تدير الدعاية الصهيونية العالم إعلاميًّا عبر التركيز على قضية معينة تُلفت إليها الأنظار بعيدًا عن أعمال إجرامية ترتكبها ولا تريد أن يُسلَّط الضوء عليها.
مارستِ الصهيونية الإسرائيلية تلك الأفعال منذ اغتصابها فلسطين وإعلان قيام دولتها في العام 1948. ولكن بعد نجاح كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس) في إلحاق أكبر عملية إذلال بالجيش والأمن الإسرائيلي في السابع من أكتوبر الماضي، كثَّفت إسرائيل من إنتاج وترويج مثل العشرات بل والمئات من هذه الأعمال التي يُقصَد بها لفتُ الأنظار أيضًا عن الإجرام الإسرائيلي الذي فاق كل حدود التوقع والخيال البشري والإنساني.
وجاءت حكاية تجنيد الحريديم، أو خريجي المدارس الدينية في إسرائيل، كي تحتل صدارة الصحف وكل البرامج الفضائية، حتى ينشغلَ العالم عن قتل وتجويع وتعذيب أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، بل وعمليات الاغتيال المنظمة التي يرتكبها جهاز الموساد في الخارج.
والحريديم يشكلون 13% من سكان إسرائيل، وهم رجال وشباب وأطفال يتخرجون في المدارس والمعاهد الدينية التي تدرس التوراة والتلمود وتتمسك بتفسير نصوصها بشكل أكثر تشددًا، يستند إلى أن اليهود هم شعب الله المختار، وأن جميع الأجناس الأخرى هم أغيار يُستباح قتلهم واغتصاب نسائهم، بل والحصول على جائزة بدخول الجنة لكلِّ مَن يقتل عربيًّا أو مسلمًا مثلًا في كل أراضي فلسطين أو خارجها.
وهم يعتقدون أن العرب والمسلمين أنجاس، ويجب التطهُّر بعد لمسهم، ولا يجب دفن موتاهم في مقابر المسلمين، ولا يؤمنون أبدًا بإمكانية التعايش معهم إلا في إطار تحيُّن الفرص لامتلاك القوة للقضاء عليهم وتدميرهم.
ووفقًا للتقارير والتحقيقات المنشورة في الصحف الإسرائيلية نفسها، فإن تحركات الحريديم تتطابق تمامًا مع أفكار قديمة صنعها الحاخامات حول وجود هيكل سليمان، وهو المكان الذي كان يحكم منه نبي الله سليمان عليه السلام تحت المسجد الأقصى، وهم مَن كانوا وراء جميع أعمال الحفر أسفل المسجد والتي تهدد بتدميره من خلال تلك الأنفاق التي تضرب أساسات المسجد.
ولأن الكيان الإسرائيلي قام على كذبة كبرى هي احتلال فلسطين لأنها أرض بلا شعب ولأنها أرض الميعاد، فقد بدأ مبكرًا خداع العالم بحكم هذه الدولة المصنوعة من خلال اتجاهين: الأول، هو إعلان علمانية الدولة، وتصدير ذلك لكل الأوساط الإعلامية والسياسية والدبلوماسية في العالم، والثاني، دعم المجموعات الدينية المتطرفة من خلال: توفير مرتبات ومساكن وكل ألوان الدعم الخاص لهم، والسماح لهم بزيارة المدارس وكتائب الجيش والتجمعات الثقافية والاجتماعية لنشر أفكارهم التي ينسبونها للتوراة والتلمود، وذلك لحماية الدولة الدينية وتجميع شعبها حول فكرة العقيدة التوراتية التي حافظت على أن الصراع مع العرب والمسلمين هو صراع وجود وليس صراع حدود.
ووفقًا لما نُشر بالصحف الإسرائيلية فإن هناك 68 ألف شاب في سن التجنيد بين الحريديم يرفضون أداء الخدمة العسكرية، ولكنهم يحرِّضون على مدار الساعة على قتل الفلسطينيين أينما كانوا، والاستمرار في الحرب والعمليات الإجرامية في غزة. كما أنهم يجنِّدون مجموعات بشكل شبه يومي تمنع قوافل الإغاثة على المعابر من الدخول إلى أبناء غزة، وتهجم مجموعات أخرى على الفلسطينيين في منازلهم بمدن الضفة الغربية، واحتلال بيوتهم واغتصاب أموالهم وزروعهم وكل ما يملكون.
يضاف إلى ذلك قيادتهم للمجموعات التي تقتحم أسبوعيًّا المسجد الأقصى وتقيم الطقوس اليهودية بداخله.
والحريديم (الأكثر تشددًا وتطرفًا بين جميع أديان العالم) لم توقِّع عليهم الولايات المتحدة الأمريكية أو دول أوروبا أيَّ عقوبة، ولم توجِّه لهم لومًا عندما يقتلون العرب الفلسطينيين أو يطالبون بإبادتهم. بينما تسارع وسائل الإعلام في تلك الدول لتحميل المسلمين في كل العالم المسئولية عن انفجار داخل مدنهم قبل التحقيق، فالعرب والمسلمون جميعهم إرهابيون في نظر وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية، ولكنَّ هؤلاء المتوحشين القتلة لا يمكن توجيه اللوم لهم أو مطاردتهم باعتبارهم مجموعات إرهابية.
نجحت إذًا إسرائيل (ومِن ورائها أمريكا) في نقل الاهتمام العالمي من مجازر غزة إلى تلك الطواقي التي يلبسها شباب مهووس دينيًّا يطالب بإبادة العرب والمسلمين لأنهم أنجاس.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
يوضح تطور العقيدة الدينية في مصر القديمة.. تفاصيل اكتشاف مقبرة ملكية بـ أبيدوس
كشف محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، عن تفاصيل اكتشاف مقبرة ملكية تعود إلى عصر الانتقال الثاني في منطقة أبيدوس بمحافظة سوهاج، وهذا الاكتشاف يأتي في إطار سلسلة من الاكتشافات الأثرية التي تضيء جوانب مهمة من تاريخ الحضارة المصرية القديمة.
وأضاف عبد البديع أن أبيدوس كانت تعتبر أقدس المواقع الدينية في مصر القديمة، حيث كان الملوك وكبار المسؤولين يسعون لزيارتها باعتبارها بمثابة «كعبة المصريين القدماء».
وخلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أوضح عبد البديع أن اكتشاف هذه المقبرة الملكية يعكس أهمية استثنائية للموقع. وتم العثور على المقبرة في تل بناويط، الواقع في مركز المراغة شمال أبيدوس.
وأشار إلى أن الموقع تم الحفاظ عليه بشكل جيد بفضل وجود مقام حديث يحميه من عمليات النهب والسرقة، وهو ما ساعد في الحفاظ على الطبقات الأثرية للمقبرة سليمة.
وأكد عبد البديع أن هذا الاكتشاف يعكس تطور العقيدة الدينية وممارسات الدفن في مصر القديمة، حيث تم استخدام الموقع على مدار فترات تاريخية طويلة حتى القرن السابع الميلادي.
وأضاف أن بعثة جامعة بنسلفانيا بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار ستواصل أعمال البحث والدراسة لتحديد التاريخ الدقيق للمقبرة الملكية المكتشفة.
وأشار عبد البديع إلى أن هذه الاكتشافات تقدم معلومات جديدة حول فترة تاريخية شهدت عدم توحيد مصر، حيث حكمت البلاد عدة أسر ملكية من مناطق مختلفة. كما تميزت المقابر الملكية في أبيدوس بتصميماتها الفريدة، مما يجعلها ذات طابع خاص يميزها عن بقية المقابر الملكية في مصر.
اقرأ أيضاًالمجلس الأعلى للآثار: لم تُسرق قطعة أثرية واحدة من متاحفنا
مواطن مصري يهدي المجلس الأعلى للآثار 8 قطع أثرية
رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار يفتتح مكتبة متحف آثار طنطا