في العراق.. تتعدد الأزمات والمأزق واحد
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
آخر تحديث: 1 أبريل 2024 - 11:20 صبقلم : سمير داود حنوش لم تعد غالبية الشعب العراقي تهتم بما يعصف بها من أزمات وفضائح يعيش العراقيون أحداثها وكأنها من مشاهد الكاميرا الخفية لكن بوجهها الحزين المبكي، لأنهم أدركوا منذ أمد أن الأزمة المستحدثة لن تكون الأخيرة وأن أزماتهم لن تنتهي.آخر صناعة في فن الأزمات هي القرار الحكومي الذي استيقظ عليه المواطن العراقي بزيادة أسعار البنزين ابتداءً من الأول من أيار – مايو القادم، سبقتها أحداث درامية تصلح في صناعة أفلام هندية ولكن بنسختها العراقية، لم تتجاوز الفروقات الزمنية بين أحداثها أياما معدودات، تعامل معها الرأي العام كظواهر صوتية، مثل حادثة الأكاديمي في جامعة البصرة وتصويره بتسجيلات فيديو أفعالاً خارجة عن الأدب والحياء مع طالبة في الجامعة، تبعها الكشف عن شبكة ابتزاز يديرها ضباط كبار في وزارة الداخلية والدفاع.
والغريب أن الجمهور المشاهد لهذه الأزمات لم يعد يكترث أو يهتم بأخبارها أو حتى نتائجها، لتتحول هذه الظواهر إلى ثقافة يتأقلم معها الشعب.عندما تتمعن في المشهد ستفتقد دور صانع الرأي والمؤثر الذي كان يصنع رأيا أو موقفا في المجتمع، ربما للشعور بالإحباط واليأس الذي بات يُخيم على فئات كثيرة من المجتمع، وأن الرأي الصائب أصبح لا يهز شعرة لدى الجماعات التي تصنع الأزمات، أو أن الرأي أصبح أداة قتل قد تكون خنجرا في قلب صاحبه. في الوقت ذاته لم تعد السلطة تهتم بردود أفعال الجمهور ورأيه في تلك القرارات، لأنها تدرك أن الحديث والسرد وتوجيه الاتهام أفعال سرعان ما تنتهي بعد أن تستغرق وقتاً ليس بالكثير من السخرية والانتقاد والاستهزاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم ينتهي كل ذلك الحديث لينشغل الجمهور بأزمة أخرى.طاقة الحماس التي يتمتع بها الجمهور في مباراة كرة قدم يخوضها الفريق العراقي، وانحياز حكم المباراة للفريق الآخر، واشتعال التعليقات وردود الأفعال الغاضبة التي تسجلها المنصات، وأحاديث الغاضبين من على شاشات الفضائيات، تختلف درجاتها عندما يتعلق الأمر بقوت المواطن ومصدر رزقه. في حدث يدعو إلى الغرابة والريبة مما يشعر به الشعب وقع العراقيون مؤخرا تحت ضغط القرار الحكومي برفع أسعار البنزين، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النقل يرافقه ارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي أصبحت سوطاً يُلهب جلود الفقراء، بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي، لتكتمل المصيبة برفع أسعار الوقود وكأنها فرصة لابتزاز الشعب وترويضه على أساس نظرية: بين أزمة وأخرى يقع الشعب في براثن أزمة جديدة تنسيه السابقات.يبرر البعض ذلك القرار بأنه من ضرورات صندوق النقد الدولي الذي يتحكم بمقدرات ومصالح ومصائر الشعوب ومنها العراق، الذي دأب على الاقتراض من الصندوق رغم الإيرادات العالية التي تدخل البلاد من واردات النفط وارتفاع أسعاره، في حقيقة لا يحجبها غربال هي أن الإنفاق أكبر من الإيرادات، في واقع يشير إلى عدم السيطرة على منافذ الفساد وأبواب الصرف غير المبرر من رواتب وامتيازات ومنافع تحصل عليها زعامات وشخصيات من موارد الدولة، وأموال تهرب إلى دول مجاورة واقتصاديات لأحزاب بميزانيات أعلى من الدولة ذاتها في لغز مازال يُحير العقول، وهو لماذا هذا الاقتراض إذا كانت نتائجه معروفة سلفا؟فن الأزمة التي تعودنا على أحداثها في سنواتنا العِجاف أصبح مألوفا لا يعدو كونه مشهدا كوميديّا تنتظر الحكومة من خلاله ردود أفعال الجمهور، التي غالبا ما تنتهي بالتناسي والنسيان، وتدرك أن نهاية المشهد لن تكون سوى خاتمة لصورة ضَحك فيها المشاهدون وهم لا يدرون إن كان الضحك على أنفسهم أم على الموقف.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
السوداني في طهران: هل يغامر العراق بتحدي إيران والغرب في آنٍ واحد؟
يناير 8, 2025آخر تحديث: يناير 8, 2025
المستقلة/- في خطوة تثير العديد من التساؤلات، وصل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى طهران اليوم الأربعاء في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ تشكيل الحكومة الإيرانية الحالية في أغسطس الماضي. الزيارة، التي يرافقه فيها وفد وزاري وأمني، تحمل في طياتها رسائل سياسية معقدة، حيث سيتناول السوداني ملفات حساسة للغاية، أبرزها ملف الفصائل العراقية المسلحة التي تعتبر نقطة جدل ساخنة بين القوى الغربية وطهران.
الزيارة تأتي في توقيت حساس، ويبدو أن العراق بات في مفترق طرق حقيقي. فبين ضغوطات الغرب، خاصة من الولايات المتحدة، التي تتهم بغداد بتسهيل تحركات إيران في المنطقة، ومحاولات إيران لضمان استمرار نفوذها في العراق، يظهر السؤال المحوري: هل ستتمكن حكومة السوداني من الحفاظ على توازنها بين الضغوط الإيرانية والأمريكية؟
ما يثير القلق هو ما تم تداوله حول احتمالية “إعادة هيكلة” الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وهو ما يشير إلى استجابة العراق للضغوط الغربية. هذه الخطوة، رغم كونها خطوة نحو “تحجيم” النفوذ الإيراني، قد تؤدي إلى رد فعل عنيف من الفصائل المتشددة في الحشد الشعبي، ما يفتح الباب أمام احتمالات صراع داخلي قد يعصف بالاستقرار السياسي في العراق.
إيران، من جانبها، تدرك أن أي خطوة عراقية في اتجاه الحد من نفوذها في العراق قد تؤثر على استقرارها الإقليمي. وقد أشار مراقبون إلى أن هناك رسائل إيرانية إلى السوداني مفادها: “لا تدع الضغوط الخارجية تدفعك إلى اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى انقلاب سياسي داخل العراق”.
الزيارة إلى طهران تحمل أيضًا في طياتها أبعادًا إقليمية أوسع، حيث يتطلع السوداني إلى لعب دور الوسيط بين إيران وسوريا الجديدة في محاولة لإيجاد حلول للأزمات الإقليمية. ولكن السؤال الأكبر يبقى: هل سيستطيع العراق أن يلعب هذا الدور دون أن يدفع ثمناً سياسياً كبيراً؟ وهل سيتمكن من الحفاظ على سيادته في وجه الضغوط الخارجية والداخلية؟
هذه الزيارة ستشكل علامة فارقة في تاريخ العلاقات العراقية-الإيرانية، وقد تكون بداية لتغييرات كبيرة في السياسة الإقليمية التي قد لا تقتصر تأثيراتها على العراق وحده، بل تمتد إلى باقي دول المنطقة.