تقرير| رياح التغيير.. المعارضة تحصد الأغلبية في الانتخابات المحلية التركية
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
حملت الانتخابات البلدية التي أجريت أمس الأحد 31 مارس 2024، في تركيا مفاجأة من العيار الثقيل، تمثلت في فوز غير مسبوق للمعارضة منذ 22 عاما، إذ حقق تحالف المعارضة، بقيادة حزب الشعب الجمهوري، عبر فوزهم برئاسة البلديات في 14 مدينة كبيرة، من بينها إسطنبول وأنقرة، إضافة إلى إزمير وأنطاليا ومرسين وأضنة وإسكي شهير وسواها.
وبعد فرز قرابة 99.82% من صناديق الاقتراع، تشير النتائج إلى أن حزب الشعب الجمهوري حاز في عموم تركيا على نسبة 37.74% من الأصوات، فيما حقق حزب العدالة والتنمية 35.49% منها، وانتقل حزب الرفاه من جديد (نجم الانتخابات) إلى المرتبة الثالثة بحصوله على 6%، وحل رابعاً حزب "المساواة والديمقراطية" الكردي بنسبة 5.6%.
ويعد أكبر الخاسرين إلى جانب حزب العدالة والتنمية، حليفه في تحالف الجمهور حزب الحركة القومية بحصوله على 4.8% من الأصوات، فيما انخفضت كثيراً أصوات حزب "الجيد" ووصلت إلى 3.7% .
وحقق مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو فوزًا كبيرًا في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول، متغلبًا على مرشح الحزب الحاكم مراد قوروم، كما فاز منصور يافاش، مرشح المعارضة، برئاسة بلدية أنقرة.
ترجع أسباب فوز المعارضة وجود قيادة سياسية مقنعة، ففي إسطنبول فاز أكرم إمام أوغلو، قبل 5 سنوات ضمن تحالف عريض للمعارضة، وكان المرشح الوحيد لها، وكان الاصطفاف كبيراً، وخلال السنوات الخمس الماضية، استطاع إمام أوغلو أن يدخل بين الناس، وبالتالي فاز لأنه بات مقنعاً، وأخذ نسبة أصوات عالية، وبعض الأصوات التي حصل عليها جاءت من جمهور حزب العدالة والتنمية.
نتائج الانتخابات المحلية في تركيا أظهرت تفككاً للقلاع، وخلال الـ 22 عاماً السابقة لم تكن الخريطة الانتخابية حمراء (لون علم حزب الشعب الجمهوري)، إذ أن الحزب الحاكم لم يعد لديه خطاب مقنع للشارع التركي ولجزء من أنصاره، فهناك إشكاليات تخص حياة المواطن التركي، مثل التقاعد والأزمة الاقتصادية وعدم وجود العدالة، لذلك كان التصويت عقابياً.
تعتبر هذه النتائج هزيمة كبيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه، وتشير إلى تراجع شعبيته، قد تؤدي هذه النتائج إلى تغيير في المشهد السياسي التركي، وتشجع المعارضة على المطالبة بمزيد من الإصلاحات.
كما قد تؤثر هذه النتائج على الاقتصاد التركي، حيث قد يؤدي تراجع ثقة المستثمرين إلى خفض الاستثمارات، وارتفاع معدل التضخم الذي وصل إلى ما يقرب من 70% وتباطؤ النمو بسبب سياسة التشديد النقدي.
وبحسب الخبراء يعود تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية إلى عدة عوامل، منها الأزمة الاقتصادية، وتراجع الحريات، وتآكل ثقة الشعب بالحكومة.
كما أظهرت الانتخابات قدرة المعارضة على حشد التأييد الشعبي، وتشكيل تهديد حقيقي لحكم حزب العدالة والتنمية.
خسارة حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الانتخابات، قد تدفعه إلى إجراء تغييرات في سياساته، أو حتى إلى إجراء انتخابات مبكرة، إذ تمثل النتائج ضربة قوية له، حيث كان يأمل في استعادة السيطرة على المدن بعد أقل من عام من فوزه بولاية رئاسية ثالثة.
كما قد تُشجع هذه النتائج المعارضة على توحيد صفوفها وتقديم بديل سياسي قوي، ما يؤدي في نهاية الأمر إلى حدوث تغييرات كبيرة في المشهد السياسي التركي، خاصة إذا استمرت شعبية حزب العدالة والتنمية في التراجع.
من جانبه أقر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخسارة حزبه في الانتخابات المحلية في البلاد قائلا إنهم سيحاسبون أنفسهم وسيعالجون أوجه القصور.
وأضاف أن الانتخابات ليست نهاية المطاف وإنما نقطة تحول لائتلافه، مضيفا أن دورة الانتخابات التي ترجع إلى مايو الماضي وأنهكت الاقتصاد التركي انتهت الآن.
بينما قال زعيم حزب "الشعب الجمهوري"، أوزغور أوزيل في أول خطاب له، عقب الانتخابات إن الناخبين قرروا إنشاء خريطة انتخابية جديدة، بعد 22 عاما من حكم حزب "العدالة والتنمية".
وأضاف: اليوم، قرر الناخبون تأسيس سياسة جديدة في تركيا. لا يوجد خاسر في هذه السياسة.
وتابع أوزيل: "لا يوجد خاسر في هذا النصر. لا نريد أن يشعر أي شخص بالضياع، بغض النظر عن الحزب الذي صوت له اليوم".
في حين قال إمام أوغلو: "أستطيع أن أقول إن ثقة مواطنينا وإيمانهم بنا أثمرت".
يذكر أنه تنافس في الانتخابات المحلية القادمة في تركيا ألف و53 مرشحا يتبعون لـ34 حزبًا؛ سعيًا للفوز في مناصب تتوزع على 81 محافظة و 972 مقاطعة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: رياح التغيير المعارضة الأغلبية الانتخابات المحلية التركية حزب العدالة والتنمیة الانتخابات المحلیة الشعب الجمهوری هذه النتائج إمام أوغلو فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
الضرائب والتنمية
خلفان الطوقي
ما دفعني لكتابة هذه المقالة هو ما طُرِحَ في غرفة تجارة وصناعة عُمان في الأمسية الثالثة من أمسياتها الرمضانية والتي حملت عنوان "الضرائب وأثرها على التنمية"، والتي تطرق فيها المتحدثون لتاريخ الضرائب، وآثارها الإيجابية والسلبية، وأنواعها، وما يجعل الدول اللجوء إليها، وغيرها من النقاط التي تخص هذا الملف الدسم.
وبما أن هناك ضريبة جديدة تمَّ الانتهاء منها في مجلس عُمان بغرفتيه الشورى والدولة وهي "ضريبة الدخل على الأفراد"، والتي تم رفع الملاحظات والتوصيات والتعديلات من خلالهما، والتي لم يتم التطرق إليها في الأمسية بشكل مفصل لقلة المعلومات المتوفرة عنها لعامة الناس، وقد ارتأى المتحدثون عدم الخوض في اجتهادات وفرضيات في أمر دون توفر معلومات ومعطيات كافية.
بالرغم من ذلك، ما زال الحماس متوقدًا لدي للكتابة حول موضوع ضريبة الدخل على الأفراد، وأرى من المناسب أن الوقت ما زال يسمح بالمشاركة في رفع مقترحات ورؤى حول هذا الموضوع المعقد، ومن منطلق ضرورة المشاركة المجتمعية، والواجب الوطني للأفراد في تحمل المسؤولية، وتكملة للمقالات السابقة التي كتبتها حول هذا الملف على وجه الخصوص، والمقابلات الإذاعية والتلفزيونية العديدة، وفي هذا التوقيت الحساس، فإنني اقترح الآتي:
- دراسات الجدوى: ولأن الموضوع موضوع مصيري، فيمكن للحكومة التريث، وطلب دراسات جدوى مستقلة ومتخصصة وتفصيلية ومن جهات مختلفة، كغرفة تجارة وصناعة وعُمان، ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وهيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ووزارة الاقتصاد، وجهاز الاستثمار العُماني، ووزارة التنمية، والأكاديمية السلطانية للإدارة، وجامعة السلطان قابوس، والجمعية الاقتصادية العُمانية، والأجهزة الأمنية، وأي جهة ذات علاقة بموضوع هذه الضريبة بشكل مباشر أو غير مباشر، والمبرر للدراسات التفصيلية ومن جهات مختلفة هو أن هذا الموضوع له أبعاد اجتماعية واقتصادية وأمنية وسياسية، وعواقبه قد تكون وخيمة إن لم يتم تفنيد انعكاساته بشكل تفصيلي ودقيق وعميق.
- إيجاد البدائل: بعد دراسات الجدوى المستقلة والمنوعة والتخصصية، وعدم الاكتفاء برأي أحادي، يمكن إيجاد بدائل أجدى للحكومة، خاصة إن دعمت هذه الدراسات وأثبتت أن أضرار هذه الضريبة أكثر بكثير من فوائدها، وبذلك يمكن للحكومة الإعلان عنها، وتعزيز الثقة بينها وبين المستهدفين من هذه الضريبة، خاصة من فئة الطبقة الوسطى في المجتمع، والتي تعتبر صمام الأمان لأي مجتمع.
- الإعلان البديل: بما أن مشروع قانون ضريبة الدخل على الأفراد في دورته التشريعية، فلا ضير في تعليقه إلى أجل غير مسمى، ووضعه في الأدراج، والإعلان عن بدائل أخرى أجدى، مثل تعزيز مبادرة الدفع الإلكتروني التي سوف تجلب أضعافًا مضاعفة من الإيرادات لخزينة الدولة، وتقوية منظومة ضريبة الدخل على الشركات، وضبط المُهدر من إيرادات عقود الإيجار السكنية والتجارية وغيرها، وخاصة في محافظات السلطنة المختلفة، وهذا الإعلان الحكومي سوف يعوض بأكثر من المستهدف من ضريبة الدخل على الأفراد هذا من ناحية، وسوف يجعل الحكومة أكثر تركيزا ونجاحا في مبادراتها المعلنة سابقًا، أضف إلى ذلك إزالة الانعكاسات الاجتماعية والنفسية عن كاهل الجميع من عامل ومتقاعد ومُقيم ومستثمر وزائر.
خلاصة هذه المقالة والمقالات السابقة التي كتبتها حول هذا الموضوع بعينه، هو عدم التركيز على جانب وحيد وهو الجانب المالي فقط، وإنما النظر واستحضار الجوانب الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية والنفسية، وعدم الاكتفاء بالنظر إلى الأثر المالي القصير والمحدود فقط، وإنما إعطاء هذا الموضوع المصيري حقه ومنحه الجدية والوقت والجهد والنظرة العميقة والشمولية والبعيدة المدى، وذلك بسبب حساسية هذا الموضوع، وهذه الضريبة على وجه الخصوص.
رابط مختصر