مصطفى بيومى يكتب: «عباقرة الظل» نجمة إبراهيم.. الملكة المتوجة فوق عرش الشر
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
«عباقرة الظل»، حلقات نشرتها «البوابة»، منذ سنوات، للكاتب المبدع مصطفى بيومي، وصدرت فى كتاب بالعنوان نفسه، ويتناول الحديث عن عدد من الممثلين الأقل شهرة عن نجوم الصف الأول، وقدموا أدوارًا معقدة ظلت باقية فى أذهان الناس، ويطلق عليهم أعمدة الطبقة الوسطى فى السينما المصرية، ويرى «بيومي» أن كثيرًا من هؤلاء العباقرة لعبوا أدوارًا لا تقل أهمية عن أدوار البطولة، حملت مقولات معبأة بالفلسفة الشعبية الخالصة.
. تحيةً لروح كل نجم من هؤلاء النجوم، تعيد البوابة نشر بعض هذه الحلقات.
يطغى حضورها على الآخرين ويفرض السطوة لتصبح نقطة الارتكاز بلا مزاحمة
تاريخ حافل بالإبداع، ونجاح استثنائى بلا شبيه في تجسيد أدوار الشر بتجلياته المتباينة، لها بصمتها التى لا تُنسى في تاريخ السينما المصرية، والأدلة على تفردها تفوق الحصر.
تعذب الأطفال بلا رحمة، وتقسو مثل شيطان على نزيلات الملجأ، وتحترف الإقراض بالربا كأنها المهنة التى تهب لها عمرها، ثم تراها داية جشعة أو امرأة سادية مولعة بالأذى، وهى قبل ذلك وبعده «ريا» المخيفة المرعبة قاتلة النساء وسارقة حليهن.
ويوافق يوم ٢٥ فبراير ٢٠٢٤ الذكرى الـ١١٠ لميلاد الفنانة القديرة نجمة إبراهيم التي ولدت في مثل هذا اليوم من العام ١٩١٤، وخلال مسيرتها الفنية تميزت ببصمة لا يمكن تجاهلها في تجسيد أدوار الشر.
نجمة إبراهيم نسيج منفرد وموهبة فذة، وأدوارها المنفرة تصنع مجدها الذى لا يتبخر أثره أو يتلاشى.
امرأة شرسة بلا قلب
فضة في «اليتيمتين»، ١٩٤٨، امرأة شرسة بلا قلب، يطول أذاها ابنها حسونة «أبو رجل ونص»، فاخر فاخر، وتستغل التائهة العمياء نعمة، فاتن حمامة، في أعمال التسول وبيع اليانصيب. سكيرة تتلذذ بالعنف الذى يبدو عندها هدفًا في ذاته، ويتحول النشاط الإجرامى الفردى المحدود إلى عمل احترافى منظم متسع في «جعلونى مجرما»، ١٩٥٤.
شخصية «دواهي» دور لا يُنسى في السجل الإبداعى الثرى لنجمة إبراهيم، ودليل ساطع على تفوقها في تقديم الشر الذى لا يعرف خباياه سواها. زعيمة تقود رجالًا أشداء يذعنون لأوامرها، وتسخّر عددا هائلا من الأطفال لأعمال النشل والتسول. إدارتها صارمة، وقاموسها يخلو من مفردات الحس الإنسانى كافة. تعذب الصغار كأنها تؤدى عملا روتينيا، وتتفنن في أساليب التهديد والابتزاز. وجهها المخيف حاد القسمات يسعفها على الصعيد الشكلي، وصوتها ترجمة متقنة للقسوة التى تسكنها.
مديرة الإصلاحية
ليس مستغربًا أن تتألق نجمة في تجسيد شخصية مديرة الإصلاحية في «أربع بنات وضابط»، ١٩٥٤. الصرامة التى تلازمها أداتها الرئيسة في الإدارة والتعامل مع النزيلات اللاتى لا تعترف باحتياجهن إلى العطف والحنان، بل إن قسوتها تمتد إلى الحيوان فتقذف بالقطة من نافذة العنبر بلا تردد. تشتم وتضرب، وتواجه الضابط الحنون، أنور وجدى، بفلسفتها التربوية المتشددة المغايرة لما يتبناه من أفكار: «دول وش إجرام.. ما ينصاعوش إلا بالقسوة.. بالشدة.. بالضرب».
الإصلاحية، في ظل قيادتها، أشبه بالسجن الذى يعتمد سياسة «العقاب» دون تفكير في «الإصلاح»، وكالعهد بها دائما لا تقنع نجمة بالإطار الشكلى وأدواته التقليدية المتاحة لغيرها، ذلك أنها تغوص في أعماق الشخصية وتمسك بمفاتيح السلوك ودوافعه.
تجسيد شخصية المرابية
احتراف الإقراض بالربا مهنة مرذولة جديرة بالازدراء والتقزز لمزيج من الأسباب الدينية والاجتماعية، وقد يختلف المرابون في الجنس والعمر وحجم النشاط الذى يقومون به، لكن ملامح تكوينهم النفسى تتشابه وتتقارب إلى حد كبير، ذلك أن الولع بالاستغلال والنهم في ابتزاز الزبائن المقهورين بالفقر والحاجة ينعكس بالضرورة على نمط التفكير ولغة الحوار وإيقاع الحركة. ليس من متسع للخلاف عند القول إن نجمة إبراهيم هى الأعظم في تجسيد شخصية المرابية، وهو ما نجده عند أم جابر في «حب في الظلام»، ١٩٥٣، وأم هلال في «الجريمة والعقاب»، ١٩٥٧.
لا تكمن عبقرية نجمة في المحاكاة الشكلية السطحية، ويتمثل تفردها الجدير بالإعجاب غير المحدود في الوعى بالأبعاد النفسية التى تترك آثارها في الفكر ونبرة الصوت وبريق العينين وطريقة المشى التى توحى بالإرهاق العمدى المصنوع المحسوب. تدافع أم جابر عن مهنتها الكريهة وتضفى عليها مشروعية زائفة تعى أنها مجرد كلمات لا تقنع أحدا:«ما بأخلص من قرّ الناس.. وأنا تاعبة روحى عشانهم.. عاملالهم شمعة.. أنور عليهم وأحرق روحى».
في الفيلمين، تصل نجمة إلى القمة التى تمثل تحديا مستحيل التجاوز لمن بعدها، ومن علامات النجاح أن تحظى بكراهية أصيلة تحول دون التعاطف معها والإشفاق عليها عند الوصول إلى محطة القتل، فمثل هذا المصير مستحق مبرر.
الداية الشريرة
قبل شيوع الاستعانة بالأطباء في عمليات توليد النساء الشعبيات وعلاجهن، كان الاعتماد كاملًا على الداية. المهنة تعبير عن تحالف الفقر والجهل، والعاملات في ساحتها خليط من الطيبات حسنات النية والشريرات الأقرب إلى المجرمات المحترفات.
يتكرر تجسيد الفنانة الكبيرة لشخصية الداية، فهى أم بدوى في «رنة الخلخال»، ١٩٥٥، وأم هلال في «صراع الأبطال»، ١٩٦٢. لا تتورع الداية الأولى عن استغلال مهنتها في تحقيق مكاسب فاحشة من خلال سرقة وتبديل المواليد، في عملية احتيال ونصب ترقى إلى مستوى الجرائم الكبرى.
تتجاوز أم هلال النشاط المحدود لأم بدوى، فهى تلعب دور الطبيب في القرية التى يسيطر عليها الإقطاع في أربعينيات القرن العشرين. تعى أم هلال أن الطبيب الشاب، شكرى سرحان، يهدد قواعدها الاقتصادية الراسخة، ومن هنا تشن حربًا عاتية شعواء ضده، ولا تتورع عن التهديد السافر الذى ينم عن إحساسها بالقوة:«وحق مين رماك في سكتى يا دكتور الغبرا.. لأوحل السكك تحت رجليك».
مع انتشار الوباء وخطورته، لا تملك إلا أن تقر بعلم الطبيب وتستنجد به عند إصابة ابنها الوحيد بالعدوى. بهذا التحول ينتصر الفيلم للعلم ويؤكد حتمية اندحار الدجل والشعوذة، لكن توبة الداية قرب النهاية لا تمحو هيمنة الشريرة نجمة إبراهيم وغياب الحضور المؤثر لطيبتها الاضطرارية.
أرستقراطية متعجرفة
في «أنا الماضي»، ١٩٥١، و«المرأة المجهولة»، ١٩٥٩، تبدو القسوة منطقية مبررة، فهى أقرب إلى رد الفعل في مواجهة الظلم الفادح الذى تتعرض له أمينة بسيونى وشقيقها في الفيلم الأول، ومعطيات الظاهر الذى يؤكد خيانة زوجة الابن في الفيلم الثانى.
التشبث العنيد بالتقاليد العائلية والقيم الأرستقراطية المتعنتة المتعجرفة، يدفع أم الدكتور أحمد، عماد حمدى، وشقيقته سعاد، زهرة العلا، في «الليالى الدافئة» ١٩٦١، إلى قسوة متطرفة تحطم حيوات الابن والابنة والحفيدة الطفلة. تنطع بلا ضفاف ينتهى بتحول مباغت لا يبدو مقنعا، والمشهد الأخير حيث الاعتذار والتراجع باهت هش، مقارنة بالمشاهد السابقة الحافلة بالغطرسة والتعالي، كأن نجمة إبراهيم نفسها لا تجد ما يقنعها بتغيير سلوكها المعهود.
بهية، زوجة سائقة القطار جابر، محمود لطفي، في «الحرمان»، ١٩٥١، أم بديلة مفرطة في القسوة على الطفلة منى، نيللي. تسخّرها في الأعمال المنزلية الشاقة، وتقص شعرها، وتجبرها على ارتداء الملابس القديمة المهلهلة لابنها، ما يدفع الفتاة إلى الهرب من فرط العذاب. زوجة متسلطة متغطرسة، ونزعة عدوانية سادية غير مبررة، وبلا دوافع مقنعة.
قرب نهاية رحلة نجمة مع السينما، تظهر شخصية العمة القاسية توحيدة في القصة الثالثة والأخيرة من «٣ لصوص»، ١٩٦٦. تلعب الممثلة الكبيرة خارج ساحتها المعتادة، والإطار الكوميدى لا يتوافق مع المدرسة التى تنتمى إليها وتتحقق من خلالها.
صوت عميق مخيف
«ريا وسكينة»، ١٩٥٣، العلامة الأبرز والأشهر في مسيرة نجمة إبراهيم، والبراعة في تجسيد شخصية ريا تصنع صورتها النمطية الشائعة التى تقترن بها وتجعلها الملكة المتوجة فوق عرش الشر.
زعيمة إجرامية محترفة بكل ما تعنيه كلمات الزعامة والإجرام والاحتراف، وتخطيط وتنفيذ جرائم القتل والسرقة ينم عن الذكاء المفرط. الحضور الطاغى للممثلة المتمكنة يفرض السطوة التى تزيح الآخرين وتجعلها المحور ونقطة الارتكاز بلا مزاحمة. صوتها العميق المخيف يبث الرعب، ومن العينين ينطلق بريق يشبه الشرر ويضفى على الوجه الحاد مزيدا من التجهم.
في عفوية صادقة على الرغم من الغرائبية، بالنظر إلى ما في كلماتها من مفارقة، تقول ريا كأنها تشكو من متاعب المهنة وهمومها: «قطيعة.. ما حدش بياكلها بالساهل.. الولية وأنا بنخنقها عضتنى في إيدي.. تقولش عدوتها».
الضحك وارد بطبيعة الحال، لكن الأداء بالغ الجدية، ذلك أن الزعيمة لا تعرف الهزل، والجانب الأكبر من نجاح نجمة مردود إلى يقينها بأن ريا تؤدى عملا، ومهنتها لا تختلف عن غيرها من المهن.
لأنه إبداع صادق متوهج مؤثر، تقتحم القلوب بلا عناء، ومن المنطقى عندئذ أن يطالع الكثيرون وجهها فيستدعون اسم ريا، وقد يغيب اسم نجمة إبراهيم.
ليست المسألة أن تكون الموهوبة المتمكنة نجمة إبراهيم يهودية تشهر إسلامها قبل سنوات طوال من تأسيس دولة إسرائيل، أو أنها عاشت وماتت على دينها القديم، فهى مصرية خالصة قبل أن تكون مسلمة أو يهودية. ما تاريح الفن المصرى إلا حصيلة جهد المصريين والمتمصرين والوافدين، دون نظر إلى هوياتهم الدينية وأصولهم العرقية، ومن هنا تتشكل خصوصية مصر وتفردها قبل أن يضربها الضعف والوهن، لكنها لا تموت.
لا تكمن عبقرية نجمة في المحاكاة الشكلية السطحية، ويتمثل تفردها الجدير بالإعجاب غير المحدود في الوعى بالأبعاد النفسية التى تترك آثارها في الفكر ونبرة الصوت وبريق العينين وطريقة المشى التى توحى بالإرهاق العمدى المصنوع المحسوب. تدافع أم جابر عن مهنتها الكريهة وتضفى عليها مشروعية زائفة تعى أنها مجرد كلمات لا تقنع أحدا:«ما بأخلص من قرّ الناس.. وأنا تاعبة روحى عشانهم.. عاملالهم شمعة.. أنور عليهم وأحرق روحى».
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: تجسید شخصیة فی تجسید أدوار ا أم هلال
إقرأ أيضاً:
أفلام وفعاليات مهرجان القاهرة السينمائى 45 «كامل العدد»
عرض رابع لـ«أبوزعبل ٨٩» بعد نفاد التذاكر و«دخل الربيع يضحك» كومبليت الجداول وتداخل جهات التنظيم نقطة ضعف المهرجان لكن الدورة ناجحة«كامل العدد» أو «سولد أوت» هى الكلمة الأكثر استماعا فى أروقة الدورة الـ٤٥ لمهرجان القاهرة السينمائى، الذى شهد أكبر نسبة حضور سواء من الجمهور أو الإعلاميين والفنانين وكل محبى السينما.
سواء للأفلام فى أقسامها المختلفة، وحتى فى أغلب الندوات والجلسات النقاشية خلال فترة المهرجان الذى بدأ فى الرابع عشر من الشهر الحالى ويستمر حتى ٢٢ نوفمبر.
أسد الصحراء.. (ما وثقه العقاد فى ليبيا الأمس..يفضج الإبادة الجماعية فى غزة اليوم)اهتم مهرجان القاهرة السينمائى هذا العام بدعم القضية الفلسطينية، سواء خلال عرض الافتتاح الذى شهد عرض لفرقة وطن للفنون التى حضرت خصيصا من غزة لتشارك فى المهرجان، وحتى الدبوس الذى تم توزيعه على الحضور على شكل علم فلسطين، وتأكيد رئيس المهرجان حسين فهمى على دعم القضية، وبداية المهرجان بالفيلم الفلسطينى «أحلام عابرة» للمخرج رشيد مشهراوى.
لينطلق بعدها جدول من العروض الفلسطينية التى عبرت عن الحرب التى تشهدها فلسطين ليس فقط طوفان الأقصى منذ أكتوبر العام الماضى، لكن منذ بداية النكبة، ومنها الفيلم الوثائقى «إجازة فى غزة» و«غزة التى تطل على البحر» و«من المسافة صفر» الذى يمثل فلسطين فى الأوسكار.
النجم أنطونى كوين فى دور عمر المختارلكن الملفت للانتباه فيلم «أسد الصحراء» للمخرج الكبير العالمى الراحل مصطفى العقاد الذى وثق خلاله المجازر التى قامت بها إيطاليا فى ليبيا فى ثلاثينيات القرن الماضى من أجل إخماد المقاومة ورمزها «عمر المختار» الذى قام بدوره النجم العالمى أنطونى كوين الذى عرض ضمن برنامج كلاسيكيات بعد ترميمه هو الأكثر تعبيرا عما يحدث الآن فى غزة من خلال مشاهد المعارك والتعذيب التى قدمها العقاد فى تجربته عام ١٩٨١.
مالك العقاد: استغرقنا ٣ سنوات فى ترميم الفيلمقال مالك العقاد نجل المخرج السورى الراحل فى تصريحاته لفارايتى عن ترميم الفيلم بواسطة شركة Trancas International Films فى Deluxe فى لندن وPrivate Island Sound فى هوليوود، وهو الترميم الذى أعاد الحياة إلى المناظر الصحراوية ومشاهد المعارك الملحمية، بالإضافة إلى موسيقى موريس جار.
«لقد كان عملًا محببا بالنسبة لى. تضمنت العملية ثلاثة أفلام لوالدى - «الرسالة» و«الرسالة» و«أسد الصحراء» - وكل من هذه الأفلام يزيد طوله على ثلاث ساعات. كانت عملية طويلة جدًا استغرقت فى النهاية أكثر من ثلاث سنوات لإكمالها بالكامل. كان علينا مسح كل إطار، وتصحيح أى خدوش أو مشاكل، ثم تحسين تدرج الألوان، وأخيرًا، إعادة مزج الصوت. لقد كان الكثير من العمل ولكن النتيجة النهائية جعلت الأمر يستحق كل هذا العناء».
محمد رضا: يمكن وضع فلسطين بدلًا من ليبيا فى «أسد الصحراء»أما الناقد محمد رضا فقال: الفيلم يعبر عن الوطن العربى بشكل أشمل فيمكن استبدال فلسطين بدلا من ليبيا ليعبر الفيلم عما يحدث فيها وهو ما أراده العقاد فى ثانى تجاربه السينمائية فى أسد الصحراء بعد أن قدم أول أفلامه (الرسالة) الذى حاول من خلاله تصحيح نظرة الغرب عن الدين الإسلامى ونشأة الإسلام لكنه اختار فى أسد الصحراء أن يتطرق لقضية أشمل وهى النضال العربى.
الفيلم الذى تم إنتاجه فى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى وصلت تكلفته ما يقرب من ٢٢ مليون دولار أمريكى فكل ما ظهر فى الفيلم من طائرات ودبابات صنعت خصيصا للفيلم أى ما يساوى اليوم من ١٥٠ إلى ٢٠٠ دولار أمريكى.
وتابع: إن (أسد الصحراء) قدم حقائق عن الصورة العربية وهو تأكيد على أهمية العلم وهو ما يظهر فى المشهد الأخير حين يمسك الطفل الصغير بالنظارة الخاصة بعمر المختار بعد إعدامه تأكيدا على استمرار ومواصلة المقاومة.
وكشف أن المخرج الراحل الذى جمعته به صداقة وطيدة عرض عليه تقديم أفلام عن زعماء ورؤساء عرب لكنه رفض الفكرة
فكان العقاد يأمل فى تقديم فيلم يوحد العرب عن الأندلس وهو الفيلم الذى يحاول نجله مالك العقاد إنتاجه خلال الفترة المقبلة خاصة أن السيناريو جاهز بالفعل لكن لا يزال يبحث عن التمويل فحتى الآن الفيلم لم يبدأ حيز التنفيذ.
وعلق رضا على الانتقادات التى طالت المخرج السورى الراحل لتقديمه عدة أفلام عن الهالويين وقال إنه كان يقدمها ليوفر المال اللازم لإنتاج أفلامه الهامة عن الوطن العربى.
وقال إن العقاد حينما هاجر من سوريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن يمتلك سوى مائتى دولار أمريكى فقط والقرآن الكريم ولأنه قدم أفلامًا عن الدين الإسلامى والقضايا العربية تم اغتياله فى عملية إرهابية.
حضور مصرى لافتفى السنوات الماضية اعتدنا على الحديث عن أزمة اختيار الفيلم الذى يمثل مصر سواء فى المسابقة الرسمية أو المسابقات والبرامج الأخرى، لكن شهدت الدورة الـ٤٥ تواجدًا مصريًا لافتًا، ففى المسابقة الرسمية مثلت المخرجة نهى عادل مصر بفيلمها «دخل الربيع يضحك» الذى تناولت خلاله ٤ حكايات مختلفة ومنفصلة لكنها متشابكة فى التعقيدات التى تحملها النفس البشرية، يحسب للمخرجة اعتمادها على وجوه غير محترفة أضافت للتجربة، وفى الوثائقى شارك فيلم «أبو زعبل ٨٩» للمخرج بسام مرتضى وهو الفيلم الذى أقيم له عرضًا رابعًا داخل المهرجان بسبب الإقبال الكبير على مشاهدة الفيلم الذى يوثق من خلاله بسام تجربة زيارته لوالدته محمود مرتضى السجين السياسى داخل سجن أبو زعبل وهو طفل صغير، ويتطرق إلى ما هو أبعد من ذلك من خلال علاقته بوالده ووالدته أيضا التى لعبت دورا كبيرا فى حياته.
إيجابيات وسلبيات..(كشف حساب)بدأ التفاعل مع المهرجان منذ اللحظات الأولى لانطلاقه، ويمكن القول قبلها أيضا، وتباينت ردود الفعل بين الهجوم اللاذع والحاد أو الدفاع المستميت، وكأى مهرجان أو فعالية سينمائية فى العالم فهناك بالتأكيد ماهو إيجابى وماهو سلبى بالطبع فلا يوجد مهرجان فى العالم يخلو من السلبيات.
لكن السؤال الذى يطرح نفسه ماذا يريد الجمهور من المهرجانات السينمائية؟ وهو ما يكشف إن كان المهرجان نجح بالفعل فى تحقيق ذلك أم لا؟.
إذا تحدثنا عن وجود أفلام قوية ومتنوعة لإرضاء جمهور مختلف ومتنوع فالمهرجان هذا العام شهد مجموعة كبيرة من الأفلام وصلت إلى ١٩٠ فيلما فى المسابقات المختلفة، ولا يمكن لفيلم أن يكون مرضيا لكل الأذواق لذلك لا يمكن اعتبار فشل فيلم فى إرضاء ذوق شخصى معين هو نقطة ضعف للمهرجان.
وإن كانت نقطة الضعف التى صعبت الوصول إلى الأفلام هو الجدول غير المفهوم الذى أضاع فرص مشاهدة الكثير من الأفلام الهامة.
يمكن الإشادة أيضا بفريق المهرجان فى التنظيم حتى وإن كانت هناك بعض المشاكل الاعتيادية فى دخول القاعات أو التأخر قليلا عن العرض لكنها ليس المشاكل الكارثية التى يمكن من خلالها وضع المهرجان تحت المقصلة فهو ظلم لأهم وأعرق مهرجان فى المنطقة العربية، وإن كان لا يمكن إنكار بعض الفوضى الذى تسبب فيها فراغ أحد الأدوار والمناصب الهامة من المهرجان، وهو ما تسبب فى تداخل التنظيم وفوضى فى بعض العروض. لكن المتواجد على أرض الواقع سيلحظ وجود «بعض» المبرمجين والعاملين فى المهرجان لحل المشاكل سريعا.
فى النهاية.. تعد الدورة الـ٤٥ من الدورات المميزة والمهمة فى مسيرة مهرجان القاهرة السينمائى على مستوى الأفلام والبرمجة والحضور والندوات والتنظيم، إلى جانب الدور المحترم والتأكيد على دعم مصر للقضية الفلسطينية، فشكرًا لكل القائمين على المهرجان من رئيس المهرجان وحتى أصغر المتعاونين.