ولم نعرف السبب لتوسل الكثير فى الهند لإله الشر بالقراببن والدموع...!
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
توقفت فى المقال السابق عندما ذهب الأستاذ "محمد حسنين هيكل" مع السياسي والكاتب والمؤرخ الأشهر الدكتور "محمد حسين هيكل" باشا والسيدة قرينته وأستاذ القانون الشهير الدكتور "وايت ابراهيم"وقرينتة وأستاذ الديانات الهندية الأكبر "رادا كريشنان " إلى معبد "بيرلا" وقال انهم توقفوا أمام التماثيل الثلاثة الكبيرة التي تتصدر كل معبد هندوكي، "براهما " إله الخلق ثم "فيشنو" إله الحفظ ثم "شيفا" إله الدمار.
وقال الكاتب انه بدا له من أول نظرة ملاحظة لفتت نظره، أن "براهما"
إله الخلق يكاد أن يكون مهجورا لا يقرب منه أحد بصلاة أو قربان ( كأنما الأحياء لم يعودوا في حاجة اليه لأن وجودهم أحياء في حد ذاته دليل على أن "براهما " قام بدوره ولم يعد في يده بعد ذلك شيء) وأما "فيشنو"فقد بدا له إلها نصف منسي فالصلوات أمامه والقرابين قليلة ومعظمها من بعض ثمار الفاكهة...
وأما الإله الثالث إله "الدمار"- "شيفا" فقد بدا له انه محط الإهتمام ومناط الرجاء كله...أمامه كل الصلوات بالهمهمات وبالدموع، وأمامه كل القرابين من الحلوى إلى الحلي الذهبية،والمصلون في حضرته كأنهم سمروا في مواقفهم يطيلون الركوع والسجود ويمدون أصابعهم في رهبة للمس أقدامه ضراعة وَتَوَسُّلًا وكل منهم لا يريد أن يفسح مجالًا لغيره من المتلهفين لنظرة توسل ورجاء استرضاء للإله "شيفا"...
ومضت الساعات من مشهد إلى مشهد ومن معبد إلى معبد و"شيفا" إله الدمار يثير تساؤلات كثيرة في فكر الكاتب وكانت كلها تساؤلات مشوبة بالقلق على حد قوله...
ثم أضاف الكاتب بانه حين جلس إلى الغداء بعد الطواف الطويل عبر عن تساؤلاته أمام الجميع موجها حديثه للأستاذ "رادا كريشنان" أستاذ الديانات الهندية الأكبر حيث قال له انه حسب ما فهمه ان "شيفا" إله الدمار الذي شاهده في المعابد هو رمز للشر أو للشيطان، وفي كل الأديان السماوية فان البشر مطالبون بعصيان رمز الشر...
وفي الإسلام حيث يرمز "إبليس" لهذا الشر فان المسلم يثاب بمقدار ما يتحدى الشر، ويدخل الجنه من باب صدامه الكامل مع "إبليس "...
وطقوس إسترضاء الشر واستعطافه والتوسل اليه بالقرابين والدموع كما رأى الجميع امام "شيفا" إله الشر بدت له قضية غريبة لا يعرف مدى تاثيرها على الضمير والوجدان والعقل الهندوكي"...
وقال أن هذه التساؤلات كانت بداية الحوار الذى دار بينهم جميعا على أمداد ساعات وقال ان الحوار كان شيقا وعميقا...
ولم يذكر الكاتب مادار فى الحوار ولم يذكر أيضا سبب توسل الكثير من الهنود إلى إله الشر بالقراببن والدموع وقال ان التفاصيل الكاملة لهذا الموضوع له مجال آخر غير هذا الحديث إذا اتيحت فرصة...!
ثم ذكر أنه بعد ثلاثة أيام من المعابد والآلهة والصلوات والترانيم والبخور والعرق امتزجت وتضاربت فيها العقيدة والتاريخ والاسطورة والبشر- وجد في الفندق الذي يقيم فيه الرسالة التي كان ينتظرها ردا على طلب سبقه إلى دلهى وهو موعده مع رئيس الوزراء "جواهر لال نهرو،" في مكتبه بمنطقة "راشتراباتي بهافان" مقر الحكم الرسمي آنذاك في عاصمه الهند...
وفى الموعد المحدد تماما كان جالسا على مقعد
أمامه
"الأسبوع القادم باذن الله أَكْمَلُ لك تفاصيل لقاء الأستاذ محمد حسنين هيكل برئيس وزراء الهند "جواهر لال نهرو" فى مكتبه والذى تحدث عنه فى كتابه الشيق والممتع
" زيارة جديدة للتاريخ "
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: عبدالمنعم معوض محمد حسنين هيكل الهند
إقرأ أيضاً:
(كلاسيكو الدماء والدموع)
فيما العالم لم ينم لوقت متأخر ليلة السبت الماضي لمتابعة مصير كلاسيكو كرة القدم بين ريال مدريد وبرشلونة، سهر اليمنيون ليلتها لوقت متأخر للغاية لمتابعة مصير كلاسيكو من نوع مختلف مؤلم وعظيم في آن بين أسرة يمنية مظلومة وعدوان أمريكي ظالم يُذكِّر العالم بأن “الكلاسيكوات” الحقيقية ليست في الملاعب، بل في قلوب من يُدفنون تحت أنقاض صمت العالم .
انها العاشرة مساء السبت 26 أبريل 2025 م
تبدو الليلة هادئة في محيط مستشفى لبنان بمديرية السبعين بالعاصمة صنعاء كعادة تلك المنطقة الهادئة حيث يسكن أحمد مع أسرته المكونة من الزوج أحمد وزوجته بتول وطفليهما الزهراء التي تبلغ من العمر 8 سنوات ووسام 5 سنوات.
يمتلك أحمد بقالة جوار المنزل الذي يسكن فيه كمستأجر مع أسرته بالطابق الأول والمؤلف من ثلاثة طوابق يسكن في الطابقين الثاني والثالث أسرة مغتربة سافروا قبل أيام وليس بالمنزل حاليا سوى أسرة أحمد.
ذهب أولاده للنوم فيما زوجته بتول تنتظر صعود زوجها من البقالة للمنزل .
فجأة شق الليل زئير معدني اخترق سماء العاصمة ليفجر المنزل الذي يسكنون فيه ويدمره تماماً . شعر أحمد بالانفجار فوق رأسه فاندفع جسده للأعلى ثم هوى لقاع البقالة فارتطم جسده في الأرض بقوة ويسقط فوقه خشب ديكور البقالة وأصناف البضاعة التي كانت مرصوفة فوقها . كان الغبار يملأ المكان .. لا يزال أحمد حياً، فقد تحرك من تحت الخشب رفعه بصعوبة فالرضوض تملأ جسده والتراب يملأ صدره .
نهض أحمد من تحت الخشب وشعر أن قدمه اليمني أصيبت بالتواء بسبب سقوطه وأن صدره مصاب برضوض سببت له آلاماً مبرحة.
توقف الزمن لدى أحمد فهو يريد أن يطمئن على زوجته وطفليهما ويخشى أن يفجع بهم . . ظل يفكر بأسرته بعقل مشوش وجسد خائر القوى وهو يدفع قدميه خارج باب البقالة ورغم التراب والغبار يواصل جر جسده ويلتفت بجسده لليمين ليشاهد ما كان يخشاه، فقد كان المنزل الذي يسكن فيه مدمرا بالكامل فيصرخ بكل أسى مفجوع ” يا رب “.
وصل عدد من شباب الحي للمنزل ووجدوا قبلهم أحمد يبحث تحت ركام الطابق الأول من المنزل والذي سقطت أعمدته الخراسانية كأنها أعواد كبريت فوق الطابق الأول واختفى الطابقان الثاني والثالث تماما .
يواصل شباب الحي عملهم الجماعي ويبدون كرجال الكهوف بأضواء الكشافات المربوطة حول رؤوسهم . عثروا على الطفل وسام أولاً تحت أحد الجدارات المدمرة بعد أن سمعوا صوته الخافت، أخذوه بسرعة كان وجهه مغموساً بالتراب وبصوت واهن أخبرهم أن شقيقته الزهراء على مقربة منه وأنه سمع صوتها. . بعد دقائق عثروا على الطفلة الزهراء.
حاولوا النزول أسفل جانب المنزل المدمر لكنهم لم يستطيعوا وشاهدوا حينها جسداً يتحرك يزحف بتؤدة تحت عوارض أعمدة الإسمنت الملتوية .. إنه أحمد.
كانت أنامله تنزف دون أن يشعر .. اثر على مصحف زوجته بتول .. يمسحه برفق وهو يتذكر شريكة عمره الزوجة الصالحة التي عاشت معه هذه السنوات يتذكر سجادة صلاتها دعواتها له كلما غادر المنزل وعاد له يبكي قلبه ألماً فهو لا يحتمل فقدها فيما صوته المبحوح يصرخ : بتول . .بتول.
كان قد قفز بجسده لذلك المكان رغم أوجاع جسده لعله يسمع صوت زوجته وطفليه.
أخبروه أن طفليه بخير وأن عليه أن يصعد فالأعمدة والجدارات الخراسانية المتراخية ستسقط عليه وتدفنه حياً .
وصل أحد أقاربه وهو يصرخ:يا أحمد ابنك هوذا معانا، مشيرا لطفله أن ينادي أباه علّه يستجيب له ليصعد قبل انهيار باقي المبنى فوقه .
أجابهم بقلب مكسور وصوت يعتصره الأسى :لن اصعد بدون زوجتي وواصل مناداته عليها يا بتول يا بتول .
شاهدنا كيمنيين المشهد الأخير الذي أوجع قلوبنا بعد أن وثقه أحد المنقذين وبتنا نترقب مصير زوجة أحمد ” بتول ” وكأن قلوبنا تعيش أوجاعه .
كنا نتواصل طوال الليل وحتى وقت متأخر لعلنا نسمع خبراً يفرحنا فقد أصابنا المشهد بحالة جماعية من التضامن وكأن بتول هي قريبتنا جميعاً .
ظلّت فرق الإنقاذ تعمل طوال الليل وحتى الصباح ولكن دون جدوى .
استيقظت السادسة صباحاً وزوجتي جالسة على سجادة الصلاة هي والزهراء وشقيقاتها الثلاث يقرأن القرآن وعندما شاهدنني سألنني بصوت واحد : هل لقوا بتول؟ هل عثروا عليها؟
باتت بتول أيقونة يمنية لعظمة الزوج ووفائه ومظلومية اليمنيين واستكبار العدو الأمريكي.
ظهرت الطفلة الزهراء في تقرير تلفزيوني في الصباح وهي تشاهد عمليات البحث على والدتها وهي تقول ” اشتي امي ” في مشهد زاد من أوجاع قلوبنا وتعلقنا بمصير زوجة أحمد بتول.
بعد ساعات قليلة اُعلن رسمياً عن انتشال جثة زوجة أحمد ” بتول ” وشاهدنا مشهد انتشالها الذي أوجع قلوبنا .
استشهدت زوجة أحمد ” بتول ” لتكون شاهدة على وفاء زوجها وتضامننا كيمنيين وشاهدة على توحش العدو الأمريكي.
فسلاماً عليك يا اختنا البتول ما تعاقب الليل والنهار.. والنار والعار للأعداء ومرتزقتهم.