وادي القلط فردوس مفقود في براري أريحا.. معلم من هوية فلسطين
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
جمال الطبيعة الساحرة جعل من وادي القلط مكانا غنيا عن التعريف سواء من ناحية جمال المنطقة الجغرافية، أو من ناحية المياه الجارية، وطبيعة الصخور وضيق السيق في بعض المناطق، وما يتمتع به من جمال طبيعي مدهش.
وادي القلط هو انحدار طبيعي بين الهضاب المجاورة، وهو مكون من جدران صخرية عالية تمتد لمسافة 45 كيلو متر بين أريحا والقدس.
ومن المعروف أن طبيعة جبال أريحا وألوانها ووديانها تختلف عن كافة مناطق فلسطين، فهي دافئة، منبسطة بمعظم تفرعاتها، وحيواناتها الغريبة مثل الوبر الصخري وغزال الجبل البري، والثعلب الأحمر بالإضافة لوجود العديد من الطيور المختلفة مثل البلبل، وطائر الوروار، والمالك الحزين، والحمام البري، وتشكل هذه المنطقة استراحة للطيور المهاجرة.
المياه المتدفقة من جماليات وادي القلط.
وقد اعترفت المنظمة الدولية للطيور الحية بالموقع على أنه منطقة هامة للطيور لأنه يدعم مجموعات من البوهة الأوراسية والنسور السمراء ونسور بونيلي والعويسق.
وكانت الطريق الضيقة والوعرة التي تمتد بمحاذاة الوادي في يوم من الأيام الطريق الرئيسي لمدينة أريحا، ولكنها تستعمل الآن من قبل السياح الزائرين لدير القديس جورج.
وادي القلط هو موطن لمجموعة فريدة من النباتات والحيوانات. ويتمتع الوادي بأربعة أقاليم مناخية منها الرطب، وشبه الصحراوي، والصحراوي والأشد صحراوية، وهذا التنوع في الأقاليم ساهم بوجود العديد من النباتات والأشجار المختلفة التي استخدمها السكان المحليون منذ الأزل كغذاء ودواء مثل نبات البصيل، وشجرة السدر، والداتورا، ونبتة الشاتيلا، والقرنفل البري، والهندباء البرية، ونبتة اللوف الفلسطينية، والخطيمة الزاحفة، والقريص، والشمر وهذا لتباين في التربة الموجودة به.
ويحمل الوادي مياه الأمطار والعيون من السفوح الشرقية لجبال القدس والبيرة ويصب في نهر الأردن. وتنبع منه 3 عيون ماء: عين فارة، والفوار، والقلط، وفيه قناة مائية رومانية.
مسار وادي القلط وصولا الى عين فاره.
تم إطلاق اسم القلط على هذا الوادي نسبة إلى الأحداث التي حصلت في العام 300 للميلاد وهي تعرض المسيحيين إلى البطش من قبل الحكم الروماني، ليهرب الراهب جورج برفقة يوحنا الطيبي وهو أول قديس إلى ذلك الوادي من أجل الاختباء فيه، فأصبح مكانا أو معلما سياحيا لكل من الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين في آن واحد يأتي إليه الكثير من السياح من الخارج لرؤيته والتمتع بجماله.
وبدأ تاريخ وادي القلط، مع الملك هيرودوس، الذي بنى القناة المائية من أجل تزويد قصره الشتوي وحديقته بالماء خلال الحقبة الرومانية، حيث لا تزال آثار القناة الرومانية جلية للعيان في أجزاء من الوادي، أما القناة الموجودة حاليا فقد تم بناؤها في عهد الحكم الأردني، وتسير على خط القناة الرومانية القديمة.
واعتبر وجود المياه في العصر القديم السبب الذي جعل الوادي من الطرق الرومانية المعروفة، وبقي الحال على ما هو عليه في الحقبة البيزنطية، حيث كان يستعمل أيضا كطريق للحجاج، وبالتالي سكن العديد من الرهبان في الكهوف والمغر المنتشرة في الوادي، ولاحقا تطور الأمر إلى بناء الدير.
ويوجد في وادي القلط دير القديس جورج للأرثوذكس، عمره يتجاوز 1500 عام. وقصر هيرودوس الشتوي "تلول أبو العلايق"، وبقايا سد عثماني لتجميع المياه، وعدد من الاستحكامات العسكرية البريطانية والأردنية.
دير القديس جورج بوادي القلط.
وتحيط بالوادي 4 مستوطنات، وأبراج إسرائيلية وقواعد للمراقبة، تسبب إنشاؤها بتدمير جزء من الغطاء النباتي والحيواني للوادي، وأصبحت مياهه عرضة للتلوث المتكرر بمياه المستوطنات العادمة.
وكان الاحتلال قد أعلن جزءا من وادي القلط "محمية طبيعية" في الثمانينيات، ومنع الفلسطينيين من تطويره والتواجد فيه، وبعد اتفاق أوسلو صار يخضع كاملا بمساحة 103 دونمات لسيطرة الاحتلال وصنف كمناطق "ج".
ويستهدف الاحتلال البدو في المنطقة ساعيا لتهجيرهم، وبينما تسرق مياهه لصالح المستوطنات، ويمنع الفلسطينيون من الاستفادة من مياه الوادي أو خيراته.
ومنذ 2007 نصب الاحتلال حاجزين على الطريق لدير القديس جورج، من جهة أريحا ومن جهة القدس، فصار زوار الدير والسياح من الجانب الفلسطيني يضطرون لسلك طرق التفافية طويلة لوصوله.
يروج الاحتلال له كمكان سياحي إسرائيلي، ويبدأ مسار التنزه من قلب إحدى المستوطنات، بعد دفع تذكرة مما جعل معالمه مرتعا للمستوطنين الذين يرقون خيرات الوادي ويحرمون سكانه الأصليين من خيرات وطنهم.
المصادر
ـ "وادي القلط..قمم مستوطنة ومياه مسروقة"، موقع متراس، 6/10/2021.
ـ فادي أبو سعدى، "وادي القلط أو دير القديس جورج قرب أريحا منحوت في الصخور ومعلق أعلى الجرف الصخري"، القدس العربي، 21/2/2015.
ـ نغم التميمي، "وادي القلط حكاية لم ترو..باكورة أنتاج أول فيلم فلسطيني مشترك"، الحياة الجديدة، رام الله، 15/7/2021.
ـ زهير دولة، "وادي القلط.. محمية طبيعية تقـاوم الاستيطان"، صحيفة الإمارات اليوم، 14/1/2017.
ـ مصطفى عبد الرحمن، "وادي القلط بأريحا محمية طبيعية رومانية يمنع الاحتلال" تطويره، عربي21، 2/4/2022.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير وادي فلسطين تاريخ فلسطين تاريخ هوية وادي تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القدیس جورج
إقرأ أيضاً:
من الوثنية الرومانية وحتى الحب والربح.. كيف أصبح الفالنتاين ظاهرة تجارية كبيرة؟
في كل عام يحل الـ14 من فبراير/شباط ليغمر العالم بأجواء من "الرومانسية" والورود الحمراء ورسائل الحب المتبادلة، لكن خلف هذا الاحتفال "البهيج" تختبئ قصة تاريخية تعود لقرون، يتداخل فيها "سوق الحب" مع التقاليد الدينية والقرارات الإمبراطورية والقصص الأسطورية والأهداف التجارية، فكيف تحول ما يُسمى بـ"عيد الحب" من حكاية قديمة عن كاهن روماني إلى مناسبة عالمية تجتاح الأسواق والمجتمعات؟ وما الذي يجعل هذا التقليد باقيا رغم اختلاف الثقافات وتغير العصور؟ وكيف انتقل من تقليد وثني قديم إلى ظاهرة اجتماعية وتجارية ضخمة؟
وفي العصور الحديثة، تحولت بطاقات "عيد الحب" من تعبير فردي يدوي إلى صناعة مزدهرة على إثر الثورة الصناعية، لتصبح منتجا تجاريا يديره فنانون وكتّاب، وتباع بأسعار متفاوتة تناسب مختلف الطبقات الاجتماعية، ورغم استنكار مؤرخين وعلماء اجتماع لتصنيع المشاعر وبيعها تجاريا على نطاق واسع، فإن ظاهرة الوقوف أمام رفوف بطاقات المعايدة للبحث عن بطاقة صممها وكتبها شخص غريب، وأنتجت بالجملة لنقل المشاعر لم تخفت، خاصة في زمن "أفول أشكال التعبير الإنساني" لصالح الذكاء الصناعي والثقافة التجارية والاستهلاكية.
لماذا سُمي عيد الحب بالفالنتين؟
كان هناك العديد من القديسين المسيحيين باسم فالنتين، لكن أشهرهم هو القديس فالنتين في روما الذي ارتبط اسمه بعيد الحب، وقد وُلِد فالنتين في أومبريا بإيطاليا عام 226 للميلاد، وكان كاهنا في عهد الإمبراطورية الرومانية.
تقول الأسطورة إن جنود الجيش الروماني كانوا ممنوعين من الزواج، إذ كان الإمبراطور كلوديوس الثاني يعتقد أن الرجال المتزوجين ليسوا جنودا جيدين.
إعلانوجد الإمبراطور أثناء سعيه لتوسيع إمبراطوريته أنه يحتاج إلى عدد كبير من الجنود الذين كانوا بدورهم مترددين في ترك زوجاتهم وعائلاتهم، ولذلك منع الزواج والعلاقات العاطفية.
ورفض فالنتين بشدة هذا الحظر وعارض منع الزواج، بل إنه قام بترتيب حفلات زفاف سرية للجنود المسيحيين.
وتذكر روايات أخرى أنه أُعدِم، لأن المسيحية كانت ممنوعة في الإمبراطورية الرومانية، فقد كان يعاقب كُل من يمارس أحد أسرار الكنيسة ومنها الزواج.
وفي النهاية تم اكتشافه واعتقاله وإعدامه في 269 للميلاد.
وتشير أسطورة أخرى إلى أن فالنتين اعتُقل بالفعل لمساعدة المسيحيين المضطهدين على الهروب من السجن في روما، وبينما كان معتقلا في السجن نفسه وقع في حب امرأة شابة -يعتقد أنها ابنة السجان- كانت تزوره في زنزانته.
وفي يوم إعدامه الموافق 14 فبراير/شباط، ترك فالنتين لهذه الفتاة رسالة حب واحدة موقعة "من فالنتينك".
عيد مخضب بدماء فالنتين
تم الاحتفال بالكاهن فالنتين في يوم "عيد القديس فالنتين" منذ عام 496 للميلاد، وتم حفظ رفاته ومتعلقاته في سرداب الموتى بكنيسة سان فالنتينو في روما، التي كانت موقعا مهما للحجاج المسيحيين عبر العصور الوسطى، حتى تم نقل بقايا القديس فالنتين إلى كنيسة سانتا براديس خلال فترة بابوية نيكولاس الرابع في القرن الثاني عشر.
ويتم عرض جمجمة القديس فالنتين المزينة بالزهور في كاتدرائية سانتا ماريا في روما، بينما أرسلت بقية الآثار والرفات إلى كنيسة في دبلن كهدية من البابا غريغوريوس السادس عشر إلى أحد البابوات الأيرلنديين المعروف بأعماله الإغاثية.
وتم تخزين تابوت يحتوي على بعض عظام القديس فالنتين وقارورة احتوت على دمه بكنيسة وايتفرير في دبلن منذ عام 1936، ويزور الأزواج هذه الكنيسة منذ ذلك الحين، خاصة في 14 فبراير/شباط.
من طقوس وثنية إلى احتفال مسيحيوترجع جذور عيد الحب إلى المهرجان الروماني القديم لوبركاليا (Lupercalia)، الذي كان يُحتفل به في منتصف فبراير تكريما للإله لوبركوس، إله الرعاة في الميثولوجيا الرومانية، كان هذا المهرجان يُقام بهدف تطهير المدينة وتعزيز الصحة والخصوبة، ومع انتشار المسيحية في أوروبا، سعت الكنيسة المسيحية الأولى إلى إضفاء الطابع المسيحي على المهرجانات الوثنية، مما أدى لاحقا إلى استبدال مهرجان لوبركاليا بعيد القديس فالنتين، حسب الموسوعة البريطانية المحدودة (بريتانيكا).
كان مهرجان لوبركاليا يُقام سنويا في 15 فبراير عند كهف لوبركال في تلة بالاتين بروما، وقد بدأ بتقديم أضاحٍ حيوانية، تلاها وليمة ضخمة تكريما للإله لوبركوس، وبعد الوليمة، كان الكهنة يركضون من تلة بالاتين إلى المنتدى الروماني، وهم يضربون المارة بشرائح من جلد الحيوانات المضحّى بها، اعتقادا بأن ذلك يُبعد الأرواح الشريرة ويزيد الخصوبة.
كان هذا المهرجان يتميز بالدموية والعنف والطقوس الجنسية، حيث كانت التضحيات الحيوانية وعلاقات التزاوج العشوائية من بين أبرز مظاهره، على أمل إبعاد الشرور وتحفيز الخصوبة.
في عام 494 ميلاديا، حظرت الكنيسة المسيحية، بقيادة البابا جيلاسيوس الأول (Gelasius I)، المشاركة في مهرجان لوبركاليا، ووفقا لبعض التقاليد، استبدل البابا الطقوس الوثنية باحتفال "عيد التطهير" (Candlemas)، الذي يُقام في 2 فبراير.
وهناك اعتقاد آخر بأن البابا جيلاسيوس الأول استبدل لوبركاليا بعيد القديس فالنتين، الذي يُحتفل به في 14 فبراير، لكن يُرجّح أن هذا العيد قد ظهر في وقت لاحق.
متى أصبح عيد الحب تجاريا؟
على الرغم من أن عيد الحب كان معروفا في العصور الوسطى، فإنه لم يصبح شائعا حتى أوائل القرن التاسع عشر.
أصبح عيد الحب يوما مهما منذ منتصف القرن التاسع عشر، عندما حوّل التجار وأصحاب المطابع الأميركيون تقاليد دينية وشعبية إلى عطل حديثة، ولكن قليلين فقط من يدركون أن العطلة بدأت كعيد مسيحي لإحياء ذكرى شهيد قديم يدعى فالنتين.
واشتهرت بطاقات عيد الحب منذ اختراع الطباعة واستخدام طوابع البريد، وبدأ العشاق يرسلونها في هذه المناسبة، وأصبحت الرسائل والقصائد مفعمة بالأشواق والحيوية.
واليوم، يتم إرسال أكثر من 25 مليون بطاقة عيد الحب سنويا في المملكة المتحدة، وأكثر من 190 مليونا في الولايات المتحدة الأميركية.
ومع صعود الرأسمالية الحديثة، أصبح ما يُسمى "عيد الحب" جزءا من دورة الاستهلاك السنوية، حيث تروّج الشركات لمنتجات مرتبطة بالرومانسية، وتحفّز الناس على الشراء تحت شعار "التعبير عن الحب"، ليصبح سوقا مفتوحة تستغل المشاعر لزيادة الأرباح عبر البطاقات والهدايا الثمينة.