خسارة غير مسبوقة.. ما أسباب تراجع حزب أردوغان أمام المعارضة؟
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
مُني حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا بخسارة كبيرة بالانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد يوم الأحد، حيث تراجع عدد البلديات التي يترأسها بشكل كبير لصالح حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، الذي أصبح الحزب الأول من حيث أصوات الناخبين لأول مرة منذ أكثر من 35 عاما.
واعترف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخسارة حزبه في خطاب الشرفة التقليدي الذي أجراه في المقر الرئيس لـ"العدالة والتنمية" بالعاصمة أنقرة، مشيرا إلى أنهم "لم يتمكنوا من الحصول على النتائج التي كانوا يرجونها" من الانتخابات المحلية.
ويرى مراقبون أتراك أن الناخب التركي، قرر معاقبة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في الانتخابات المحلية التي تعنى باختيار رؤساء البلديات الكبرى والفرعية وأعضاء المجالس البلدية والمخاتير، ولا تنعكس بأي أثر مباشر على السياسة العامة التي يحددها أردوغان وحكومته، بعد فوزه قبل 10 أشهر بولاية رئاسية جديدة.
ويشدد رئيس مركز "سونار" التركي للإحصائيات، هاكان بايركتشي، على أن الناخبين الأتراك يستخدمون الانتخابات المحلية كأداة تحذيرية للحكومة منذ أكثر من 35 عاما.
وقد رفع الناخب التركي الذي منح أردوغان في الانتخابات العامة عام 2023 فوزا ساحقا على تحالفات المعارضة، كرته الأصفر في وجه الحزب الحاكم بالانتخابات المحلية السابقة عام 2019، والتي أدت إلى خسارة مدينتي إسطنبول وأنقرة لصالح الشعب الجمهوري، إلا أن النتائج الأخيرة التي أفرزتها صناديق الاقتراع أمس الأحد، تشير إلى سخط متصاعد لدى الكتلة التصويتية لـ"العدالة والتنمية".
وشدد رئيس تحرير صحيفة "هرييت" التركية، أحمد هاكان، أيضا على أن الناخب التركي أراد إرسال إنذار للحكومة والرئيس التركي عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات المحلية لأسباب عديدة من بينها الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار.
ولفت إلى أن التحذير القاسي الموجه من الناخبين الأتراك جاء في انتخابات لا تتعلق بشخص أردوغان، مشيرا إلى أن الأخير فاز قبل 10 أشهر في الانتخابات الرئاسية رغم أن الظروف آنذاك لم تكن مختلفة كثيرا عن اليوم، خصوصا في الأزمات المتعلقة بالمشاكل الاقتصادية وغلاء المعيشة.
واعتبر أن مشاعر الناخبين الذين قرروا معاقبة "العدالة والتنمية" في الانتخابات المحلية تطورت على النحو الآتي: "التصويت ليس له علاقة بأردوغان، ورئاسة أردوغان مستمرة على أي حال، ولا توجد مشكلة بالنسبة له، إذن يمكننا أن نوجه تحذيرنا".
وشدد هاكان على أن الرئيس التركي يستقبل باهتمام بالغ رسائل الناخبين الموجهة عبر صناديق الاقتراع في كل استحقاق انتخابي منذ بدء مسيرته السياسية.
وكان أردوغان عبّر عن ذلك في خطاب الشرفة التقليدي الذي ألقاه عقب اتضاح الخسارة العميقة التي مني بها حزبه في عموم البلاد، قائلا إن "هذه الانتخابات ليست النهاية بالنسبة لنا بل هي نقطة تحول. وفي الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 آذار/ مارس، استخدم الشعب التركي مرة أخرى صناديق الاقتراع لنقل رسائله إلى السياسيين. وبغض النظر عن النتائج، فإن الفائز في هذه الانتخابات بالدرجة الأولى هو ديمقراطيتنا وإرادتنا الوطنية".
وأضاف أردوغان أن "الديمقراطية التركية أثبتت مرة أخرى نضجها"، مشددا على أن "إرادة الشعب تتجلى في صناديق الاقتراع. والأمة تقول كلمتها من خلال صناديق الاقتراع، وتنقل رسائلها إلى السياسيين عبر صناديق الاقتراع، كما أنها تعرب عن تحذيرها وتقديرها من خلال تلك الصناديق"، بحسب تعبيره.
وشدد على عزم حزبه على "إجراء تقييم صريح لنتائج الانتخابات المحلية وسيقوم بشجاعة بعملية نقد الذات بنفسه".
أسباب مباشرة للخسارة
رأى الكاتب التركي عبد القادر سيلفي أن أحد أسباب الهزيمة غير المتوقعة لحزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات المحلية كان عدم أخذ معارضة رئيس حزب "الرفاه من جديد" فاتح أربكان على محمل الجد، فضلا عن تجاهلها من قبل الحزب الحاكم.
وكان مراقبون تحدثوا لـ"عربي21" أشاروا إلى أن انقسام أصوات الناخبين المحافظين بفعل دخول أربكان السباق الانتخابي بمفرده عقب رفضه التحالف مع أردوغان، سيضر بشدة بمرشحي "العدالة والتنمية" لا سيما بمدينة إسطنبول التي تقود اقتصاد البلاد ويسكنها أكثر من 16 مليون مواطن تركي.
وتمكن أربكان من طرح حزبه كبديل عن "العدالة والتنمية" للناخبين المحافظين المنزعجين من سياسات الرئيس التركي، الأمر الذي جعل حزب "الرفاه من جديد" ثالث أكبر حزب في البلاد من حيث عدد الأصوات والأعضاء الذين فاق عددهم النصف مليون خلال الأشهر الأخيرة.
وقد تمكن "الرفاه من جديد" من انتزاع رئاسة 67 بلدية في عموم البلاد، بينها بلدية شانلي أورفا الكبرى ويووزغات.
في المقابل، يرى الكاتب التركي كمال أوزتورك أن الاعتقاد بأن دخول "الرفاه من جديد" في السباق الانتخابي بكوادره الخاصة دون التحالف مع أردوغان، تسبب في تراجع أصوات "العدالة والتنمية".
وشدد في تدوينة عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقا) على أن حزب الرفاه من جديد جمع الأصوات الساخطة بالفعل على سياسات العدالة والتنمية.
ولفت أوزتورك إلى أن أسباب خسارة العدالة والتنمية يمكن تلخيصها في مواد رئيسية، أولها ارتفاع تكاليف المعيشة والمشاكل الاقتصادية التي يرزح المواطن التركي تحت وطأتها، بالإضافة إلى شكاوى الفساد والمحسوبية والمشاكل والصراعات داخل منظومة الحزب الحاكم.
وأشار إلى أن الامتعاض لدى المتقاعدين الذين يشكون من انخفاض رواتبهم كان عاملا حاسما في تراجع "العدالة والتنمية"، لا سيما أن عددهم يقترب من 16 مليون متقاعد.
وكان المتقاعدون الذين يتقاضى نحو 10 ملايين منهم 10 آلاف ليرة تركية شهريا (ما يزيد على الـ300 دولار بقليل) صعدوا من حدة معارضتهم في الآونة الأخيرة بسبب الأزمة الاقتصادية وغلاء الأسعار، الأمر الذي وضعهم في مقدمة الخلافات السياسية خلال السباق الانتخابي، والذي عملت المعارضة على استغلاله بشكل فعال عبر تسليط الضوء عليهم، خصوصا أن الرئيس التركي قد صرح في وقت سباق بعدم قدرة حكومته على زيادة رواتب المتقاعدين قبل أن يتراجع ويقرر إعادة تقييم الأمر في شهر تموز/ يوليو القادم.
وأشار مراقبون أتراك إلى أن المتقاعدين شكلوا ضربة قوية للحزب الحاكم عبر التوجه لأحزاب أخرى أو الامتناع عن التصويت، ولا سيما أن معظمهم يعتبرون من الناخبين التقليديين للعدالة والتنمية.
ويشدد الكاتب التركي أوزاي شيندير على أن البرنامج الاقتصادي ووضع المتقاعدين كانا حاسمين في هذه النتيجة، لافتا إلى أن الرئيس التركي سيبدأ بالتخطيط لتلافي تراجع حزبه في الانتخابات المحلية خلال السنوات الأربع القادمة، وسيقرأ الرسائل التي أرسلها الشعب عبر صناديق الاقتراع ويركز على العمل منذ الآن من أجل الانتخابات العامة عام 2028.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية تركيا أردوغان تركيا أردوغان اسطنبول الانتخابات التركية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الانتخابات المحلیة عبر صنادیق الاقتراع العدالة والتنمیة الرئیس الترکی إلى أن
إقرأ أيضاً:
أردوغان يدعو لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة
دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، حيث يتعرض الفلسطينيون لإبادة جماعية ترتكبها دولة الاحتلال منذ أكثر من عام.
وقال أردوغان، خلال مشاركته الاثنين، في جلسة "الشمول الاجتماعي ومكافحة الجوع والفقر" التي عقدت على هامش قمة قادة دول مجموعة العشرين في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، "نحن أمام الكارثة الإنسانية في غزة، أجدد دعوتي لوقف فوري ودائم لإطلاق النار".
وأضاف أن خطر المجاعة في قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي "وصل إلى مستوى كارثي" بحسب التصنيفات الدولية، مبينا أن 96 بالمئة من سكان القطاع، أي أكثر من مليوني شخص، لا يستطيعون الوصول إلى الغذاء الصحي والمياه النظيفة.
وأكد أن تركيا قدمت أكثر من 86 ألف طن من المساعدات إلى قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأن مساعدات أنقرة المقدّمة إلى لبنان تجاوزت 1300 طن.
وأردف الرئيس التركي، أنه مع تزايد الهجمات الإسرائيلية واقتراب فصل الشتاء، تتدهور أوضاع الفلسطينيين بقطاع غزة يوماً بعد يوم.
من جانب آخر، قال أردوغان إن الجهود المبذولة لتحقيق "أهداف التنمية المستدامة لعام 2030" التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل 9 سنوات، لم تسفر بعد عن النتائج المرجوة.
ولفت إلى أن واحدا من كل 10 أشخاص في العالم يعانون من الجوع، مبينا أن تركيا تمثل إرثاً يرى أن من واجبها مساعدة أي شخص محتاج في أي مكان في العالم، ضمن حدود إمكاناتها.
وأكد أن تركيا تخصص منذ العام 2015 ما يقرب من 1 بالمئة من دخلها القومي لصالح المساعدات الإنسانية، مشددا على وجوب عدم ترك المدنيين الذين تتعرض حياتهم للخطر في الصراعات القائمة بالشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، وخاصة في غزة، يواجهون مصيرهم بمفردهم.
كما تطرق الرئيس التركي إلى مشروع "صفر نفايات" الذي تقوده عقيلته أمينة أردوغان، قائلا، "المشروع يهدف إلى منع التلوث البيئي ونشر ثقافة الادخار، وسرعان ما أصبح حركة عالمية".
وأضاف: "تم إعلان يوم 30 مارس يوماً عالمياً لصفر نفايات من قبل الأمم المتحدة. أعتقد أن التحالف العالمي ضد الجوع والفقر يجب أن يدرج الحد من هدر الطعام ومبادرة صفر نفايات بين أولوياته".
وأكد استعداد تركيا للتعاون من أجل خلق عالم يحصل فيه كل طفل وكل شاب وكل شخص مسن على الغذاء الكافي والصحي.