«في إزاحة التخوم».. دهاليز الفكر المؤسس للحداثة
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
محمد نجيم (الرباط)
أخبار ذات صلة مارسيل بوازار.. رائد الاستشراق العلمي وإنسانية الإسلام عماد عليبي لـ«الاتحاد»: الموسيقى تحفظ تاريخية الأمكنة وموروثها الثقافيفي كتابه الجديد «في إزاحة التخوم، فصوص في جماليات التفكيك» الصادر عن دار الرافدين، يصطحبنا المفكر والباحث الجزائري الدكتور محمد بكاي في رحلة حفرٍ شائقة إلى أعالي ودهاليز الفكر الإنساني المؤسس للحداثة والتنوير من خلال النبش في كتابات عظماء حفروا عميقاً بمعول الهدم والتفكيك أمثال موريس بلانشو، ورولان بارت، وهليب سكسو، وادموند جابيس، وجوليا كريستوفا، ودريدا، وآخرين.
فمواجهة النص وتخومه، برأي محمد بكاي، هي مغامرة القرب من الفراغ أو الحيادي، وهي لحظة الطّواف القاسي حول ذواتنا كما قال الشّاعر والناقد الفرنسي إدمون جابيس. والقيام بهذه الخطوات سِرّاً هو اختراق لكثافة اللانهائي، منطقة الانفصال والاستحالات التي تطوّقها جاذبية التّشويشات. تظلّ الكتابة انشغالاً قويّاً مفتوناً بغرابة تلك المتناقضات والتباساتها، حيث تعوّل على منطق المزاوجة بين المعروف والمجهول. هي جسارة الغور داخل القلق والمسّ الذي يؤرّق الكُتّاب، هي الاكتواء بنار تبثّ الحيوية والحميمية داخل نصوصهم حيث تدأب على رسم الغياب وتمزّقاته.
ومن مقالات الكتاب نقرأ: حفريات لمشهد التفكيك، مفهوم التفكيك: محاولة اصطياد، الحقيقة والخيال: دريدا ولحظة بلانشو، الإرجاء وأودّيسا البحث عن الكتابة الأصلية، موجة التفكيك والسير ضدّ التيّار، كتابة الفلسفة وامتدادات الاستعارة، سيمولاكر النص وتهديد الدّلالة، النص وماكينة التفكيك، النص... جذور الرغبة، اللوحة الفنية واللامرئي، بين اللمس والعمى، مساءلة اللوحة وتجليات الموجود عبر الرسم بالأصابع، أسطورية اليد أو اللّمس وكثافة اللّوحة: بين ارتعاشات الفنان وتموّجات الذاكرة، الحسّ، العين، اللّمس: بين الهبة والموهبة، تصور الغيرية.
ويرى المؤلف، أن تلك النصوص الأدب- فلسفية، تدين لشقاء الأثر ومحوه، لجاذبية عنفه الذي لا يُقاوم. الأثر غير مدرك لأنه ليس مكشوفاً كما هو. فهو غير قابل للوصف، وهناك تفقد اللّغة صوابها النحوي واتزانها التعبيري. فلا توجد كلمة تصفه، فهو متعذّر عن الحمل أو عن التوسيط، لا يُرمز له، يكتفي فقط بالإشارة اللّطيفة كما يقول أهل العرفان. تجتمع هذه النصوص رغبة منها في إشباع ذلك الشَّغف بالعتمة غير المشبعة للّاشيء، هي حفر أبديّ عن حقائق سِرية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
جمعة: اللغة العربية هى جسر الحضارة ووعاء المقدس
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق في اليوم العالمي للغة العربية، نتأمل معاني هذه اللغة الساحرة، التي لا تقتصر على كونها وسيلة للتواصل، بل تتجاوز ذلك لتصبح وعاءً يحمل بين طياته معاني عميقة ومعجزة إلهية ورافدًا للإبداع الإنساني.
كما أشار الدكتور علي جمعة في حديثه عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك أن اللغة العربية تجمع بين التعبير الدقيق والتفكير المستقيم، ما يجعلها أداة لفهم النصوص المقدسة وتعظيم إعجاز القرآن الكريم، إلى جانب دورها في بناء الإبداع وتهذيب النفس.
بين اللغة المقدسة وقدسية اللغةتناول الدكتور علي جمعة الفارق الدقيق بين "اللغة المقدسة" و"قدسية اللغة"، مبينًا أن:
اللغة المقدسة هي اللغة التي نزلت بها النصوص الدينية، مثل التوراة بالعبرية أو الأناجيل بالسريانية. أما القرآن الكريم، فقد نزل باللغة العربية، مما أكسبها مكانة رفيعة في التاريخ والحضارة.
قدسية اللغة ليست في اللغة ذاتها، بل تنبع من علاقتها بالنصوص المقدسة، لذلك، فإن دراسة خصائص اللغة العربية وقوانينها تُعد ضرورة لفهم النصوص الدينية فهمًا صحيحًا.
اللغة ككائن حي
من الجوانب المدهشة التي أشار إليها علماء اللغة، مثل الجاحظ، أن اللغة كائن حي يتطور مع الزمن.
أسلوب الحديث يختلف بين العصور، لكن جوهر اللغة يبقى ثابتًا. فاللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم تحمل ذات القداسة، على الرغم من تطور أساليب الكلام مع تغير المجتمعات.
التوازن بين التطور والحفاظتطور اللغة العربية لم يخلّ بجوهرها، بل أضاف إليها ثراءً يعكس تطور الحضارات.
هذا التوازن بين تطورها التاريخي ودورها في الحفاظ على النصوص المقدسة يبرز أهمية العناية بها ودراستها باعتبارها جسرًا يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل.
اللغة العربية: أكثر من كلماتاللغة العربية ليست مجرد أداة للنطق أو الكتابة، بل هي بوابة للهوية، وعاء للتفكير، وحافز على الإبداع. هي لغة التراث الديني والثقافي، وجسر حضاري يربط الأجيال بماضيهم المجيد وحاضرهم المشرق.
فلنحتفِ بها، ولنُحافظ عليها، فهي ليست ملكًا للناطقين بها فقط، بل إرث إنساني يعبر عن أسمى معاني التواصل والفهم.