الفطرة تعنى فى اللغة الابتداء، والاختراع، والخلق، والحالة الأولى للأشياء قبل أن يلحقها التغيير أو التبديل: (الحمدلله فاطر السماوات والأرض)، (وما لى لا أعبد الذى فطرنى وإليه ترجعون).
وتأتى بمعنى الاستقامة والسلامة: (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم).
وقد تعددت التفسيرات فى بيان ماهية الفطرة على نحو يجعل من الفطرة:
١ - تهيؤ واستعداد فى أصل الجِبلّة لقبول الدين.
٢ - دين الإسلام.
٣ - الميول الطبيعية والنزعات الوجدانية والغرائز الفسيولوجية والمعنوية، مثل المحبة والكراهية، وغريزة حب الذات، وحب البقاء والتناسل...إلخ.
٤ - ما خُلق عليه الإنسان ظاهراً.
وباطنا متهيِّئا به لأداء مهمته فى الأرض من خلال تلك الخِلْقة.
لكن القراءة المتأنية لمجمل النصوص القرآنية والحديثية فى هذا الشأن تنتهى إلى أمرين:
الأول: أنه من البعيد تفسير الفطرة بأنها دين الإسلام، وذلك لأسباب:
١ - أن دين الأنبياء من آدم حتى محمد صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام يشمل الإقرار باللسان والتصديق بالقلب والعمل بأركان الدين بالجوارح، وذلك ما لا يولد عليه الطفل ولا يقوم به حتى بعد ولادته، لأن الدين والإيمان يستلزم المعرفة والعلم، لكن الطفل قد ولد دون أية معرفة أو علم: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون).
٢ - يتعارض ذلك التفسير مع آيات هداية الله التكوينية للإنسان إلى الطبيعة الثنائية المركوزة فيه والقادرة على الاختيار بين الكفر والإيمان والتقوى والفجور: (ونفْسٍ وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها)، (إنّا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً)، (وهديناه النجدين).
فلو كانت الفطرة هى الدين (دين الإسلام) لكان الإنسان قد أُلهم وهُدى إلى سبيل ونجد وطريق واحد وأُلزم به، ولم يُلهَم الطريقين ويُمنح القدرتين كما تقرر الآيات.
٣ - أن إبراهيم عليه السلام قد وصَّى أبناءه بالدين الذى يجب أن يستمسكوا به ويموتوا عليه وليس على الفطرة على الرغم من أنه لم تكن هناك ديانات كالصابئة أو اليهودية أو النصرانية لكى يخالفوها بالتمسك بالإسلام : (ووصّى بها إبراهيم بَنِيه ويعقوبُ يا بَنِى إن الله اصطفى لكم الدينَ فلا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون).
٤ - إذا كانت الفطرة هى دين الإسلام فكيف يسأل إبراهيم وإسماعيل ويطلبان من ربهما ما هو موجود لديهما بالفعل؟ وكيف يرجوان ربهما أن يجعلهما مسلمين وذريتهما: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبَّل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك).
وللموضوع بقية نستكملها فى الجزء الثانى غداً إن شاء الله.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
فضل الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.. عالم أزهري يوضح
سيدنا رسول الله ﷺ هو أسوتنا إلى الله، وبابنا إلى الله، ولكن يغفل الكثير عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تُقضى بها الحوائج وتنال بها الشفاعة، ويرزق قائلها بخيري الدنيا والآخرة.
قال الدكتور أحمد عوض خير، من علماء الأزهر الشريف، إن السيدة عائشة قالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي. فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنَبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ مَا أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ، فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حِجْرِهَا مِنَ الضَّحِكِ. قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَسُرُّكِ دُعَائِي؟ فَقَالَتْ: وَمَا لِي لَا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهِ إِنَّهَا لَدُعَائِي لِأُمَّتِي فِي كل صلاة.
وأشار إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّما أجلُكم فيما خلَا مِنَ الْأُمَمِ، كما بينَ صلاةِ العصرِ إلى مغارِبِ الشمسِ، وإِنَّما مثَلُكم ومثلُ اليهودِ والنصارَى، كمَثَلِ رجلٍ استأجرَ أُجَرَاءَ فقالَ: مَنْ يعملُ مِنْ غَدْوَةٍ إلى نصفِ النهارِ على قيراطٍ قيراطٍ؟ فعمِلَتِ اليهودُ، ثُمَّ قال: مَنْ يَعْمَلُ مِنْ نصفِ النهارِ إلى صَلَاةِ العصْرِ عَلَى قيراطٍ قيراطٍ؟ فعمِلَتِ النصارى، ثُمَّ قال: مَنْ يعمَلُ مِنْ العصرِ إلى أنْ تغيبَ الشمسُ علَى قيراطَينِ قيراطينِ؟ فأنتم هُمْ، فغضِبَ اليهودُ والنصارى، وقالوا: ما لنا أكثرُ عملًا وأقلُّ عطاءً؟ قال: هلْ ظلَمْتُكم مِنْ حقِّكُم شيئًا؟ قالوا: لَا، قال: فذلِكَ فضْلِي أوتِيهِ مَنْ أشاءُ.
محمد صلى الله عليه وسلموعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله قال (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه) رواه البخاري.
وقال الله تعالي: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
وأكد الدكتور أحمد عوض، أن اتباع النبي حب لله عز وجل، وطاعة بل مغفرة لذنوبنا.
وأضاف عالم الأزهر الشريف: علينا أن نكثر من الصلاة والسلام على سيدنا محمد، حيث قال نبينا «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام»، وقَالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: «رَغِم أنْفُ رجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ علَيَّ».
ولفت «عوض» إلى حديث النبي: «من صلى علي مرة واحدة صلى الله عليه عشر مرات، ومن صلى علي عشر مرات صلى الله عليه مائة مرة، ومن صلى علي مائة مرة صلى الله عليه ألف مرة».
وأوضح الدكتور أحمد عوض خير: «الصلاة على رسول الله عز وفخار ورفعة وعلو مقام.. رزق وخير وسعادة وبركة ويسر وتفريج.. نور ورفع ذكر وعلوا».
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ»، اللهم صلِ وسلم وبارك علي سيدنا مُحمد وعلى آله وصحبه أجمعين، رواه النسائي.
واختتم عالم الأزهر الشريف قوله، بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أَولَى النَّاسِ بي يومَ القيامَةِ أكثَرُهم علَيَّ صلاةً».
اقرأ أيضاً«يُغفر ذنبك وتُكفى همك».. الإفتاء توضح فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة
خالد الجندي يوضح أوصاف من يحاولون التقرّب إلى الله بالتقليل من مقام النبي «فيديو»
كيف تحصن نفسك وبيتك من السحر والعين.. هكذا فعل النبي