وبشكل خاص الروس والأوكران أن يتأملوا الأمر جيدا ويفكروا في منطق وقف الحرب.. وإذا كانت هناك إرادة لوقف إطلاق النار لساعات، فثمة إرادة كامنة لسلام طويل. الأمر لا يحتاج لمعجزة دينية، بل فقط إلى قرار شجاع وواقعي.

وإذا كانت هناك إرادة لوقف إطلاق النار لساعات، فذلك يعني أن السلام بين البلدين ليس مستحيلا، لكنه مؤجل. وما تحتاجه هذه اللحظة التاريخية بينهما ليس أكثر من إرادة سياسية جريئة، واعتراف متبادل بأن كل دقيقة إضافية في هذه الحرب، هي انتكاسة لكل معاني الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • الدفاع الروسية تعلن السيطرة على بلدة أوكرانية جديدة والقضاء على 900 جندي
  • الدفاع الروسية: السيطرة على بلدة أوكرانية جديدة والقضاء على 900 جندي وإسقاط 99 طائرة مسيرة
  • محادثات غربية مرتقبة بشأن أوكرانيا وبوتين يعلّق على مقترح زيلينسكي
  • الحرب الروسية الأوكرانية ولحظة البحث عن السلام
  • "الدفاع الروسية": مقتل 50 عسكريا أوكرانيا على محور كورسك خلال 24 ساعة
  • الدفاع الروسية: خسائر القوات الأوكرانية قبل سريان الهدنة على محور كورسك بلغت 155 عسكريا
  • أوكرانيا: تسجيل 127 اشتباكا قتاليا مع القوات الروسية خلال يوم
  • الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية نفذت 900 غارة ليلا بما في ذلك على منطقة الحدود
  • الدفاع الروسية: أوكرانيا شنت هجمات بـ48 مسيرة وأطلقت 444 قذيفة على مواقعنا
  • الرئيس الأوكراني: روسيا تواصل هجماتها رغم إعلانها وقف إطلاق النار