رمضان شهر التوبة واغتنام الأوقات للأعمال الصالحات
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
إبراهيم سليم
أخبار ذات صلةالحمد لله الذي أمر بالتوبة ووعد بالقبول، قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، «سورة التحريم: الآية 8»
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مئة مرة»، (صحيح مسلم، 2702).
ولا ينبغي لمسلم أن يقنط من رحمة الله التي وسعت كل شيء، ولا يستعظم معصية مهما كانت على عفو الله عنها وقبول التوبة، فالله يفرح بتوبة العبد، وعلى كل عبد مراجعة نفسه، ورد الحقوق لأصحابها، والرجوع عن المعاصي صغيرها وكبيرها، والتوبة واجبة عند الذنب، ويتأكد وجوبه في رمضان، وفضل الاستغفار ومنزلته، فهو من العبودية لله تعالى، ومن تاب توبة صادقة، تاب الله عليه ولو كانت ذنوبه كثيرة، والتوبة الصادقة توجب رد الحقوق إلى أصحابها.
فالتوبة هي: «الإقلاع عن الذنب لقبحه، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، ورد الحقوق إلى أصحابها، أو طلب البراءة منهم. ومن كرم الله تعالى أنه فتح باب التوبة لعباده إلى أن تقوم الساعة، فعن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها»، (صحيح مسلم، 2759). بل إن الحديث يعبر عن فرح الله تعالى بتوبة العبد فهو يحب عود عباده إليه قال تعالى: (... إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ...)، «سورة البقرة: الآية 222».
وقال رسول الله ﷺ: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فيأسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ يأَسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ. (صحيح مسلم، 2747).
فيجب على الإنسان أن يتوب من جميع ذنوبه توبة عامة، ومما يعلم من الذنوب توبة خاصة، ويرد الحقوق إلى أصحابها إن وجدت، ولا يؤخر التوبة فإن الآجال لا يعلمها إلا الله، فيجب المبادرة بالتوبة فوراً.
اغتنام رمضان لمغفرة الذنوب
إن شهر رمضان المبارك فرصة لعباد الله تعالى، علينا أن نغتنم ما تبقى لنا منه وننشط في العبادة، لنكون ممن يتقربون فيه إلى ربهم، ويتعرضون لنفحات رحمته وبمغفرته يطمعون، وخير ما نهتدي بهديه ونستن بسنته نبينا محمد، خاصة في مثل هذه الأيام المباركات، والليالي الطيبات، قال الله عز وجل: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، «سورة الأحزاب: الآية 21»، فقد كان أسوة حسنة في صيامه وسحوره وفطوره وسائر أعماله وعباداته.
وقد كان النبي ﷺ يجتهد في العبادة في رمضان اجتهاداً مضاعفاً، وكان فيه أجود بالخير من الريح المرسلة، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»، وكان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان زاد عمله، وتضاعف جهده وعطاؤه، قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها: «كَانَ رَسُولُ اللهِ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ».
وكان من هدي النبي ﷺ أن يحرص على أكلة السحور، ويرغب فيها أصحابه، فيقول: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً»، وكان يعجل الفطر ويحث على ذلك أيضاً لما فيه من الخير والبركة، قَالَ ﷺ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ»، «وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ».
فما أجمل أن يقتدي المسلمون بهدي النبي في شهر رمضان المبارك، فيقبلون على طاعة الله تعالى، ولا يفترون عن ذكره، ويكثرون من تلاوة آيات الذكر الحكيم، ويداومون على الصالحات، ويحرصون على أداء فريضة الصيام بأركانها وسننها وآدابها، طلباً للفوز بالمغفرة والرضوان، قال رسول الله: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وشهر رمضان المبارك فرصة ثمينة النفع والخير، فعلينا أن نحرص على اقتناصها واغتنام أوقاتها، اقتداء بسنة نبينا محمد.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: رمضان الصيام الله تعالى
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: لو كان النقاب فرضا لما منعه سيدنا النبي فى الحج والعمرة
أكّد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن هناك خلطًا كبيرًا بين مفهومي الحجاب والنقاب، مشددًا على أن الحجاب فرضًا شرعيًا مؤكدًا، بينما النقاب ليس فرضًا ولا واجبًا، بل هو من العادات أو المباحات التي يمكن للمرأة أن تختارها، دون أن يكون ذلك إلزامًا دينيًا.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، ببرنامج «فتاوى الناس»، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس: الحجاب الذي يشمل تغطية الجسد كله ما عدا الوجه والكفين هو الفرض، كما هو حال ما ترتديه أغلب النساء المسلمات اليوم، أما النقاب، وهو تغطية الوجه بالكامل، فليس فرضًا شرعيًا، والدليل على ذلك من حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين.
وأضاف: سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة"، والحديث رواه الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهذا دليل صريح على أن تغطية الوجه ليست فرضًا، لأن لو كان النقاب فريضة شرعية، لكان أَولى أن يُفرض في الحج، وهو أعظم عبادة، لكنه منهي عنه للمحرمة.
واستدل كذلك بحديث آخر، جاء فيه أن سيدنا الفضل بن عباس كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم، وجاءت امرأة تسأل النبي، وكانت مكشوفة الوجه، وكان الفضل ينظر إليها، فصرف النبي وجه الفضل عنها ولم يأمر المرأة بتغطية وجهها، ما يؤكد أن كشف الوجه لم يكن مخالفة شرعية.
وأشار الشيخ إلى أن جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية - في غير قول - والحنابلة في رواية، قالوا إن النقاب ليس بفرض، وأن الوجه والكفين ليسا بعورة، وبالتالي لا يجب تغطيتهما.
وتابع: الحجاب فرضٌ بإجماع العلماء، أما النقاب فهو اختيار شخصي، ومن اختارته من باب الاحتياط أو الورع فلهن أجرهن، ومن لم تلبسه فلا إثم عليها، بشرط الالتزام بالحجاب الشرعي الكامل.