أهمية إعداد وتمكين الجيل القادم من خلال برامج دعم المرأة في مجال البناء
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
أتوسة إسلامينجاد. أستاذ مساعد، كلية الطاقة وعلوم الأرض والبنية التحتية والمجتمع في جامعة هيريوت وات دبي
في عام 2023، بلغ قيمة سوق البناء العالمي 11.9 تريليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يصل إلى 17.2 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 5.4 في المائة من عام 2024 إلى عام 2030.
إن العالم يتغير بسرعة، وهناك اعتراف متزايد بأهمية التنوع والشمول في جميع القطاعات، بما في ذلك البناء. إن تمكين الجيل القادم من النساء في مجال البناء هو أيضًا خطوة استراتيجية لمعالجة النقص في المهارات في الصناعة وتعزيز الابتكار. ويشهد القطاع حاليًا تحولًا كبيرًا نحو إعطاء الأولوية للاستدامة البيئية وتبني التقنيات المتقدمة. ومن المتوقع أن يؤدي هذا التحول إلى تحسينات في الكفاءة والدقة والسلامة في جميع مراحل البناء، بما في ذلك التخطيط والتصميم والتنفيذ. سوف تؤدي التطورات التكنولوجية مثل نمذجة معلومات البناء المتقدمة (BIM)، والروبوتات، ومعدات البناء المستقلة إلى إحداث ثورة في الصناعة، مما يؤدي إلى تسريع إنجاز المشاريع وإدارة التكاليف بشكل فعال.
وبالنظر إلى هذه التطورات، فإن مشهد البناء يقدم طفرة في فرص العمل في مختلف جوانب القطاع. علاوة على ذلك، فإن هذا التحول يخلق بيئة مواتية للنساء للعب دور محوري في تشكيل مستقبل البناء. إن التركيز على الممارسات المستدامة والتقدم التكنولوجي لا يفتح الأبواب أمام مجموعات المهارات المتنوعة فحسب، بل يؤكد أيضًا على أهمية الشمولية داخل القوى العاملة. ومع تطور القطاع، يمكن للنساء اغتنام الفرصة لتعزيز مشاركتهم، وطرح وجهات نظرهن ومهاراتهن الفريدة في طليعة مستقبل مستدام وقائم على التكنولوجيا في مجال البناء. إحدى الصعوبات الرئيسية التي تواجهها المرأة عند محاولتها دخول قطاع البناء والتشييد هي القوالب النمطية. ولمعالجة هذه المشكلة، تم تصميم برامج مختلفة لكسر هذه الصور النمطية وتشجيع فكرة أن البناء يمكن أن يكون خيارًا مهنيًا ممكنًا للنساء. تهدف مبادرات التوعية ومعارض التوظيف وحملات التوعية إلى تحدي المفاهيم التقليدية وعرض مجموعة واسعة من الأدوار المتاحة في قطاع البناء. على سبيل المثال، قدمت شركة JLL، وهي شركة خدمات مهنية بارزة تركز على العقارات وإدارة الاستثمار واستشارات التطوير، حملة “النساء في البناء” في عام 2022 احتفالاً باليوم العالمي للمرأة وأسبوع المرأة في البناء. وكعنصر من عناصر هذا الجهد، تعاونت شركة جيه إل إل مع مختلف أصحاب المصلحة لتنظيم زيارات إلى المدارس في دبي، بهدف رفع مستوى الوعي حول الوظائف في مجال البناء وتعزيز مشاركة المرأة في الصناعة.
إن تمكين المرأة هو جهد جماعي يبدأ بالتعليم. تركز العديد من البرامج على توفير الفرص التعليمية من خلال المنح الدراسية والإرشاد والمناهج الدراسية المصممة خصيصًا، بهدف إنشاء قوة عاملة متنوعة وماهرة. توفر برامج التدريب المهني ووحدات التدريب المصممة للنساء خبرة عملية، بالتعاون مع شركات البناء الداعمة لسد الفجوة بين الجنسين في هذا المجال. ويلعب التواصل والإرشاد أيضًا أدوارًا حاسمة في التطوير الوظيفي، كما تعمل البرامج التي تسهل الفعاليات وورش العمل على تمكين النساء من التغلب على تحديات الصناعة. تعمل هذه المبادرات على إنشاء مجتمع يتم فيه تبادل الخبرات وتقديم النصائح وتعزيز بيئة داعمة بين النساء في مجال البناء. علاوة على ذلك، تدرك مبادرات تنمية المهارات القيادية الحاجة إلى وجود المزيد من النساء في المناصب الإدارية والتنفيذية. ومن خلال تنمية المهارات والثقة، فإنهم يساهمون في صناعة أكثر شمولاً وابتكارًا. تعالج البرامج العوائق النظامية، وممارسات التوظيف العادلة، بالتعاون مع أصحاب المصلحة وصانعي السياسات لخلق بيئة تقدر مساهمات المرأة في البناء.
ويعد تسليط الضوء على قصص النجاح والنماذج المشرفة جانبا مهمًاآخر. إن البرامج التي تعرض إنجازات المرأة في مجال البناء تلهم الجيل القادم، وتتحدى الصور النمطية وتثبت أن المرأة يمكن أن تزدهر في أدوار متنوعة. ومن خلال الاحتفال بهذه الإنجازات، تساهم هذه البرامج بنشاط في تغيير الصورة النمطية للمرأة في صناعة البناء والتشييد، وتشجيع المزيد من النساء على العمل بمهن البناء والتفوق فيها. ومع استمرار هذه المبادرات في اكتساب الزخم، فإن الأمل هو أن يتم تشجيع المزيد من النساء على متابعة حياة مهنية مرضية وناجحة في مجال البناء، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى إعادة تشكيل مشهد الصناعة نحو الأفضل.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الإمارات العربیة المتحدة فی مجال البناء دولار أمریکی قطاع البناء من النساء النساء فی المرأة فی البناء ا من خلال
إقرأ أيضاً:
يوم المرأة العالمي.. آمال وتحديات
في العاشر من مارس من كل عام تحتفل كافة دول العالم بيوم المرأة، وهو ذكرى سنوية تأتي هذه الأيام وسط أحداث وصراعات عالمية أدت الى التأثير على وضعية المرأة في كافة الدول المتصارعة إلى جانب ما نتج عنه من تداعيات على الأصعدة المجتمعية والظروف الاقتصادية للمرأة خاصة في البلدان الأقل نموا والأكثر احتياجا.
وبنظرة سريعة لدول العالم، نجد أن هناك معاناة للمرأة في مناطق الصراعات العسكرية في العالم، فعلى سبيل المثال سقط آلاف النساء والأطفال ضحايا للحرب الروسية الأوكرانية والتي دارت رحاها منذ فبراير 2022، إلى جانب التأثيرات المجتمعية السلبية، كذلك الحال فيما يتعلق باستمرار معاناة المرأة في بعض البلدان الإفريقية نتيجة الصراعات الداخلية العسكرية مثل بعض دول الساحل والصحراء والتي شهدت انقلابات عسكرية، كذلك ما يرتبط بالمعاناة الإنسانية وعدم الحصول على الاحتياجات الأساسية من الغذاء والماء والخدمات الطبيعية العلاجية نتيجة تلك الظروف والتي أثرت بالسلب على أحوال المرأة الإفريقية.
وبالنظر إلى عالمنا العربي والذي يحتفل كذلك بيوم المرأة العالمي نجد أن هناك حاجة ماسة الى مزيد من العمل الجماعي لبلورة دور أكبر للمرأة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصة في ظل ما تشهده دولنا العربية من أزمات وصراعات، ففي الأراضي الفلسطينية وعلى مدار ستة عشر شهرا من العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 الى المبادرة المصرية التي أوقفت العمليات العسكرية في يناير 2025، نجد أن المرأة ما زالت تعاني من جراء الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على المدنيين من النساء والأطفال، والتي راح ضحيتها أكثر من خمسين الفا من الشهداء ثلثهم من النساء، واللائي راحوا ضحية تلك الاعتداءات الوحشية على الآمنين وهو أمر يستدعي منح المرأة الفلسطينية مزيدا من الحقوق الحياتية البسيطة والتي تم حرمانهم منها نتيجة تلك الصراعات. أضف لذلك ما يحدث من اعتداءات مماثلة في الضفة الغربية وهو أمر مؤثر على وضعية المرأة.
وبالانتقال الى دول عربية أخرى تعاني كذلك من عدم الاستقرار السياسي ومواصلة الاعتداءات والصراعات العسكرية، نجد أن الدولة السودانية واستمرار الصراع العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد ألقى بظلاله السلبية على وضعية المرأة السودانية، والتي راح ضحيتها عشرات الالاف من القتلى أغلبهم من النساء والأطفال، الى جانب تعرض النساء في مناطق عدة بالسودان الى اعتداءات مختلفة وحالات اغتصاب جماعي في عدة ولايات بالسودان وهو أمر يستدعي مساءلة ومحاسبة عن وضعية المرأة في هذا البلد الطيب والذي أدى الى نزوح ملايين النساء والأطفال هروبا من جحيم الحرب السودانية المتواصلة منذ ابريل 2023.
أضف لذلك أن ثمة دولا عربية أخرى لا تزال غير مستقرة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، فلا تزال الدولة اللبنانية في حالة استعادة للبحث عن الاستقرار السياسي والمجتمعي عقب الصراع العسكري بين إسرائيل وحزب الله الى جانب تبعات انفجار مرفأ بيروت منذ سنوات وهو أمر ظل مؤثرا على الواقع الاقتصادي للدولة اللبنانية وحالة المرأة في هذه الدولة العربية التي عانت كثيرا في ظل أزمات متتالية ومتلاحقة، كما أن الصراعات السياسية قد أثرت بدورها على حالة حقوق المرأة وحاجتها الى مزيد من التمتع بتلك الحقوق مثل الحالة الليبية والسورية واليمنية وكلها أمور أدت في مقامها الأخير الى البحث عن الاستقرار السياسي والذي يؤدي بدوره الى مزيد من منح المرأة لحقوق أقرتها الدساتير والقوانين المحلية والدولية.
جملة القول، ويستمر قدوم يوم المرأة العالمي وسط حالة ضبابية من عدم الاستقرار السياسي والمجتمعي في دول عدة بالعالم وهو أمر يتطلب البحث عن الأمن المجتمعي خاصة مع تنامي الصراعات العسكرية والسياسية سواء داخل المنطقة العربية أو خارجها مما يستدعي إعادة التفكير العالمي في البحث عن عالم آمن خاصة أن تلك الصراعات لم تؤدي إلى أية نتائج إيجابية بل أثرت بالسلب على كافة مناحي الحياة البشرية وكانت المرأة هي الأكثر معاناة وتأثرا بتلك الحالة السلبية في كافة دول العالم.
اقرأ أيضاًالرقابة المالية تحتفل بيوم المرأة العالمي
السيدة انتصار السيسي: تحية لكل نساء مصر في يوم المرأة العالمي