المسار السياسي بتشاد بين تحدي الانتقال السلمي وأمل الديمقراطية
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
عانت جمهورية تشاد، الواقعة في قلب أفريقيا، من تقلبات سياسية واضطرابات أمنية عديدة على مدار أكثر من 63 عاما، حيث لم تشهد البلاد أي تداول سلمي للسلطة أو انتقال ديمقراطي حقيقي. ومرت البلاد بأحداث سياسية عاصفة خلال العقود الستة الماضية.
وشهدت جمهورية تشاد تحولا في مسارها السياسي يوم 11 أبريل/نيسان عام 2021، حيث أُجريت الانتخابات الرئاسية، إذ كان الرئيس إدريس ديبي إتنو، الحاكم منذ 3 عقود، يقف على أعتاب فوز ساحق لفترة رئاسية سادسة، بحصوله على 80% من الأصوات وفق النتائج التي أعلنتها الحكومة.
غير أن الأشهر التي سبقت الانتخابات كانت تموج بالتوتر، حيث كثف النظام جهوده لقمع المسيرات المُطالبة بالتناوب السلطوي الذي دعت إليه المعارضة.
في ذروة تلك اللحظات الحرجة، شنّت المعارضة المسلحة "جبهة التغيير والوفاق"، المؤسسة عام 2016 من قبل ضباط سابقين في الجيش التشادي، هجوما في شمال البلاد يوم الانتخابات، متقدمة من ليبيا نحو العاصمة نجامينا.
إدريس ديبي الرئيس التشادي السابق قُتل في 20 أبريل/نيسان 2021 (رويترز) فصل جديدديبي، الذي وصل إلى السلطة عبر تمرّد مسلح، توجّه إلى الخطوط الأمامية لدعم قواته ضد المتمردين. لكن تلك الشجاعة كلفته حياته، إذ توفي في 20 أبريل/نيسان 2021، متأثرا بجروح في اشتباكات مع المتمردين، وفق ما أعلنه التلفزيون الرسمي.
بيد أن الغموض لا يزال يحيط بالظروف المباشرة لوفاته، فهل كان مقتله نتيجة الاشتباكات حقا، أم أنه كان اغتيالا من قريبيه كما تزعُم أقسام من المعارضة.
هذا الحدث لم يكن إلا بداية لفصل جديد مليء بالاضطرابات في تاريخ تشاد، فتح الباب أمام عدة تساؤلات حول مستقبل البلاد ومسارها نحو الاستقرار والديمقراطية.
ويُعد إدريس ديبي إتنو، الذي تولى مقاليد الحكم منذ الثاني من ديسمبر/كانون الأول 1990 وحتى لحظة مقتله، شخصية محورية في تاريخ تشاد الحديث. ينتمي إلى قبيلة الزغاوة، وتلقى تدريبه العسكري في فرنسا قبل أن يعود إلى البلاد في 1976، حيث بقي وفيا للجيش وللرئيس آنذاك فليكس معلوم.
وبعد نشوب خلاف مع الرئيس الأسبق حسين حبري، الذي اتهمه بمحاولة الانقلاب، اضطر ديبي لمغادرة البلاد وتأسيس "جبهة الإنقاذ الوطنية"، ليبدأ طريق العودة إلى السلطة عبر استيلائه على العاصمة نجامينا في 1990.
وتم تعيين ديبي رسميا رئيسا للدولة في 28 فبراير/شباط 1991، إثر إقرار الميثاق الوطني. وفاز في الانتخابات الرئاسية لعامي 1996 و2001، وتلاها تعديل دستوري مكنه من الترشح لفترات رئاسية إضافية، ففاز مجددا في استحقاقات 2006 و2011 و2016، مما جعله أحد أطول القادة بقاء في السلطة على مستوى العالم، بأكثر من 30 عاما.
تخللت رئاسته تقييمات متباينة، فمن جهة، كان يحظى بشعبية عارمة بين أفراد قبيلته الزغاوة، ومن جهة أخرى، واجه انتقادات شديدة من المعارضة والقوى المدنية بسبب القمع والتحريض على العنف وتوليه السلطة لأمد طويل.
نقاط ضعفاقتصاديا، رغم أن ديبي أشرف على بدء إنتاج النفط عام 2003، فإن تشاد ظلت من الدول المتخلفة اقتصاديا. ويُعزى إليه الفضل في تحقيق مستوى من الاستقرار النسبي في مواجهة التحديات الأمنية، خصوصا التنظيمات الإرهابية، مقارنة بالتوترات في منطقة الساحل.
أهم النقاط النقد الموجهة إلى سجل ديبي، تتمثل في تركه بلدا ببنية مؤسساتية ضعيفة، مما أدى إلى الالتفاف على الدستور بعد وفاته. هذا الوضع أصبح واضحا من خلال توريث السلطة لنجله، الأمر الذي يعكس فشله في بناء دولة مؤسساتية ودستورية رغم عقوده الثلاثة في الحكم.
بعد وفاة ديبي، غمرت نجامينا أمواج من القلق والتوتر. الهجمات التي شنها المتمردون أحدثت حالة من الذعر، وتم نشر الدبابات في الشوارع الرئيسية لضمان الأمن والنظام.
وأعلن الجيش حل الحكومة وتعيين محمد إدريس ديبي إتنو (37 عاما) ابن الرئيس الراحل -حينها- رئيسا مؤقتا، وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا من وفاة ديبي الأب. على رأس المجلس العسكري، وعد محمد إدريس بإجراء انتخابات "حرة وديمقراطية" بمجرد انتهاء الفترة الانتقالية.
هذا الانتقال السريع للسلطة، رغم مخالفته للدستور التشادي الذي ينص على أن يتولى رئيس البرلمان منصب الرئاسة بصفة مؤقتة في حال غياب الرئيس بسبب الوفاة، لاقى تأييدا من أنصار المجلس العسكري، مستندين على تبرير أن رئيس البرلمان قد تخلى طوعا عن حقه في الرئاسة.
ومهّد ذلك الطريق لمحمد ديبي ليقود فترة انتقالية مضطربة مع إخلال بوعوده المتعلقة بالفترة الانتقالية وترشح أعضاء المجلس للانتخابات.
واجهت تشاد مرحلة انتقالية معقدة مليئة بالتحديات السياسية والأمنية، واستهل النظام الجديد مهامه بمواجهة حركات التمرد عسكريا، لتتجه لاحقا نحو مسار المفاوضات في قطر.
في الدوحة، توصلت الحكومة التشادية -عبر مفاوضات السلام- في أغسطس/آب 2022 إلى اتفاق مع أكثر من 52 حركة معارضة و200 حزب سياسي، تعهدوا بوقف كامل ونهائي للأعمال العدائية والبدء في عملية نزع السلاح وإعادة الدمج.
توتر جديدأعقب ذلك فورا، جلسات حوار وطني شامل في تشاد، جمعت 1400 مندوب، بما في ذلك ممثلون عن المجموعات المسلحة، بهدف التوصل إلى اتفاق لإنهاء المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات حرة وديمقراطية.
رغم مبادرات تحقيق السلام، عانت البلاد موجة توتر جديدة في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بتنظيم مسيرات واسعة في اليوم الذي يصادف انقضاء الفترة المحددة بـ 18 شهرا التي أعلن المجلس العسكري التزامه بها.
وقمع الجيش الاحتجاجات التي أقامها معارضو تمديد الفترة الانتقالية، مما أسفر عن مقتل حوالي 300 شخص واعتقال المئات. في خطوة لاحقة نحو الدمج السياسي، أُجري استفتاء في ديسمبر/كانون الأول 2023.
انتقد المجتمع المدني وقادة المعارضة عملية الاستفتاء بسبب عدم تمكنها من تغطية القضايا الجوهرية للمعارضة السياسية، مثل القمع وغياب حريات التعبير والتجمع، ووجود هيئة إدارة انتخابية غير محايدة وإشكاليات تتعلق باللامركزية والفدرالية في إدارة دولة تُعتبر خامس أكبر دولة أفريقية من حيث المساحة.
ودعت غالبية الأحزاب المعارضة إلى التصويت بـ "لا" أو إلى مقاطعة الاستفتاء تماما. مع ذلك، أقرّت نتيجة الاستفتاء دستورا جديدا يسمح بمشاركة أعضاء المجلس العسكري في الانتخابات المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 وتم تقديمها إلى مايو/أيار، ولتحقيق المصالحة، أُعلن عفو عام عن المتورطين في الأحداث العنيفة التي وقعت في أكتوبر/تشرين الثاني 2022.
أبرز التحفظات التي قد تُسجل بخصوص مبادرات محمد ديبي للسلام، أنه أقام حوارا وطنيا واستفتاء دستوريا تحت إشراف الموالين له بإحكام، مما أدى إلى تمديد الفترة الانتقالية لعامين إضافيين وسمح لمجلسه العسكري بالمشاركة في الحكومة المدنية المقبلة، وهو ما كان قد نفاه في السابق.
يحيى ديلو جيرو المعارض التشادي البارز قُتل يوم 28 فبراير/شباط 2024 (التواصل الاجتماعي) تحول جذريطرأ تحول جذري آخر في السياسة التشادية بتعيين سوكسيه مسرا، قائد المعارضة، رئيسا للوزراء في الأول من يناير/كانون الثاني 2024.
مسرا، الذي كان قد فرّ إلى المنفى بعد مظاهرات أكتوبر/تشرين الأول -وكان أحد قادتها- وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية، عاد إلى البلاد في إطار اتفاق تفاوضي وأُطلق سراح أنصاره، مما عدّ خطوة نحو الوحدة في مواجهة التحديات القائمة.
وفي تقلب مفاجئ آخر للأحداث، قُتل يحيى ديلو جيرو (49 عاما)، زعيم الحزب الاشتراكي "بلا حدود"، المعارض البارز وابن عمة الجنرال محمد ديبي، خلال عملية عسكرية استهدفت مقر حزبه يوم الأربعاء 28 فبراير/شباط الماضي.
جيرو الذي كان يُعد منافسا رئيسيا لديبي في الانتخابات الرئاسية القادمة، واجه اتهامات بتنظيم هجوم على مقر الاستخبارات الوطنية في الليلة السابقة، إثر اعتقال أحد أنصاره بتهمة محاولة اغتيال رئيس المحكمة العليا.
وقبل ساعات من مقتله، أصدر جيرو بيانا ينفي فيه بشكل قاطع التهم الموجهة إليه، قائلا إنها "كذبة" و"تمثيلية" مفبركة لاستبعاده من الترشح ضد محمد ديبي.
أضاف الحادث طبقة أخرى من التوتر إلى الأجواء المشحونة -بالفعل- قبل الانتخابات الرئاسية، وسلط الضوء على الصراعات العميقة داخل قبيلة الزغاوة الحاكمة.
يُذكر أن التعديلات الدستورية التعسفية، والتأخيرات الانتخابية، ضمت شخصيات بارزة من المعارضة تحت وطأة التهديد، وكانت الاغتيالات السياسية جزءا من إستراتيجيات ديبي الأب للبقاء في السلطة.
وبفضل دستور يمكن تعديله بسهولة، استطاع ديبي إرساء نظام يكفل له إمساكا دائما بالسلطة، ويُستنتج أن نجله يتبع مساره. هذه الترتيبات كانت السبب الرئيس وراء فشل تشاد في تجربة انتقال انتخابي سلمي، رغم المطالب الشعبية بتبني معايير ديمقراطية.
وأسهم هذا النمط من الحكم في استمرار حالة عدم الاستقرار التي عانت منها البلاد عبر عقود، شملت التمرد المسلح والاغتيالات والأزمات الاقتصادية وتفاقم الفوارق الاجتماعية في الدولة الغنية بالنفط والتي يعيش فيها 18 مليون نسمة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في السادس من مايو/أيار القادم في ضوء تصريحات عثمان ديلو -شقيق يحيي ديلو- الذي توعد بالانتقام لأخيه، فإن تقلبات سياسية مصحوبة بتحركات مسلحة شبيهة بظروف مقتل إدريس ديبي في الأشهر المقبلة ذات احتمالية معتبرة، مما يهدم أسس أي تطلعات ديمقراطية مستقبلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الانتخابات الرئاسیة الفترة الانتقالیة المجلس العسکری إدریس دیبی محمد دیبی
إقرأ أيضاً:
شرطة أبوظبي: «فرسان التسامح» يرسخ قيم التعايش السلمي في مجتمعنا
أبوظبي (الاتحاد)
اعتمدت القيادة العامة لشرطة أبوظبي تطبيق الدليل الاسترشادي -الحكومة حاضنة للتسامح في بيئة العمل الذي أصدرته وزارة التسامح والتعايش، مؤكدة أن أهمية وآثار التسامح الإيجابية في بيئة العمل تتعدد على المستوى الفردي والجماعي اعتماداً على درجة رسوخ مفاهيمه وتطبيقاته في العمل، إذ إنه كلما رسخت قيم التسامح الوظيفي بشقيها الإنساني والإداري في جهة ما، كلما كثرت آثارها الإيجابية في بيئة العمل، وعلى العاملين فيها وبالتالي على متعاملي وشركاء الجهة، حيث إن هذه الآثار تعد بمثابة الدلائل على تطبيق التسامح الوظيفي في مقر العمل، كما تدل على تمكن الموظفين من دمج قيم التسامح في تعاملاتهم اليومية.
وأوضحت تزامناً مع اليوم العالمي للتسامح، الذي يصادف 16 نوفمبر 2024، اهتمامها بترسيخ قيم وثقافات التسامح والاحترام بين الناس، ونبذ كل مظاهر وأشكال التعصب والتمييز والكراهية، لافتة إلى أن يوم العالمي للتسامح مناسبة مهمة تعزز قيمة الاحترام لجميع ثقافات وتقاليد ومعتقدات الآخرين، وفهم المخاطر التي يشكلها التعصب.
وأكدت أن نهج مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في التسامح والتعايش المجتمعي الإماراتي الأصيل يعتبر نموذجاً ريادياً رسخته دولة الإمارات حتى أصبحت معلماً عالمياً لأكثر البلدان تسامحاً وأمناً وأماناً.
وأشادت بدور المجالس والبرامج الهادفة التي تعقد على مستوى الدولة في إيصال رسالة للمجتمع الذي يمتاز بروح الإيجابية العميقة وفي المودة والرحمة والمساعدة وبذل الخير ومد يد العون والمساعدة لمختلف الشعوب والثقافات العالمية.
ولفتت إلى اهتمامها المستمر بدعم المبادرات التي تعزز قيم التسامح والتعايش والسلام، باعتبارها الركيزة الأساسية للأمن والاستقرار والنهج الحضاري الإنساني في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأشارت إلى حرصها المستمر على ترسيخ مفهوم التعايش السلمي والتسامح وقبول الآخر والالتزام بمحاسن الأخلاق والتقوى واتباع نهج النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، في العفو والتعامل بالمحبة والمودة وإعلاء قيمة التسامح.
وقال العميد الدكتور حمود سعيد العفاري، مدير إدارة الشرطة المجتمعية رئيس لجنة التسامح في شرطة أبوظبي، إن «برنامج فرسان التسامح» الذي أطلقته القيادة العامة لشرطة أبوظبي، بالتعاون مع وزارة التسامح والتعايش يأتي تجسيداً لرؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في التسامح، وترسيخاً لقيم التعايش السلمي في مجتمعنا، مشيداً برعاية ودعم القيادة الشرطية لنشر قيمة التسامح في مجتمعنا، موضحاً أن «فرسان التسامح» يسهم في تعريف فئات المجتمع بأدوارهم وواجباتهم لتحقيق أهداف قيم التسامح.
وأشار إلى أنه يتيح لأعضاء لجنة التسامح الفرصة للالتحاق بالبرنامج ليصبحوا في المستقبل القريب فرساناً وفارسات للتسامح محلياً وإقليمياً ودولياً، وتشجيعهم على التعايش السلمي بطريقة إيجابية، وتأهيلهم للحصول على راية التسامح، حيث استمرت الفعالية لمدة ثلاثة أيام بقاعة المربعة بمجمع الإدارات بأبوظبي.
وذكر أن البرنامج يتضمن 3 مراحل، تشمل المعارف والمهارات والمشاريع ومرحلة التجمع السنوي، ويحفز البرنامج المشاركين على استكشاف وتعميق إدراكهم لمفهوم التسامح، وتزويدهم بالأساليب والمهارات العملية المرتبطة بقيم التسامح والتعايش، والاقتداء بنهج مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتعزيز الولاء والانتماء لدى المشاركين، وزيادة شعورهم بالمسؤولية تجاه الآخرين.
التسامح يعزز جهود الوقاية من الجريمة
أكد العقيد سيف علي الجابري، نائب مدير إدارة الشرطة المجتمعية في شرطة أبوظبي، أن من أهداف الشرطة المجتمعية الرئيسة العمل على ترسيخ مفهوم التسامح والتعايش السلمي بما يعزز جهود الوقاية من الجريمة.
وأشار إلى أن التسامح يمثل قيمة وممارسة، راسخاً في صلب عقيدتنا الإسلامية وقيمنا العربية وإرثنا الإماراتي، فبالتسامح عشنا وتعايشنا مع الحضارات والثقافات والعقائد والأفكار، وبه يعيش مجتمعنا الإماراتي التنوع الثقافي والتعددية مع أكثر من 200 جنسية وثقافة ولغة تتكامل وتتواصل في دولتنا وعلى ترابنا الوطني.
وأوضح أن منظومة «كلنا شرطة» نجحت في تعزيز ورفع مستوى الوعي الأمني والمجتمعي لدى مختلف شرائح المجتمع، إلى جانب تفعيل الشراكة المجتمعية ودور الفرد في مكافحة الجريمة، وترسيخ مفهوم المواطَنة الإيجابية.
وذكر أنه يتم إشراك المعنيين من أعضاء «كلنا شرطة» لترسيخ مفهوم الوقاية من الجريمة والمسؤولية المجتمعية؛ بهدف تحسين جودة الحياة وإسعاد المجتمع، لافتاً إلى جهود أعضاء «كلنا شرطة» في تحمل مسؤولياتهم تجاه أمن مجتمعهم، من أجل مجتمع أكثر أمناً واستقراراً.
وأضاف أن الورش التي تعقد لأعضاء «كلنا شرطة» تقدم شرحاً وافياً للمشاركين حول أهداف المنظومة، وأهمية تعميق الوعي الأمني لدى الأعضاء دعماً للجهود الرامية للوقاية من الجريمة، كأولوية أساسية من أولويات شرطة أبوظبي، وتأكيد قيم التعايش السلمي والتسامح بين أفراد المجتمع، وتحقيق مزيد من الارتقاء بالأداء الأمني وجودة الخدمات لتبقى أبوظبي واحة للأمن والأمان، والمدينة الأكثر أماناً على مستوى العالم.
التسامح والتعايش يعززان أمن الشعوب
أكدت القيادة العامة لشرطة أبوظبي أن دولة الإمارات نجحت في ترسيخ مكانتها جسراً للتواصل بين شعوب العالم، ووفرت منذ تأسيسها بيئة منفتحة تحترم مختلف الثقافات، وتنبذ التطرف، وتشجع التسامح والتعايش بين مختلف الأطياف إيماناً منها بأن التسامح والتعايش يعززان أمن الشعوب ورفاهية مستقبلها.
وأوضحت أن تجربة دولة الإمارات الرائدة تعد دليلاً قوياً وصريحاً على أن المجتمع المتسامح، هو بكل تأكيد مجتمع ناجح في شتى المجالات، ومجتمع حريص على بث الأمل والتفاؤل في العلاقات بين أصحاب الحضارات والثقافات المتنوعة.
ولفتت إلى إسهامات دولة الإمارات الريادية في غرس الثقة والتسامح بين أطياف المجتمعات وإنجازاتها الكبيرة التي شملت العالم أجمع، في إحلال السلام ونشر الخير والدفاع عن قضايا التعايش عالمياً، وهو ما جعل الدولة تتصدر الدول المتقدمة في نشر السلام والمحبة بين شعوب العالم أجمع.
وأشادت بالإنجازات المتلاحقة التي تحققها دولة الإمارات ضمن رؤيتها الثاقبة في نشر روح التسامح حتى أضحت مثالاً يحتذى به بين شعوب وثقافات العالم، ومن حقها أن تعتز بأنها أصبحت نموذجاً يحتذى به عالمياً في احتضان تجربة تعايش سلمي حقيقي بين شعوب وثقافات العالم، وتشهد وجود كل الأديان والطوائف المعروفة في العالم من خلال 200 جنسية يعيشون جنباً إلى جنب مع مواطني الدولة بسلام ومحبة ليقدموا للعالم مثالاً حيّاً للتسامح والإدماج والتعددية الثقافية.
التسامح والسعادة قيم مترسخة في الشرطة
تنفذ القيادة العامة لشرطة أبوظبي العديد من المبادرات سنوياً لترسيخ مفهوم التسامح بين منتسبيها ونشره في مجتمع دولة الإمارات، ومن أبرز مبادراتها مبادرة «أوتار التسامح» تجسيداً لنهج دولة الإمارات العربية في التسامح وتعزيز التعايش السلمي، وتعميق هذا المفهوم إيجابياً، باعتباره من سمات الهوية الوطنية وأحد أبرز مكونات الموروث الحضاري، واشتملت على تقديم فرقة موسيقى شرطة أبوظبي التابعة لإدارة المراسم والعلاقات العامة معزوفات للنشيد الوطني لمملكة البحرين وجمهورية لبنان وجمهورية موريتانيا والبوسنة والهرسك واليابان وكازاخستان وفنلندا ومملكة تايلاند، تعبيراً عن تقدير الإمارات واحترامها للشعوب الأخرى على نحو يعكس نهجها في التسامح.
كما قدمت مقطوعتين موسيقيتين كلاسيكية وأخرى من تراث الإمارات، حازتا على إعجاب الحضور، وعرض فيلم حول التسامح الذي يعد ثقافة يومية ونهج حياة في الإمارات من خلال المواقف الإنسانية والتعامل الحضاري بين كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة.
وركزت في ورشة عصف ذهني لسفراء السعادة في شرطة أبوظبي على تقديم مجموعة من المقترحات الهادفة لتعزيز وترسيخ مفهوم التسامح وربطه مع السعادة داخل المؤسسة الشرطية تحت عنوان «التسامح سر من أسرار السعادة»، كون التسامح جزءاً أصيلاً من منظومة السعادة في شرطة أبوظبي، بمشاركة سفراء السعادة من مختلف المناطق الجغرافية للإمارة «أبوظبي والعين والظفرة» في إطار رؤية تركز على تعزيز قيم التسامح بشكل مستدام في الأداء المهني للمؤسسة الشرطية.
واستعرضت أفكار المبادرات التي تسهم في تطوير العلاقة بين عناصر الشرطة ومختلف الجنسيات في مجتمعنا وفق مبادئ التسامح والسعادة، ونشر المفهوم بصورة إيجابية.
وأكد المشاركون مفهوم التسامح، كقيمة أساسية في بناء المجتمعات واستقرار الدول وسعادة الشعوب، وكإرث إنساني «نعتز به فقد ورثناه عن المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ونهج تتبناه القيادة الرشيدة في بناء جسور التواصل بين شعوب العالم وثقافاته».
الإيجابية في التعامل مع الآخرين
أكد الدليل الاسترشادي حول تطبيق التسامح في بيئة العمل أهمية الانفتاح على الآخر بإيجابية، وتقبُّله من دون النظر إلى الفوارق والاختلافات، حيث يمكّن ذلك الموظفين في المؤسسة من إنشاء روابط قوية تقوم على الثقة والاحترام، ويساعد على بناء جسور التواصل والمحبة والتعاون، وبالتالي زيادة إنتاجيتهم وولائهم، وزيادة العلامة التجارية لجهة عملهم، وتقليل الأخطاء التي تنبع من ضعف التواصل.
وأشار إلى أن التسامح في بيئة العمل يعتبر مفتاح الأمان والاستقرار الوظيفي الذي يشكل حالة نفسية إيجابية لدى الموظفين تعكس ثقتهم باستمراريتهم في العمل، الناتج عن ممارسات الجهة وسياساتها العادلة والمريحة تجاه الموظفين. وللأمان الوظيفي فوائد عديدة من بينها تحسين حياة الموظفين الاجتماعية والمهنية، وزيادة الإنتاجية وحماية قيم العمل.
ترسيخ مفهوم التسامح لتعزيز جهود الوقاية من الجريمة
أكدت إدارة الشرطة المجتمعية في شرطة أبوظبي أن من أهدافها الرئيسة العمل على ترسيخ مفهوم التسامح والتعايش السلمي بما يعزز جهود الوقاية من الجريمة.
وأوضحت أن منظومة «كلنا شرطة» نجحت في تعزيز ورفع مستوى الوعي الأمني والمجتمعي لدى مختلف شرائح المجتمع، إلى جانب تفعيل الشراكة المجتمعية ودور الفرد في مكافحة الجريمة وترسيخ مفهوم المواطنة الإيجابية.
وذكرت أنه يتم إشراك المعنيين من أعضاء «كلنا شرطة» لترسيخ مفهوم الوقاية من الجريمة والمسؤولية المجتمعية؛ بهدف تحسين جودة الحياة وإسعاد المجتمع، لافتة إلى جهود أعضاء «كلنا شرطة» في تحمل مسؤولياتهم تجاه أمن مجتمعهم، من أجل مجتمع أكثر أمناً واستقراراً.
وتقدم الورش التي تعقد لأعضاء «كلنا شرطة» شرحاً وافياً للمشاركين حول أهداف المنظومة، وأهمية تعميق الوعي الأمني لدى الأعضاء دعماً للجهود الرامية للوقاية من الجريمة، كأولوية أساسية من أولويات شرطة أبوظبي، وتأكيد قيم التعايش السلمي والتسامح بين أفراد المجتمع، وتحقيق مزيد من الارتقاء بالأداء الأمني وجودة الخدمات لتبقى أبوظبي واحة للأمن والأمان، والمدينة الأكثر أماناً على مستوى العالم.