إبراهيم سليم

أخبار ذات صلة فتوى: هل قطرة العين تُفسد الصومَ؟ شخصيات إسلامية.. بشر بن الحارث الحافي، رحمه الله

الحمد لله الذي أمر بالتوبة ووعد بالقبول، قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، «سورة التحريم: الآية 8»
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مئة مرة»، (صحيح مسلم، 2702).


ولا ينبغي لمسلم أن يقنط من رحمة الله التي وسعت كل شيء، ولا يستعظم معصية مهما كانت على عفو الله عنها وقبول التوبة، فالله يفرح بتوبة العبد، وعلى كل عبد مراجعة نفسه، ورد الحقوق لأصحابها، والرجوع عن المعاصي صغيرها وكبيرها، والتوبة واجبة عند الذنب، ويتأكد وجوبه في رمضان، وفضل الاستغفار ومنزلته، فهو من العبودية لله تعالى، ومن تاب توبة صادقة، تاب الله عليه ولو كانت ذنوبه كثيرة، والتوبة الصادقة توجب رد الحقوق إلى أصحابها.
فالتوبة هي: «الإقلاع عن الذنب لقبحه، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، ورد الحقوق إلى أصحابها، أو طلب البراءة منهم. ومن كرم الله تعالى أنه فتح باب التوبة لعباده إلى أن تقوم الساعة، فعن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها»، (صحيح مسلم، 2759). بل إن الحديث يعبر عن فرح الله تعالى بتوبة العبد فهو يحب عود عباده إليه قال تعالى: (... إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ...)، «سورة البقرة: الآية 222».
وقال رسول الله ﷺ: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فيأسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ يأَسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ. (صحيح مسلم، 2747).
فيجب على الإنسان أن يتوب من جميع ذنوبه توبة عامة، ومما يعلم من الذنوب توبة خاصة، ويرد الحقوق إلى أصحابها إن وجدت، ولا يؤخر التوبة فإن الآجال لا يعلمها إلا الله، فيجب المبادرة بالتوبة فوراً.
اغتنام رمضان لمغفرة الذنوب
إن شهر رمضان المبارك فرصة لعباد الله تعالى، علينا أن نغتنم ما تبقى لنا منه وننشط في العبادة، لنكون ممن يتقربون فيه إلى ربهم، ويتعرضون لنفحات رحمته وبمغفرته يطمعون، وخير ما نهتدي بهديه ونستن بسنته نبينا محمد، خاصة في مثل هذه الأيام المباركات، والليالي الطيبات، قال الله عز وجل: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، «سورة الأحزاب: الآية 21»، فقد كان أسوة حسنة في صيامه وسحوره وفطوره وسائر أعماله وعباداته. 
 وقد كان النبي ﷺ يجتهد في العبادة في رمضان اجتهاداً مضاعفاً، وكان فيه أجود بالخير من الريح المرسلة، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ ‌أَجْوَدُ ‌مَا ‌يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»، وكان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان زاد عمله، وتضاعف جهده وعطاؤه، قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ‌يَجْتَهِدُ ‌فِي ‌الْعَشْرِ ‌الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ».
وكان من هدي النبي ﷺ أن يحرص على أكلة السحور، ويرغب فيها أصحابه، فيقول: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي ‌السُّحُورِ ‌بَرَكَةً»، وكان يعجل الفطر ويحث على ذلك أيضاً لما فيه من الخير والبركة، قَالَ ﷺ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ ‌مَا ‌عَجَّلُوا ‌الفِطْرَ»، «وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ‌حَسَا ‌حَسَوَاتٍ ‌مِنْ مَاءٍ».
فما أجمل أن يقتدي المسلمون بهدي النبي في شهر رمضان المبارك، فيقبلون على طاعة الله تعالى، ولا يفترون عن ذكره، ويكثرون من تلاوة آيات الذكر الحكيم، ويداومون على الصالحات، ويحرصون على أداء فريضة الصيام بأركانها وسننها وآدابها، طلباً للفوز بالمغفرة والرضوان، قال رسول الله: «‌مَنْ ‌صَامَ ‌رَمَضَانَ، ‌إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وشهر رمضان المبارك فرصة ثمينة النفع والخير، فعلينا أن نحرص على اقتناصها واغتنام أوقاتها، اقتداء بسنة نبينا محمد.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: رمضان الصيام الله تعالى

إقرأ أيضاً:

في اليوم العالمي للمعلم.. كيف حث الإسلام على العلم؟

اليوم العالمي للمعلم.. يصادف اليوم 5 أكتوبر، اليوم العالمي للمعلم والذي تحتفل به أكثر من 100 دولة حول العالم في مثل هذا اليوم الذي حددته منظمة اليونسكو.

اليوم العالمي للمعلم

وتزامنا مع اليوم العالمي للمعلم، حث الإسلام، المؤمنين على طلب العلم، حيث ورد في القرآن الكريم آية تؤكد أن أهل العلم لهم مكانة خاصة «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» {الزمر:9}.

اليوم العالمي للمعلم طلب العلم يسهل على المسلم الطريق للجنة

ودلت السنة المطهرة على أن من سلك طريقًا في طلب العلم سهل الله له الطريق للوصول إلى الجنة بهذا الطريق، كما جاء في النصوص الشرعية على أجر وثواب صاحب العلم حتى بعد موته، بسبب بركة علمه.

وورد في النصوص أن من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله، حيث نص الحديث الشريف عَنْ أنسٍ، قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، ﷺ: «مَن خرَج في طَلَبِ العِلمِ، كان في سَبيلِ اللَّهِ حَتَّى يرجِعَ. رواهُ الترْمِذيُّ، وقال: حديثٌ حَسنٌ».

طلب العلم فريضة على كل مسلم

وطلب العلم فريضة على كل مسلم، وقد يكون واجبًا وجوبًا عينيًا، ومثال على ذلك، إذا كان هناك مسلم يريد معرفة عبادةٍ يردي أداؤها أو معاملة يريد الشروع فيها، فيجب عليه في هذه الحالة أن يتعلم ما يصحح به عبادته أو معاملته، وينبغي على طالب العلم أن يستشعر أنه قائم بفرض كفاية أثناء طلبه للعلم، ليحصل على ثوابه.

كما وجهنا الله تعالى في كتابه العزيز بالقراءة وطلب العلم، حيث كانت أول أية اُنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ»، مما يعكس قيمة ومكانة العلم والقراءة والمعرفة في الدين الإسلامي.

اليوم العالمي للمعلم الأدوات التي تعين الإنسان على التعلم

ووهب الله تعالى للإنسان العديد من أسباب العلم والتي تعينه على البحث والتجربة، فزوده بكافة أدوات العلم والمعرفة وهيأ له جميع ما في الأرض ليساعده على الاستكشاف والتعلم، ومن أدوات الإعانة أن الله تعالى خلق للإنسان السمع والبصر، حيث ال في كتابه العزيز «وَاللَّـهُ أَخرَجَكُم مِن بُطونِ أُمَّهاتِكُم لا تَعلَمونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ».

وأعلى الله تعالى من منزلة المعلم في الإسلام، فجعل له حقوقًا على طلابه، ويبنغي على الطلاب أم يتحلوا بأخلاق العلم مع معلميهم، ويروى أنّ الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- كان إذا جلس في مجلس معلمه الإمام مالك -رحمه الله تعالى - يقلب الأوراق برفقٍ شديدٍ، حتى لا ينزعج معلمه منه.

آداب وأخلاقيات طالب العلم

ينبغي على طالب العلم أن يمتثل بالعديد من الآداب والأخلاقيات، وهي:

- الإخلاص لله سبحان.

- اتّباع رسالة محمدٍ عليه الصلاة والسلام.

- حفظ الشريعة وحمايتها وصيانتها.

- الصبر في سبيل تحصيل العلم.

- الحرص على طهارة القلب من الغلّ والحسد.

- استغلال سن الشباب في تحصيل النافع من العلم.

- الحرص على استغلال الوقت قدر الإمكان.

- الحرص على تحقيق الخشية لله والإنابة له.

- الزهد في الدنيا.

- العمل بالعلم.

اليوم العالمي للمعلم مكانة المعلم في الإسلام

ورفع الإسلام من مكانة المعلم بين الناس، ويقول الله عز وجل: «يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ»، وشهد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بفضل العلماء، فقال: «إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ».

واختص العالم بفضل لم يكن لغيره من العالمين، روي عَنْ أَبي أُمَامة، أنَّ رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: «فضْلُ الْعالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلي عَلَى أَدْنَاكُمْ ثُمَّ قَالَ: رسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ اللَّه وملائِكَتَهُ وأَهْلَ السَّمواتِ والأرضِ حتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلى مُعلِّمِي النَّاسِ الخَيْرْ. رواهُ الترمذي، وقالَ: حَديثٌ حَسنٌ».

اليوم العالمي للمعلم

والجدير بالذكر، أن العديد من دول العالم تحتفل بــ اليوم العالمي للمعلم، كل عام في يوم 5 أكتوبر، طبقًا لمنظمة اليونسكو، حيث أنه يوم دولي يتم الاحتفال به سنويًا، وخصصت منظمة اليونسكو يوم 5 من أكتوبر للاحتفال اليوم العالمي للمعلم سنويًا وإحياء توصية اليونسكو ومنظمة العمل التي تم توقيعها رسميًا في عام 1966 بشأن أوضاع المعلمين.

شعار اليوم العالمي للمعلم لعام 2024

وأوضحت منظمة اليونكسو أن شعار هذا العام 2024 لليوم العالمي للمعلم يكون «تقدير أصوات المعلمين: نحو إبرام عقد اجتماعي جديد للتعليم»، والذي يؤكد على ضرورة التصدي للتحديات العامة التي يواجهها المعلمون، وتعزيز دورهم في التعليم ليكون أكثر شمولة مما هو عليه، وإبراز أهمية الإصغاء للمعلمين ومعالجة التحديات والصعوبات التي تواجههم، وتقدير المعارف والخبرات التي يقدمها المعلم والاستفادة منها.

اقرأ أيضاًفي اليوم العالمي للمعلم.. «اليونسكو» تدعو لصياغة عقد اجتماعي جديد للتعليم

وزير التربية والتعليم يهنئ معلمي مصر بمناسبة اليوم العالمي للمعلم

بمناسبة اليوم العالمي للمعلم.. الحكومة تزف بشرى بخصوص مسابقة جديد للتوظيف

مقالات مشابهة

  • موظفون وأفراد الأمن الخاص بكلية الحقوق بمراكش يحتقرون الطلبة و المرتفقين
  • وصف النبي في القرآن.. صدر مشروح وقلب أقوى من الجبال
  • في اليوم العالمي للمعلم.. كيف حث الإسلام على العلم؟
  • جمعة يوضح دلائل الحب التي جرت أيام سيدنا النبي
  • فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها
  • سر فضل قراءة آية الكرسي في هذه الأوقات الخمسة
  • على هدى النبي.. مواطن يُخاطر بحياته لإنقاذ كلب بعد رميه في بئر 15 متر (فيديو)
  • محافظ أسيوط: استمرار تسليم نموذج 8 نهائي التصالح في مخالفات البناء  
  • غدا غُرة ربيع الآخر.. دعاء النبي عند رؤية الهلال
  • جمعة: النبي كنز مخفي لمن أراد باب الله وعز الدنيا ومفاتيح الجنة