«جاير أندرسون».. قصة طبيب إنجليزي جعل من مصر موطنه وخُلّد ذكراه بمتحف فريد
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
في قلب القاهرة الفاتنة، يقف متحف جاير أندرسون كشاهد على قصة حب استثنائية بين طبيب إنجليزي ومصر، ففي زمن كانت فيه مصر تحت الاحتلال البريطاني، برز اسم الطبيب جاير أندرسون كأحد أشدّ المحبّين لثقافتها وحضارتها.
ولد جاير أندرسون في لندن عام 1881، ودرس الطب في جامعاتها العريقة، لم يكن أندرسون طبيبًا عاديًا، بل كان شغوفًا بالتاريخ والآثار، وخصوصًا تلك التي تعود إلى الحضارة المصرية القديمة، وفق تقرير أعده قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار، بمناسبة اليوم العالمي للطبيب والذي يحل خلال شهر مارس من كل عام.
في عام 1904، سافر أندرسون إلى مصر للعمل كطبيب في الجيش البريطاني، سحرته مصر منذ اللحظة الأولى، فاتّخذها وطنه الثاني بعد لندن.
من ضابطٍ إلى مُحبٍّ للآثارمع مرور الوقت، ازداد شغف أندرسون بالحضارة المصرية، وبدأ بجمع القطع الأثرية من مختلف أنحاء مصر، لم يكتف أندرسون بجمع القطع الأثرية، بل سعى إلى فهم تاريخها وثقافتها.
منزلٌ يُصبح متحفًافي عام 1935، عثر أندرسون على منزل قديم في منطقة أحمد بن طولون بالقاهرة، أعجب بالمنزل، فقرّر شراءه وترميمه، لم يكن أندرسون يُرمّم منزلًا عاديًا، بل كان يُنشئ متحفًا خاصًا به لعرض مجموعته الأثرية النادرة.
في عام 1942، غادر أندرسون مصر لأسباب صحية، تاركًا وراءه متحفًا فريدًا من نوعه، ضمّ المتحف مجموعة من القطع الأثرية النادرة، التي تُمثّل مختلف عصور التاريخ المصري.
لم تكن قصة أندرسون قصة ضابط بريطاني احتل مصر، بل كانت قصة حب أبدية بين طبيب مُحب للحضارة المصرية وبلد الفراعنة.
يُمثّل متحف جاير أندرسون رمزًا للحب والاحترام بين الثقافات المختلفة، ففي زمن كانت فيه مصر تحت الاحتلال، برز أندرسون كأحد أشدّ المُحبّين لثقافتها وحضارتها، ويُعدّ متحف جاير أندرسون وجهة لكل مُحب لمصر وتاريخها، ففي هذا المتحف، سيكتشف الزائر شغف طبيب إنجليزي بمصر، وكيف تحوّل هذا الشغف إلى متحف فريد من نوعه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جاير أندرسون متحف جاير أندرسون المتاحف السياحة جایر أندرسون
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الإمام البخاري أنموذج علمي فريد في تاريخ الأمة
أكد فضيلة دكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال كلمته بمعهد الإمام البخاري بطشقند، أن الإمام البخاري يمثل أنموذجًا علميًّا نادرًا يجمع بين الغيرة الصادقة على الدين، والدقة البالغة في النقل، والفهم العميق لمعاني الوحي.
وأشار إلى أن أعظم ما يميز شخصية هذا الإمام الجليل هو موقفه من السنة النبوية المطهرة، حيث لم يتعامل معها بوصفها مرويات سردية، بل بوصفها مصدرًا مؤسِّسًا لا ينفك عن القرآن الكريم، يبيّنه ويهديه، ويكشف عن حكمته ومقاصده.
وأوضح مفتي الجمهورية، أن الإمام البخاري لم يكتفِ بجمع الحديث الشريف في كتابه الجامع، بل قدّم مشروعًا علميًّا متكاملًا، تجلّت فيه عبقرية التصنيف، ودقة التبويب، واستيعاب المعاني الفقهية والروحية والإنسانية.
وأشار إلى أن "صحيح البخاري" ليس مجرد كتاب في الرواية، بل هو بناء حضاريّ متماسك، تتجلى فيه توازنات العقل والنقل، وأصول الفهم الرشيد، وسعة الأفق في التعامل مع الحديث النبوي الشريف، مبينًا أن من أبرز ما يلفت في شخصية الإمام البخاري هو موقفه المنضبط من العقل، حيث لم يكن العقل لديه خصمًا للوحي، بل شريكًا في فهمه، وأداة لفهم مراميه، من غير أن يتعالى عليه، أو يحمّله رؤى لا يطيقها بل نراه وقد عامله باحترام عميق مستخدمًا أدواته النقدية والمنهجية لخدمة الحديث الشريف، لا لمصادمته أو التشكك فيه، مؤكدًا أن هذا النهج يُعدّ ضرورة في زماننا هذا، حيث تتكرر محاولات افتعال التعارض بين العقل والنقل، في حين أن سيرة البخاري تؤكد أن العقل إذا تحرر من الهوى، والنقل إذا حُمل على فهم سليم، فإنهما يجتمعان في خدمة الحق، لا في التنازع عليه.
وأشار إلى أن الإمام البخاري ـرضي الله عنه- كان مؤمنًا بأهمية الهوية الدينية والثقافية، مدركًا أن حفظ السنة النبوية هو في جوهره حفظٌ للهوية، وصونٌ للذات الحضارية للأمة، ولهذا جاءت تبويباته دقيقة محكمة تكشف عن وعي بالواقع، وإدراك لحاجات الناس، واستيعاب لمختلف مجالات الحياة، موضحًا أن في دفاعه عن السنة، وحرصه على أسانيدها، وصرامته في شروط روايتها، يعكس غيرةً على الدين، وعزيمةً في حفظه، وتفانيًا في خدمته، مضيفًا أن محاولات التشكيك في السنة، أو تهميش الصحيح، أو اجتزاء المرويات، هي في حقيقتها مساعٍ لهدم الهوية، وضرب الثوابت، وطمس المعالم التي بها قامت حضارتنا، وأن الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى التمسك بمنهج هذا الإمام الجليل، وإلى إعادة الاعتبار لهذا الأنموذج العلمي الكبير، الذي لا يزال يلهم الباحثين، ويوجه العقول، ويضيء للمسلمين طريقهم في زمن التحديات.
منبهًا أن القول بوجود تعارض بين العقل والنقل ما هو إلا وَهْمٌ ناتج عن إسقاط العقل في غير مجاله، أو تحميل النصوص ما لا تحتمله، بينما نرى في سيرة الإمام البخاري تطبيقًا عمليًا لهذا التوازن؛ فالعقل قائد والدين مدد، وباجتماعهما يجتمع نوران نور الوحي الإلهي، ونور العقل الذي هو منة من الله عز وجل.
هذا وقد عبّر المفتي عن عميق امتنانه لهذه البلدة العريقة التي أنجبت الإمام البخاري، كاشفًا أن المجيء إلى هذا الموطن الطيب لم يكن مجرد زيارة عابرة، بل كان انفعالًا وجدانيًّا عميقًا، واستجابة طبيعية لما يكنّه القلب من حب وتقدير لهذا الإمام الجليل؛ إذ اجتمعت الأسباب وتلاقت المشاعر لتدفعنا دفعًا نحو الحضور إلى موطن أحد أعظم أعلام الإسلام، الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، رحمه الله، الرجل الذي رفع الله ذكره في العالمين بصفاء منهجه، ودقة نقله، وأمانته في خدمة السنة النبوية المطهرة، مختتمًا أن هذه الأرض، وإن كانت تزهو باسم البخاري، إلا أن إشعاعها الحضاري لا يختزل في شخص واحد مهما سما، بل يمتد ليشمل كوكبة من أعلام الحضارة الإسلامية الذين أضاءوا مجالات العلم والفكر والفن عبر قرون طويلة.
وفي ختام زيارته لمعهد الإمام البخاري بطشقند، توجه المفتي إلى زيارة ضريح الإمام القفال الشاشي، أحد أعلام الفقه والحديث، الذي ترك أثرًا عميقًا في تاريخ الأمة الإسلامية، معربًا عن فخره واعتزازه بزيارة هذا المعلم الكبير، مؤكدًا أن هذه الزيارة تمثل تكريمًا لشخصيات علمية أسهمت في بناء صرح العلم الشرعي في العالم الإسلامي.