صنداي تايمز: أجيال كاملة أُبيدت في غزة خلال أيام
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
نشرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية قصصا لعائلات فلسطينية أبيد بعضها، في حين فقد بعضها الآخر العديد من الأفراد منذ أن بدأت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقالت الصحيفة إن أكثر من 1800 عائلة على الأقل فقدت عددا من أفرادها، وفق السلطات في غزة، بل إن بعضها أُبيدت بالكامل وأسماؤها أُزيلت من السجل المدني الحكومي.
وأوضحت صنداي تايمز أن 3 أجيال من الأسرة الواحدة استشهدوا في غضون أيام، وأن عائلات بأكملها تموت جراء الحرب الدائرة في غزة.
وذكرت في تقريرها أنها قامت بجمع ومراجعة التفاصيل الخاصة بأكثر من 150 عائلة فقدت العديد من أفرادها في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع منظمة "إير وورز" البريطانية غير الحكومية.
وتقوم هذه المنظمة بمراقبة وتقييم الأضرار المدنية الناجمة عن العمليات العسكرية الجوية، وإحصاء الضحايا المدنيين في الصراعات حول العالم.
وطبقا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، تجاوز عدد الشهداء في القطاع 32 ألفا الأسبوع الماضي، من بينهم أكثر من 13 ألف طفل و9 آلاف امرأة، واعتُبر 8 آلاف آخرين في عداد المفقودين.
وتعرفت منظمة "أير وورز" على هويات 1391 شخصا ينتمون إلى 161 عائلة فقدت أكثر من اثنين من أفرادها. وقامت بذلك من خلال تتبع سجلات الوفيات المتعلقة بكل حالة وفاة، والمصادر المفتوحة مثل شهادات الشهود في التقارير الإخبارية وإعلانات النعي التي ينشرها الأقارب على مواقع التواصل الاجتماعي.
عائلة الريس
ومن بين تلك العائلات "آل الريس"، حيث أوردت الصحيفة قصة أحد أبنائها ويدعى ميسرة الريس، الذي كان قد بلغ الـ30 من العمر عندما أكمل دراسته في الطب بكلية كينغز كوليدج الجامعية في لندن، مستفيدا من منحة "تشيفنينغ" التي تقدمها وزارة الخارجية البريطانية بتمويل كامل للطلاب الدوليين المتميزين للحصول على درجة الماجستير في أي جامعة من جامعات المملكة المتحدة.
ولما عاد ميسرة الريس الصيف الماضي إلى غزة للعمل مع منظمة أطباء بلا حدود، تزوج من زميلته لورا حايك.
وظهر ميسرة في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يوم 12 سبتمبر/أيلول الماضي وهو يلتقط صورة شخصية (سيلفي) مع وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي على شرف اجتماع مع دارسين آخرين دُعوا إليه لمناقشة طموحات الشباب الفلسطيني والتحديات التي تواجههم.
وبعد شهرين من تلك المناسبة استُشهد ميسرة وعائلته بأكملها. وآل الريس واحدة من العائلات التي مُحيت من الوجود عن بكرة أبيها.
ووفقا لصنداي تايمز، فإن 3 أجيال من عائلة الريس كانت تقطن في شقة في إحدى البنايات السكنية بشارع الصناعة الهادئ بمدينة غزة.
وفي ليلة الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وعندما كان ميسرة ووالداه وأخواته وأبناء وبنات إخوته يغطون في نوم عميق، ضرب صاروخان المبنى. وكان أخوه مؤيد يشاهد من مبنى مجاور انهيار البناية المكونة من 7 طوابق حيث تعيش عائلته.
ولقي 11 فردا من عائلة الريس حتفهم، من بينهم ميسرة نفسه ووالده ووالدته، وشقيقتاه عريب وعزّة وأبناؤها الصغار الثلاثة. ويعتقد أن زوجته نجت.
وبينما كان مؤيد ومحمد، شقيقا ميسرة، وابن عمهم فارس ينبشون لساعات الأنقاض بحثا عن عائلتهم، سقط صاروخ ثانٍ وقتلهم جميعا.
وقال برنامج منحة تشيفنينغ إنه "فُجِع" عندما علم باستشهاد ميسرة الريس، وقدم تعازيه لمن تبقى من أسرته على قيد الحياة.
ولم تكن أسرة الريس وحدها التي نُكبت. وبحسب الصحيفة البريطانية، فقد اعتادت بعض العائلات على النوم معا تحت سقف واحد إذا تعرض منزلها للقصف حتى لا يضطر أحد للتعايش مع فداحة فقدان الأحبة.
عائلة حسونة
ونقلت صنداي تايمز عن سفير فلسطين لدى بريطانيا حسام زملط، على حسابه في منصة "إكس"، تأكيده بأن الصورة التي ظهرت يوم 12 فبراير/شباط الماضي على الإنترنت لجثة فتاة صغيرة تتدلى من سياج في رفح، هي لابنة عمه سيدرا حسونة البالغة من العمر 7 سنوات. وقال إن انفجار الصاروخ الإسرائيلي كان من القوة بحيث قذفها بعيدا.
واستشهدت سيدرا إلى جانب شقيقتها التوأم سوزان، وشقيقها الذي لم يتجاوز من العمر 15 شهرا، ووالديها، وعمها حمود، وجدتها سوزان وجدها فوزي حسونة.
وروت الصحيفة البريطانية عن إبراهيم حسونة (25 عاما) -الناجي الوحيد من أفراد أسرته- أنه عندما وصل إلى منزلهم لإزالة الأنقاض، رأى ما لم يكن يرغب في رؤيته أبدا. "رأيت أشلاء عائلتي بأسرها، وملابسهم ممزقة، والدماء والدمار والحجارة والغبار. عثرت على خاتم أمي على الحائط وقد ذاب".
وأضاف "الآن لم يعد لدي عائلة، ولن أستطيع العيش بدونهم. فقدت أجمل شيء في حياتي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات ترجمات صندای تایمز فی غزة
إقرأ أيضاً:
“نيويورك تايمز” تكشف تقنية إسرائيلية في حرب غزة تثير مخاوف من انتشارها عالميا.. تفاصيل تجارب مرعبة
غزة – كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن لجوء إسرائيل إلى اختبار واسع النطاق لتقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة في قطاع غزة.
وذكرت في تحقيق موسع أن تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها إسرائيل في حرب الإبادة على غزة تشمل أنظمة لتحديد المواقع، والتعرف على الوجوه، وتحليل المحتوى العربي، وذلك خلال الحرب التي اندلعت أواخر عام 2023.
وتقول إن هذه الاختبارات شملت استخدام أدوات لم تجرب سابقا في ساحات القتال، ما أثار جدلا أخلاقيا واسعا في العالم.
ووفقا لثلاثة مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين مطلعين، كانت نقطة البداية هي محاولة اغتيال القيادي في حركة حماس إبراهيم بياري، حيث فشلت الاستخبارات الإسرائيلية في تعقبه داخل شبكة أنفاق غزة. عندها، لجأت إسرائيل إلى أداة صوتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي طورها مهندسو الوحدة 8200، سمحت بتحديد موقعه التقريبي استنادا إلى تحليلات صوتية لمكالماته.
وفي 31 أكتوبر، نفذت غارة جوية أدت إلى مقتله، لكن الهجوم أسفر أيضا عن مقتل أكثر من 125 مدنيا، بحسب منظمة “إيروورز” البريطانية المتخصصة برصد ضحايا الصراعات.
وخلال الأشهر التالية، واصلت إسرائيل تسريع دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها العسكرية. من بين التقنيات التي طورتها برامج التعرف على الوجوه المتضررة أو غير الواضحة، وأداة لاختيار أهداف الغارات الجوية تلقائيا، ونموذج لغوي ضخم باللغة العربية يُشغّل روبوت دردشة قادرًا على تحليل المنشورات والمراسلات الإلكترونية بمختلف اللهجات. كما طورت نظام مراقبة بصري متطور يستخدم على الحواجز بين شمال وجنوب غزة لمسح وجوه الفلسطينيين.
وأكد مسؤولون أن العديد من هذه الابتكارات تم تطويرها في مركز يعرف باسم “الاستوديو”، وهو بيئة مشتركة تجمع خبراء الوحدة 8200 بجنود احتياط يعملون في شركات تقنية كبرى مثل غوغل، مايكروسوفت، وميتا.
مخاوف أخلاقية
رغم النجاح التقني، أثارت التجارب مخاوف أخلاقية جدية. وقال ضباط إسرائيليون إن أدوات الذكاء الاصطناعي أخطأت أحيانا في تحديد الأهداف، ما أدى إلى اعتقالات خاطئة وضحايا مدنيين. فيما حذرت هاداس لوربر، الخبيرة في الذكاء الاصطناعي والمديرة السابقة في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، من مخاطر هذه التقنيات قائلة: “لقد غيرت الذكاء الاصطناعي قواعد اللعبة في الميدان، لكن دون ضوابط صارمة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة”.
وفي تعليقه، أكد أفيف شابيرا، مؤسس شركة XTEND المتخصصة بالطائرات المسيرة، أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي باتت قادرة على تتبع الأشخاص والأهداف المتحركة بدقة عالية، قائلا إن “قدرات التوجيه تطورت من الاعتماد على صورة الهدف إلى التعرف على الكيان نفسه”. لكنه شدد على ضرورة الموازنة بين الفاعلية والاعتبارات الأخلاقية.
من أبرز المشاريع كان تطوير نموذج لغوي ضخم يحلل اللهجات العربية المختلفة لفهم المزاج العام في العالم العربي. وبحسب ضباط في المخابرات الإسرائيلية، ساعدت هذه التقنية في تحليل ردود الأفعال الشعبية بعد اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله في سبتمبر 2024، من خلال تمييز التعابير المحلية في لبنان وتقييم احتمالات الرد.
لكن هذه التكنولوجيا لم تكن خالية من العيوب، إذ أخفق الروبوت أحيانا في فهم المصطلحات العامية أو أعاد صورا غير دقيقة مثل “أنابيب” بدلا من “بنادق”. ومع ذلك، وصفها الضباط بأنها وفرت وقتا ثمينا وسرعت التحليل مقارنة بالطرق التقليدية.
ورفضت كل من ميتا ومايكروسوفت التعليق على التقارير. أما غوغل فأوضحت أن موظفيها الذين يخدمون كجنود احتياط في بلدانهم “لا يؤدون مهام مرتبطة بالشركة خلال خدمتهم العسكرية”.
من جهتها، امتنعت الناطقة باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق على تفاصيل البرامج “نظرا لطبيعتها السرية”، مشيرة إلى أن الجيش يلتزم بالاستخدام “القانوني والمسؤول” لتكنولوجيا البيانات، وأنه يجري تحقيقا في غارة اغتيال البياري دون الكشف عن موعد انتهاءه.
وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” أن هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها إسرائيل الصراع كحقل تجارب لتقنياتها؛ إذ سبق أن طورت أنظمة مثل القبة الحديدية وطائرات مسيرة هجومية خلال الحروب السابقة في غزة ولبنان. لكن مسؤولين غربيين شددوا على أن حجم الاستخدام المتسارع للذكاء الاصطناعي في حرب 2023-2024 لا سابق له.
وحذر مسؤولون أمريكيون وأوروبيون من أن ما يجري في غزة قد يشكل نموذجا أوليا لحروب المستقبل، التي تعتمد على خوارزميات يمكن أن تخطئ أو تساء إدارتها، ما يضع حياة المدنيين وشرعية العمليات العسكرية على المحك.
المصدر: نيويورك تايمز