“العمل عبادة”..، مقولة يجب أن تكون مبدأً توجيهياً خلال شهر رمضان لتذكِّر الأفراد بقوة وكرامة العمل. فبدلاً من الصوم عن العمل، يجب على الأفراد أن يصوموا عن الكسل.

لقد ترسَّخت لدى الجميع من الإدارة العليا إلى الموظفين العاديين، فكرة قبول تراجع الإنتاجية خلال هذا الشهر، ويكرِّس استمرار هذه العقلية ،غياب المساءلة وتقييم الأداء المرتبط برمضان، ممّا يهيء بيئة تتسامح مع الكسل بدلاً من مكافحته.

-للأسف الشديد- تحوّل شهر رمضان المبارك في عالم اليوم ،إلى فترة مبرّرات لتراجع الأداء وقلة الإنتاجية في أماكن العمل ،ورغم دعوته للتحلِّي بروح الانضباط، وفضائل التقوى والإجتهاد، إلا أن الكثيرين ينظرون إلى رمضان على أنه شهر تراخٍ وتأخير، مستخدمين الصيام والإرهاق كمبرريْن لتراجع مستوى إنتاجيتهم.

هذه الظاهرة الثقافية لا تتعارض مع مبادئ رمضان فحسب، بل تقوّض جوهر الاحترافية والإنتاجية في بيئات العمل، فمن المنظور التقليدي، يرمز رمضان لفترة من التعبد الروحي والسمو الذاتي، لكنه في أماكن العمل على اختلاف قطاعاته، أصبح علامة على تراجع الكفاءة والتغيُّب، إذ غالبًا ما يتأخر الموظفون أو يغادروا قبل الموعد، أو يفتقرون للإنتاجية خلال ساعات العمل، مُلقين بمسؤولية تراجع أدائهم على الصيام.

هذه العقلية ،تعكس سوء فهم مؤسف بأن الإنتاجية ترتبط بالقوة الجسدية، متجاهلين أهمية التفاني
والانضباط ، فيما تعود جذور هذا السلوك اللامبالي إلى معتقدات مترسِّخة داخل ثقافات المؤسسات في القطاعيْن الحكومي والخاص، مفادها أن رمضان يستلزم التخفيف من معايير العمل.

كشفت حوارات مع أفراد من خلفيات مهنية متنوعة، عن طيف من المبررات للأداء المنخفض في رمضان، يعزو البعض خمولهم إلى التبعية لمواد مثل السجائر أو الكافيين، بينما يستسلم البعض الآخر لضغط الأقران أو للمعايير السائدة في أماكن عملهم. هذا القبول الجمعي بانخفاض الإنتاجية ،يديم سلوك التراخي وعدم الإنتاجية، ويعيق النمو الشخصي والمهني.

إن محاولات استيعاب طبيعة رمضان بتغيير ساعات العمل والجداول ،تؤدي فقط إلى ترسيخ التصور بأنه يجب التضحية بالإنتاجية خلال هذا الشهر. لكن مثل هذه التعديلات تقوِّض مبادئ الكفاءة والاجتهاد، وتديم ثقافة التوقعات المنخفضة.
يجب على المؤسسات بدلاً من الاستسلام لهذه العقلية، أن تدعم قيمة الإنتاجية ، وتحاسب الموظفين على أدائهم، بغضّ النظر عن المعتقدات الدينية.

تتطلب إستعادة روح رمضان الحقيقية ،تغييرًا في طريقة التفكير، بحيث يضع الأفراد الاجتهاد والتميز فوق الكسل والأعذار، بدلًا من اعتبار الصيام عائقاً للإنتاجية، ينبغي النظر إليه على أنه فرصة للنمو الروحي وزيادة التفاني في العمل، بإعادة صياغة رمضان على أنه شهر يرفع الإنتاجية والانضباط الذاتي، تستطيع المؤسسات تعزيز ثقافة التميُّز التي تتجاوز الحدود الدينية.
في النهاية، يجب أن يوجه الأفراد طاقاتهم لجهود ذات مغزى تساهم في تحقيق الذات والعمل،
وباحتضان روح الإجتهاد والتفاني، يمكننا تسّخير قدرة رمضان التحويلية ،لنرتقي بإنتاجيتنا ونعزِّز رفاهيتنا الجماعية.

jebadr@

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: فی أماکن

إقرأ أيضاً:

فريق بهلا الخيري ينفذ مبادرة كسوة العيد

نفذ فريق بهلا الخيري التابع للجنة التنمية الاجتماعية بولاية بهلا مشروع كسوة العيد، بتكلفة إجمالية بلغت 20210 ريالات عُمانية، وذلك ضمن المشاريع التي يهدف من خلالها الفريق إلى التخفيف عن الأسر المعسرة المسجلة في نظامه، واضعًا في مقدمة أولوياته احتياجات الأطفال من تلك الأسر.

وتُعد مبادرة "كسوة العيد" إحدى المبادرات القائمة على توفير لباس العيد لليوم الأول للأطفال من الذكور والإناث، سواء من خلال شراء الملابس وتفصيلها، أو اقتنائها جاهزة، وفق مبالغ محددة ومدروسة بحسب أسعار السوق الحالية.

ويعتمد فريق بهلا الخيري على أسس ومعايير محددة في توزيع مبالغ الصدقات المخصصة لمبادرة الكسوة، حيث يتم تصنيف الأفراد بحسب حالتهم الاجتماعية، ويُعنى فقط بمن هم دون سن 18 عامًا، ويستفيد من هذه المبادرة الأفراد المصنفون ضمن الفئات (أ، ب، ج) المسجلين في النظام الخاص بالفريق.

كما يتبع الفريق نظامًا يسهل من خلاله إتمام إجراءات التسليم والتوثيق، حيث يتعاقد مع عدد من محلات الخياطة الرجالية في الولاية، ويُرفق قوائم بالأسر المستحقة تتيح لهم شراء وتفصيل لباس العيد للأطفال الذكور دون سن 18 عامًا، في حين تُودع مبالغ السهم الخاص بالإناث المستحقات في حساباتهم البنكية مباشرة، وفق ما ينص عليه نظام المبادرة.

مقالات مشابهة

  • أفضل أماكن الفسح والخروج في مصر بأسعار مناسبة لكل الأفراد والعائلات
  • وزير قطاع الأعمال: مشروعات توسعية لتنمية صناعة الأسمدة وتعزيز القدرات الإنتاجية
  • تحقيق نجاحات ملموسة في مواجهة «التهديدات الرقمية»
  • وزير الاقتصاد السوري نضال الشعار: نسعى لتعزيز القطاعات الإنتاجية
  • ما أهداف مصر من إطلاق سوق الدين للمواطنين؟
  • وزير الإنتاج الحربي: حريصون على الاستثمار في العنصر البشري عصب العملية الإنتاجية
  • المجلس الأعلى للأمازيغ: نحمل الجهات المعنية مسؤولية أي أذى للمختطف محمد القماطي
  • فريق بهلا الخيري ينفذ مبادرة كسوة العيد
  • بحوث القطن يعزز الإنتاجية الزراعية بجهود بحثية وإرشادية مكثفة
  • معهد بحوث القطن يعزز الإنتاجية الزراعية خلال مارس 2025