في الأربعاء الماضي فازت قائمة «تواصل» بمعدل 111 صوتًا، مقابل 94 صوتًا لقائمة «تجديد»، وهذا يدلّ على تنافس واضح في الأصوات، وأنّ الصّندوق في النّهاية كانت له كلمته حول هذه التّجاذبات، وإن لم يُتبع بتفاعل إيجابي في وسائل التّواصل الاجتماعيّ بشكل عام، وفي أحيان هناك من السّلبيّة الّتي طالب بعضهم فيها بمقاطعة الجمعيّة، ولو بشكل فرديّ.

وفي نظريّ المقاطعة ليست حلّا، ولا تشكل إصلاحا ثقافيّا، لا في الجمعيّة ولا غيرها من المناشط الاجتماعيّة، قد تشكل ضغطًا، إلّا أنّ اللّجنة الحاليّة لم تخرج عن الإطار القانونيّ الموجود حاليا، وإن كان ثمة إصلاح فيبدأ من إصلاح القانون ذاته، وآلية التّعامل معه لا في القطيعة؛ لأنّ الجمعيّة كغيرها من المناشط الثّقافيّة ليست مبادرات فرديّة، ولا يملكها أشخاص معيّنون، فهي جمعيّة عموميّة مدنيّة، لابدّ أن تحافظ على خطّها الاستقلاليّ في الوقت ذاته، ولأنّ الأشخاص مهما مكثوا سيذهبون يوما ما، وتبقى الجمعيّة، ثمّ أنّ التّفاعل الإيجابي يقود إلى الإصلاح إذا صحبه نفس طويل، ورغبة في التّغيير، عكس التّذمر والنّقد السّلبيّ دون عمل أو مساهمة في التّغيير والتّفاعل الإيجابيّ.

ثمّ أيّ إدارة لها رؤيتها من جهة، ولها إيجابياتها وسلبيّاتها من جهة أخرى، فلا ينكر الأول، ولا يغلّب الثّاني ويعمّم، على أنّ النّقد الذّاتي من داخل المجتمع الثّقافيّ حالة صحيّة جدّا، وهنا يحتاج إلى تضييق الهوّة، وتعميق التّقارب بين الإدارة والمجتمع الثّقافيّ، أيّا كانت صورتهم الثّقافيّة، فهناك في الفترة الأخيرة شيء من العزلة، فمع حسنات الإدارة السّابقة في الجانب التّشجيعيّ وإبراز الكاتب والأديب العمانيّ، من حيث طباعة الكتاب، ودعم الكاتب، وتفعيل ذلك محليّا وخليجيّا وعربيّا، ليكون القلم العمانيّ حاضرا داخلا وخارجا، وقد انفتحت الجمعيّة على الجميع، دون تفريق بين أحد، بطريقة فيها قدر كبير من العدل والإنصاف، بيد أن هناك أيضا ضعفا في الجانب المناشطيّ، وخصوصا في مركز الجمعيّة ذاتها وهذا يحتاج إلى القرب من المثقف، والتّفاعل معه، كما يحتاج من المثقف ذاته أن يتقارب ويتفاعل عمليًّا أيضًا؛ لأنّ هذا في مصلحة المشهد الثّقافيّ العمانيّ عمومًا.

لقد تأسّست الجمعيّة العمانيّة للكتّاب والأدباء في فترة لم تكن هناك مبادرات ثقافيّة، ولا مجالس (صوالين) فرديّة معنيّة بالأدب والثّقافة، وإن وجدت فهي قليلة، فكانت بيتا مستقلّا وجد فيه المثقف والأديب العمانيّ ضالّته، فأحدثت حراكا فكريّا وأدبيّا، وفي فترة قياسيّة لا تتجاوز العقدين من الزّمن، أقامت العديد من المحاضرات والنّدوات والورشات النّوعيّة، وخلقت وعيا ثقافيّا وفكريّا، وأصدرت أكثر من ثلاثمائة كتاب عمانيّ في جوانب متعدّدة، كما أقامت العديد من الجوائز التّشجيعيّة للقلم والإبداع العمانيّ.

إلّا أنّها اليوم تعاني كغيرها من المناشط الثّقافيّة، رسميّة كانت أم أهليّة من تعدّد ومزاحمة مبادرات أخرى لها، فاليوم عندنا في عمان عشرات المبادرات الثّقافيّة والأدبيّة، وهناك العديد من صنّاع المحتوى بشكل مباشر أو غير مباشر، عن طريق «بودكاست» أو القنوات اليوتيوبيّة أو الصّحف الإلكترونية أو المواقع ووسائل التّواصل الاجتماعيّ، وأصبحت تزاحم المراكز الثّقافيّة، ولجمود المناشط السّابقة على صورة واحدة؛ جعلتها أقرب إلى المراكز التّقليديّة، ممّا يضعها اليوم في تحديات متشابكة، يجعلها تعيش مراجعات من داخلها، أمام الانفتاح على هذه الوسائل من جهة، واستيعاب هذه المبادرات والتّعاون معها من جهة ثانية، وأمام الانتقال من الجانب التّقليديّ إلى الجانب الإبداعيّ، ومن عنصر الكم إلى عنصر الرّيادة، وهذا يحتاج إلى دماء جديدة تستفيد منها المراكز الثّقافيّة، ومنها الجمعيّة العمانيّة للكتّاب والأدباء، ولا تحصر ذاتها عند التّقليد المتبع.

والمتأمل في الانتخابات الأخيرة يلحظ بشكل واضح غياب حضور الجيل الجديد، وهذا يحتاج إلى شيء من المراجعة في أسباب عزوف هذا الجيل عن المشاركة في حدث كهذا، فهل أصبح هذا الجيل غير مقتنع بجدوى هذه المراكز بصورة واضحة، أو هناك فجوة وتهميش لتفعيل الشّراكة مع هذا الجيل تفعيلا إيجابيا؛ لأنّ الحال إذا استمر على صورته الحاليّة، سوف تشيخ الجمعيّة كما شاخت بعض المؤسّسات والجمعيّات في الوطن العربيّ، وهذا يعني وجود فجوة زمنيّة لها تأثيراتها السّلبيّة في الوضع الثّقافيّ؛ لأنّ العمليّة الثّقافيّة عمليّة تفاعليّة، إن توقفت عند نقطة زمنيّة ما، أصبحت تعيش الماضي والتّراث، بينما العقل المعرفيّ والثّقافيّ يتجاوزها بأطروحاته وتفاعلاته ووسائله.

كذلك «في نظري» قضيّة التّفويض في الانتخابات العموميّة حالة غير صحيّة، فأنا أمثل صوتي فقط، ولي الحريّة المطلقة فيه، ولا ينبغي لأحد معرفته، فهذه قناعات ذاتيّة مبنيّة على الاستقلاليّة الثّقافيّة، وينبغي أن يكون العمل الثّقافيّ قدوة للعمل الدّيمقراطيّ النّزيه، فهو المفكّك والمحارب للفساد في العمليّات الانتخابيّة الأخرى، فكيف يكون صورة للاعوجاج الانتخابيّ، والّذي يصاحبه عدم النّزاهة في ذلك، وللقوائم حقّها في إبداء رؤيتها عرضا أو مناظرة، لكن ليس من حقّها شبه شراء الأصوات عن طريق التّفويض، والمفوّض كمنتخب ليس من حقّ أحد معرفة من ينتخب، ولا أحد له الحقّ أن يمثل صوته، أو يكون وكيلا عنه.

وفي نظري يمكن معالجة المحافظات والولايات البعيدة عن مسقط، عن طريق التّصويت الإلكتروني، أو عن طريق صناديق خاصّة تمثل هذه المناطق، مصحوبة بقانونيين ومتابعين خشية التّلاعب فيها، ويبقى الانتخاب الأكبر في مبنى الجمعيّة بالعاصمة، بحيث كما أسلفت لا يحمل شخص ما إلّا صوتا واحدا فقط، هو صوته بذاته، بحريّة وقناعة كاملة منه، ومع هذا ينبغي أن نفكر جميعا في المستقبل، فمهما اختلفنا إجرائيّا فلا يعني هذا أن نتشتت ثقافيّا من حيث الغاية لا التّعدّديّة الثّقافيّة الطّبيعيّة والصّحيّة، فالجمعيّة وغيرها من المناشط والمراكز الثّقافيّة بيوتنا جميعا، وهي لعمان ولأجل عمان، بقاؤها وإصلاحها وتفعيلها يعود نفعه إلينا جميعا، وللأجيال القادمة.

بدر العبري كاتب مهتم بقضايا التقارب والتفاهم ومؤلف كتاب «فقه التطرف»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یحتاج إلى الجمعی ة عن طریق من جهة

إقرأ أيضاً:

"عُمانتل" تحتفي بالفوز التاريخي للبطل العماني أحمد الحارثي في بطولة العالم للتحدي

مسقط- الرؤية

هنأت عمانتل متسابق السيارات العماني أحمد الحارثي على فوزه الكبير في بطولة "Fanatec GT World Challenge Europe" للتحمل على حلبة مونزا الشهيرة.

وحقق أحمد الحارثي برفقة زميليه ينس كلينجمان وسام دي هان بسيارتهم BMW M4 GT3 هذا الفوز ليعزز من مكانة سلطنة عمان في رياضة السيارات ويضيف إنجازًا مشرفًا لمسيرته.

واحتفالاً بهذا الإنجاز، زار أحمد الحارثي مقر عمانتل الرئيسي في مدينة العرفان، حيث كان في استقباله الإدارة العليا وموظفي الشركة.

وتأتي هذه الزيارة ضمن الشراكة الاستراتيجية بين عمانتل وأحمد الحارثي، كما أتاحت له فرصة مشاركة تجربته المليئة بالتحديات والنجاحات التي مر بها خلال الموسم.

وتحدث أحمد الحارثي بشغف أمام موظفي عمانتل عن إصراره والتزامه المستمر في سبيل التفوق في عالم سباقات السيارات، وكيفية تجاوزه للتحديات على مضامير سباق عالمية مثل مونزا.

وعبّر أحمد الحارثي عن سعادته بهذا الإنجاز قائلاً: "الفوز في مونزا كان حلمًا تحقق لي ولفريق عمان للسباقات، والوقوف على منصة التتويج في حلبة ذات مكانة عالمية كهذه يمثل لحظة تاريخية. كان دعم عمانتل أساسياً في تحقيق هذا النجاح، وأشكرهم على ثقتهم بي وبفريقي. أنا فخور بأن أهدي هذا الانتصار لسلطنة عُمان، وأتطلع لمواصلة تقديم الأفضل."

وخلال زيارته، شارك أحمد الحارثي بعض المواقف والتجارب من مسيرته في السباقات، وكيف أسهم دعم عمانتل في استمرار نجاحاته. كانت كلماته ملهمة للحاضرين، حيث جسدت التزامه المستمر بتجاوز التحديات والسعي نحو التميز، وهي قيم تتناغم مع قيم عمانتل.

إن فوز أحمد الحارثي ليس إنجازًا شخصيًا فحسب، بل هو أضافة مهمة للارتقاء بمكانة رياضة السيارات في سلطنة عمان على المستوى الدولي ومصدر إلهام للأجيال القادمة من الرياضيين العمانيين. وتعكس شراكة عمانتل مع أحمد الحارثي حرص الشركة على دعم المواهب العمانية وتطويرها، حيث وفرت الدعم الذي أسهم في مسيرة أحمد الناجحة خلال موسم 2024.

مقالات مشابهة

  • صقور الجبل .. انطلاق التمرين العسكري العماني الإيراني
  • البنك الوطني العماني يحتفل بـ"اليوم العالمي لتجربة العميل"
  • الكتّاب والأدباء تحتفي بأبناء مسندم الفائزين بجائزة الإبداع الثقافي
  • "عُمانتل" تحتفي بالفوز التاريخي للبطل العماني أحمد الحارثي في بطولة العالم للتحدي
  • انطلاق التمرين العسكري العماني الإيراني (صقور الجبل/1)
  • غداً... مهرجان المسرح العماني يختتم عروضه ويعلن عن الفرق الفائزة
  • غدا.. تتويج العروض المسرحية الفائزة بـ"مهرجان المسرح العماني"
  • بري استقبل قائد الجيش.. وهذا ما جرى بحثه
  • سعر الريال العماني في البنوك اليوم الأحد 29-9-2024
  • الغاء إجراءات ترخيص المراكز الثَّقافيَّة من قبل وزارة التربية