د. عبدالله المغازي يكتب.. معركة الوعي الجمعي
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
عندما وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى ميثاقاً وطنياً لتدشين الجمهورية الجديدة كان ميثاقاً قائماً على أسس متينة من المصارحة والمكاشفة والمشاركة السياسية الجادة وتدعيمها بالحوار الوطنى وتطبيق مخرجاته بكل جدية ودعم الاقتصاد الوطنى الهادف والتأكيد على ثوابت الدولة المصرية بعمقها الاستراتيجى العربى والقومى، وهو ما يتطلب منا جميعاً، خصوصاً مؤسسات الدولة الوطنية، أن تخوض معركة الوعى الجمعى، وهو إدراك القضايا المختلفة التى قد يواجهها المجتمع كل يوم داخلياً وخارجياً، والتى تحدّث عنها سيادة الرئيس فى أكثر من مناسبة، فعلينا أن نخوضها بمنتهى القوة والحكمة فى هذه المرحلة الصعبة من تاريخ منطقة الشرق الأوسط، والتى ستشهد حتماً تغييرات جذرية فى القريب العاجل بكل تأكيد.
وكنت أتساءل كل فترة لماذا يُشدّد سيادة الرئيس فى أغلب المناسبات على أهمية الوعى الجمعى (وهو الضمير الجمعى أو الوعى، وهو مصطلح فى علم النفس ابتكر من قِبل عالم الاجتماع الفرنسى إميل دوركايم (1858 - 1917)، ليشير إلى المعتقدات والمواقف الأخلاقية المشتركة، التى تعمل كقوة للتوحيد داخل المجتمع)، وضرورة تماسك المجتمع المصرى والجبهة الداخلية، وأنه يجب أن نكون جميعاً على قلب رجل واحد.. ومع مرور الوقت اتضحت لى الرؤية كثيراً، خصوصاً عندما تحدّثت مع أبى رحمة الله عليه فى عدة مرات، وهو من المقاتلين القدماء الذين تشرّفوا بخوض نصر 6 أكتوبر العظيم، وهو من ضباط القوات المسلحة المصرية الباسلة، ولقد أكد لى أبى أن من أهم عوامل الانتصار فى حرب أكتوبر العظيمة، تماسك الجبهة الداخلية بقوة شديدة بين أفراد المجتمع المصرى، وأن الجميع كان لهم هدف واحد هو النصر واسترداد الكرامة الوطنية، وهو ما حدث والحمد لله.
وعندما كان يسمع خطب سيادة الرئيس وحديثه عن معركة الوعى كان يُعجب بالكلام كثيراً، لأنه مقتنع بأن ما كسر الكثير من الدول هو تفكّك الجبهة الداخلية لهذه الدول.. وكان أبى يحدثنى عن بناء الدول وأن البناء ليس أمراً سهلاً، وعندما يسمع البعض يشتكى بسبب الظروف الاقتصادية والتأثير على الحياة اليومية كان يغضب بشدة ويقول لنا هل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول لم تعانِ شعوبها عند بناء تلك الدول؟ وهل تم بناؤها فى يوم وليلة أم احتاج الأمر منهم سنين طويلة من العمل والجهد والتضحيات، خصوصاً الاقتصادية؟ وهل كانوا فى مثل هذا السخط؟ بالتأكيد لا.. يا بنى إذا أردتم أن تكون لديكم دولة قوية بجيش قوى تطور فى كل فروعه، وأصبح من أقوى جيوش العالم، وهو ما تستحقه مصر، خصوصاً فى هذه المرحلة المهمة، وبنية تحتية تليق باسم وطنكم، فعليكم أن تعوا جيداً أن بناء الوطن يحتاج أولاً إلى وعى جمعى قوى يستوعب كل التحديات الداخلية والخارجية وتماسك الجبهة الداخلية بمزيد من الشفافية والوضوح، وأن الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها ليس على مصر وحسب، وإنما على أغلب دول العالم.
يا سادة.. بناء الأوطان ليس بالأمر السهل، فهو يحتاج إلى الكثير والكثير من التضحيات، فمن يبنى بيتاً جديداً لأبنائه يضحى بالكثير من الأشياء ليوفر كل شىء لبناء البيت، وتكتمل الفرحة عندما يشاهد جميع الأبناء اكتمال المنزل الذى لأجله كانت تضحيات جميع الأسرة، الأب والأم والأبناء، وكذلك الحال فى بناء الدولة يحتاج الأمر إلى قدر ضخم من العمل والكفاح فى إطار مجتمعى متكامل، يقوم على التوازن الدقيق بين الحقوق والواجبات. وإلى وعى جمعى وخطاب وطنى من الإعلام والسياسيين للشعب المصرى عن كيف يتم بناء الدول والتضحيات التى يتطلبها هذا البناء، ولدينا فى دول كبيرة المثل الذى ضحّت فيه شعوبهم بقوت يومهم والعمل ليلاً ونهاراً لبناء وطن يستحق منا كل تضحية فى هذه اللحظات التاريخية الفارقة.. فبناء وعى الأمة بناءً صحيحاً أحد أهم عوامل استقرارها وتقدّمها فى مواجهة الأفكار الهدّامة، للوصول إلى الفهم الصحيح للحياة.. وكذلك علينا جميعاً، خصوصاً المثقفين منا، إدراك القضايا المختلفة، التى قد يواجهها المجتمع كل يوم داخلياً ودولياً، فمصر وضعتها الظروف الدولية والعالمية فى بوتقة نار من جميع الاتجاهات وحروب على كامل حدودنا الدولية، السودان وليبيا وفلسطين واليمن، ومشكلة باب المندب، وضغوط اقتصادية وسياسية رهيبة تتطلب منا زيادة الوعى الجمعى للمجتمع المصرى، لكى يستطيع مواجهة جميع التحديات بجبهة داخلية صلبة إن شاء الله.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الجمهورية الجديدة ميثاق الشرف الحوار الوطنى
إقرأ أيضاً:
حزب الوعى يطالب بالتحقيق فى واقعة انسحاب النادى الأهلى وإصلاح المنظومة الرياضية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد حزب الوعي متابعته كغيره من جماهير الرياضة وكرة القدم في مصر والعالم العربي والقارة الإفريقية، التطورات المؤسفة التي شهدتها الساحة الرياضية المصرية خلال الأيام الماضية، والتي تمثلت في انسحاب النادي الأهلي من إحدى المباريات، اعتراضًا على قرارات تنظيمية صادرة عن الجهات المعنية بإدارة النشاط الكروي، وعلى رأسها الاتحاد المصري لكرة القدم ورابطة الأندية المصرية، إضافة إلى التصريحات غير المدروسة الصادرة عن رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم خلال مشاركته في اجتماع رسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، حيث اقترح استضافة مصر لإحدى مباريات أو مجموعات كأس العالم 2034.
وفي هذا السياق، أكد حزب الوعي إيمانه العميق بأن الرياضة وخاصة كرة القدم، لم تعد مجرد نشاط ترفيهي، بل أصبحت صناعة متكاملة تؤثر في الاقتصاد الوطني وتُسهم في التنمية البشرية وتوفير فرص العمل، وبناءً على ذلك، نود تسجيل الملاحظات التالية: ضرورة التحقيق في أزمة انسحاب النادى الأهلى، وإن واقعة انسحاب النادي الأهلي، بغض النظر عن خلفياتها ومبرراتها، تكشف عن خلل واضح في إدارة المنظومة الرياضية في مصر، سواء على مستوى المؤسسات الرياضية أو الأندية، وتُسيء هذه الواقعة إلى سمعة الرياضة المصرية محليًا ودوليًا، كما تُلقى بظلالها السلبية على مستقبل قطاع واعد يُعوَّل عليه لتحقيق مكاسب اقتصادية وتنموية، كما تؤثر بشكل مباشر على شرائح واسعة من العاملين والمتعاملين مع هذه الصناعة الرياضية المتنامية.
ومن هذا المنطلق، أكد الحزب على ضرورة فتح تحقيق جاد في الواقعة، وإعلان نتائجه بشفافية، لتفادي تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلًا، مشددا على رفض التصرف غير المسؤول لرئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم.
وأعرب الحزب عن أسفه الشديد للتصرف غير المسؤول الذي بدر عن رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم خلال مشاركته في اجتماع رسمي لـالفيفا، حيث طرح بشكل مفاجئ طلب استضافة مصر لإحدى مباريات أو مجموعات كأس العالم 2034.
ويأتي هذا الطرح متعارضًا مع الترتيبات الإقليمية، حيث تقود المملكة العربية السعودية الشقيقة ملف تنظيم هذا الحدث الرياضي الدولي بدعم رسمي من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وفق تحركات مدروسة ومنسقة. وقد تسبب هذا التصرف في رفض واضح من الجانب الآسيوي، باعتباره تجاوزًا غير مقبول لجهود السعودية في هذا الملف.
ورأى الحزب أن هذا التصرف يعكس نهجًا فرديًا مرتجلًا يضر بمكانة مصر الإقليمية والدولية في المحافل الرياضية، كما يُكرّس أسلوبًا غير مؤسسي في إدارة الملفات الرياضية الكبرى، وهو ما يستوجب محاسبة المسؤولين عنه وضمان عدم تكراره مستقبلاً.
وأكد حزب الوعي على الحاجة الملحّة لإصلاح شامل للمنظومة الرياضية المصرية، من خلال مراجعة الهياكل الإدارية والتشريعية للرياضة المصرية، وتطوير الكوادر والقيادات الرياضية لضمان كفاءة الأداء.
إطلاق رؤية وطنية طموحة لتطوير قطاع الرياضة، بما يواكب المعايير الدولية ويضع مصر في مكانتها المستحقة على الساحة القارية والعالمية، فضلًا عن الاستعانة بكفاءات متخصصة في الإدارة والحوكمة الرياضية لتعزيز الأداء المؤسسي، بالإضافة إلي تعزيز دور وزارة الشباب والرياضة والهيئات الرقابية والتنظيمية، بما يضمن الإدارة الفعالة والرقابة الرشيدة، ويحقق التوازن بين متعة الرياضة ومتطلباتها الاقتصادية والتنظيمية.
وأضاف حزب الوعي أن الرياضة ليست ساحة للصراعات أو الحسابات الضيقة، بل هي منصة للوحدة الوطنية، وبوابة لتعزيز الوعي العام، ومصدر للمتعة الثقافية والعائد الاقتصادي.
ولذا، يجب أن تُدار بعقلانية وشفافية واستراتيجية طويلة الأمد، بعيدًا عن الانفعالات والقرارات الفردية التي تُهدد ثقة الجماهير وتُفرغ الرياضة من مضمونها الحضاري والإنساني.