#تأملات_رمضانية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 86 من سورة النحل: “وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِن دُونِكَ ۖ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ”.
بتأثير من شيوع عبادة الأوثان في زمن نزول الرسالة الخاتمة، فقد ذهب المفسرون القدامى الى الاعتقاد بأن الشرك هو عبادة المجسمات المادية (الأصنام)، التي كانوا يرمزون بها الى الله، لكننا عندما نرى كم أفرد الله تعالى من مساحة واسعة للتحذير من الشرك، نستنتج أنه أشمل دلالات وأوسع معنى من مجرد تمجيد تمثال يعلم كل عاقل أنه مصنوع، ولا يمكن أن يكون إلها.
لقد فسر السلف الصالح هذه الآية بحسب مفاهيم ذلك العصر، فقالوا إن المشركين يتبعون يوم القيامة أوثانهم اعتقادا أنها ستشفع لهم فينطق الله الأصنام فتتبرأ منهم.
لقد اعتبر الله الشرك به أعظم الذنوب قاطبة، بل هو الذنب الوحيد الذي لا يغتفر، وكونه ظلما عظيما يتأتى من أنه يغمط من يستحق التقدير والعرفان حقه من الشكر، ويمنحه لآخر ليس له فضل ولا استحقاق.
ان العبادة ليست فقط أداء طقوس التعبد والتقديس والإجلال للمعبود، بل هي الاتباع والطاعة أيضا، فقد جاء عدي بن حاتم (وكان نصرانيا) الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما نزل قوله تعالى “اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ” [التوبة:31]، فقال: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدُهم! فقال: أليس يحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرِّمونه، ويحلُّون ما حرَّم الله فتحلُّونه؟ قال: قلت: بلى! قال: فتلك عبادتهم!.
من هنا نفهم خطورة الشرك، فهي ليست متوقفة على الانتقاص من ألوهية الله وحقه في أن يعبد، اعترافا بفضله ونعمه، وشكرا له على عطاياه الجزيلة، فهو تعالى غني حميد، لايزيد في جلاله كثرة الحامدين، ولا ينقصه قلة الشاكرين، لكن يغضبه عصيانه لإرضاء مخلوق هو أصلا في قبضته وتحت سلطانه.
وعليه نفهم تفسير الآية الكريمة: فالشركاء هنا هم بشر وليسوا الأصنام الحجرية، بدليل أنهم يروهم ماثلين للعرض على الله تعالى يوم الحساب، وهنالك يتم التخاصم بين الطرفين، فالذين أشركوا يحملون وزر خطاياهم للذين كانوا يطيعونهم فكانوا لهم تبعا، ينفذون أوامرهم ويسعون لإرضائهم غير آبهين بأن ذلك فيه عصيان لله، لكن هؤلاء الذين كانوا سادتهم وحاكميهم في الدنيا، ينكرون أنهم أجبروهم على ذلك، بل فعلوه بإرادتهم تزلفا وانتفاعا.
وسياق النص يبين أن (شُرَكَاؤُنَا) ليسوا الأصنام الحجرية، بل هم بشر، بدليل (وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا..)، فتعني أنهم معهم واقفون للحساب، لأن الأصنام لا تحاسب، فهي من المخلوقات الجامدة، غير مكلّفة، ومفطورة على التسبيح بحمد ربها، لذا فهي لم تكفر أو تشرك.
إذاً فالشرك الأكبر هو طاعة مخلوق في معصية الخالق.
وعليه نفهم كثرة التحذير في كتاب الله من الشرك، لأن ذلك أكبر مسببات الشرور للبشر، فلا شيء أكثر هدما للمجتمعات وإفسادا في الأرض من طاعة الطواغيت، فهم يقدمون مصلحتهم ونفعهم على مصالح البلاد والعباد.
ولذلك على المؤمن الذي يظن أنه ملاقٍ ربه، أن يحرص على ان يلقاه بقلب سليم من الشرك، لأنه بغير ذلك سيلقى الله مفلساً، قد خسر الدنيا والآخرة: “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا” [الكهف:103-104].
فالحذر الحذر، فهنالك وسائل وأعمال شركية كثيرة في هذا العصر تقوم على إرضاء لمخلوق أو طاعته أو تنفيذ أوامره في معصية الخالق، وقد ينفذها المرء بحكم وظيفته أو عمله أو يستخدمها في حياته اليومية للحصول على مكاسب ومنافع، وهو يحسب أنها هينة، لكنها في حقيقتها شرك سوف يحاسب عليه، ، وتبدأ هذه من تجاوز ما نهى الله عنه من إضرار بالغير استجابة لرغبة أحد أونيل رضاه أوتزلفا وتقربا منه، وترتقي الى أعلى درجات الخطورة إن أطاع حاكما بتنفيذ إجراء فيه ايذاء للمقاوم المجاهد أو لمن يطالب باقامة منهج الله، أو أيد قيام نظام بالتطبيع، أو دافع عن ذلك الفعل الخسيس ذلك أمام الناس وبرره.
كل ذلك يبطل أعمال المرء الصالحات، فلا تنفعه كثرة صلاة ولا صيام ولا قيام، إذ سيجدها يوم القيامة هباء منثورا. مقالات ذات صلة أنت تشكو والحكومة أيضا 2024/04/01
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: تأملات رمضانية
إقرأ أيضاً:
تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 24-11-2024 في محافظة البحيرة
تقدم بوابة الفجر الإلكترونية خدمة لقرائها ومتابعيها، في إطار الخدمات التي تقدمها، لمعرفة مواقيت الصلاة بمحافظة البحيرة، مواقيت الصلاة في مدن ومراكز محافظة البحيرة، والتي تشمل صلاة "الفجر، الظهر، العصر، المغرب، العشاء".
مواقيت الصلاة اليوم بمراكز ومدن محافظة البحيرة
وتنشر بوابة الفجر كل ما تريد معرفته عن مواقيت الصلاة اليوم في مدينة دمنهور وباقي مراكز محافظة البحيرة بشكل عام، كالتالي:
موعد آذان الفجر في محافظة البحيرة في تمام الساعة 5:01 صباحا
الشروق في محافظة البحيرة فى تمام الساعة 6:33 صباحًا
موعد آذان الظهر بمحافظة البحيرة في تمام الساعة 11:45 مساءًا
موعد آذان العصر في محافظة البحيرة في تمام الساعة 2:37 مساءًا
موعد آذان المغرب فى محافظة البحيرة فى تمام الساعة 4:57 مساءًا
موعد آذان العشاء في محافظة البحيرة فى تمام الساعة 6:19 مساءًا
تعرف على فضل صلاة الظهر
ما فضل صلاة الظهر، لعل السؤال عنه قد يترتب عليه أمور عدة، حيث إن معرفة فضل صلاة الظهر قد يجعل الكثيرون يحرصون على أداء هذه الصلاة، ولا يتركوها لأي سبب كان، أو حتى تأخيرها، خاصة وأن سمة العصر الراهن وتلك الحياة المضغوطة والتي تكثر فيها الأعباء، جعلت الكثيرون يقعون في مثل هذا الأمر، بما يطرح السؤال عن فضل صلاة الظهر وما إذا كان تأخيرها إلى قبيل أذان العصر بدقائق أو بأقل من ساعة دون عذر أو بسبب العمل وما نحوها من أعذار أخرى ينقص هذا الفضل.
وما فضل صلاة الظهر لعله سؤال مهم تنبع أهميته من أن صلاة الظهر هي إحدى الصلوات المكتوبة، التي ورد الحث بالمحافظة عليها في القرآن الكريم، فقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوسطى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ الآية 238 من سورة البقرة.
فضل صلاة الظهر
1ـ نورٌ للمسلم يوم القيامة، إضافةً إلى أنّها نورٌ له في حياته الدنيا.
2ـ محو الخطايا وتطهير النفس من الذنوب والآثام، وتكفير السيئات؛ فبالصلاة يغفر الله – تعالى- ذنوب عبده بينها وبين الصلاة التي تليها، وكذلك تُكفّر ما قبلها من الذنوب.
3ـ أفضل الأعمال بعد شهادة ألّا إله إلّا الله، وأنّ محمدًا رسول الله.
4ـ يرفع الله تعالى بالصلاة درجات عبده.
5ـ تُدخل الصلاة المسلم الجنّة، برفقة الرسول – صلّى الله عليه وسلّم.
6ـ عدّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- انتظار الصلاة رباطًا في سبيل الله تعالى.
7ـ سبب في استقامة العبد على أوامر الله تعالى، إذ تنهي صاحبها عن الفحشاء والمنكر؛ قال اللَّه – تعالى-: «وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْـمُنكَر.
8 ـ أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة.
9ـ يُعدّ المسلم في صلاةٍ حتى يرجع إذا تطهّر، وخرج إليها.
10ـ يُعدّ المُصلّي في صلاةٍ ما دامت الصلاة تحبسه، وتبقى الملائكة تُصلّي عليه حتى يفرغ من مُصلّاه.
11ـ والدعاء بعد صلاة الظهر مستجاب، حيث إن الدعاء بعد الصلوات المكتوبة مستجاب، إذا فاتتك صلاة الظهر ودخل وقت العصر إذا فاتتك صلاة الظهر ودخل وقت العصر، فقد ورد فيها أنه يحرم تأخير صلاة الظهر إلى ما بعد أذان العصر إلا من عذر شرعي كالنوم والنسيان، وينبغي إذا فاتتك صلاة الظهر ودخل وقت العصر بعذر صليتها إن كنت نائمًا إذا استيقظت والناس إذا تذكر، فإن كان الفوت بغير عذر شرعي كان آثمًا وعليه القضاء والتوبة من ذنب تضييع وقت الصلاة، وتكون التوبة بالندم والعزم على عدم تأخير الصلاة عن وقتها، وعليه أن يصلي الظهر قضاءً قبل أداء صلاة العصر إلا إذا وجد صلاة الجماعة للعصر قائمة فإنه يجوز له أن يدخل معهم في صلاة العصر ثم يصلي الظهر بعد الفراغ من العصر.