د. زاهي حواس يكتب.. مطلب عند الرئيس
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
راهن الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ البداية على وعى وذكاء الشعب المصرى الذى هو ناتج عن إرث عريق تمتد جذوره فى عمق التاريخ الإنسانى، ورغم الأزمات الاقتصادية، بل والتهاب المنطقة من حولنا، ولا نريد القول باشتعالها حرفياً، حيث تُدار حروب طاحنة على أراضى جيراننا المباشرين فى ليبيا والسودان، وحرب إبادة ضد أهلنا فى فلسطين عند حدودنا الشمالية الشرقية، ولم تسلم حتى حدودنا البحرية من الاشتعال بالحروب، مثلما هو الحال فى البحر الأحمر، والمعارك الدائرة بين القوى الدولية وجماعة الحوثى عند باب المندب، أضف إلى ذلك الجار السوء فى إثيوبيا المتربّص بشربة الماء التى تأتينا مارة من بلادهم، فيريدون قطعها عنا! وفوق كل هذا وذلك فهناك غربان تنعق ليل نهار فى حرب نفسية موجّهة ضد الشعب المصرى للعكننة عليه، والاصطياد فى الماء النتن وليس العكر فقط، والشماتة فى المصريين كنوع من الانتقام من مصر على تخلّصها من الجماعة الإرهابية.
هنا فقط يكون الإنصاف فى الحكم على عهد الرئيس السيسى، الذى -حرفياً- مشى على الأشواك وتخطى أزمات وكوارث، لكى يعبر بمصر إلى بر آمن وسط محيط لا مثيل له فى التاريخ القديم على الإطلاق.
إننى وملايين المصريين نعلم يقيناً أن مصر استعادت مكانتها كقوة إقليمية مؤثرة بفضل السياسات العاقلة والمتزنة مع كل دول العالم، وحقّقنا كثيراً من الإنجازات فى فترة زمنية قصيرة، وما زلنا نحلم بالكثير والكثير، ولذلك نؤازر الرئيس السيسى لاستكمال ما بدأه رغم كل ما نشهده من مشكلات داخلية وإقليمية ودولية، فاستمرار العمل والبناء هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمان الاجتماعى والاقتصادى.
ما زلنا نحتاج إلى إصلاحات مفصلية فى قطاعات مثل الصحة والتعليم، لكى نبنى أجيالاً قادرة على العمل والإبداع، وإحداث نقلة نوعية أو فلنقل ثورة زراعية وصناعية جديدة تحول اللون الأصفر إلى زراعات خضراء تكفينا وتفيض للصناعات التصديرية، نحلم بأن يتم إنشاء صروح صناعية عملاقة على أرض مصر، وأن نعبر بقطاع السياحة إلى مناطق لا تستطيع أكبر الدول السياحية منافستنا فيها! بالعمل والبناء وبالعقول الوطنية الموجودة بالفعل يمكننا أن نُرحب بملايين السائحين على أرض وطننا مصر.
أخيراً لى مطلب عند الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو أن يعلن للعالم كله عن موعد افتتاح المتحف المصرى الكبير قبل موعد الافتتاح بستة أشهر على الأقل، لكى نُعطى الآلاف بل والملايين من الناس حول العالم الوقت الكافى للاستعداد للحضور لأهم حدث ثقافى فى القرن الواحد والعشرين. وأتمنى الاستمرار فى مشروعات حفظ وصيانة الآثار المصرية، سواء الفرعونية أو القبطية والإسلامية فهى كنوز لا تقدّر بثمن. وأخيراً أتمنى أن يتحقّق حلمى بتكليف جهة حكومية واحدة فقط لمنح التصاريح الخاصة بتصوير الأفلام الأجنبية الروائية، وكذلك التسجيلية وغيرها، ومنح كل التسهيلات والمساعدات للتصوير.. هذا موضوع غاية فى الأهمية وله مكاسب سياحية واقتصادية عظيمة.
*عالم الآثار والمصريات ووزير الآثار الأسبق
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الرئيس السيسى الشعب المصرى المتحف الكبير فلسطين
إقرأ أيضاً:
تهجير بلا عودة.. خلطة ترامب المسمومة
فعلها ترامب وألقى حجرًا ثقيلًا بصراحته ووقاحته المعهودة، أعلنها مع نتنياهو أن التهجير القسرى لسكان غزة سيتم وبتدخل مباشر يصل لحد احتلال الولايات المتحدة الأمريكية نفسها وبشكل دائم تحت زعم تحويل غزة إلى ريفييرا بدون سكانها.
قالها ترامب ويصر على فرض الأمر الواقع على مصر والأردن وإجبارهما على استقبال أبناء الشعب الفلسطينى على أراضيهما وبدون عودة مرة أخرى.
الموقف المصرى والأردنى واضح رغم محاولات ترامب التشكيك فى صمود الدولتين أمام مخططاته الملعونة.
لقد كشفت تصريحات ترامب عن أن هناك هدفًا كبيرًا يتم التخطيط له حتى قبل مجيء ترامب، وأن الهدف من الحرب الوحشية على قطاع غزة وتحويله إلى ركام لم يكن من أجل تحرير الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وإنما من أجل إعادة تشكيل المنطقة بالكامل وتغير حدود دولة إسرائيل وتحكمها فى حركة الملاحة الدولية بشكل ينهى على حلم الصين فى طريق الحرير والانقضاض على قناة السويس واستبدالها بميناء بن جوريون وهكذا تكتمل خيوط اللعبة وتكون مصر هى الخاسر الأكبر.
هذا المخطط أدركته مصر مبكرًا عندما أعلن الرئيس السيسى رفضه القاطع لأى تهجير لسكان غزة إلى سيناء فى وقت لم يكن هناك حديث عن التهجير فى بداية الحرب على القطاع العام الماضى، بل وكان الموقف المصرى واضح فى فترة ولاية ترامب الأولى ومع إعلانه عن صفقة القرن التى تقوم فى الأساس على التهجير، ونجحت مصر وقتها فى وقف صفقة القرن.
التحدى الآن أصبح كبيرًا أمام مصر فى ظل الدمار الذى لحق بغزة وإصرار ترامب على تنفيذ خطته تحت ستار أن الحياة أصبحت مستحيلة بغزة وإعادة تأهيلها للحياة مرة أخرى يستغرق من 10 إلى 15 سنة قادمة.
الموقف خطير جدًا ويتطلب أولًا تكاتف الجبهة الداخلية المصرية وتقديم كل الدعم للموقف المصرى الرسمى، كما يستوجب تكاتف الدول العربية بالكامل وإرسال رسالة قوية لترامب بأن الرفض لا يمكن تغييره، وأن الشعوب لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية وتهجير أبناء غزة بالمخالفة لكل المواثيق الدولية، لم يكن نتنياهو يتصرف من تلقاء نفسه فى تلك الحرب البربرية، وإنما كان ينفذ خطوات مدروسة تقوده إلى تقديم غزة على أنها مكان لا يمكن العيش فيه مرة أخرى.
ترامب هذه المرة يتدخل بشكل سافر ويدعو إلى احتلال غزة من قبل الولايات المتحدة لكى يخلص إسرائيل من صداعها إلى الأبد وتحويلها إلى منتجع أمريكى إسرائيلى بدون فلسطينى واحد.
هل ينجح المخطط الجديد والذى يحمل فى طياته أكبر ضرر لمصر وقناة السويس وإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية بالكامل.
نعم هناك دوائر أمريكية بدأت التحرك ضد تصريحات ومخططات ترامب واتهامه بالجنون، ورغم ذلك وقف هذا الجنون لن يكون إلا من خلال دول المنطقة، وفى مقدمتها مصر ووقوف الشعب المصرى صفًا واحدًا.
[email protected]