أصدرت محكمة العدل الدولية قرارات باتخاذ تدابير احترازية جديدة في قضية الإبادة الجماعية، التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، والتي باتت تأخذ مسارات معاكسة لرغبات تل أبيب.

وأعلنت المحكمة تزايد المخاوف بشأن وقوع أعمال ترقى إلى مستوى إبادة جماعية في غزة، إلى جانب مجموعة إجراءات احترازية إضافية تطالب تل أبيب بضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة دون قيود، وعدم انتهاك حقوق الفلسطينيين.



وأعلن قضاة المحكمة بالإجماع عن ضرورة وقف إطلاق النار، لتنفيذ التدابير الوادرة في القرار.

ثلاثة إجراءات جديدة
أصدرت محكمة العدل الدولية قرارا يتضمن فرض ثلاثة إجراءات احترازية جديدة تأخذ في الاعتبار تدهور الأوضاع المعيشية التي يواجهها الفلسطينيون في غزة، ولا سيما انتشار حالات المجاعة.

وعليه، أصدرت حكما يقضي بضرورة تعاون إسرائيل الكامل مع الأمم المتحدة، من أجل تزويد الفلسطينيين في غزة بالخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمأوى والملابس ومواد التنظيف، فضلا عن الإمدادات الطبية والرعاية الطبية.

كما طالب حكم المحكمة جميع الأطراف المعنية باتخاذ جميع التدابير اللازمة والفعالة، دون تأخير، لضمان توفير المساعدات الإنسانية وفي مقدمتها زيادة قدرة وعدد المعابر البرية وإبقائها مفتوحة لأطول فترة.

وفي المادة الثانية من الحكم، طالبت المحكمة الجيش الإسرائيلي بعدم انتهاك حقوق الفلسطينيين في غزة، واعتبار سكان غزة مجموعة بشرية محمية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، وعدم منع أنشطة إيصال المساعدات الإنسانية اللازمة في القطاع.



وفي المادة الثالثة، قضت المحكمة بأنه يتعين على إسرائيل أن تقدم تقريرا إلى المحكمة خلال شهر واحد عن الأنشطة المتخذة في إطار تطبيق التدابير الإضافية.

وستقوم المحكمة بدورها بـ "إرسال التقرير الجديد الصادر عن إسرائيل إلى جنوب إفريقيا وسيتم السماح للأخيرة بالتعبير عن آرائها بشأن التدابير المدرجة من قبل إسرائيل في التقرير"، بخلاف الإجراء السابق الوارد في قرار المحكمة يوم 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، ترسل بموجبه تل أبيب التقرير إلى محكمة العدل الدولية للتقييم فحسب، دون إرساله إلى جنوب إفريقيا.

المجاعة سلاح انقلب ضد إسرائيل
ذكرت المحكمة أن المادة 76 من نظامها الداخلي تخولها بإجراء تغييرات واتخاذ تدابير مؤقتة بناء على طلب أحد الأطراف أو من تلقاء نفسها، وأنها في حالة قضية غزة لاحظت المحكمة وجود تغييرات جدية على الأرض.

وذكرت المحكمة في قرارها أنه منذ 26 يناير لاحظت تدهورا واضحا في الظروف المعيشية للفلسطينيين في غزة، خاصة بسبب حرمان سكانها من الغذاء وغيره من الضرورات الأساسية.

واستشهدت المحكمة بتقارير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمات أممية أخرى تفيد بأن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد شمال قطاع غزة تضاعف خلال شهر، وأن 2.2 مليون شخص في القطاع معرضون لخطر المجاعة.

وقال القاضي الصومالي بالمحكمة، عبد القوي أحمد يوسف، في بيانه المرفق بالقرار، إن محكمة العدل الدولية لا يمكن أن تظل في موقف المتفرج العاجز عن مواجهة خطر الإبادة الجماعية في غزة، معتبرا أن ذلك "من شأنه أن يجرح ضمير الإنسانية".

وكانت عدة منظمات دولية ودول اتهمت إسرائيل باستخدام التجويع سلاحا في حربها ضد قطاع غزة، وعليه حذرتها من أن هذه الممارسات تشكل انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي.

وعزت المحكمة القرار الاحترازي الإضافي إلى تدهور الوضع الإنساني في غزة، معتبرة أن المجاعة الحاصلة هي وليدة الممارسات الإسرائيلية ضد القطاع.

ووجدت المحكمة أن إسرائيل "لم تبذل جهودا للحد من الكارثة الإنسانية في غزة ولم تساهم في توصيل المساعدات الإنسانية، كما لم ترفع العوائق والقيود التي تحول دون إيصال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع".

انتهاك متواصل للاتفاقيات الدولية
وفي إشارة إلى عدم كفاية المساعدات الإنسانية التي تم إسقاطها جوا على القطاع، أكدت المحكمة وجود حاجة ملحة لزيادة قدرة وعدد المعابر البرية إلى غزة وإبقائها مفتوحة لزيادة تدفق المساعدات.

وذكرت أنه رغم قرارها الصادر في 26 يناير إلا أن إسرائيل تسببت في مقتل أكثر من 6600 فلسطيني وإصابة حوالي 11 ألف في غزة، وأن إسرائيل لا تزال تواصل ارتكاب الانتهاكات ضد سكان القطاع.

وشددت المحكمة على أن قرارها الصادر في 26 يناير وكذلك القرارات الجديدة، لا تزال سارية، وطالبت "بالتنفيذ الفوري والفعال للإجراءات المتخذة لوقف الانتهاكات في قطاع غزة بأكمله، بما في ذلك رفح".

وحذّر قضاة المحكمة من أن انتشار المجاعة في غزة سيؤدي إلى تفاقم الانتهاكات لاتفاقية الإبادة الجماعية.



كما حذروا من أن الجوع الذي يواجهه الفلسطينيون يشير إلى مخاوف من ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.

وفي بيانه المصاحب للقرار، أوضح رئيس المحكمة القاضي اللبناني نواف سلام أن الجوع ومنع إيصال المساعدات الإنسانية يمكن أن يشكل "انتهاكا" لاتفاقية الإبادة الجماعية.

وأشار سلام أيضا إلى أن "حق الوجود" للفلسطينيين في غزة مهدد في ظل غياب المساعدات الإنسانية.

فيما ذكر القاضي الصومالي يوسف أن الظروف المعيشية للفلسطينيين في غزة قد تعني "ظهور تغييرات في هذه المجموعة البشرية قد تلغي وجودها المادي، كليًا أو جزئيًا"، كما ورد في المادة 2، الفقرة ج من اتفاقية الإبادة الجماعية.

وفي بيانها، أوضحت قاضية المحكمة الأسترالية هيلاري تشارلزوورث، أن المجاعة في غزة تهدد وجود الفلسطينيين، وهو الحق الذي تحميه شرعة اتفاقية الإبادة الجماعية.

وأشار القاضي الألماني غيوغ نولت إلى أن خطر الجوع والمجاعة في غزة "يعكس أيضا مدى خطر انتهاك الحقوق المحمية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية".

وذكر نولت أنه لو نفذت إسرائيل الإجراءات الاحترازية الأولى في 26 يناير، لما نشأت حالات المجاعة التي نراها حاليًا في غزة، مشددًا على أن إسرائيل لم تتصرف وفقا للقرارات السابقة الصادرة عن المحكمة.

حاجة ملحة لوقف إطلاق النار
نبهت المحكمة إلى عدم إمكانية إصدار حكم متعلق بطلب جنوب إفريقيا بوقف إطلاق النار، بدعوى عدم إمكانية أن يكون الحكم ملزما لأطراف ثالثة (حركة حماس).

ورغم أن القرار لم ينص بشكل مباشر على وقف إطلاق النار، إلا أن المحكمة ومن خلال تصريحات مسؤولين في مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، ذكرت أن "الوضع الإنساني الكارثي في غزة لا يمكن حله إلا من خلال وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية".

كما أشارت المحكمة إلى وجود قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، والذي سيتحول إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار.

وفي بيانه الإضافي، ذكّر رئيس المحكمة القاضي نواف سلام بقرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بوقف إطلاق النار، مشددًا على أن الإجراءات الجديدة لا يمكن أن تدخل حيز التنفيذ الكامل إلا إذا توقفت العمليات العسكرية.

وقال القضاة شو هانكين، وليوناردو نمر كالديرا برانت، وخوان مانويل جوميز روبليدو، ودير تلادي في بيانهم المشترك: "لا يمكن حل الوضع الإنساني الكارثي إلا إذا تم تعليق العمليات العسكرية في قطاع غزة".

وذكر القاضي يوسف أن الغرض من المادة الثانية من الإجراءات الإضافية هو إنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، مشددًا في الوقت نفسه على أن منع الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين هو "التزام له عواقب يتطلب اتخاذ إجراءات فورية".

إجماع على محاسبة إسرائيل
ومن الأمور الأخرى الجديرة بالملاحظة، أن القرارات الاحترازية الجديدة تم اتخاذها بأغلبية أكبر قارب من الإجماع، مقارنة بالقرارات التي تم اتخاذها في 26 يناير الماضي.

وتمت الموافقة على المادة الأولى من الإجراءات بالإجماع، بما في ذلك تعيين قاضٍ مؤقت من قبل إسرائيل، كما تمت الموافقة على المادتين الثانية والثالثة بأغلبية 15 صوتا مقابل صوت واحد، وهو صوت القاضي الإسرائيلي المؤقت أهارون باراك.



وبالإضافة إلى القاضي باراك، صوتت القاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندي أيضًا ضد المادة التي تنص على أن الإجراءات التي اتخذتها المحكمة في 26 يناير لا تزال سارية أيضًا.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، حسب بيانات فلسطينية وأممية.

ويواصل جيش الاحتلال الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان، وكذلك رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية محكمة العدل الإبادة الجماعية الاحتلال غزة غزة الاحتلال جرائم الإبادة الجماعية محكمة العدل المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إیصال المساعدات الإنسانیة اتفاقیة الإبادة الجماعیة محکمة العدل الدولیة العملیات العسکریة وقف إطلاق النار جنوب إفریقیا أن إسرائیل فی 26 ینایر خلال شهر قطاع غزة لا یمکن فی غزة على أن

إقرأ أيضاً:

حرب الإبادة في غزة ومآلات الحل كما تراها إسرائيل

تحت مزاعم الضغط التفاوضي واستعادة أسراه لدى المقاومة، دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي بقواته البرية لإعادة احتلال قطاع غزة وتقطيع أوصاله عبر محاور مختلفة، وذلك في إطار حرب الإبادة المعلنة على الفلسطينيين في القطاع.

ويسعى الاحتلال لرسم مشهد مأساوي في قطاع غزة عبر تنفيذ مخططات اليوم التالي واستقطاع مناطق شاسعة وتنفيذ خطة الجنرالات المستحدثة، التي تقع رفح وبيت لاهيا في قلبها.

ويكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حديثه عن أهدافه من الحرب، والتي يلخصها بإطلاق سراح الأسرى وإجبار المقاومة على إلقاء سلاحها ونفي قادتها للخارج، وتهجير باقي سكان القطاع تنفيذا لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وكان قد أعلن خلال الاجتماع الحكومي أن الجيش "غيّر خططه في قطاع غزة، وأنه في نهاية الهجوم ستلقي حماس سلاحها، وسيُسمح لكبار مسؤوليها بالسفر إلى الخارج، وسنتمكن من تنفيذ خطة ترامب للهجرة الطوعية".

نتنياهو يكرر حديثه عن أهدافه من الحرب على غزة (الأوروبية) الضغط على حماس

ويؤكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الهدف من توسيع العملية هو زيادة الضغط على حركة حماس لدفعها إلى التنازل عن شروطها في المفاوضات.

ويبدو أن كلماته كانت بمثابة بيان تم التنسيق فيه مع الأميركيين، وربما أمروا به، وفقا لوصف عاموس هرائيل في صحيفة هآرتس.

ويضيف أنه "ليس من قبيل المصادفة أن يختفي ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي من خريطة وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة. ويبدو أن واشنطن تركت لإسرائيل مجالاً للعمل العسكري، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تحسين قدرتها على المساومة في المفاوضات، ولكن من المرجح أن يكون ذلك محدودا في الوقت".

ويتابع أن الرسالة الحالية القادمة من واشنطن أنها ترحب بعودة إسرائيل للقتال في غزة، كما أن الإدارة الحالية ستزودها بكل الأسلحة اللازمة لذلك، وقد يكون الضوء الأخضر الأميركي ليس مطلقا، إذ من المتوقع أن يزور ترامب السعودية الشهر المقبل، وهو لا يريد أن تطغى صور الحرب القادمة من غزة على زيارته.

إعلان

وفقا لوصف هرائيل فإنه إذا كان نتنياهو يأمل في تحقيق أهدافه، فسوف يضطر إلى ممارسة ضغوط عسكرية أكبر بكثير، "ولكن ليس من المؤكد على الإطلاق أنه سينجح في مسعاه، وهناك خطر واضح على طول الطريق يتمثل في موت معظم الرهائن".

إعادة احتلال القطاع

رافقت المجازر التي لم تتوقف لحظة، مخططات إعادة احتلال قطاع غزة عبر قضم مناطق واسعة منه، وضمها للمنطقة الأمنية.

وبحسب آفي أشكنازي في معاريف فإن الجيش الإسرائيلي يعتزم تقسيم قطاع غزة إلى 4 أجزاء بهدف زيادة الضغط على حماس، فقوات الفرقة 36 التي بدأت عملياتها في جنوب قطاع غزة تعمل على إنشاء منطقة محور موراغ الذي يفصل بين خان يونس ورفح. وسيكون محور موراغ موازيا لمحور فيلادلفيا في الشمال، أما في الجنوب فسيكون موازيا لمحور نتساريم.

وبحسب مصدر عسكري إسرائيلي لصحيفة معاريف تعمل عدة ألوية في رفح حيث قوات غيفعاتي في الشابورة، واللواء 14 في تل السلطان، كما تعمل في غزة حاليا 3 فرق: الفرقة 143، والفرقة 252 في شمال ووسط القطاع وتعمل القوات في بيت حانون وبيت لاهيا، بينما تعمل كتيبة 16 على محور نتساريم.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر مطلعة بأن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير يريد القضاء على حماس بشكل حاسم بهجوم بري واسع، قبل اتخاذ أي قرار بشأن حل سياسي. وهو مستعد لنشر قوات كافية لاحتلال القطاع إلى أجل غير مسمى.

وقال العقيد احتياط حيزي نحماه: هناك خطوة لاحتلال رفح من المفترض أن تؤدي إلى خيارين:

الأول: التوسع نحو الخطة الكبرى، 6 فرق عسكرية تحتل قطاع غزة بأكمله و"تطهّره". الثاني: محاولة إطالة المرحلة الأولى لإنقاذ بعض الأسرى.

ويرى الكاتب وسام عفيفة، في حديثه للجزيرة نت، أن إسرائيل تعمل على إعادة احتلال غزة بشكل تدريجي، مع دعم أميركي مؤقت، موضحا أن احتلال رفح وشمال القطاع وبيت لاهيا وبيت حانون وتوسيع المنطقة العازلة على طول شرق قطاع غزة، يشير إلى عزم الاحتلال السيطرة على نصف مساحة قطاع غزة وليس كما يعلن عن 25%.

إعلان

وقال إن تقسيم القطاع عبر محاور عرضية مثل محور موراغ ونتساريم وكوسوفيم، ومفلاسيم وما يضاف إليها من مساحات كبيرة على جانبي هذه المحاور ضمن هوامش السيطرة النارية لقوات البرية الموجودة، يثبت أن الاحتلال يعمل على إعادة احتلال نصف قطاع غزة مع الضغط على الفلسطينيين للتحرك لغرب شارع صلاح الدين الذي يفصل القطاع من شماله وجنوبه.

وكل ذلك ضمن عقيدة عسكرية جديدة تنفذها أيضا في لبنان وسوريا بالاستيلاء على أراض تحولها إلى أحزمة أمنية ومناطق عازلة.

ولكن رئيس الاستخبارات العسكرية السابق تامير هايمان حذر من هذا السيناريو في مقال نشرته القناة الـ12، وقال إن الحفاظ على الجيش في كامل الأراضي يتطلب وجودا عسكريا كبيرا، وسوف يأتي هذا على حساب القوات في الضفة الغربية وعلى حساب القوات على الحدود الشمالية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض الشعور بالأمن، ومن المرجح أيضا أن يؤدي إلى زيادة "الهجمات الإرهابية".

كما أن حجم قوات الاحتياط المطلوب لهذه المهمة سوف يضر بالاقتصاد ويزيد من العبء على جنود الاحتياط بشكل يعرض جاهزيتهم للخطر، وستؤثر الشرعية الدولية سلبا على العلاقات التجارية لإسرائيل، ومن ثم بشكل سلبي على الاقتصاد الإسرائيلي.

وقد ترى دولٌ عديدة باستثناء الولايات المتحدة في إعادة احتلال القطاع عملاً غير قانوني وغير متناسب يتعارض مع قيمها.

ضغط تفاوضي مخادع

ورغم إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس أن هدف العمليات في غزة هو تعزيز إطلاق سراح الأسرى، لم يخف الهدف الحقيقي من عدوان الجيش الإسرائيلي الجديد بأن "الإجراءات التي نتخذها على الأرض هي أيضًا تحضير للعملية الكبرى التي طلبت من الجيش إعدادها، إذا لم نحقق إطلاق سراح الرهائن، فسيعمل الجيش على هزيمة حماس".

وبحسب عاموس هرائيل فإنه حتى قبل الوصول لاتفاق وسط، "سيأتي سفك الدماء المتبادل، الذي ستقدمه الحكومة بشكل مخادع أمام الرأي العام باعتباره خطوة إلزامية على طريق النصر".

إعلان

ولم يستغرب المختص في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد من شروط نتنياهو التعجيزية في رده على مقترح الوسطاء، والذي وافقت عليه حماس مع تعديلات، معتبرًا أن نتنياهو لا يبحث عن إطلاق سراح الأسرى مهما قدمت حماس من تنازلات، بل هي خطوات خداعية تهدف لكسب الوقت لتنفيذ مخططه في إعادة احتلال قطاع غزة والتهجير.

ويضيف أبو عواد أن الحديث عن المقترحات والأسرى هو فقط لتبريد جبهته الداخلية المتقلبة والمنقسمة، في ظل خطوات منفصلة تقوم بها المعارضة ضد الانقلاب القضائي وقضية تجنيد الحريديم.

ويتفق عفيفة معه بأن المفاوضات لاستئناف وقف إطلاق النار دخلت في نفق مظلم وتستخدمها حكومة نتنياهو لشراء الوقت، مع فجوات كبيرة بين الطرفين بعد رفض إسرائيل مقترح الوسطاء.

أونروا وهيئات محلية ودولية أكدت أن المجاعة تفتك بمناطق قطاع غزة (الجزيرة) حرب أهلية

وخلال حالة العدوان المستمرة على قطاع غزة، عمل الجيش الإسرائيلي على استهداف رموز الحكم في قطاع غزة والجهات الإغاثية وعناصر الشرطة، مع دعم علني ومباشر لمظاهرات خرجت تطالب بإنهاء الحرب على قطاع غزة، مدفوع جزء منها بدعم إقليمي إعلامي واضح تحت شعار طرد المقاومة ورفع يدها عن حكم غزة.

ويضاف لذلك التنسيق مع عصابات محلية استولت على المساعدات وعملت على نشر حالة الفوضى العميقة في كل مناحي الحياة.

وبحسب عفيفة يعود الاحتلال لاختبار تجربة تشكيل عصابات محلية، أو الاعتماد على البعد العائلي للسيطرة على جيوب في القطاع، رغم فشله في العام الأول من الحرب وهو النهج الذي يُعتبر خطوة نحو تنفيذ "خطة اليوم التالي"، التي تتحدث عن إقامة حكم محلي بديل تحت حماية الاحتلال. لكنه لا يزال خيارا بعيد التطبيق. والبديل عنه خلق فوضى واقتتال داخلي".

واكد أبو عواد من طرفه أن الاحتلال قد يعمل على إقامة روابط القرى في قطاع غزة على شاكلة ما حدث في الضفة الغربية في السبعينيات، عبر دعم عشائر، وعصابات وجهات متورطة مع الاحتلال أمنيًا عبر إشاعة الفوضى والقتل وزعزعة الحالة الداخلية، بهدف سلخ المناطق التي يسيطر عليها بالنار من أي ترابط مع باقي مناطق القطاع، ومع إطار الحكم المحلي القائم، ضمن خططه الأمنية والعسكرية لليوم التالي في قطاع غزة.

إعلان

التجويع والتهجير

في مقابل القتل اليومي، يستمر مسلسل التجويع في ظل انقطاع دخول أي شكل من أشكال المساعدات منذ أكثر من شهر إلى قطاع غزة إضافة لسيطرة الاحتلال على مناطق زراعية شاسعة في شمال ووسط وجنوب قطاع غزة والتي كانت تمثل السلة الغذائية التي ساعدت على صمود الفلسطينيين أمام حرب التجويع ويعمل الاحتلال على استهداف تكايا توزيع الطعام بشكل مباشر ونشاطات المبادرين ومن يقدمون أدنى مقومات المساعدة للفلسطينيين.

ولم يخف مسؤول إسرائيلي رفيع تحدّث إلى الصحفيين المرافقين لوفد نتنياهو خلال زيارته للمجر، الأهداف من عودة العدوان على غزة والتجويع حيث قال "إسرائيل تُجري مفاوضات مع أكثر من دولة بشأن استيعاب فلسطينيين من قطاع غزة، وإسرائيل جادّة جدا في تنفيذ خطة ترامب لنقل سكان القطاع إلى دول أخرى".

وزعم أن عدة دول أبدت استعدادها لاستقبال الفلسطينيين، لكنها طرحت شروطا، وتطلب مقابلا، ليس بالضرورة ماليا، بل أيضا أمورا إستراتيجية.

وأضاف "ما نرغب في رؤيته هو إنقاذ الأسرى، والقضاء على حماس، ومن ثم استغلال الفرصة لعملية هجرة طوعية واسعة، نحن نتحدث عن أكثر من مليون شخص. القطاع أصبح ركامًا، ونحن نعمل على هذه الخطة".

ويوضح أبو عواد أن مبدأ التهجير لم يختف عن طروحات ترامب والحكومة الإسرائيلية التي ترى في تصريحات الرئيس الأميركي فرصة تاريخية للتهجير يجب استغلالها.

ويشير إلى أن الخطوات الميدانية العسكرية في غزة من إبادة ومجازر وتجويع ما هي إلا لفرض وقائع بيئة طاردة لاستقرار الفلسطيني والتشبث بأرضه في قطاع غزة وصولا لتنفيذ أكبر حملة تهجير.

وتسلط الدكتورة ليراز مارغاليت، في مقال نشرته صحيفة معاريف، الضوء على العلاقة بين حجم الإجرام الذي يرتكبه جيش الاحتلال في غزة، وبين تصور قديم لنتنياهو، فتقول "إن غزة بكل المآسي التي تمر بها تقع ضمن النموذج الذهني الذي بناه نتنياهو لنفسه منذ صغره، حيث يرى نفسه رسولا مقدرا له أن يحمي اليهود من الانقراض".

إعلان

وتضيف أن "نتنياهو يعلم أنه إذا لم تنته الحرب الحالية بصورة واضحة للنصر أو إطلاق سراح الرهائن، فإن هذه الوصمة سترافقه طوال حياته، وهذا من شأنه أن ينفي الرؤية التبشيرية التي غلف بها شخصيته".

مقالات مشابهة

  • حرب الإبادة في غزة ومآلات الحل كما تراها إسرائيل
  • المكتب الإعلامي بغزة: الإبادة الجماعية تغرق رفح في كارثة إنسانية
  • أمير منطقة الرياض يستقبل رئيس المحكمة العامة ورئيس محكمة التنفيذ بالرياض
  • 17 ألف طفل فلسطيني في سجل شهداء الإبادة الجماعية
  • برلماني: مجزرة الاحتلال برفح الفلسطينية استكمال لسيناريو الإبادة الجماعية
  • لازاريني .. “إسرائيل” تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية سلاحا في غزة
  • (الأونروا): إسرائيل تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية سلاحا في غزة
  • الأونروا: إسرائيل تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية سلاحا في غزة
  • بارزاني: الإبادة الجماعية بحق الكورد الفيليين جزء من المخطط الممنهج للنظام السابق
  • نيكاراغوا تسحب دعمها لقضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل