زين العابدين صالح عبد الرحمن
يعد " نادي الكتاب" واحدا من ساحات الحوار بين النخب السودانية في العديد من موضعات الفكر و التاريخ و الثقافة و العلوم والإعلام و الإبداع، و يقيم النادي ندوة راتبة لكتاب يختاره اعضاء النادي أو يتفضل بترشيحه عضو/ة في النادي..و النادي من حيث التأسيس قد أسسه عدد من العاملين في مجال الطب و المهتمين بقضايا التثقيف في العديد من حقول المعرفة و شيئا من السياسة و قدم من على منبره العديد من الكتب و الدراسات.
بسبب فروق الوقت خاصة الزمن المحدد للندوة، جعل بداية الندوة في زمن حرج للذين يقطنون الدول التي عندها تشرق الشمس قبل الآخرين " استراليا و نيوزيلندا" و خاصة وقت رمضان، فرق الزمن حرج جدا. رغما عن ذلك؛ استطعت أن أحضر جزء كبيرا منها، خاص الحوار الذي دار بين الحضور و دكتور إبراهيم، و هذا يؤهلني أن أكتب عن العمود الفقرى الذي بنيت عليه الندوة هو " تواصل التثقيف و المثاقفة بين الأجيال، و التدوين بصوره المختلفة، إذا كان في العمل، أو إذا كان عبر القصص و الأحاجي للأطفال و النشء الذي هو ضرب من ضروب الإبداع و التعلم الاجتماعي، و هذه النوع إذا كان يتم تدوينه عبر المتلقين في أزمنته المختلفة يساعد على التطور الذي يحدث في عملية السرد عبر الأجيال، و أيضا تطور عملية طريقة التعلم من خلال احاجي الحبوبات و الأمهات... القضية الأخرى أن التدوين الذي يمكن أن يتم في مجالات العمل و كتاب التاريخ للأعمال المختلفة يساعد على معرفة التطور الذي حدث لها و أيضا تتبع تطور الأخطاء التي اوصلت الناس للنجاح أو الفشل الذي أدمنته النخب السودانية..
ضرب البروف عبد الله علي إبراهيم مثالا عن الصراع مع المستعمر و حتى نيل الاستقلال.. هل كل المجهود قام به مؤتمر الخريجين ثم الأحزاب السياسية أم هناك حركات أخرى أيضا لها دورا كبيرا مثل الحركة العمالية و أيضا الطلاب و المزارعين و غيرهم و هذا نتاج عن قصور في التدوين من عضوية الحركات نفسها. و اعترض البروف إبراهيم على الذين ينتقدون العقل الرعوي باعتباره عقل تقليدي.. و قال أن العقل الرعوي استطاع أن يحافظ على مهنته، و يزيد إنتاجها و يسهم في الدخل القومي أفضل من النخب التي فشلت في تحقيق أهداف المؤسسات التي تقع تحت إدارتهم، و قال أن من أهم اعمال التدوين يستطيع أن يتتبع عملية النجاحات في القطاع المعين و أيضا الأخطاء التي تسببت في الفشل.
و هناك كتابات البروف أحمد الصافي الذي سجل مع العديد من الأطباء الذين اسسوا وحدات علمية في الطب و أصدر كتبا تدون عمليات تطور فروع الطب المختلفة في السودان، هذا التدوين يحفظ على معرفة تاريخ الطب و تطوره و أيضا الأمراض و تأسيس وحداتها.. و تعرض الحديث أيضا للخبرات الطويلة في مجال العمل، و هؤلاء الذين أصبحوا في المعاش لم يعمل المجتمع في السودان و لا مؤسسات الدولة للإستفادة من خبراتهم في عمل ورش في أماكن العمل يديرها هؤلاء بهدف نقل الخبرات إلي الأجيال الجديدة، و إذا نظرنا إلي العديد من دول الغرب أن المجتمع يستفيد من هؤلاء.. في استراليا مثلا هناك منظمات تعمل في مجل الاستفادة من الذين خرجوا لمعاش أو الذين أصيبوا في العمل و خرجوا المعاش مبكرا في نقل هذه الخبرات من خلال إقامة ورش و سمنارات و محاضرات يقدم فيها هولاء المتطوعين خبراتهم للأجيال الجديدة في أماكن العمل التي عملوا فيها أو أماكن تستفيد من هذه الخبرات، الأمر الذي يربط العلاقة بين الأجيال المختلفة..
أن إشكالية السودان تتمحور في شيئين عدم الاستقرار السياسي و الاجتماعي، و التنافس الحزبي الذي لا تحكمه أي معايير يمكن الرجوع إليها، فكل نظام جديد لا يبدأ مشواره من حيث وصل النظام الأول و يضيف إليه، يحاول أن يهدم السابق حتى يسجل هو بداية جديدة ليس لها علاقة بالسابق، فكل واحد يريد أن يجعل له تاريخا مغايرا، الأمر الذي يجعل البلاد تتراجع في الخدمات و التنمية. أن عدم الاستقرار جعل كل النخب السياسية دون استثناء تتبنى المنهج التبريري حتى لا تلام على أخطائها، هذا التبرير هو الذي كان سببا في تعطيل العقل، و مثل هذه الندوات تعمل على زحزجت الناس من التبرير إلي المنهج النقدي الذي يعيد للعقل مكانته..
أن مثل هذه الندوات التي يقيمها نادي الكتاب في استعراض الكتب، و إجراء حوارات حولها، سوف تلفت النظر على أهمية الاطلاع من جانب، و تفتح منافذ للحوار في حمولات الكتب العلمية و المعرفية و التثقيفية من جانب أخر، حيث أصبح نادي الكتاب يمثل أحد المنابر التي تسهم في عملية الوعي و التثقيف المعرفي. و تحية للقائمين عليه. و نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: نادی الکتاب العدید من
إقرأ أيضاً:
شلقم: الأجيال الجديدة في غيبوبة وتخلف وإرهاب
دعا عبدالرحمن شلقم، وزير الخارجية ومندوب ليبيا الأسبق لدى مجلس الأمن الدولي، إلى الاطلاع على المنطق والفلسفة، وقال إن الراحلين القدامى قالوا: «من تمنطق فقد تزندق»، والعصر يقول اليوم، من لم يتمنطق، فقد تخندق في حفر الظلام البهيم، وفق قوله.
أضاف في مقال بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية، أن “في كل يوم يبدع لنا مَن يوصفون، بالعلماء عشرات الممنوعات والمحرمات. البسوا ولا تلبسوا، قولوا ولا تقولوا، افعلوا ولا تفعلوا، اسمعوا ولا تسمعوا، انظروا ولا تنظروا. لماذا يا سادتنا العلماء، ليس بينكم من يحرّض الشباب على القراءة والبحث العلمي، ومن يقرأ مناهج التعليم ويدعو إلى اشتباكها مع دفق العصر الجديد! علماؤنا الحقيقيون، يفرُّون إلى دول تتجدد فيها أضواء الأنوار، يعلمون ويبحثون ويخترعون، في حين يهاجر من يصفون أنفسهم «بالعلماء» في أوطاننا، يهاجرون إلى حفر أزمنة أرامل، ويجرّون لها أجيالنا الوليدة، ويفتون لهم بما يهديهم إلى غيبوبة الجهل والتخلف والعنف والإرهاب”.
وتابع قائلاً: “المرأة هي الميدان، الذي لا ينقشع غبار معاركه العظيمة، التي يخوضها علماؤنا. هي مجمع العورات الذي تلاحقه اللعنات المزمنة. السؤال الذي يفتح الأبواب لعشرات الأسئلة، هل سأل علماؤنا، عن عدد النساء اللاتي حصلن على جائزة نوبل، في مختلف المجالات؟ لقد فازت 16 امرأة بالجائزة للسلام، و14 امرأة في مجال الأدب، و12 امرأة في الطب وعلم وظائف الأعضاء، واثنتان في مجال الفيزياء. هذه القامات العظيمة التي وهبت للإنسانية، علماً دفع بها إلى زمن جديد، تراجعت فيه الأمراض، وانتصر عليها الطب، وتعملقت فيه القدرات العقلية للإنسان، ما زال «علماؤنا» يتصارعون على معضلة شعر رأسها، ولون ملابسها، وطبقة صوتها”.