للمرة الثالثة على التوالي ترجئ شركة Total-Energies الفرنسية الإجتماع الذي كان مقررا في 26 اذار الماضي مع الوفد اللبناني التابع لوزارة الطاقة في باريس لتسليمه تقرير نتائج الحفر في موقع "قانا" ضمن البلوك 9 من دون أن تحدد تاريخاً جديداً للاجتماع المقبل، علما أن الشركة كانت وعدت لبنان أنها ستقوم نهاية شباط 2024 بتسليمه نسخة عن التقرير الكامل حول نتائج الحفر في موقع "قانا" في البلوك 9، ثم أجّلت الموعد إلى النصف الأول من شهر آذار الجاري، واشترطت أن يتمّ الإجتماع عبر تقنية "زووم".

وأمام ذلك ترددت معطيات من أكثر من مصدر معني أن توتال تريد دفع لبنان نحو تأجيل بتّ أي شأن متعلق بثروته إلى أقصى ما يمكن، ولذلك أرسلت وزارة الطاقة كتاباً إلى شركة Total تطالبها بتسليم التقرير المتعلق بنتائج الحفر في البلوك رقم 9 قبل منتصف نيسان المقبل، مع تأكيد وزير الطاقة وليد فياض أن توتال لم تتنازل عن حقها بالاستكشاف في البلوك 9، والعقد يحدّد أيار 2025 لنهاية المرحلة الأولى، لكنه يريد أن يعرف منها قبل انقضاء المهلة إذا كانت لديها النية لاستكمال الحفر في المرحلة الثانية أو لا، لمعرفة كيف يجب أن يتوجه لبنان.

كما كان يفترض أن يتم توقيع عقدي الإستكشاف والإستخراج في البلوكين 8 و 10 اللذين فاز بهما "كونستوريوم" الشركة الفرنسية بأقلّ من سعرهما، بعدما كانت طلبت توتال من وزارة الطاقة خلال شهر تشرين الأول الماضي إطالة فترة الاستكشاف الأولي لتصل إلى 4 أعوام لغاية عام 2027، بذريعة عدم وجود مسوحات زلزالية ثلاثية الأبعاد في البلوك رقم 8 ،وأن البلوك 10، يحتاج إلى مزيد من الدرس، في حين طالب لبنان بإنجاز البتّ في هذه العملية في مهلة أقصاها سنة ونصف السنة.

ويقول المنسق العام الوطني للتحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة في الصناعات الاستخراجية مارون الخولي ل"لبنان24"، لقد أصبح واضحا ارتباك شركة توتال من خلال تأجيلها غير المبرر فنيا أو تقنيا لتسليم تقريرها حول نتائج الحفر في موقع قانا، وهذه المماطلة تدل على أن ملف التنقيب خرج عن دوره التقني والفني والتجاري ليدخل في إطار التشابك مع التحولات السياسية الدولية، وهذا أمر معروف في عالم النفط خصوصا وأن هناك ضغوطات دولية على الشركات لعدم التنقيب في مناطق معينة لأسباب عدة تبدأ بالحصار الاقتصادي إلى المنافسة الجيوسياسية إلى المخاوف البيئية أو انتهاكات حقوق الإنسان، وينطبق هذا بشكل خاص إذا كانت شركة التنقيب من دولة صناعية كبرى مثل توتال إنرجيز وكان البلد المضيف دولة نامية مثل لبنان. فكيف الحال اليوم ونحن في دوامة صراع محاور كبير في المنطقة من باب المندب إلى غزة وسوريا ولبنان، ويضغط على الجميع ويرتب نتائج دراماتيكية وليس آخرها ملف التنقيب في لبنان.

لايمكن لشركة "توتال إنرجيز" حجب تقرير التنقيب عن لبنان بشكل كامل ولكن من الممكن أن يؤدي الضغط، إلى إصدار تقرير رمادي يتم فيه تنقيح المعلومات الحساسة أو التأثير على تفسير نتائج التقرير أو تأخير إصدار التقرير لأسباب استراتيجية وهذا الأمر لا يمكن للبنان، بحسب الخولي، أن يدركه لأنه في الأساس غائب تماما عن عملية التنقيب في القطاع البحري حيث لم تكن له أية مشاركة فعالة في المراقبة على أعمال الحفر على "منصة ترانس أوشن بارنتس" ولا يملك العينة أو المختبرات أو الرقابة وبالتالي هو بمثابة متلقي لأي تقرير فني وعليه الرضوخ وقبول مضمونه مهما كان، وهذا الأمر لم يتعلم منه لبنان خصوصا في اللغط الذي أحاط تقرير البلوك رقم 4 .
ومع ذلك، يحمل البعض لبنان مسؤولية عدم التزامه بكل التزاماته التعاقدية مع الكونسرتيوم، إلا أن الخولي يؤكد أن لبنان بالشكل والقانون وببنود العقد نفذ التزاماته التعاقدية مع الكونسرتيوم، لكن الواقع الراهن يشير إلى أن لبنان لا يلتزم موجبات الأمن والاستقرار السياسي وكل ذلك يجعل عملية الاستكشاف محفوفة بالمخاطر خصوصًا في ظل ما يحصل عند الحدود الجنوبية للبنان وهذا يصنف منطقة الحفر بغير المستقرة أمنيا، وهذا الوضع ليس في مصلحة لبنان ، ولذلك من الطبيعي أن تدخل هذه العوامل الضاغطة على ملف التنقيب كما أنه لا يمكن تجاهل الوضع السياسي المتأزم من خلال عدم انتخاب رئيس للجمهورية والصراع على شرعية جلسات المجلس النيابي واعتباره هيئة ناخبة لحين انتخاب رئيس للجمهورية وفي ظل حكومة تصريف أعمال واللغط الحاصل حول صلاحياتها ونتائج قراراتها .

بالنسبة للخولي لا يمكن الجمع بين ملفي التنقيب في البلوك 4 أو البلوك رقم 9 لا في النتائج ولا في الظروف السياسية ولا يجوز شيطنة أو اعتماد نظرية المؤامرة المكتملة في قطاع النفط والغاز، لكن في الوقت نفسه لا بد من الإعتراف بأن الأرباح هي التي تتحكم بعمل الشركات التي تبغي الربح أولا، فضلا عن أن الضغوطات الدولية تؤثر عليها بشكل أو بآخر ،لكنها في المقابل لا تديرها .

ومع ذلك، فإن استبدال شركة استكشاف كبرى مثل "توتال إنرجيز" والتي تعتبر واحدة من الشركات السبع الكبرى على مستوى العالم بعائدات نفطية تبلغ 237 مليار، يشكل خطرا على لبنان الذي سيضطر مجددا إلى البحث عن كونسورتيوم جديد بحجم "توتال وإني وقطر للطاقة"، وهذا أمر بالغ التعقيد أو شبه مستحيل في ظل الظروف الجيوسياسية، مع الأخذ في الاعتبار المخاطر المحيطة بالبلد. وبالتالي فان التعثر الحاصل في العلاقة مع"توتال إنرجيز" لا يمكن أن يستمر طويلا وعلى لبنان التمسك بالعقود الموقعة مع الكونسرتيوم وأن يتفهم تلك الضغوط، خصوصا وأن أي تسوية سياسية في المنطقة أو مع لبنان ستعيد الحيوية إلى عمليات التنقيب وربما تكون بمثابة مكافأة للبنان، فإعادة التفاوض على العقود على البلوكين 8و 10 يمكن أن يحصل وفق شروط تقاسم الأرباح مع "شركة توتال إنرجيز "، مع الأخذ في الاعتبار الخريطة السياسية الجديدة في المنطقة . المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: نتائج الحفر فی توتال إنرجیز التنقیب فی البلوک رقم فی البلوک لا یمکن

إقرأ أيضاً:

اشتباكات عنيفة في جنوب لبنان وضغوط دولية للتوصل لهدنة

بيروت "وكالات": جدد جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته على حزب الله في لبنان حيث تتواجه قواته في معارك شرسة مع حزب الله في الجنوب في وقت تكثف فيه الأسرة الدولية الضغوط على الطرفين للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

وبعد تعرضها الأحد لضربات كثيفة شنها الطيران الحربي الإسرائيلي، تجددت الغارات على ضاحية بيروت الجنوبية معقل حزب الله مع ثلاث غارات جديدة صباح اليوم بعد انذارات بالاخلاء بحسب الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية اللبنانية.

وفي جنوب لبنان، سقط 12 قتيلا في غارات اسرائيلية على منطقة صور على ما ذكرت وزارة الصحة اللبنانية.

وأتت هذه الغارات بعد نهاية أسبوع شهدت تكثيفا ملحوظا للقصف المتبادل بين إسرائيل وحزب الله اللذين يتواجهان في حرب مفتوحة منذ نهاية سبتمبر بعد تبادل شبه يومي للقصف عبر الحدود استمر قرابة عام على خلفية الحرب في قطاع غزة، ما أدى إلى نزوح عشرات آلاف الأشخاص على جانبي الحدود.

والأحد غداة ضربة إسرائيلية شديدة العنف أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 29 قتيلا في وسط بيروت، أعلن حزب الله مسؤوليته عن 50 هجوما استهدفت قوات إسرائيلية تتقدم برا في جنوب لبنان، ومواقع عسكرية وأهداف داخل إسرائيل أبرزها منطقة تل أبيب (وسط).

وهذا العدد من الهجمات هو الأعلى يعلنه الحزب في يوم واحد، منذ فتح جبهة "إسناد" لغزة غداة بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. وأشار جيش الاحتلال بدوره إلى أن حوالى 250 مقذوفا أطلق من لبنان الأحد.

وأدت سلسلة هجمات حزب الله الصاروخية الأحد إلى إصابة 24 شخصا، من بينهم 13 فلسطينيا في الضفة الغربية المحتلة.

"فرصة"

ودعا مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال زيارته بيروت الأحد، إلى "وقف فوري لإطلاق النار" بين حزب الله وإسرائيل.

بدوره، تحدث وزير الخارجية الفرنسي جان نويل-بارو عن "فرصة" لإبرام هدنة، داعيا إسرائيل واللبنانيين إلى اغتنامها.

وبحسب موقع أكسيوس، يتّجه الطرفان نحو التوصل إلى اتفاق على أساس مشروع أمريكي يقضي بهدنة مدتها 60 يوما ينسحب خلالها حزب الله والجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان لينتشر فيه الجيش اللبناني.

ويتضمن النص الذي قدمه المبعوث الأمريكي آموس هوكستين إلى الطرفين الأسبوع الماضي، إنشاء لجنة دولية لمراقبة تنفيذه، بحسب أكسيوس.

وأشار الموقع إلى ضمانات أمريكية لدعم تحرك عسكري إسرائيلي في حال قيام حزب الله بهجمات.

وحذر إيتامار بن غفير وزير الأمن القومي والحليف اليميني المتطرف لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم من أي اتفاق لوقف النار، مشددا على أنه سيكون "خطأ كبيرا".

ويستند الوسطاء إلى قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006 الذي ينص على انتشار الجيش اللبناني وجنود قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفل)، في جنوب لبنان.

اشتباكات "شرسة" في الجنوب

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية بأن الجيش الإسرائيلي نفّذ غارات جوية أخرى اليوم في قطاعات مختلفة من جنوب لبنان حيث تدور "اشتباكات شرسة" مع عناصر حزب الله.

وأوضحت "تدور الاشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال وبشكل شرس في محيط بلدية الخيام بعدما تقدمت قوات الاحتلال مدعومة بدبابات الميركافا... تحت غطاء من الغارات والقصف المدفعي والفوسفوري على وسط الخيام وعلى أطرافها".

وقالت إن قصفا إسرائيليا استهدف قلعة الشقيف، وهي قلعة صليبية استخدمها الجيش الإسرائيلي كقاعدة له خلال احتلاله الذي استمر 22 عاما لجنوب لبنان، وانتهى عام 2000.

وأعلنت الحكومة اللبنانية مساء الأحد تعليق التدريس الحضوري في كلّ المدارس والمعاهد والجامعات، الرسمية والخاصة، في العاصمة بيروت والمناطق القريبة منها، والاستعاضة عنه بالتعليم عن بُعد.

وتقدر وزارة الصحة اللبنانية أن أكثر من 3750 شخصا قتلوا في البلاد منذ أكتوبر 2023، معظمهم منذ سبتمبر هذا العام. على الجانب الإسرائيلي، قُتل 82 عسكريا و47 مدنيا خلال 13 شهرا.

مقالات مشابهة

  • كابال لاعب يوفنتوس يخضع لعملية جراحية
  • أمريكا: حتى هذه اللحظة لا يمكن القول إن الاتفاق بشأن لبنان تم إنجازه
  • أستاذ علوم سياسية: لا يمكن تقديم المساعدات إلى غزة دون وقف إطلاق النار
  • اشتباكات عنيفة في جنوب لبنان وضغوط دولية للتوصل لهدنة
  • البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار بين لبنان وحزب الله
  • المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة غزة الإنسانية
  • إستهداف ميركافا في جنوب لبنان.. وهذا ما قامت به إسرائيل بعد هجوم حزب الله
  • السوداني يبحث مع شركة خدمات استشارية دولية حوكمة مشروع طريق التنمية
  • الهيئة القومية لسلامة الغذاء تصدر تقريرها الأسبوعي الــ 44 لعام 2024
  • "قطر للطاقة" تعزز حصصها البحرية في حوض "أورانج" في ناميبيا