سواليف:
2025-04-24@13:15:49 GMT

#تأملات_رمضانية

تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT

#تأملات_رمضانية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 86 من سورة النحل: “وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِن دُونِكَ ۖ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ”.
بتأثير من شيوع عبادة الأوثان في زمن نزول الرسالة الخاتمة، فقد ذهب المفسرون القدامى الى الاعتقاد بأن الشرك هو عبادة المجسمات المادية (الأصنام)، التي كانوا يرمزون بها الى الله، لكننا عندما نرى كم أفرد الله تعالى من مساحة واسعة للتحذير من الشرك، نستنتج أنه أشمل دلالات وأوسع معنى من مجرد تمجيد تمثال يعلم كل عاقل أنه مصنوع، ولا يمكن أن يكون إلها.


لقد فسر السلف الصالح هذه الآية بحسب مفاهيم ذلك العصر، فقالوا إن المشركين يتبعون يوم القيامة أوثانهم اعتقادا أنها ستشفع لهم فينطق الله الأصنام فتتبرأ منهم.
لقد اعتبر الله الشرك به أعظم الذنوب قاطبة، بل هو الذنب الوحيد الذي لا يغتفر، وكونه ظلما عظيما يتأتى من أنه يغمط من يستحق التقدير والعرفان حقه من الشكر، ويمنحه لآخر ليس له فضل ولا استحقاق.
ان العبادة ليست فقط أداء طقوس التعبد والتقديس والإجلال للمعبود، بل هي الاتباع والطاعة أيضا، فقد جاء عدي بن حاتم (وكان نصرانيا) الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما نزل قوله تعالى “اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ” [التوبة:31]، فقال: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدُهم! فقال: أليس يحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرِّمونه، ويحلُّون ما حرَّم الله فتحلُّونه؟ قال: قلت: بلى! قال: فتلك عبادتهم!.
من هنا نفهم خطورة الشرك، فهي ليست متوقفة على الانتقاص من ألوهية الله وحقه في أن يعبد، اعترافا بفضله ونعمه، وشكرا له على عطاياه الجزيلة، فهو تعالى غني حميد، لايزيد في جلاله كثرة الحامدين، ولا ينقصه قلة الشاكرين، لكن يغضبه عصيانه لإرضاء مخلوق هو أصلا في قبضته وتحت سلطانه.
وعليه نفهم تفسير الآية الكريمة: فالشركاء هنا هم بشر وليسوا الأصنام الحجرية، بدليل أنهم يروهم ماثلين للعرض على الله تعالى يوم الحساب، وهنالك يتم التخاصم بين الطرفين، فالذين أشركوا يحملون وزر خطاياهم للذين كانوا يطيعونهم فكانوا لهم تبعا، ينفذون أوامرهم ويسعون لإرضائهم غير آبهين بأن ذلك فيه عصيان لله، لكن هؤلاء الذين كانوا سادتهم وحاكميهم في الدنيا، ينكرون أنهم أجبروهم على ذلك، بل فعلوه بإرادتهم تزلفا وانتفاعا.
وسياق النص يبين أن (شُرَكَاؤُنَا) ليسوا الأصنام الحجرية، بل هم بشر، بدليل (وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا..)، فتعني أنهم معهم واقفون للحساب، لأن الأصنام لا تحاسب، فهي من المخلوقات الجامدة، غير مكلّفة، ومفطورة على التسبيح بحمد ربها، لذا فهي لم تكفر أو تشرك.
إذاً فالشرك الأكبر هو طاعة مخلوق في معصية الخالق.
وعليه نفهم كثرة التحذير في كتاب الله من الشرك، لأن ذلك أكبر مسببات الشرور للبشر، فلا شيء أكثر هدما للمجتمعات وإفسادا في الأرض من طاعة الطواغيت، فهم يقدمون مصلحتهم ونفعهم على مصالح البلاد والعباد.
ولذلك على المؤمن الذي يظن أنه ملاقٍ ربه، أن يحرص على ان يلقاه بقلب سليم من الشرك، لأنه بغير ذلك سيلقى الله مفلساً، قد خسر الدنيا والآخرة: “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا” [الكهف:103-104].
فالحذر الحذر، فهنالك وسائل وأعمال شركية كثيرة في هذا العصر تقوم على إرضاء لمخلوق أو طاعته أو تنفيذ أوامره في معصية الخالق، وقد ينفذها المرء بحكم وظيفته أو عمله أو يستخدمها في حياته اليومية للحصول على مكاسب ومنافع، وهو يحسب أنها هينة، لكنها في حقيقتها شرك سوف يحاسب عليه، ، وتبدأ هذه من تجاوز ما نهى الله عنه من إضرار بالغير استجابة لرغبة أحد أونيل رضاه أوتزلفا وتقربا منه، وترتقي الى أعلى درجات الخطورة إن أطاع حاكما بتنفيذ إجراء فيه ايذاء للمقاوم المجاهد أو لمن يطالب باقامة منهج الله، أو أيد قيام نظام بالتطبيع، أو دافع عن ذلك الفعل الخسيس ذلك أمام الناس وبرره.
كل ذلك يبطل أعمال المرء الصالحات، فلا تنفعه كثرة صلاة ولا صيام ولا قيام، إذ سيجدها يوم القيامة هباء منثورا.

مقالات ذات صلة أنت تشكو والحكومة أيضا 2024/04/01

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات رمضانية

إقرأ أيضاً:

بفضل الله تعالى.. جلالة السلطان يعود إلى أرض الوطن

 

مسقط- العُمانية

بفضلِ اللهِ تعالى ورعايتِه، عاد حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- إلى أرض الوطن بعد زيارةِ "دولةٍ" إلى روسيا الاتّحاديّة الصّديقة استغرقت يومين.

وأعرب حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- خلال لقائه بفخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية عن شكره لفخامته، على الدعوة الكريمة لزيارة بلاده، وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.

وقال جلالته- أعزه الله- إن مباحثاته مع فخامة الرئيس الروسي تركزت على بناء علاقات متينة طيبة بين البلدين خلال الفترة الماضية؛ حيث يكمل البلدان خلال هذه الأيام 40 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية، ويسعى البلدان في الوقت الراهن على جعل هذه العلاقات متميزة ومفيدة تخدم مصلحة الشعبين الصديقين.

وأشاد جلالةُ السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- بلقائه مجموعة من رجال الأعمال من روسيا الاتحادية، مؤكدًا أنه لمس اهتمامهم بتطوير هذه العلاقة في مجالات الطاقة والزراعة والتجارة، كما باشر العديد منهم تبادل الزيارات وفتح مكاتب تجارية، مُعربًا- أيده الله- عن تطلُع سلطنة عُمان لزيادة استثماراتها في روسيا الاتحادية، وقد باشر جهاز الاستثمار العُماني التواصل مع الجهات المعنية الروسية.

وأعرب جلالته في ختام حديثه عن شكره وتقديره للمسؤولين الروس الذين قاموا بزيارة سلطنة عُمان خلال الفترة الماضية، معبرًا- أعزه الله- عن أمله لمواصلة المسؤولين في سلطنة عُمان زيارة موسكو.

ورحب فخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية بحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في العاصمة الروسية موسكو، شاكرًا لجلالته قيامه بزيارة "دولة" إلى روسيا الاتحادية.

وأكد فخامته أن جلالة السلطان المعظم قام بعدة زيارات إلى روسيا؛ حيث وقع جلالته في عام 1985 على الاتفاقية الخاصة بإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين، وفي هذه السنة يحتفي البلدان بالذكرى الأربعين عامًا منذ إقامة العلاقات.

وأضاف فخامته أن البلدين الصديقين يتقاسمان تاريخًا جيدًا وسجلا حافلًا من التواصل المستمر، مؤكدًا بلورة حزمة من الاتفاقيات التي من شأنها تشكيل زخم إضافي لتوطيد الأسس القانونية للعلاقات الثنائية.

وأشار فخامته إلى أن هناك الكثير من العمل لتطوير العلاقات التجارية بين البلدين، في مجال الاستثمارات المتبادلة، والترانزيت والنقل والزراعة، خاصة وأن روسيا تقوم بتصدير المنتجات الزراعية والأغذية إلى سلطنة عُمان.

وأكد فخامته على اهتمام الشركات الروسية لتطوير التعاون في مجالات الطاقة مع سلطنة عُمان، مشيرًا إلى مناقشة المسائل العملية خلال المباحثات أمس.

وأكد فخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية على التعاون الوثيق بين وزارتي الخارجية في البلدين، مضيفًا أن بلاده بصدد تنظيم القمة الروسية العربية الأولى، التي تحظى بتأييد من الأصدقاء في العالم العربي.

مقالات مشابهة

  • تأملات قرآنية
  • كلمة واحدة وصف بها رسول الله من يحافظ على صلاة الضحى.. اغتنمها ولا تتركها
  • الأرض المباركة في خطبة الجمعة.. تأملات في تاريخ وتجليات سيناء
  • هل يشترط الوضوء عند ترديد الأذكار.. أمين الفتوى يحسم الجدل
  • ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح
  • هل الدعاء يُزيد الرزق؟.. انسى الفقر نهائيًا بـ3 أعمال وآية
  • أمير المدينة المنورة يرعى افتتاح ندوة “جهود المملكة العربية السعودية في صيانة جناب التوحيد والتحذير من الشرك”
  • بفضل الله تعالى.. جلالة السلطان يعود إلى أرض الوطن
  • حكم المرأة غير المحجبة في الإسلام.. هل يطلقها زوجها ويحرمها من حقوقها؟
  • داعية: سورة "الماعون" منهج حياة متكامل للمؤمنين (فيديو)