أصدرت محكمة العدل الدولية قرارات باتخاذ تدابير احترازية جديدة في قضية الإبادة الجماعية، التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، والتي باتت تأخذ مسارات معاكسة لرغبات تل أبيب.

وأعلنت المحكمة تزايد المخاوف بشأن وقوع أعمال ترقى إلى مستوى إبادة جماعية في غزة، إلى جانب مجموعة إجراءات احترازية إضافية تطالب تل أبيب بضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة دون قيود، وعدم انتهاك حقوق الفلسطينيين.



وأعلن قضاة المحكمة بالإجماع عن ضرورة وقف إطلاق النار، لتنفيذ التدابير الوادرة في القرار.

ثلاثة إجراءات جديدة
أصدرت محكمة العدل الدولية قرارا يتضمن فرض ثلاثة إجراءات احترازية جديدة تأخذ في الاعتبار تدهور الأوضاع المعيشية التي يواجهها الفلسطينيون في غزة، ولا سيما انتشار حالات المجاعة.

وعليه، أصدرت حكما يقضي بضرورة تعاون إسرائيل الكامل مع الأمم المتحدة، من أجل تزويد الفلسطينيين في غزة بالخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمأوى والملابس ومواد التنظيف، فضلا عن الإمدادات الطبية والرعاية الطبية.

كما طالب حكم المحكمة جميع الأطراف المعنية باتخاذ جميع التدابير اللازمة والفعالة، دون تأخير، لضمان توفير المساعدات الإنسانية وفي مقدمتها زيادة قدرة وعدد المعابر البرية وإبقائها مفتوحة لأطول فترة.

وفي المادة الثانية من الحكم، طالبت المحكمة الجيش الإسرائيلي بعدم انتهاك حقوق الفلسطينيين في غزة، واعتبار سكان غزة مجموعة بشرية محمية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، وعدم منع أنشطة إيصال المساعدات الإنسانية اللازمة في القطاع.



وفي المادة الثالثة، قضت المحكمة بأنه يتعين على إسرائيل أن تقدم تقريرا إلى المحكمة خلال شهر واحد عن الأنشطة المتخذة في إطار تطبيق التدابير الإضافية.

وستقوم المحكمة بدورها بـ "إرسال التقرير الجديد الصادر عن إسرائيل إلى جنوب إفريقيا وسيتم السماح للأخيرة بالتعبير عن آرائها بشأن التدابير المدرجة من قبل إسرائيل في التقرير"، بخلاف الإجراء السابق الوارد في قرار المحكمة يوم 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، ترسل بموجبه تل أبيب التقرير إلى محكمة العدل الدولية للتقييم فحسب، دون إرساله إلى جنوب إفريقيا.

المجاعة سلاح انقلب ضد إسرائيل
ذكرت المحكمة أن المادة 76 من نظامها الداخلي تخولها بإجراء تغييرات واتخاذ تدابير مؤقتة بناء على طلب أحد الأطراف أو من تلقاء نفسها، وأنها في حالة قضية غزة لاحظت المحكمة وجود تغييرات جدية على الأرض.

وذكرت المحكمة في قرارها أنه منذ 26 يناير لاحظت تدهورا واضحا في الظروف المعيشية للفلسطينيين في غزة، خاصة بسبب حرمان سكانها من الغذاء وغيره من الضرورات الأساسية.

واستشهدت المحكمة بتقارير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمات أممية أخرى تفيد بأن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد شمال قطاع غزة تضاعف خلال شهر، وأن 2.2 مليون شخص في القطاع معرضون لخطر المجاعة.

وقال القاضي الصومالي بالمحكمة، عبد القوي أحمد يوسف، في بيانه المرفق بالقرار، إن محكمة العدل الدولية لا يمكن أن تظل في موقف المتفرج العاجز عن مواجهة خطر الإبادة الجماعية في غزة، معتبرا أن ذلك "من شأنه أن يجرح ضمير الإنسانية".

وكانت عدة منظمات دولية ودول اتهمت إسرائيل باستخدام التجويع سلاحا في حربها ضد قطاع غزة، وعليه حذرتها من أن هذه الممارسات تشكل انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي.

وعزت المحكمة القرار الاحترازي الإضافي إلى تدهور الوضع الإنساني في غزة، معتبرة أن المجاعة الحاصلة هي وليدة الممارسات الإسرائيلية ضد القطاع.

ووجدت المحكمة أن إسرائيل "لم تبذل جهودا للحد من الكارثة الإنسانية في غزة ولم تساهم في توصيل المساعدات الإنسانية، كما لم ترفع العوائق والقيود التي تحول دون إيصال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع".

انتهاك متواصل للاتفاقيات الدولية
وفي إشارة إلى عدم كفاية المساعدات الإنسانية التي تم إسقاطها جوا على القطاع، أكدت المحكمة وجود حاجة ملحة لزيادة قدرة وعدد المعابر البرية إلى غزة وإبقائها مفتوحة لزيادة تدفق المساعدات.

وذكرت أنه رغم قرارها الصادر في 26 يناير إلا أن إسرائيل تسببت في مقتل أكثر من 6600 فلسطيني وإصابة حوالي 11 ألف في غزة، وأن إسرائيل لا تزال تواصل ارتكاب الانتهاكات ضد سكان القطاع.

وشددت المحكمة على أن قرارها الصادر في 26 يناير وكذلك القرارات الجديدة، لا تزال سارية، وطالبت "بالتنفيذ الفوري والفعال للإجراءات المتخذة لوقف الانتهاكات في قطاع غزة بأكمله، بما في ذلك رفح".

وحذّر قضاة المحكمة من أن انتشار المجاعة في غزة سيؤدي إلى تفاقم الانتهاكات لاتفاقية الإبادة الجماعية.



كما حذروا من أن الجوع الذي يواجهه الفلسطينيون يشير إلى مخاوف من ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.

وفي بيانه المصاحب للقرار، أوضح رئيس المحكمة القاضي اللبناني نواف سلام أن الجوع ومنع إيصال المساعدات الإنسانية يمكن أن يشكل "انتهاكا" لاتفاقية الإبادة الجماعية.

وأشار سلام أيضا إلى أن "حق الوجود" للفلسطينيين في غزة مهدد في ظل غياب المساعدات الإنسانية.

فيما ذكر القاضي الصومالي يوسف أن الظروف المعيشية للفلسطينيين في غزة قد تعني "ظهور تغييرات في هذه المجموعة البشرية قد تلغي وجودها المادي، كليًا أو جزئيًا"، كما ورد في المادة 2، الفقرة ج من اتفاقية الإبادة الجماعية.

وفي بيانها، أوضحت قاضية المحكمة الأسترالية هيلاري تشارلزوورث، أن المجاعة في غزة تهدد وجود الفلسطينيين، وهو الحق الذي تحميه شرعة اتفاقية الإبادة الجماعية.

وأشار القاضي الألماني غيوغ نولت إلى أن خطر الجوع والمجاعة في غزة "يعكس أيضا مدى خطر انتهاك الحقوق المحمية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية".

وذكر نولت أنه لو نفذت إسرائيل الإجراءات الاحترازية الأولى في 26 يناير، لما نشأت حالات المجاعة التي نراها حاليًا في غزة، مشددًا على أن إسرائيل لم تتصرف وفقا للقرارات السابقة الصادرة عن المحكمة.

حاجة ملحة لوقف إطلاق النار
نبهت المحكمة إلى عدم إمكانية إصدار حكم متعلق بطلب جنوب إفريقيا بوقف إطلاق النار، بدعوى عدم إمكانية أن يكون الحكم ملزما لأطراف ثالثة (حركة حماس).

ورغم أن القرار لم ينص بشكل مباشر على وقف إطلاق النار، إلا أن المحكمة ومن خلال تصريحات مسؤولين في مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، ذكرت أن "الوضع الإنساني الكارثي في غزة لا يمكن حله إلا من خلال وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية".

كما أشارت المحكمة إلى وجود قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، والذي سيتحول إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار.

وفي بيانه الإضافي، ذكّر رئيس المحكمة القاضي نواف سلام بقرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بوقف إطلاق النار، مشددًا على أن الإجراءات الجديدة لا يمكن أن تدخل حيز التنفيذ الكامل إلا إذا توقفت العمليات العسكرية.

وقال القضاة شو هانكين، وليوناردو نمر كالديرا برانت، وخوان مانويل جوميز روبليدو، ودير تلادي في بيانهم المشترك: "لا يمكن حل الوضع الإنساني الكارثي إلا إذا تم تعليق العمليات العسكرية في قطاع غزة".

وذكر القاضي يوسف أن الغرض من المادة الثانية من الإجراءات الإضافية هو إنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، مشددًا في الوقت نفسه على أن منع الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين هو "التزام له عواقب يتطلب اتخاذ إجراءات فورية".

إجماع على محاسبة إسرائيل
ومن الأمور الأخرى الجديرة بالملاحظة، أن القرارات الاحترازية الجديدة تم اتخاذها بأغلبية أكبر قارب من الإجماع، مقارنة بالقرارات التي تم اتخاذها في 26 يناير الماضي.

وتمت الموافقة على المادة الأولى من الإجراءات بالإجماع، بما في ذلك تعيين قاضٍ مؤقت من قبل إسرائيل، كما تمت الموافقة على المادتين الثانية والثالثة بأغلبية 15 صوتا مقابل صوت واحد، وهو صوت القاضي الإسرائيلي المؤقت أهارون باراك.



وبالإضافة إلى القاضي باراك، صوتت القاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندي أيضًا ضد المادة التي تنص على أن الإجراءات التي اتخذتها المحكمة في 26 يناير لا تزال سارية أيضًا.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، حسب بيانات فلسطينية وأممية.

ويواصل جيش الاحتلال الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان، وكذلك رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية محكمة العدل الإبادة الجماعية الاحتلال غزة غزة الاحتلال جرائم الإبادة الجماعية محكمة العدل المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إیصال المساعدات الإنسانیة اتفاقیة الإبادة الجماعیة محکمة العدل الدولیة العملیات العسکریة وقف إطلاق النار جنوب إفریقیا أن إسرائیل فی 26 ینایر خلال شهر قطاع غزة لا یمکن فی غزة على أن

إقرأ أيضاً:

تقرير: قطع المساعدات الإنسانية عن غزة استمرار لجريمة الإبادة وسط صمت دولي

عبّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه إزاء قرار إسرائيل قطع كامل المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة حتى إشعار آخر، في تصعيد خطير يفاقم الكارثة الإنسانية ويكرّس التجويع كأداة إبادة جماعية، تزامنًا مع تصاعد التصريحات التحريضية لمسؤولين إسرائيليين ضد السكان الفلسطينيين هناك، ما يعكس النية المتعمدة لاستمرار هذه الجريمة عبر حرمانهم من المقومات الأساسية للحياة وفرض ظروف معيشية تؤدي إلى دمارهم الفعلي.

وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أمس الأحد عن وقف كامل لإدخال البضائع والإمدادات الإنسانية كافة إلى قطاع غزة وإغلاق المعابر الواصلة إلى القطاع. كما هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" علنا بحدوث "عواقب إضافية"، من دون اعتبار للواقع الإنساني المتدهور بشدة لأكثر من 2 مليون نسمة.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي، في بيان له اليوم أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، على أنّ المساعدات الإنسانية حق أساسي للسكان المدنيين غير قابل للمساومة بموجب القانون الدولي الإنساني، ولا يوجد أي استثناء أو مبرر قانوني يجيز لإسرائيل حرمان الفلسطينيين من المساعدات الإنسانية الأساسية.

 وأوضح أنّ إسرائيل لا تكتفي باستخدام المساعدات كورقة تفاوضية لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية، بل تنفذ بشكل متعمد سياسة تجويع منهجية، في محاولة لخلق ظروف معيشية قاتلة تجعل بقاء السكان في غزة مستحيلاً.

وقال المرصد الأورومتوسطي: إنّ إعلان إسرائيل المتكرر عن تنسيقها الكامل مع الإدارة الأمريكية الحالية، التي أعلنت صراحة نيتها تهجير سكان قطاع غزة بالكامل، يؤكدّ أن جرائم التجويع وقطع المساعدات الإنسانية ليست مجرد أدوات ضغط تفاوضي أو ممارسات معزولة، بل جزء من مخطط مدروس يتماشى مع التوجه الأميركي لفرض التهجير القسري وتفريغ القطاع من سكانه.

ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ التصريحات المتتالية لوزراء وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي تعكس النية المبيّتة لدى إسرائيل لتدمير السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، ولم تبقَ هذه التصريحات مجرد تهديدات، بل وجدت طريقها إلى التنفيذ الفعلي عبر قطع المساعدات الإنسانية بالكامل، في استغلال واضح للصمت الدولي للمضي قدمًا في جريمة الإبادة الجماعية عبر الحصار والتجويع، دون أي رادع.

وشدّد على أنّ غالبية التصريحات الصادرة عن كبار المسؤولين في إسرائيل بشأن "فتح الجحيم" على قطاع غزة ومنع كافة الإمدادات الإنسانية عن سكانه بالتزامن مع الأفعال الإسرائيلية على الأرض، ترقى إلى تحريض مباشر وعلني على الإبادة الجماعية.

وأمس الأحد، صرّح وزير المالية الإسرائيلي "بتسلئيل سموتريتش" أنّ وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة "هو خطوة مهمة وصحيحة"، قائلًا إنه "علينا المسارعة إلى فتح بوابات الجحيم على العدو، بالشكل الأشد فتكاً وسرعة حتّى النصر المؤزر".

كما رفض وزير الخارجية الإسرائيلي "جدعون ساعر" تحذيرات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بشأن مخاطر تجدد المجاعة في قطاع غزة على ضوء تشديد الحصار على القطاع ووقف كافة الإمدادات الإنسانية، معتبرا أن "التحذيرات من خطر وقوع مجاعة في غزة مجرد كذبة"، وأنّ الحكومة الإسرائيلية غير ملتزمة بإدخال المساعدات الإنسانية.

وفي السياق ذاته، صرّح عضو الكنيست الإسرائيلي وزير الأمن القومي السابق "إيتمار بن جفير"، بأنّ "الوقت الحالي هو الأنسب لفتح أبواب الجحيم وقطع إمدادات الكهرباء والمياه عن قطاع غزة"، داعيًا إلى مواصلة الدفع نحو تنفيذ خطط تهجير سكان القطاع بشكل قسري.

من جهته دعا عضو الكنيست الإسرائيلي "ألموغ كوهين" القوات الإسرائيلية إلى قتل الفلسطينيين في غزة "بلا رحمة" خلال شهر رمضان باعتبار أن شهر الصيام "هو أفضل وقت لقتلهم كونهم ضعفاء ومتعبون".

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنه سبق التعبير علنًا عن النية بالإبادة الجماعية في الحكومة الإسرائيلية والتيار الرئيسي فيها لمدة طويلة منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية على قطاع غزة في السابع من تشرين أول/ أكتوبر 2023 وحتى قبل ذلك، إذ سبق أن أعرب وزير الخدمات الدينية الإسرائيلي، متان كهانا، عن رغبته في أن يتمكن من "الضغط على زر" لطرد جميع الفلسطينيين.

وبعد 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023، انفجرت خطابات الإبادة الجماعية وتحولت إلى روتين يومي لدى كبار المسئولين الإسرائيليين بما في ذلك تصريح وزير الجيش الإسرائيلي السابق "يوآف غالانت"، بشأن "فرض حصار كامل على قطاع غزة ولن يكون هناك كهرباء، لا طعام، لا وقود، كل شيء مغلق. نحن نحارب حيوانات بشرية، ونتصرف وفقًا لذلك".

وحذّر المرصد الأورومتوسطي من مخاطر تمهيد التصريحات التحريضية للمسئولين الإسرائيليين لتصعيد جريمة الإبادة الجماعية في غزة بما في ذلك خلق ظروف معيشية مصممة لإلحاق التدمير المادي بالفلسطينيين في القطاع كليا أو جزئيا من خلال التشديد الكامل للحصار ومنع الإمدادات الإنسانية عن السكان بعد أكثر من 15 شهرا من عدوان شامل تضمن استهداف المنشآت المدنية والبنية التحتية والمستشفيات والمدارس ومختلف أشكال الحياة.

وبيّن أنّ منع إدخال المساعدات والإمدادات الإنسانية يعني فعلياً حرب تجويع على سكان قطاع غزة في ظل اعتمادهم بشكل كلي على المساعدات في توفير غذائهم، علما أن الأمم المتحدة أكدت قبل ثلاثة أيام وجود "صعوبات كثيرة" في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وأن الأوضاع الإنسانية فيه بلغت مستويات "كارثية".

وجدّد الأورومتوسطي التأكيد على أن إسرائيل لم تكتفِ بالقتل الواسع والدمار الهائل الذي ألحقته بقطاع غزة على مدار أكثر من 15 شهرًا، بل تستمر في استخدام سياسات تفضي إلى هلاك السكان على نحو فعلي، بمواصلة سياسة القتل التدريجي والبطيء، وفرض حصار غير قانوني شامل يعرقل تدفق المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية، ويحول دون إصلاح البنية التحتية الحيوية وتقديم الخدمات الأساسية اللازمة لنجاة السكان.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ هذه السياسة الإسرائيلية لا يمكن النظر إليها سوى في إطار تكريس جريمة الإبادة الجماعية، وفقًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، التي تحظر فرض ظروف معيشية على جماعة ما بهدف تدميرها كليًا أو جزئيًا، إذ استمرت إسرائيل -رغم وقف إطلاق النار- في خلق ظروف من المحتمل أن تؤدي إلى التدمير الجسدي للفلسطينيين على المدى الطويل، بالنظر إلى شمولية هذه الأفعال لكافة جوانب حياتهم وطول الفترة التي استمروا خلالها في مواجهة هذه الظروف.

وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول والكيانات ذات العلاقة إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بكافة أفعالها، وضمان التزام إسرائيل بالقانون الدولي، واتخاذ خطوات فاعلة لإنقاذ الفلسطينيين من مخططات القتل البطيء والتهجير القسري، بما يشمل تفعيل استجابة عاجلة لتلبية الاحتياجات الفورية والملائمة للسكان، واستئناف دخول غير مقيد لكافة الإمدادات الإنسانية، وإزالة أي قيود أو حصار يعوق تقديم الإغاثة للسكان المدنيين وخدمات المستشفيات والمياه والتعليم، وتوفير سكن مؤقت ولائق.

وحثّ المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي على تحمل مسئولياته القانونية والإنسانية بشأن ضرورة تنفيذ إصدار محكمة العدل الدولية في 28 آذار/مارس 2024، تدابير تحفظية تلزم إسرائيل فيها باتخاذ الإجراءات اللازمة والفعّالة، وبالتعاون مع الأمم المتحدة، لضمان دخول المساعدات إلى قطاع غزة من دون معوقات وبلا تأخير، وذلك تنفيذا لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.

إقرأ أيضا: دول عربية بارزة تدين استخدام الاحتلال المساعدات الإنسانية كـ"سلاح" ضد غزة

مقالات مشابهة

  • تقرير: قطع المساعدات الإنسانية عن غزة استمرار لجريمة الإبادة وسط صمت دولي
  • رابطةُ العالم الإسلامي تُدين قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • قطر تدين بشدة قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • الأردن تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • المملكة تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • وزارة الخارجية: المملكة تدين وتستنكر قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • المملكة تدين قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • الخارجية الفلسطينية: نرفض تسييس المساعدات الإنسانية من قبل الاحتلال الإسرائيلي
  • الاحتلال الإسرائيلي يوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • التعاون الإسلامي ترفض حظر إسرائيل لأونروا بمرافعة أمام محكمة العدل