اعتاد اليمني محمد عبد الله يوسف (52 عاما) الجلوس بعد يوم طويل من الصيام خلال شهر رمضان لتناول أنواع عدة من الطعام، اللحوم والفلافل والفاصوليا والمعجنات المقلية اللذيذة، وأحيانًا كريم الكراميل الذي يتم شراؤه من المتجر.

 

لكن رمضان هذ العام يبدو مختلفا بالنسبة لمدرس الدراسات الاجتماعية في مدينة المكلا الساحلية، فهو يفطر هو وزوجته وأطفالهما الخمسة على الخبز والحساء والخضراوات.

 

يجني يوسف ما يعادل 66 دولارا في الشهر، وهو راتب ينفقه في أقل من أسبوعين، ومعظمه يذهب لدفع فواتير البقالة.

 

لكن قبل عقد من الزمن، أي قبل اندلاع الحرب، كان راتبه يغطي احتياجات أسرته، وأكثر من ذلك.

 

ويفترض أن يكون رمضان مناسبة للعبادة والتجمعات والأعياد، لكن الوضع بات هذا العام بائسا للكثيرين في بلد يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مع انتشار الصراع والفقر والجوع في معظم أنحاء البلاد، ليجد اليمنيون من الطبقة المتوسطة، مثل يوسف، أنفسهم ينزلقون إلى متاهة الانهيار الاقتصادي.

 

وتشهد البلاد منذ قرابة عقد من الزمان نزاعا بين الحكومة، المدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية، والمتمّردين الحوثيين المدعومين من إيران، الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من البلاد، بينها العاصمة صنعاء.

 

و"تثير الضربات الجوية والتضخم وتراجع المساعدات الخارجية ناقوس الخطر بشأن أزمة إنسانية جديدة" في بلد يعتمد الغالبية العظمى من سكانه في احتياجاتهم من الغذاء والدواء والوقود على الواردات، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

 

وفي غضون ذاك، تتصاعد أصوات منظمات إغاثة دولية بشأن الآثار السلبية التي تخلفها هجمات جماعة الحوثي على السفن في البحر الأحمر، والرد العسكري الأميركي والبريطاني عليها، معتبرة أن مثل هذا التصعيد، يعمق الأزمة الإنسانية.

 

حذرت منظمات إغاثية من تصعيد المواجهات بين الولايات المتحدة ومجموعة الحوثي (المدرجة على قوائم الإرهاب)، مشيرة إلى أن مثل هذا التصعيد يعمق الأزمة الإنسانية في اليمن في وقت تعاني فيه المنظمات الإغاثية من أجل توفير احتياجات الدولة التي مزقتها الحرب.

 

وانعكست تداعيات التصعيد العسكري على الحياة اليومية لنحو 33 مليون يمني.

 

وقال كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة "نافانتي" الاستشارية الأميركية، محمد الباشا، إن ارتفاع أسعار نقل البضائع المستوردة من جراء التوترات في البحر الأحمر، يساهم في التضخم المتسارع أصلا في اليمن بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن النزاع وارتفاع الطلب خلال شهر رمضان.

 

وكانت 26 منظمة إغاثية أصدرت بيانا في وقت سابق من يناير الجاري، ذكرت فيه أن سنوات الحرب تركت نحو 21 مليون شخص في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدات المنقذة للحياة، معربة عن قلقها إزاء التأثير السلبي على الأوضاع الإنسانية في أعقاب التصعيد العسكري الأخير.

 

وفي ديسمبر، علق برنامج الأغذية العالمي توزيع المواد الغذائية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث تعيش الغالبية العظمى من اليمنيين.

 

وقالت الوكالة، التي تديرها الأمم المتحدة، إن القرار جاء بسبب "التمويل المحدود"، فضلا عن الخلافات مع سلطات الحوثيين بشأن تقليل عدد الأشخاص الذين يتم تقديم الخدمة لهم للتركيز على الأسر الأكثر احتياجا.

 

والعام الماضي، طلبت الأمم المتحدة مبلغ 4.3 مليار دولار لتمويل عمليات الإغاثة، وحصلت على أقل من نصف هذا المبلغ من المانحين. وفي هذا العام، وجهت نداء أكثر تواضعا للحصول على 2.7 مليار دولار.

 

وقال بيتر هوكينز، ممثل اليونيسف في اليمن، لنيويورك تايمز، إن الربيع بشكل عام هو موسم الحصاد الوفير نسبيا في اليمن، لكنه قال إنه يشعر بالقلق مما سيحدث في الصيف والخريف، عندما يأتي "موسم الجوع".

 

وأضاف هوكينز أن "نقص الغذاء اليوم، أو غدا، ليس مشكلة كبيرة. التأثير التراكمي هو الذي يمثل مشكلة كبيرة، لأن هذا هو المكان الذي يبدأ فيه الفقر المدقع".

 

ويقسم اليمنيون، مثل المعلم محمد يوسف، حياتهم إلى فترات قبل وبعد اندلاع الحرب.

 

وقال يوسف إنه في السابق، كان قادرا على شراء مشتريات خاصة لعائلته مثل عنزة كاملة، كما أنه كان قادرا على دفع ثمن رحلة إلى مكة لأداء الحج.

 

وارتفع راتب يوسف أكثر من 50 في المئة منذ بدء الحرب، لكن هذه الزيادة تبخرت في ظل التضخم، إذ باتت العملة اليمنية عديمة القيمة على نحو متزايد.

 

وفي كل ليلة، تتجمع عائلة يوسف في غرفة واحدة للنوم، لأنها الوحيدة التي تحتوي على وحدة تكييف الهواء لتخفيف الحرارة الشديدة. وقال إنه حتى لو كان قادرا على شراء وحدة تبريد أخرى، فإنه لا يستطيع دفع فاتورة الكهرباء لتشغيلها.

 

وقال: "لقد تخلينا عن الوجبات وتوقفنا عن شراء الأشياء للحفاظ على كرامتنا وتجنب مطالبة الآخرين بالمال".

 

ويلاحظ محمد عمر محمد، صاحب محل بقالة في المكلا، تأثير الأزمة بمتجره مع انخفاض القوة الشرائية، فقد بات معظم الزبائن يشترون الخبز المدعوم بدلا من الأرز.

 

ولم يعد محمد يوفر سلعا مثل "النوتيلا" والتونة المعلبة عالية الجودة لأن الزبائن لم يعد بإمكانهم توفير  أسعارها.

 

في ليالي رمضان، يتجمع المتسوقون في سوق مزدحم بالمدينة، حيث يبيع الباعة الفواكه الطازجة. لكن التجار يقولون إن حركة البيع لم تعد كما كانت من قبل، إذ يتوقف المتسوقون ليسألوا عن تكلفة الأشياء، ثم لا يشترون شيئا.

 

وشهر رمضان هذا العام صعب بشكل خاص على حسين سعيد عوض (38 عام) وهو أب لثلاثة أطفال في المكلا. ويجني معلم اللغة العربية 55 ألف ريال يمني شهريا، وهو ما يعادل أقل من 35 دولارا.

 

وهذا الراتب يختفي في غضون أيام قليلة بعد سداد الفواتير، مما يضطره للعمل بعد الظهر بائعا متجولا.

 

وقبل سنوات، كانت عائلته تفطر في رمضان على الفواكه الطازجة والمعجنات والشوكولاتة. والآن يتناولون القهوة والتمر في وجبتهم المسائية، ولأنه لا يستطيع دفع ثمن اللحوم باهظة الثمن، فإنهم يكتفون بالحساء والخضراوات.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: فی الیمن

إقرأ أيضاً:

خالد عمر يوسف: حرب السودان امتداد لصراعات الماضي والحل في عقد اجتماعي جديد

انتقد يوسف تفاعل بعض المثقفين والمتعلمين مع الحرب، مشبهًا ذلك بالدور الذي لعبته النخب في إذكاء مذابح رواندا عام 1994، حيث تحول بعض الأطباء والمعلمين والناشطين إلى محرضين وشركاء في القتل.

الخرطوم: التغيير

أكد خالد عمر يوسف، نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي في تنسيقية “تقدم”، أن الحرب الدائرة في السودان منذ 15 أبريل تمثل امتدادًا لصراعات سابقة شهدتها البلاد، محذرًا من خطورة تكرار أخطاء الماضي.

وأشار يوسف، في منشور له على منصة (فيسبوك)، إلى أن النزاعات التي شهدها السودان في جنوبه ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق كلها نشأت بسبب فشل النخب في بناء صيغة عادلة للتعايش المشترك، مما أدى إلى تغذية الصراعات عبر عقود، بدءًا من تسليح الجماعات المحلية وانخراط الجيش في السياسة، وصولًا إلى الإبادة الجماعية في دارفور.

وانتقد يوسف تفاعل بعض المثقفين والمتعلمين مع الحرب، مشبهًا ذلك بالدور الذي لعبته النخب في إذكاء مذابح رواندا عام 1994، حيث تحول بعض الأطباء والمعلمين والناشطين إلى محرضين وشركاء في القتل.

وأكد أن الحرب الحالية كشفت عن استمرار هذا النمط في السودان، حيث أصبح بعض المتعلمين يهللون للعنف ويبررون القتل.

وشدد القيادي في “تقدم” على أن الحل لا يكمن في تصعيد العنف، بل في تبني حل سلمي سوداني خالص يؤدي إلى عقد اجتماعي جديد، يضمن العدالة والتعايش بعيدًا عن الهيمنة أو التمييز، مع إخراج السلاح تمامًا من المعادلة السياسية.

كما دعا إلى ضرورة وقف الحرب فورًا، محملًا المسؤولية لكل من يشارك فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء بالقتال أو التحريض أو التبرير أو التغاضي عن الجرائم.

اندلعت الحرب الحالية في السودان في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على خلفية صراع على السلطة.

وتسببت المعارك المستمرة في أزمة إنسانية واسعة النطاق، حيث سقط آلاف القتلى ونزح الملايين داخل البلاد وخارجها.

وتعد هذه الحرب امتدادًا لنزاعات طويلة شهدها السودان، أبرزها الحرب الأهلية في الجنوب التي انتهت بانفصال جنوب السودان عام 2011، وحرب دارفور التي أسفرت عن مئات الآلاف من الضحايا.

ورغم تغير الأطراف المتصارعة، إلا أن جذور الأزمات ظلت متشابهة، حيث يعود كثير منها إلى التهميش والتمييز والتنافس على السلطة والثروة.

الوسومآثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع خالد عمر يوسف

مقالات مشابهة

  • قبل أيام من عرضها.. القائمة الكاملة لمسلسلات رمضان 2025
  • القائمة النهاية لمنتخب الشباب في بطولة كأس آسيا التي تنطلق بعد أيام
  • سبق أن تعرض للحروق في إعلان.. ماذا حدث مع يوسف عمر؟
  • خالد عمر يوسف: حرب السودان امتداد لصراعات الماضي والحل في عقد اجتماعي جديد
  • أيام عصيبة تنتظر مغاربة بلجيكا.. اليميني دي ويفر رئيساً للوزراء
  • الأبراج التي لا تناسبها حياة العزوبية
  • رحاب الجمل تشارك في «عايشة الدور» خلال موسم رمضان 2025
  • أبرزهم يوسف عمر.. أبناء النجوم في دراما رمضان 2025
  • رحاب الجمل تجسد شخصية كوميدية في مسلسل عايشة الدور مع دنيا سمير غانم
  • رمضان 2025.. رحاب الجمل تجسد شخصية كوميدية في مسلسل "عايشة الدور"