السفيرة د. مشيرة خطاب تكتب.. حقوق الإنسان كمان وكمان
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
تعيش الإنسانية اليوم فى كنف نظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذى يضمن تحقيق العدل والسلم والأمن المجتمعى المستدام، إيماناً بأن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة، وسواء كانت حقوقاً مدنية أو سياسية، أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، فهى جميعاً متأصلة فى كرامة كل إنسان، والحقوق كلها تتمتع بوضع متساوٍ، وليس ثمة تراتبية فى حقوق الإنسان.
وعبر مسيرة خمسة وسبعين عاماً، ظهرت فوائد حقوق الإنسان فى الدول التى طبقتها عن قناعة وجعلتها واقعاً معاشاً لكل إنسان يخضع لاختصاصها القضائى.
وفى ربوع عالمنا العربى تظل منظومة حقوق الإنسان تخطو خطواتها الأولى فى مواجهة دعاوى بتعارضها مع الخصوصية الثقافية، وكانت مصر ولبنان فى طليعة الدول التى ساهمت فى صياغة الحركة العالمية لحقوق الإنسان، ثم انضمت كل الدول العربية إلى عدد كبير من الاتفاقيات التى رسمت ملامح تلك الحركة وحددت المعايير التى تقوم عليها.
وفى مصر شهدت السنوات الأربع الماضية صحوة فى الاهتمام بحقوق الإنسان، وتحققت خطوات مهمة تدعونا للأمل وتجعل طموحنا فى مجال حقوق الإنسان له ما يبرره. فلدينا ما نتطلع للبناء عليه، ذلك أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو أول رئيس جمهورية يطلق استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، بل وبات جلياً للمواطن المصرى أن الرئيس يؤمن بأن حقوق الإنسان هى وسيلة للعدل والأمن والسلام المجتمعى.
ولدينا أدلة لا حصر لها على ذلك، فى كل مناسبة يخاطب فيها المصريين حيث يحرص على أن يرفع سقف حقوق الإنسان، التى يتناولها بمنطق رصين وسلاسة وبصدق وبساطة تمس القلوب، فهو يخاطب ضمير المصريين بما عرف عنهم من سماحة وتحضر عبر القرون، فالقرآن الكريم والسنة زاخران بإعلاء قيم حقوق الإنسان، مليئان بالأوامر التى تحفظ للبشرية حقها، وتحرم الاعتداء عليها، وأخذ حقوقها بغير حق.
وأحلامنا طموحة حيث يتبوأ الرئيس عبدالفتاح السيسى موقعه كأول رئيس يحكم فى ظل أول دستور مصرى يحترم ويضمن حقوق الإنسان لكل مصرى ومصرية دون تمييز لأى سبب كان. إذ تنص المادة الثانية من الدستور على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، وتنص المادة الثالثة على أن المسيحيين واليهود تحكمهم شرائعهم السماوية، ولأول مرة تصدر المحكمة الدستورية العليا قراراً بأن تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية هو مجمل أحكام المحكمة الدستورية، وهى نقلة غير مسبوقة تثبت دعائم سيادة القانون ومجمل حقوق الإنسان وتضمنها لكل مصرى ومصرية دون أى تمييز.
وفى سياق موازٍ، أعلن رئيس الجمهورية أنه وزير المرأة، وحصلت المرأة المصرية فى عهده على حقوق غير مسبوقة، وتمتع المجلس القومى للمرأة بصلاحياته كاملة وسقطت الحواجز التى ظلت لعقود طويلة تحول بينها وبين حقوقها وباتت حقوقها استحقاقاً دستورياً كفلته المادتان رقم ١١ و٥٣ ضمن عدد كبير من مواد الدستور، وفى عهده حصل مسيحيو مصر على حقوق غير مسبوقة. وحققت مصر نقلة مهمة فى الحقوق المدنية والسياسية لما يربو على سبعين بالمائة من الشعب المصرى، والحقوق المدنية والسياسية هى حقوق لصيقة بالإنسان، لا تقبل الانتقاص أو المساس بها، وطموحنا أن تمتد الإنجازات إلى سائر الحقوق المدنية والسياسية ومنها الحق فى حرية الرأى والتعبير وفى الحصول على المعلومات التى تمكن المواطن من المشاركة المستنيرة فى اتخاذ القرار والحق فى الحماية من العنف أو المعاملة المهينة أو اللاإنسانية أو الإهمال، وهو قطاع عريض من الحقوق والحريات حققت مصر منه إنجازات مهمة منها تجريم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث ونأمل أن يتم. تجريم زواج الأطفال بعقوبة رادعة، وتجريم عمالة الأطفال وتجريم حرمان الأطفال من الحق فى التعليم وإلزام الأسر بأن الطفل المحروم من التعليم معرض للخطر وفق قانون الطفل رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ والمعدل بالقانون رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨. وحلمنا أن يتم تنفيذ هذا القانون دون مواربة، وأن تسود القناعة بأن الزيادة السكانية بشكلها الراهن تمثل انتهاكاً خطيراً للقانون ولحقوق فئة مهمة من الشعب، ألا وهم أطفال الأسر الفقيرة التى تنكر على أطفالها الحق فى التعليم، وتزج بهم فى سوق العمل، وتجعل منهم عوائل للأسرة، الأمر الذى يشجع على كثرة الإنجاب وبالتالى زيادة معدلات انتهاك حقوق الإنسان، نحلم بأن يطبق القانون بكل حسم على كل من ينتهك حقوق الأضعف والأقل حيلة، ولا ننسى أن الدولة هى التى تتحمل المسئولية الرئيسية عن ضمان حقوق مواطنيها، وضمان أن تلتزم كل المؤسسات الخاضعة لها ومنها الأسرة والمؤسسات التعليمية والدينية بمسئولياتها.
وأملنا دعم المحاولات الجارية كى تستعيد مصر قوتها الناعمة بإتاحة حرية الرأى والتعبير وخاصة فى مجال الفنون والآداب، ودراما شهر رمضان لهذا العام تعطينا الأمل بالمزيد من الإبداع وضمان سيادة القانون والشفافية فى كل الظروف ودون استثناء.
وفى النهاية لن يفوتنى أن نحلم باليوم الذى يوقن فيه كل مصرى ومصرية بأهمية دوره والتزامه بتنفيذ حقوق الإنسان، وبأن التنفيذ الصادق لحقوق الإنسان يحمل الخير والعدل والاستقرار والسلام للوطن ولا يتعارض مع محاربة الإرهاب والتطرف العنيف.
وختاماً لن يفوتنى أن أؤكد أن مصر وجمهوريتها الجديدة تستحق هذه الآمال والأحلام وتستحق مجلساً قومياً لحقوق الإنسان يتمتع بالصلاحيات التى يكفلها له الدستور والقانون ويتمتع بمساندة القيادة السياسية كى يتمكن من خدمة المواطن المصرى وخاصة الفئات الأكثر ضعفاً واحتياجاً.. وفقنا الله لما فيه خير ورفعة الوطن، وتحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر.
* رئيسة المجلس القومى لحقوق الإنسان
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حقوق الإنسان الأمم المتحدة كرامة الإنسان الحقوق المدنية والسياسية لحقوق الإنسان حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
قوى العدوان ترتكب 1385 جريمة وانتهاكاً لحقوق الإنسان في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة
الثورة / محمد الروحاني
لم يختلف العام 2024م عن الأعوام التي سبقته من حيث انتهاكات حقوق الإنسان في المحافظات الجنوبية والشرقية الخاضعة للاحتلال السعودي الإماراتي حيث واصل مرتزقة العدوان هذه الجرائم والانتهاكات التي بلغت -وفق تقرير لمركز نداء الكرامة للحقوق والتنمية – الذي أصدره نهاية الأسبوع المنصرم- الفا وثلاثمائة وخمسة وثمانين جريمة وانتهاكاً راح ضحيتها الفان وثلاثمائة واثنا عشر ضحية .
الجرائم المتعلقة بانتهاك حق الحياة
وفق التقرير بلغت الاغتيالات في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة خلال العام 2024م ” 188″ عملية اغتيال، اغتيل فيها “122” شخصا، ونجا منها “66” آخرون، وقتل في تلك العمليات “15” شخصا، ونجا منها “143” بينهم مرافقو الشخصيات المستهدفة ومواطنون مدنيون كانوا متواجدين ومارين بالقرب من تلك الأماكن .
وخلال نفس الفترة بلغت جرائم القتل العمد والإعدام خارج نطاق القانون التي قام بها عناصر وقيادات الجماعات المسلحة المدعومة من تحالف العدوان تسعين حالة قتل مباشر وإعدام خارج نطاق القانون .. فيما بلغ ضحايا جرائم الاختطاف والاعتقال والإخفاء القسري سبعمائة وأربع ضحايا .
وبلغ عدد حالات السطو المسلح على منازل وممتلكات المواطنين اربعا وستين حالة سطو ونهب ، قتل خلالها مواطن واحد وجرح ثلاثة آخرون .
وبلغت حالة التقطع على المسافرين احدى وعشرون حالة أسفرت عن مقتل أربعة عشر مسافراً، وجرح ستة عشر آخرين .
انهيار الخدمات الأساسية والتدهور الاقتصادي
وفق التقرير واصلت أسعار السلع الأساسية الارتفاع بشكل خيالي حتى وصل الحال عدم قدرة بعض المواطنين توفير ثلاث وجبات غذائية في اليوم الواحد لعائلاتهم، وأصبح الكثير يعيش على وجبة أو وجبيتن، ما دفع بعض أرباب الأسر على الانتحار حيث وثق التقرير “تسع ” حالات انتحار نتيجة عدم قدرتهم على توفير لقمة العيش لهم ولأولادهم، وتعود أسباب ارتفاع أسعار السلع الأساسية ” الغذاء والدواء ” بشكل خيالي إلى سياسيات تحالف العدوان التي أدت إلى تدمير العملة المحلية، بالاستهداف، الممنهج .
وحسب التقرير، فقد ارتفع سعر الصفيحة البنزين إلى ” إلى تسعة وعشرين الف ريال، وارتفع سعر دقيق القمح خمسين كيلو إلى ستة وأربعين الفا، فيما ارتفع سعر كيس الرز الخمسين كيلو إلى ستة وعشرين الفا .
زعزعة الأمن والاستقرار
وجاء في التقرير ان تحالف العدوان واصل العمل على زعزعة الأمن والاستقرار في هذه المناطق من خلال الاشتباكات بين الجماعات المسلحة، وكذلك العمل على إثارة الخلافات وقضايا الثأر بين القبائل، حيث سُجلت أكثر من “مائة وست عشرة” حالة اشتباك بين تلك الفصائل فيما بينها، وواحد وأربعين حالة اشتباك بين القبائل على خلفيات ثأر أدت إلى مقتل “112” شخصا ” وجرح “133” أخرون، فيما لم يذكر ضحايا “75” اشتباكاً.
وبلغ عدد حالات الاعتداء على القضاة والمحاكم حالتين واعتقال لقاضيين في عدن، وحضرموت .
الاعتصامات والاحتجاجات
وقال التقرير انه إزاء التدهور الأمني والاعتقالات التي تقوم بها قوى تحالف العدوان نفذت كثير من القبائل، والمواطنين عشرات الاعتصامات، والاحتجاجات قوبلت بالقمع .
وذكر التقرير ان هذه الجرائم والانتهاكات ما هو الا جزء بسيط من جرائم قوى تحالف العدوان ومرتزقته في هذه المحافظات والتي تمكن المركز من توثيقها.. مؤكدا ان هناك الكثير من الجرائم والانتهاكات لم يتم توثيقها .
ووفي ختام التقرير طالب مركز نداء الكرامة للحقوق والتنمية المنظمات الدولية والوطنية بزيارة السجون والمعتقلات في هذه المحافظات والاطلاع على أوضاع المعتقلين والمحتجزين داخل تلك المراكز.
كما طالب المركز بإحالة قيادات تحالف العدوان السعودي الإماراتي القوى التابعة للمحاكمة لينالوا جزاءهم جراء ما ارتكبوه من جرائم وانتهاكات بحق اليمنيين في هذه المحافظات .