مُني حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا بخسارة كبيرة بالانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد يوم الأحد، حيث تراجع عدد البلديات التي يترأسها بشكل كبير لصالح حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، الذي أصبح الحزب الأول من حيث أصوات الناخبين لأول مرة منذ أكثر من 35 عاما .

واعترف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخسارة حزبه في خطاب الشرفة التقليدية الذي أجراه في المقر الرئيس لـ"العدالة والتنمية" بالعاصمة أنقرة، مشيرا إلى أنهم "لم يتمكنوا من الحصول على النتائج التي كانوا يرجونها" من الانتخابات المحلية.



ويرى مراقبون  أتراك إلى أن الناخب التركي، قرر معاقبة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في الانتخابات المحلية التي تعنى باختيار رؤساء البلديات الكبرى والفرعية وأعضاء المجالس البلدية والمخاتير، ولا تنعكس بأي أثر مباشر على السياسة العامة التي يحددها أردوغان وحكومته، بعد فوزه قبل 10 أشهر بولاية رئاسية جديدة.



ويشدد رئيس مركز "سونار" التركي للإحصائيات، هاكان بايركتشي، على أن الناخبين الأتراك يستخدمون الانتخابات المحلية كأداة تحذيرية للحكومة منذ أكثر من 35 عاما.

وقد رفع الناخب التركي الذي منح أردوغان في الانتخابات العامة عام 2023 فوزا ساحقا على تحالفات المعارضة، كرته الأصفر في وجه الحزب الحاكم بالانتخابات المحلية السابقة عام 2019، والتي أدت إلى خسارة مدينتي إسطنبول وأنقرة لصالح الشعب الجمهوري، إلا أن النتائج الأخيرة التي أفرزتها صناديق الاقتراع أمس الأحد، تشير إلى سخط متصاعد لدى الكتلة التصويتية لـ"العدالة والتنمية".

وشدد رئيس تحرير صحيفة "هرييت" التركية، أحمد هاكان، أيضا إلى أن الناخب التركي أراد إرسال إنذار للحكومة والرئيس التركي عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات المحلية لأسباب عديدة من بينها الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار.

ولفت إلى أن التحذير القاسي الموجه من الناخبين الأتراك جاء في انتخابات لا تتعلق بشخص أردوغان، مشيرا إلى أن الأخير فاز قبل 10 أشهر في الانتخابات الرئاسية رغم أن الظروف آنذاك لم تكن مختلفة كثيرا عن اليوم، خصوصا بالأزمات المتعلقة بالمشاكل الاقتصادية وغلاء المعيشة.


واعتبر أن مشاعر الناخبين الذين قرروا معاقبة "العدالة والتنمية" في الانتخابات المحلية تطورت على النحو التالي: "التصويت ليس له علاقة بأردوغان، ورئاسة أردوغان مستمرة على أي حال، ولا توجد مشكلة بالنسبة له، إذن يمكننا أن نوجه تحذيرنا".

وشدد هاكان على أن الرئيس التركي يستقبل باهتمام بالغ رسائل الناخبين الموجهة عبر صناديق الاقتراع في كل استحقاق انتخابي منذ بدء مسيرته السياسية.

وكان أردوغان عبر عن ذلك في خطاب الشرفة التقليدي الذي ألقاه اتضاح الخسارة العميقة التي مني بها حزبه في عموم البلاد، قائلا إن "هذه الانتخابات ليست النهاية بالنسبة لنا بل هي نقطة تحول. وفي الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 آذار /مارس، استخدم الشعب التركي مرة أخرى صناديق الاقتراع لنقل رسائله إلى السياسيين. وبغض النظر عن النتائج، فإن الفائز في هذه الانتخابات بالدرجة الأولى هي ديمقراطيتنا وإرادتنا الوطنية".

وأضاف أردوغان أن " الديمقراطية التركية أثبتت مرة أخرى نضجها"، مشدد على أن "إرادة الشعب تتجلى في صناديق الاقتراع. والأمة تقول كلمتها من خلال صناديق الاقتراع، وتنقل رسائلها إلى السياسيين عبر صناديق الاقتراع، كما تعرب عن تحذيرها وتقديرها من خلال تلك الصناديق"، حسب تعبيره.

وشدد على عزم حزبه "إجراء تقييم صريح لنتائج الانتخابات المحلية وسيقوم بشجاعة بعملية نقد الذات بنفسه".

أسباب مباشرة للخسارة
رأى الكاتب التركي عبد القادر سيلفي أن أحد أسباب الهزيمة غير المتوقعة لحزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات المحلية كان عدم أخذ معارضة رئيس حزب "الرفاه من جديد" فاتح أربكان على محمل الجد، فضلا عن تجاهلها من قبل الحزب الحاكم.

وكان مراقبون تحدثوا لـ"عربي21" أشاروا إلى أن انقسام أصوات الناخبين المحافظين بفعل دخول أربكان السباق الانتخابي بمفرده عقب رفضه التحالف مع أردوغان، سيضر بشدة بمرشحي "العدالة والتنمية" لا سيما بمدينة إسطنبول التي تقود اقتصاد البلاد ويسكنها أكثر من 16 مليون مواطن تركي.

وتمكن أربكان من طرح حزبه كبديل عن "العدالة والتنمية" للناخبين المحافظين المنزعجين من سياسات الرئيس التركي، الأمر الذي جعل حزب "الرفاه من جديد" ثالث أكبر حزب في البلاد من حيث عدد الأصوات والأعضاء الذين فاق عددهم النصف مليون خلال الأشهر الأخيرة.

كما تمكن "الرفاه من جديد" من انتزاع رئاسة 67 بلدية في عموم البلاد، بينهم بلدية شانلي أورفا الكبرى ويووزغات.

في المقابل، يرى الكاتب التركي كمال أوزتورك أن الاعتقاد بأن دخول "الرفاه من جديد" في السباق الانتخابي بكوادره الخاصة دون التحالف مع أردوغان، تسبب في تراجع أصوات "العدالة والتنمية".

وشدد في تدوينة عبر حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقا) على أن حزب الرفاه من جديد جمع الأصوات الساخطة بالفعل على سياسات العدالة والتنمية.

ولفت أوزتورك إلى أن أسباب خسارة العدالة والتنمية يمكن تلخيصها في مواد رئيسية، أولها ارتفاع تكاليف المعيشة والمشاكل الاقتصادية التي يرزح المواطن التركي تحت وطأتها، بالإضافة إلى شكاوى الفساد والمحسوبية والمشاكل والصراعات داخل منظومة الحزب الحاكم.

وأشار إلى أن الامتعاض لدى المتقاعدين الذين يشكون من انخفاض رواتبهم كان عاملا حاسما في تراجع العدالة  والتنمية، لاسيما وأن عددهم يقترب من 16 مليون متقاعد.


وكان المتقاعدون الذين يتقاضى نحو 10 ملايين منهم 10 آلاف ليرة تركية شهريا (ما يزيد عن 300 دولار بقليل) صعدوا من حدة معارضتهم في الآونة الأخيرة بسبب الأزمة الاقتصادية وغلاء الأسعار، الأمر الذي وضعهم في مقدمة الخلافات السياسية خلال السباق الانتخابي، والذي عملت المعارضة على استغلاله بشكل فعال عبر تسليط الضوء عليهم، خصوصا وأن الرئيس التركي قد صرح في وقت سباق بعدم قدرة حكومته على زيادة رواتب المتقاعدين قبل أن يتراجع ويقرر إعادة تقييم الأمر في شهر تموز /يوليو القادم.

وأشار مراقبون أتراك إلى أن المتقاعدين شكلوا ضربة قوية للحزب الحاكم عبر التوجه لأحزاب أخرى أو الامتناع عن التصويت، ولا سيما وأن معظمهم يعتبرون من الناخبين التقليديين للعدالة والتنمية.

ويشدد الكاتب التركي أوزاي شيندير على أن البرنامج الاقتصادي ووضع المتقاعدين كانا حاسمين في هذه النتيجة، لافتا إلى أن الرئيس التركي سبيدأ التخطيط  لتلافي تراجع حزبه في الانتخابات المحلية خلال السنوات الأربع القادمة، وسيقرأ الرسائل التي أرسلها الشعب عبر صناديق الاقتراع ويركز على العمل منذ الآن من أجل الانتخابات العامة عام 2028.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية تركيا أردوغان تركيا أردوغان اسطنبول الانتخابات التركية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الانتخابات المحلیة عبر صنادیق الاقتراع العدالة والتنمیة الرئیس الترکی على أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل يجتمع أردوغان مع الأسد خلال قمة شنغهاي المقررة في أستانة؟

سلط الصحفي المقرب من الحكومة التركية، عبد القادر سيلفي، الضوء على إمكانية حدوث لقاء بين الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد ،على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون، التي من المقرر انعقادها يومي 3 و4 من تموز /يوليو الجاري.

وقال سيلفي، في مقال نشرته صحيفة "حرييت" التركية، الاثنين، إنه تحدث مع مصادر موثوقة حول إمكانية لقاء أردوغان والأسد في العاصمة الكازاخية أستانة، إلا أن أحدا من هذه المصادر لم يجب بالنفي أو بالإيجاب، مشيرا إلى أن مساعيه "قوبلت بصمت عميق".

وأشار سيلفي إلى أن اللقاء سينعقد في أستانة أو في مكان آخر، لاسيما مع نشاط دبلوماسية الباب الخلفي التي تمارسها روسيا، موضحا أن مثل "هذه اللقاءات التي تتعلق بقضايا حاسمة يتم التحفظ عليها حتى اللحظة الأخيرة".


واستدل سيلفي على قوله ذلك، بالإشارة إلى اللقاء الذي جمع أردوغان برئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي على هامش حفل افتتاح بطولة كأس العالم في قطر عام 2022، مشيرا إلى أن الصحفيين المرافقين للرئيس التركي آنذاك، وهو واحد منهم، لم يعلموا باللقاء إلا حينما كانوا على وشك الصعود إلى طائرة العودة.

والأسبوع الماضي، صرح الرئيس التركي باستعداد بلاده لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، معبرا عن إمكانية إجراء لقاء مع بشار الأسد على المستوى العائلي كما كان الحال عليه قبل القطيعة التي وقعت بين الجانبين في أعقاب اندلاع الثورة السورية عام 2011.

وجاء إعلان أردوغان في أعقاب تصريح للأسد قال فيه قال إنه منفتح "على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة مع تركيا والمستندة إلى سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى"، وفق ما نقلته وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري.

وتجدر الإشارة إلى أن مسار التطبيع بين تركيا والنظام بلغ أشده عام 2022 بعد لقاءات مكثفة بين الجانبين برعاية روسية، قبل أن يطرأ الجمود على هذا الملف مطلع 2023 بسبب تعنت الأسد بشرط انسحاب القوات التركية من شمال سوريا قبل الحديث عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وأنقرة.


وكان أردوغان تحدث حينها عن عزمه الاجتماع برئيس النظام السوري، حيث نقل سيلفي عن الرئيس التركي في مقال نشره في في أيلول /سبتمبر 2022، قوله خلال زيارة أجراها إلى سمرقند "أتمنى لو أتى الأسد إلى أوزبكستان، لكنت تحدثت معه، لكنه لا يستطيع الحضور إلى هناك".

والأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية التركي في لقاء متلفز مع قناة "خبر تورك" (Haber Türk) المحلية، إن "اندماج المعارضة السورية والنظام من شأنه أن يجعل سوريا طرفا مهما في الحرب على إرهاب حزب العمال الكردستاني".

وأضاف أن "أهم شيء حققته تركيا وروسيا في الشأن السوري هو وقف القتال بين النظام والمعارضة"، مشيرا إلى أن أنقرة تريد من النظام السوري أن يستغل "هذه الفترة من حالة عدم الصراع بعقلانية، كفرصة  لحل مشاكله الدستورية، وتحقيق السلام مع معارضيه، وإعادة الملايين من السوريين الذين فروا إلى الخارج أو غادروا أو هاجروا من جديد إلى بلدهم".

وتشير تصريحات فيدان إلى أن مساعي أنقرة للقضاء على نفوذ الوحدات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في الجانب الآخر من حدودها مع الأراضي السورية، تشكل عجلة دفع لعودة مسار التقارب إلى نقطة الضوء مجددا، على وقع إعلان الإدارة الذاتية عن عزمها إجراء انتخابات محلية في شمال شرقي سوريا، وهو الأمر الذي ترفضه تركيا بشكل مطلق وتراه انعكاسا لمساع تهدف إلى إنشاء "دويلة إرهاب" على حدودها.

مقالات مشابهة

  • أردوغان يكشف عن فخ خبيث.. وتركيا تعلن غلق حدودها مع سوريا
  • أردوغان: نعرف كيف نكسر الأيادي القذرة التي تطال علم تركيا
  • أردوغان: نعرف كيف نكسر الأيادي القذرة التي تطال علم تركيا واللاجئين
  • أردوغان: نعرف كيف نكسر الأيادي القذرة التي تطال علمنا
  • استقالة وزيري البيئة والصحة في تركيا.. من حل مكانهما؟
  • منافسة بين أردوغان وزعيم المعارضة على انستجرام
  • هل يجتمع أردوغان مع الأسد خلال قمة شنغهاي المقررة في أستانة؟
  • صحفي تركي: أردوغان سيعلن عن انتخابات مبكرة
  • ردود فعل غاضبة بعد هجوم زعيم المعارضة التركية على حماس
  • ردود فعل غاضبة بعد هجوم زعم المعارضة التركية على حماس