كان رمضان من العام 1883 هو الأصعب في حياة الزعيم الثائر أحمد عرابي باشا وزير الحربية وزعيم الثورة، كان الشهر الفضيل يوافق نصف فبراير ومارس من العام 1883م، الجو في سيلان شديد البرودة، وكان اليوم الأول للمائدة حزينًا، فعرابي باشا يفتقد صوت الشيخ رفعت، أما الطعام المصري الذي يفضِّله الزعيم فهو طاجن البامية الذي يحضِّره طباخه عم حسن الذي صمم على السفر مع الزعيم بل وطلب شنقه معه وهتف ضد توفيق في شارع قصر النيل أثناء عبور موكب الثوار المتجه للمنفى.

يبتسم عرابي، لكن الدموع تفيض شعرًا من الجنرال العظيم محمود باشا سامي البارودي، يحاول محمود فهمي باشا تخفيف الأجواء بقراءة خطاب جاء من بيروت كتبه المفكر الإمام محمد عبده، فيقول يعقوب سامي باشا: أظن أنا كده لي ثواب الصوم معكم حتى لو كنت قبطيًّا يا باشا، ويضحك عبد العال حلمي باشا، وعلي فهمي باشا، وطلبة باشا عصمت، وحسن باشا الشريعي وزيرالأوقاف، وعبد الله باشا فكري وزير المعارف، فيقول عرابي: إني ابن فلاح مصري، وقد بذلتُ جهد طاقتي في سبيل الحصول على هذه الإصلاحات لوطني العزيز الذي أنتمي إليه والذي أحبه أشد الحب، ولكن سوء حظي حال بيني وبين ما أردتُ. وإذا لم تقفِ إنجلترا في وجه هذه الإصلاحات وسلَّمت مصر للمصريين كما تقتضيها ذمتها وشرفها، فيومئذ يتبين للعالم كله حقيقة مساعي عرابي وحقيقة أغراضه. كان عرابي أول وزير مصري حمل الأجانب على طاعته، وقد رفع المصريون رؤوسهم في عهده على الأقل، ولم يجرؤ اليونانيون ولا الإيطاليون على الاعتداء على القانون، والآن فإن المصريين وحدهم هم الذين يقعون تحت سلطان الشرطة ويفعل الأوربيون ما يشاؤون. ويقرأ عرابي خطاب محاميه مستر برودلي فيقول فيه: إني لا أكتفي بأن أقول: إن الأمة كلها كانت في جانب عرابي، بل إني أقرر في غير خوف من نقض آرائي أن عرابي وأصحابه قد أظهروا في أداء رسالتهم أمانةً تامةً واعتدالًا وروحًا إنسانية تشرِّفهم على مدى العصور. لم يكن عرابي من ذوي الأحلام أو من ذوي التحمس، وكان بالمقياس المصري رجلًا متعلمًا ذا مقدرة ملمًّا بشؤون وطنه، وما تحتاج إليه بلاده، وُهِبَ كثيرًا من النشاط وقدرًا عظيمًا من أمانة الغرض»…

قال الإمام: كان الأمراء والعلماء والأعيان يحترمون عرابي ويرفعون قدره بعد أن ذكر ما كان بينه وبين عرابي من خلاف في الرأي قبل يوم عابدين: «إن الاجتماعات العامة المتنوعة التي عُقدت بعد ذلك مباشرة للحصول على دستور برئاسة سلطان باشا حوَّلت في الحال مقام عرابي من قائد جيش إلى قائد مصر، وحينئذ أصبحتُ وسلطان باشا والبلاد المصرية قاطبة من أتباع أحمد عرابي»، «إنه أمدنا بقدر كبير من المعلومات عن الأيام الأولى للحركة القومية، ووصف وصفًا حيًّا كيف أصبح عرابي بطلَ مصر الذائع الصيت، وكيف أن آلافًا من الآباء المصريين أطلقوا على أبنائهم اسمه، وكيف ذهب اسم توفيق من الأرض».

وقال الجنرال محمود سامي البارودي وزير الحربية:

محا البينُ ما أبقتْ عيونُ المها منِّي *** فشِبتُ ولم أقضِ اللُّبانة من سِنِّي

عناءٌ ويأسٌ واشتياقٌ وغربة *** ألا شدَّ ما ألقاه في الدهر من غَبنِ

فإن أكُ فارقتُ الدِّيارَ فلي بها *** فؤادٌ أضلَّته عيونُ المها عنِّي

بعثتُ به يوم النوى إثر لحظةٍ *** فأوقعه المقدورُ في شَرَكِ الحُسنِ.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: البارودي عرابي

إقرأ أيضاً:

كوريا الجنوبية تدين تصريحات الزعيم الكوري الشمالي بشأن تعزيز الردع النووي

بعد إعلان زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ-أون عن تعزيز الردع النووي مع الكشف عن منشأة لتخصيب اليورانيوم، أدانت وزارة الوحدة في سيئول اليوم الجمعة الموافق 31 يناير تصريحاته بشدة.
وقالت نائبة المتحدث باسم الوزارة كيم إن-ايه في إفادة صحفية دورية "تحافظ كوريا الجنوبية والولايات المتحدة والمجتمع الدولي على موقف ثابت وموحد بشأن هدف نزع السلاح النووي الكامل من كوريا الشمالية"، مشيرة إلى أن بيونغ يانغ يجب أن تدرك بوضوح أيضا عدم التسامح أبدا مع امتلاكها للأسلحة النووية.. وفقا لوكالة يونهاب للأنباء.
كما دعت كوريا الشمالية إلى وقف تطوير أسلحتها النووية على الفور والاستجابة لمحادثات نزع السلاح النووي التي اقترحتها الحكومة الكورية الجنوبية.

كوريا الشمالية تؤكد تعزيز قوتها النووية لمواجهة الدول المعادية لها

وكشفت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أمس الخميس عن تفقد الزعيم كيم جونغ-أون قاعدة لإنتاج المواد النووية ومعهدا للأسلحة النووية، ما يمثل المرة الثانية التي يكشف فيها الشمال عن منشأة لتخصيب اليورانيوم، بعد الكشف المماثل عن منشأة للمرة الأولى في سبتمبر من العام الماضي.

وأكد "كيم" أثناء تفقد المنشأة على أن تعزيز الردع النووي «أمر لا غنى عنه» في ظل المواجهة طويلة الأمد مع أكثر الدول المعادية شراسة، قائلا إن الوضع الأمني في كوريا الشمالية، لا مفر من المواجهة طويلة الأمد مع أكثر الدول المعادية، مما يجعل تعزيز الردع النووي للبلاد لمواجهة الأخطار الأمنية القائمة والجديدة وضمان سيادتها ومصالحها وحقها في التنمية أمرا ضروريا.

مقالات مشابهة

  • فعل فاضح في شارع أحمد عرابي.. التحقيق في اتهام سيدة لسائق بخدش حيائها
  • "ذاكرة الوطن" مائدة مستديرة ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب
  • كوريا الجنوبية تدين تصريحات الزعيم الكوري الشمالي بشأن تعزيز الردع النووي
  • تجربة «دريفت ترايك» تجذب عشاق الإثارة في متنزه النسيم
  • «الفرسان» يطارد الصدارة أمام البطائح.. و«الزعيم» في اختبار خورفكان
  • حكيم باشا.. تفاصيل مسلسل مصطفى شعبان الجديد في رمضان
  • كيف استقبل عشاق المستديرة فسخ الهلال السعودي عقده مع نيمار؟
  • بهية الحريري اطلعت على تحضيرات ذكرى 14 شباط
  • وزير الكهرباء: التحدي الأكبر الذي نواجهه هو توفير الوقود اللازم لإنتاج الطاقة
  • وزير الكهرباء العراقي: التحدي الأكبر الذي نواجهه هو توفير الوقود اللازم لإنتاج الطاقة