قالت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم، مقدمة برنامج “الضفة الأخرى"، ونائب رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، إن هناك مأزق خطير تحاول الجماعات الإرهابية والمتطرفة إيقاعنا فيه نتيجة اختزال مفهوم الشريعة فيما هو فقهي، ومن ثم فالذي يتحدث اليوم في الشريعة وعن الشريعة لا يقصد بالأساس العقيدة كما هو فهم الأوائل، ولا يقصد الأخلاق كما كان يقصد المتقدمون، ولا يقصد كُليَّة الإسلا؛ بل كل مقصوده مجموعة أحكام فقهية معدودة ومحدودة.



وأضافت "عبدالرحيم"، خلال تقديمها برنامج “الضفة الأخرى”، المُذاع عبر فضائية “القاهرة الإخبارية”، أن الشريعة الإسلامية ليست أحكاما فقهية فقط كما انتهى إلى ذلك هذه الجماعات وحاولت بكل طاقتها نشر وترويج ما انتهت إليه، بل هي بالإضافة إلى ذلك أحكام ومطالب أخلاقية، أو بعبارة أخرى هي شريعة أخلاقية، ممتدة وواسعة امتداد نشاط الإنسان وفعاليته، ولا يخفى أن هذا الجانب يتم إخفائه من قبل هذه الجماعات في مفهوم الشريعة، وتم استبداله بالمعنى الفقهي، حيث أصبح الذي يلتزم الأخلاق، وينهج نهج التخلق، وعجزَ لسبب من الأسباب عن بعض الفقه، يبدو وكأنه خارج عن الشريعة، والعكس صحيح، الذي يأتي أحكام الفقه ويتوسع فيها، ولا يهتم بالأحكام الأخلاقية يبدو وكأنه ملتزم بالشريعة، مستقيم الحال والدين، وهذا أمر غير سليم، واختلال في الميزان والمعيار في التصور الإسلامي الأصيل.

وتابعت: هذه الشريعة - الشريعة الأخلاقية- من حيث وصفها، وورودها في القرآن وفي السنّة هي الثابت الذي يعلو على الزمان، هي المعيار الذي نقيس به غيره، بخلاف الشريعة الفقهية، وهي أيضا تتنزل وتطبق بحسب ما يطيقه الزمان وبحسب الإمكانات والظروف، فالعدل كقيمة أخلاقية في القرن الأول من حيث تحققاته لدى المتقدمين ليس بالضرورة هو نفسه لدى المتأخرين، بمعنى أن العدل كقيمة شرعية وقرآنية مفتوحة ودائما على أشكال من التحقق أكثر تقدما من الماضي، فهل يعقل أن يبقى العدل أسير معانٍ ونمطٍ اجتماعي معين؟، بل لا بد أن يتطور مفهومه وتتطور أحكامه التطبيقية بحسب تطور البنى الاجتماعية والاقتصادية، ففقه العدل من منظور القرآن والذي يجب أن يسود اليوم مختلف تماما عن فقه العدل في العصر الوسيط، والذي يتيح للمسلمين ملاحظة هذه الفروق، ويتيح لهم تجديد الفقه هو مفهوم الشريعة باعتبارها خلقا، وليست الشريعة باعتبارها رسوما وفقها بالمعنى الضيق للفقه.

وأوضحت: الشريعة باعتبارها منظومة أخلاقية تتجاهلها الجماعات الإرهابية والمتطرفة ويختزلونها في إقامة حد من الحدود، وقد يبذلون في سبيل ذلك حياتهم، لكنهم لا يلقون بالا لتقصيرهم في أعمالهم، وضعف الإحسان فيها، ولا يؤنبهم ضميرهم في إهانة شخص أو نقض عهد أو خرق لقانون… إلخ، مشيرة إلى أن الشريعة الأخلاقية التي نجدها في القرآن الكريم مرجعية لكل أحكام وفقهيات المعاملات سواء تلك التي نص عليها الكتاب أو لم ينص، فالحدود الشرعية والقِصاص وما يلحق بها من أحكام وفقهيات جاءت لتحقيق العدل والكرامة الإنسانية بالدرجة الأولى.

واستطردت: وهناك دراسات كثيرة قامت بها مؤسسات الدولة للوقوف على ظاهرة التطرف ومعالجاتها وكيفية مواجهاتها والفئة العمرية المستهدفة من قبل هذه الجماعات المتطرفة ومن بين هذه الدراسات أظهرت دراسة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الغالبية العظمى من المنتمين إلى الجماعات المتطرفة والإرهابية ينتمون إلى فئة الشباب التي تتراوح أعمارهم بين ۱۸-۳۷ سنة، وأيضًا أظهرت الدراسة أن غالبية أعضاء التنظيمات الذين تم ضبطهم أمضوا معظم حياتهم قبل انضمامهم إلى هذه الجماعات في المناطق الأكثر حرمانا والأكثر فقرًا، وإن كانت هذه الدراسة وغيرها من الدراسات تقودنا إلى شيء فهي تقودنا إلى أن ضعف المعرفية العلمية والتحصيل العلمي من أهم الأسباب التي جعلت هؤلاء يقعون في مصايد الجماعات التكفيرية، ولما كان أصل هذه الأعمال هو انحراف فكري وجهل في مقاصد الشريعة فإنّ من أفضل ما يمكن مواجهته به هو التصحيح الفكري وترسيخه في نفوس المسلمين.

ونوهت: من المهم أن تقوم مؤسساتنا الدينية بإبراز أهمية مقاصد الشريعة في علاج هذه الظاهرة وإلى كيفية إعمال هذه المقاصد في الحياة الاجتماعية بين المسلمين، وأن تتضافر مع جهود مؤسساتنا الدينية ما توصل له علماء النفس والاجتماع من أجل إيجاد الطرق الأكثر فعالية لترسيخ المقاصد لبيان أن ديننا الحنيف بأحكامه وتشريعاته ومقاصده لا يمكن أن يلتقي مع الإرهاب بوجه من الوجوه.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم الضفة الأخرى الجماعات الإرهابية والمتطرفة الشريعة الإسلامية هذه الجماعات

إقرأ أيضاً:

بعد اعتداء مدير مدرسة على طالبتين.. "تربوي" يحذر من أزمة أخلاقية في المدارس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدر المستشار عبد الراضي صديق، رئيس هيئة النيابة الإدارية، قرارًا بفتح تحقيق فوري في حادثة تداول مقطع فيديو عبر وسائل الإعلام يظهر فيه أحد مديري المدارس الثانوية الفنية وهو يعتدي بالضرب على طالبتين داخل إحدى المدارس في محافظة البحيرة. وكلف المستشار خيري سعد، رئيس النيابة الإدارية في إيتاي البارود، بالتحقيق السريع في الواقعة واتخاذ الإجراءات اللازمة.

في تعليق على الواقعة، قال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة والخبير التربوي، إن هذه الواقعة تعد بمثابة "جرس إنذار" للمسؤولين، داعيًا إلى إعادة هيكلة النظام التعليمي بشكل شامل. 

وأكد  أن هذه الحادثة تعكس مجموعة من الأخطاء الكبرى داخل المؤسسات التعليمية، مشيرًا إلى أن المدير الذي ظهر في الفيديو تعامل مع خطأ الطلاب بشكل غير تربوي وغير مدروس، واعتدى عليهم بطريقة تفتقر للمعايير التربوية.

وأضاف “حجازي”، في تصريح خاص لـ "البوابة نيوز": تصرف المدير يمكن أن يكون ناتجًا عن عدم إلمامه الكافي بلائحة الانضباط المدرسي أو عن اقتناعه بأفكار تتعارض مع العقوبات المنصوص عليها. وأكد أن السلوك الذي ظهر في الفيديو غير مقبول تمامًا، مشيرًا إلى أن الأضرار النفسية التي يمكن أن تصيب الطالبات نتيجة لهذا السلوك قد تكون أخطر من الأضرار الجسدية.

وأشار الخبير التربوي إلى أن هذه الحادثة تبرز أزمة تربوية وأخلاقية في مدارسنا، مبرزًا غياب التأثير الحقيقي للتعليم على سلوك الطلاب. كما لفت إلى أن تعليم القيم والتربية الدينية في المدارس بحاجة إلى تطوير عاجل، موضحًا أن المدير قد يكون عاني من هذا النقص في أدوات الإصلاح.

وفي ختام حديثه، دعا “حجازي” المسؤولين إلى دراسة الفيديو بشكل مستفيض، ووضع خطة عاجلة للإصلاح تشمل تأهيل المعلمين للتعامل مع مشكلات الطلاب، وتطوير أساليب التعليم الأخلاقي والانضباط داخل المدارس.

وأثار مقطع الفيديو المتداول على موقع فيسبوك استياء واسعًا بين رواد وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يظهر المدير وهو يعتدي على الطالبات بالضرب داخل المدرسة.

مقالات مشابهة

  • بسبب تلميحات غير أخلاقية.. الداخلية العراقية تتخذ إجراءات قانونية بحق الإعلامي ياسر سامي
  • داعياته خطيرة.. المفتي يحذر من خطورة عدم التفريق بين الشريعة والفقه
  • مفتي الجمهورية: الشريعة إلهية ثابتة .. والفقه اجتهاد بشري متغير
  • ترحيل رجل أعمال مالك مول تجاري شهير لمحكمة مدينة نصر لصدور أحكام ضده
  • أربعة أحكام تهم المرأة المسلمة في رمضان.. الأزهر العالمي للفتوى يكشفها
  • بعد اعتداء مدير مدرسة على طالبتين.. "تربوي" يحذر من أزمة أخلاقية في المدارس
  • في 15 نقطة .. تعرف على أهم أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية
  • عظيمة يا بلدي.. داليا البحيري تنشر صورا جديدة من المتحف المصري
  • مخدر اغتصاب الفتيات.. الاستئناف تحدد مصير البلوجر داليا فؤاد بعد حبسها سنة
  • حريق بالمعامل المركزية لوزارة الصحة بوسط البلد والحماية المدنية تحاول السيطرة