رئيس أكاديمية الأزهر: العشر الأواخر من رمضان فرصة لمن أصابهم الفتور
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
قال الدكتور حسن صلاح الصغير، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، إننا الآن في الليلة الثانية من العشر الأواخر من رمضان، وهي العشر التي تتجلى فيها رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين الصائمين القائمين، وقد شاء تعالى أن يعمنا برحمته في العشر الأواخر من رمضان، وفي مستهل الشهر، ففي مستهل الشهر قال تعالى «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان»، وقال نبينا صلى الله عليه وسلم «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له من تقدم ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، مضيفا أن الناس قد أقبلوا على ما في الشهر الكريم من نفحات، وكأنه تعالى قدر أن شيئا من الفتور قد يتسلل إلى النفوس، فجدد النشاط وجعل العشر الأواخر من رمضان مستهلا جديدا لفصل جديد من فصول النفحات.
وأوضح رئيس أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ أن الله تعالى قد شاء بفضله وبرحمته أن ينبهنا إلى فضل آخر، وأن يرغبنا ترغيبا أعلى فيما في العشر الأواخر من رمضان، فنبهنا إلى أجل ليلة فيه، قائلا: «إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر»، فيا من استكثرت من العبادة، لا تمنن تستكثر، ففي العشر الأواخر من رمضان ليلة هي خير من ألف شهر، ويا من فرطت في أول رمضان أو أوسطه، أو من أصابك شيء من الفتور أو من نزغ الشيطان، فها هي العشر الأواخر تشتمل على ليلة فيها العبادة خير من ألف شهر، مضيفا أن ما فعله المسلم في رمضان وما يفعله في العشر الأواخر من رمضان، من صلاة وقيام وتهجد وغيرها من العبادات، ما هو إلا ليهيئ نفسه ليكون من أهل العفو، وكأن هذه صفحة جديدة لا ذنوب فيها.
ليلة القدروبين فضيلته أن المسلم مطالب بالمبادرة بالتوبة والإقلاع عن ذنوبه، وهذه فرصة عظيمة، للبدء بالتوبة والإقلاع عن ما ارتكبه من ذنوب والندم عليها، مع رد الحقوق إلى أصحابها، بجانب ما يقوم به من دعاء وتهجد وعبادة، فيكون هذا هو المعنى الحقيقي لإدراك ليلة القدر، مؤكدا أن ذلك كله ما هو إلا نوع من التحفيز الجديد والصفحة الجديدة التي على المسلم أن يفتحها في العشر الأواخر من رمضان، وعليه كذلك اغتنامها بأفضل شكل ممكن لكي يخرج منها وقد غفر الله تعالى له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أكاديمية الأزهر الأزهر ليلة القدر العشر الأواخر فی العشر الأواخر من رمضان أکادیمیة الأزهر لیلة القدر
إقرأ أيضاً:
مفاهيم إسلامية: الصراط المستقيم
#مفاهيم_إسلامية: #الصراط_المستقيم
د. #هاشم_غرايبه
لعل أهم مبتغى للمؤمن هو أن يهديه الله لاتباع الصراط المستقيم، لذلك كان الدعاء الوحيد الذي يدعو الله به في كل صلاة يصليها لله، بل في كل ركعة، بل لا تقبل الصلاة أصلا بدونه.
لذا من المهم معرفة ما هو هذا الصراط، والذي باتّباعه يتحقق التقوى – عنوان الصلاح والاستقامة.
بسب الاستغراق في الشكليات التي اعتبرها البعض عنوانا للتدين، والانشغال بالمظاهر الطقوسية عن جوهر الدين ومراداته، فأغلب الناس يعتقدون أنه يتحقق بأداء العبادات، وآخرون يتصورون أنه ذلك الجسر الدقيق كحد السيف الذي يعبره الناس يوم القيامة كالذين يسيرون على الحبل، من ينجح بعبوره يذهب الى الجنة، ومن يسقط يهوي في جهنم.
ولن تجد إلا قليلين يفهمونه حقا، ويعلمون كيفية اتباعه كما أراده الله تعالى، فأين نجد تبيان ذلك في كتاب الله؟.
لقد بينه الله تعالى في سورة الأنعام، والتي حددت عشرة وصايا من اتبعها جميعا فقد حقق شروط التقوى: “قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” [151-152].
وبما أن الخط المستقيم هو أقصر الخطوط الواصلة بين نقطتين وأقومها، ويتمثل بالخط بين العبد وربه، وهو واحد لا يتعدد مهما بلغ عدد العباد الذين سيسلكونه، لذلك فهو الصراط المستقيم المعني في قوله تعالى “اهدنا الصراط المستقيم”، وهو قطعا ذاته الذي هدى اليه المؤمنين بالرسالات السابقة، لكنه استثنى ما جرى فيها من انحراف عنه من قبل فئتتين هما المغضوب عليهم الذين عصوه فغضب عليهم، والأخرى الضالين الذي أشركوا بالله عندما جعلوا له ولدا فحبط إيمانهم.
لأجل ذلك نبه عباده المؤمنين بأن لا يأخذوا الصراط عن هؤلاء بل يستقوه من القرآن الذي لا يناله التحريف، لذلك بينه بكل وضوح في الآيتين السابقتين، وللتأكيد على أن هذا هو الصراط المستقيم لا غير، أتبعهما بقوله تعالى في الآية 153: “وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.
هكذا أصبحت معالم هذا الصراط واضحة لا لبس فيها، وهي وصايا الله لعباده المؤمنين، وتتلخص بما يلي:
1 – توحيد الله وعدم الشرك به: “أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا”.
2 – بر الواللدين والإحسان بهما: “وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”.
3 – عدم اللجوء الى الاجهاض تهربا من مسؤولية الأبوة والأمومة: “وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ”.
4 – تجنب كل ما يؤدي بالمرء الى ممارسة الفاحشة الظاهرة وهي الزنا، أي قطع الطريق لحصولها مثل اختلاء فردين من الجنسين بلا مبرر من عمل ، أو الالتقاء او التراسل غير المنضبط، أو مشاهدة المناظر الإباحية المثيرة للغريزة ..الخ.
كما تشمل تجنب كل الطرق والوسائل المؤدية الى تفتح الباب لإتيان الفواحش المبطنة مثل شهادة الزور، وقذف أعراض الناس، والسرقة واختلاس المال العام ..الخ.
5 – عدم اللجوء الى القتل، مهما كان المبرر، فلا مبرر للقتل إلآ القصاص: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ”.
6 – صيانة حقوق اليتيم، وعدم الاقتراب من ماله إلا بقصد إنمائه، ودفعه إليه عندما يبلغ سن الرشد: “وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ”.
7 – إيفاء الكيل والميزان في التعاملات التجارية وعدم ابخاس الحقوق: “وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ “.
8 – عدم تكليف الناس فوق طاقتهم: “لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”.
9 – الصدق في القول والعدل في الحكم: “وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا”.
10 – وآخرها الإيفاء بعهد الله حينما أخذ على ذرية آدم إقرارا بالربوبية له: “وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا”.
هذا هو صراط الله المستقيم.