يحتفل العديد من في العالم سنويا باليوم الأول من شهر أبريل الذي يطلقون عليه تسمية "يوم الحمقى"، حيث تمارس الخدع والمقالب وتطلق النكات، لتنتهي غالبا بالصراخ: "كذبة أبريل!".
كل ما سبق يمكن أن يطلق عليه أكاذيب بيضاء، ومقالب ساخرة هدفها الأساسي هو إضحاك الآخرين، بعد الضحك عليهم. إلا أن التاريخ الإنساني شهد أيضا العديد من الكذبات التي لم تكن بمثل هذا المرح، وبعضها قلب التاريخ رأسا على عقب.
في عام 1912 أعلن "آرثر سميث" و"ودوارد" من متحف التاريخ الطبيعي أن تشارلز داوسون، وهو محام وعالم آثار اكتشف أجزاء من جمجمة بشرية وعظام فك يقدر عمرها بنحو 500 ألف عام، في أحد مناجم بلتداون شرق ساسكس في إنجلترا.
واعتُقد أن هذه البقايا تعود للإنسان الأول، واعتُبرت بمثابة حلقة وصل في إثبات صحة نظرية التطور. ولم يتم اكتشاف زيف هذه القطع إلا بعد 40 عاما.
حيث مانت عملية التزييف دقيقة، حتى إنها لم تكتشف إلا مع تطور وسائل الكشف الحديثة عن الحفريات، فظهر أن الفك السفلي يعود لقرد الأورانغوتان، ويصل عمره إلى نحو 500 عام، بينما تعود بقايا الجمجمة لجمجمة إنسان لا يتجاوز عمرها 620 عاما.
لعل الأجيال الأكبر عمرا من العرب، وخاصة المصريين الذين عاشوا محنة حرب يونيو 1967 والمعروفة باسم "النكسة"، يتذكرون بيانات إذاعة "صوت العرب" في ذلك الوقت، حيث انطلق من الراديو صوت الإذاعي الشهير ورئيس صوت العرب "أحمد سعيد"، مصرحا بأن مصر مستمرة في تحقيق انتصارات متتالية على الجيش الإسرائيلي، وتوالت البيانات التي يذيعها عن أن مصر نجحت في إسقاط 50 طائرة للعدو، ثم 80 طائرة، ثم 100. ليستيقظ المواطنون بعدها من غفلتهم على الصدمة القاسية والهزيمة المرة التي أخفتها أجهزة الإعلام خلف ستار انتصارات وهمية كاذبة.
من أين جاءت "كذبة أبريل"؟
يرجع بعض المؤرخين أصل هذا اليوم إلى عام 1582، عند تحول فرنسا من التقويم اليولياني إلى التقويم الغريغوري، وكان العام الجديد في التقويم اليولياني الذي تغير يبدأ مع الاعتدال الربيعي في حوالي 1 أبريل، ولأن بعض الأشخاص لم يعرفوا بتغير التقويم وانتقال بداية العام الجديد إلى الأول من يناير، فقد احتفلوا كعادتهم ببداية العام الجديد في الأول من أبريل، وهو ما جعلهم موضعا للسخرية.
وأُطلق عليهم "حمقى أبريل (april fools)"، وقام البعض بوضع شعار لسمكة مصنوعة من الورق على ظهورهم، أطلقوا عليها اسم "Poisson d’Avril" أو "سمكة أبريل"، رمزا لسهولة اصطيادهم كالسمكة.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
إقرأ أيضاً:
نجم الشولة
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمينها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم الشولة، ويسمى أيضا الشول، وهو نجم نراه في الليل بلونه الذي يمتزج البياض فيه بالزرقة، وهو ثاني ألمع نجم في كوكبة العقرب بعد نجم قلب العقرب، ويعتبر أيضا من ضمن ألمع 25 نجم في السماء، وفي حقيقته هو ليس نجما مفردا وإنما هو نجم ثلاثي يتكون من نجم رئيسي ونجمين مرافقين، وتدور هذه الأنجم حول بعضها البعض، وقد أطلق العرب على هذا النجم الذي يقع في أعلى ذيل العقرب، اسم الشولة، لأنها تشبه في شكلها وظهورها الذيل المرفوع.
وقد اكتسب هذا النجم مكانة مهمة في التقويم العربي الفلكي، حيث اعتدوا عليه تحديد الفصول والمواسم الزراعية، فهو يعتبر جزء من "نوء العقارب"، وهي مجموعة من النجوم التي تشير إلى تغيرات الطقس، فظهوره يرتبط بظهور البرودة بعد الحرّ، وكان يُستخدم قديمًا كنذير لنهاية الصيف وبداية فصل الخريف.
وأما من حيث خصائصه الفلكية لنجم الشولة مقارنة بالشمس، فنجد أن قطره يُقدَّر بحوالي 8 أضعاف قطر الشمس، ودرجة حرارته السطحية تقدر بحوالي 25,000 كلفن ،أعلى بكثير من حرارة الشمس التي تبلغ حوالي 5,778 كلفن، تبلغ شدة إضاءته حوالي 36,000 ضعف لمعان الشمس، يبعد عنا 570 سنة ضوئية تقريبًا.
وبما أن هذا النجم يرمز عند العرب إلى جزء من أهم الحيوانات التي يمتلكونها في الصحراء وهي الناقة، فلذلك أوردوه في ثقافتهم الشعبية، وكذلك أورده الشعراء في قصائدهم، فالشعر ديوان العرب، فهو الذي يذكر مآثرهم وتفاصيل حياتهم، كما أن هذا النجم لم يكن غائبا عن الشعراء العمانيين، وعن ملاحيهم، فهذا البحار العماني أحمد بن ماجد يذكر في منظومته هذا النجم فهو يذكره مع نجم القلب، ونجم النعائم فيقول في منظومته الفلكية:
والقَلــبُ والشــَّولَةُ والنَعَـائِم
وَبَعــدَهَا البَلــدَةُ تَطلُـع دائِم
ثُــمَّ السـُّعُودُ الأَربَعَـه والفَـرغُ
يـا طـال مـا فُصِّل عليها الشُّرعُ
وهذا الشاعر العماني اللواح الخروصي يذكر هذا النجم، ويصفه وصفا صحراويا يشبه فيه أن نجم سهيل هو فحل لنج الشولة وقد أخافها فقال:
والشـهب فـي لجج الجرباء تحسبها
نحـو المغيـب نفيـس الدر منتشرا
تشـول كالشـول بعـد الحشر روعها
سـهيل وهـو لهـا فحـل وقـد جفرا
وهذا الوصف يتفق مع ما قاله الشاعر المخضرم عَمرُو بنُ الأَهْتَمِ المِنقَرِيِّ الذي عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام ولا أستبعد ان اللواح أخذ التشبيه منه فالمنقري يقول:
إِذا ما نُجُومُ اللَّيْلِ صارَتْ كَأَنَّها
هَجــائِنُ يَطْلَعْــنَ الْفَلاةَ صـَوادِرُ
شــــَآمِيَّةٌ إِلَّا ســـُهَيْلاً كَـــأَنَّهُ
فَتِيـقٌ غَـدا عَـنْ شَوْلَةٍ وَهْوَ جافِرُ
ولأن العرب تعرف مطالع النجوم وأماكنها نجدهم يشتركون في وصف تلك النجوم فهذا الشاعر الأموي ذو الرمة يذهب مذهب السابقين في تشبيه نجم الشولة وعلاقتها بنجم سهيل فيقول:
أَرِقْــتُ لَـهُ وَالثَّلْـجُ بَيْنِـي وَبَيْنَـهُ
وَحَوْمَــانُ حُـزْوَى فَـاللِّوَى وَالحَرَائِرُ
وَقَــــدْ لَاحَ لِلسـَّارِي سـُهَيْلٌ كَــأَنَّهُ
قَرِيــعُ هِجَــانٍ عَـارَضَ الشَّوْلَ جَـافِرُ
ونجد أن الشاعرة المخضرمة الخنساء، ذكرت هذا النجم في معرض رثائها لأخيها، فقالت له لتبكي عليك نجوم السماء وذكرت من ضمنها نجم الشولة إذا تحرك في الشمال فقالت:
رَمُوحٍ مِنَ الغَيْظِ رُمْحِ الشَّمُو
ــسِ تَلافَيْتَ في السَّلَفِ الأَوَّلِ
لِتَبْـكِ عَلَيْـكَ عِيالُ الشِّتاءِ
إِذا الشَّوْلُ لاذَتْ مِنَ الشَّمْأَلِ
ومن شعراء العصر الأموي الذين ذكروا هذا النجم هو الشاعر عدي بن الرقاع العاملي عندما مدح رجلا يقال له أبو حفص فقال:
فَنِعــمَ مُعَـرَّسُ الأَضـيافِ وَهنـاً
إِذا ما الشَولُ عارَضَتِ الشَمالا
أَبـا حَفـصٍ جَـزاكَ اللَـهُ خَيراً
إِذا ما المُعتَزى كَرِهَ السُؤالا
أما الشاعر العباسي الفرزدق فقد شبه النجوم بالنياق التي تتثنى في مشيتها وأطلق عليها لفظ الشول، وهي الجمال التي تمشي رافعة أذيالها فقال:
كَــأَنَّ نُجُــومَهُ شــَوْلٌ تَثَنَّــى
لِأَدْهَــمَ فــي مَبَارِكِهـا عَقِيـرِ
وَكَيْــفَ بِلَيْلَـةٍ لَا نَـوْمَ فِيهـا
وَلَا ضـــَوْءٍ لِصــَاحِبِها مُنِيــرِ
وكذلك الشاعر العباسي جبر بن عقبة الأزرقي السُلمي ذكر هذا النجم وقال فيه:
إذا مَـا الجِرْبيَاءُ غَدَتْ ورَاحَتْ
وشـَارَكَهَا الشـَّمَالُ مع الإيابِ
وراحَ الشــَّولُ يزعِجُهَـا شـِهَابٌ
مـنَ العَـوَّاءِ أنْجَـمَ للغِيَـابِ