لجريدة عمان:
2025-02-23@05:50:11 GMT

الاجتماع والعمارة في كتاب المساجد

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

الاجتماع والعمارة في كتاب المساجد

يمكن اعتبار العالم أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي (ت:1237هـ) من بين المُكثِرين من التأليف أو ممن تركوا آثارا كثيرة من الأعلام المتأخرين، وقد قدم لها دراسة ببليوجرافية الباحث فهد بن علي السعدي ضمن كتابه (قاموس التراث).

ومن بين كتبه التي لم تستوفِ حقها حتى اليوم من الدراسة والتحقيق كتاب (المساجد)، ولعل عنوانه يحيل إلى الفقه أكثر من أي شيء آخر، لكن الحقيقة أن في الكتاب من المسائل في الشأن الاجتماعي ومن الألفاظ الحضارية ومما يتصل بالعمارة وفنونها الكثير.

والكتاب مقسم إلى أربعة أبواب: الأول في المساجد وأحكامها، والثاني في الوصية للمسجد والإقرار والعطية، أما البابان الثالث والرابع فموضوعهما مختلف، إذ جُعِل الثالث في المدارس وأموالها والقول في المتعلمين فيها، والرابع في المحصنة وبناء سور البلد.

جاءت مادة الكتاب بين مسائل نُقِلت عن الفقهاء السابقين، وأكثرهم ممن كانوا في القرن التاسع حتى الثاني عشر الهجري، وبين مسائل عن المؤلف نفسه تبدأ عادة بعبارة تدل عليه، وهي تتميز بأسلوبه الذي سار عليه في عدد من كتبه، وهو أن يجعل المسائل في صورة حوار بين اثنين بعبارة: «قلت له»، و«قال».

وموضوع مسائل الباب الأول في فضل المساجد وبنائها وعمارها والقول في عُمّارِها وما جاء في ذلك من آيات وأحاديث نبوية وآثار. وفي فصل ما يجوز في المساجد من أعمال أو لا يجوز وردت سؤالات عديدة منها مسألة رفع الصوت وإنشاد الشعر والتفريق بين موضوعات الشعر وصلتها بحكم ذلك.

وفي الباب كذلك مسائل في بناء المساجد وصيانتها، ومن يلزمه ذلك، وفي الزيادة فيها لبئر أو برّادة أو قربة ماء، والبرّادة هي غرفة صغيرة للجلوس والانتظار اتقاء الشمس والحر، ومسائل في توسعة المساجد وزيادة الصرح (الفناء الخارجي) أو تغيير المسجد مكان الصرح ومسائل في كسح (تنظيف) المسجد ونضحه بالماء، وما يتعلق بحصره ومائه، وأحكام السراج في المسجد والمراوح. وفي الكتاب أيضًا ناقش أبو نبهان مسألة مواد البناء في تشييد المساجد مثل الحجر مع الجص أو الصاروج أو المدر، وجواز أن تجعل للمسجد أعمدة من الرخام وسقف من الألواح على جرد من الخشب الوثيق بدل جذوع النخل إن أُريدَ بذلك قوة البناء. وفي الباب مسائل كثيرة في موضوعات شتى منها أساسات البناء ومقدار الفسح للمسجد وحكم النقوش والزخارف في المحراب وغيرها.

في الباب الثالث جاء المؤلف بمسائل المدارس، ولعل أغلبها كانت مدارس تعليم القرآن، لكن جاءت إحدى المسائل في الوصية لمدرسة في بلدة ثم تبين أن في تلك البلدة أكثر من مدرسة وجاء السؤال: «إن كان يُدَرّسُ فيُعَلّم في كل واحدة من مدارسها نوع من العلم...»، وقد يفيد ذلك أن بعض المدارس كانت لتعليم علوم أخرى. وبعض تلك المسائل في أموال المدارس وأحكامها، وهي تتشابه مع أحكام أموال المساجد من قبيل أحكام الأموال الموقوفة، وفي الباب أيضا مسائل في وكيل المدرسة وما يلزمه وكيف يتصرف في أموالها، وفيه أيضا جواب طويل لأبي نبهان وفيه تفاصيل كثيرة كدأبه في بعض مؤلفاته، ومسائل عن بعض الفقهاء في معلم القرآن وما يجوز له أو لا يجوز فيمن يُعَلِّمه من الصبيان، وفصّلت تلك المسائل في طبيعة العلاقة بين المعلم والتلاميذ، ثم جواب طويل للمؤلف في تعليم القرآن وحكمه، وما يلزم الوالدان وأهل البلد والحاكم في شأن تعليم القرآن ومدارسه، وفي العلاقة بين المعلم والتلميذ وحدود ما يقوم به المعلم.

أما مسائل الباب الرابع فموضوعها التحصينات في قرى وحارات عُمان، إذ جاءت في أوله مسائل في بناء الحصون وهل يلزم بناؤها إذا انهدمت، ومن الذي يلزمه البناء، ودور مؤسسة الحكم في البناء سواء من قِبَل الوالي أو الإمام، ومسائل في سور البلد من الذي يلزمه بناؤه أو صيانته، وكذللك الزيادة فيه، والأخذ بالسنن والأعراف التي جرى عليها أهل البلد من قبل بشأنه. وتتخلل الباب نوازل واقعة سُئِل عنها الفقهاء السابقون مثل الجواب الذي نقله صالح بن وضاح المنحي (ت:875هـ) عن مشايخه في سور حصن منح وما يجب من بنيانه على من؟ وكذلك ثمة تفاصيل في بعض المسائل عن إصلاح أبواب السور إذا تلفت، وحفر الخندق بحذائه، وأحكام البيوت الملاصقة للسور. كما ورد مثال آخر في شأن سور نزوى وحكم شراء الأبواب والأقفال من ماله، والحكم إن كان ماله غير كافٍ لذلك واجتمع جباة البلد للنظر في مداخل أخرى لتوفير المال اللازم لذلك، وكذلك حكم أجرة البوّاب هل تكون من مال السور أم لا.

وللمؤلف في هذا الباب جواب طويل في بناء الحصن أو الحارة المحصنة فيه تفاصيل كثيرة في البناء وطريقته والمواد المستعملة ومصادر التمويل واتفاق أهل البلد على اختلاف مستوياتهم المعيشية، وهل يعذر من ذلك غير القادرين، وفي أحكام أموال السور وغير ذلك. ولعل هذا الباب قد ذهب موضوعه بعيدًا عن عنوان الكتاب، لكن الحقيقة أن التحصينات في العمارة العمانية تحيط بالبلد إحاطة السوار بالمعصم، وهكذا تشتمل الحارة أو المحلة المحصنة على بيوت ومدارس ومساجد محاطة بالسور والأبراج وتتخللها البوابات.

محمد بن عامر العيسري: باحث في التراث العماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المسائل فی مسائل فی فی الباب

إقرأ أيضاً:

د. منجي على بدر يكتب: مصر وإسبانيا أرض التاريخ والحضارة والتعاون البناء

تأتى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى العاصمة الإسبانية مدريد فى إطار تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون والتنسيق بين البلدين، حيث أجرى الرئيس لقاءات مع جلالة ملك إسبانيا، ورئيس الوزراء، وممثلي بعض الشركات الإسبانية الكبرى فى مجالات متعددة.

وخلال الزيارة تم التوقيع على اتفاق ترفيع العلاقات بين مصر وإسبانيا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، إلى جانب توقيع عدد من مذكرات التفاهم فى مجالات التعاون المختلفة، أهمها النقل والبنية التحتية والتجارة والاستثمار والذكاء الاصطناعي والسياحة، كما أنه من المنتظر أن يزور ملك وملكة إسبانيا مصر خلال عام 2025.

إن دلالات توقيت زيارة الرئيس السيسي إلى إسبانيا تعكس توافقات كبيرة حول فلسطين، واعتراف مدريد بدولة فلسطين أضفى زخماً للزيارة، كما أن إعلان قرار الاعتراف من رفح يعكس إدراك إسبانيا بأهمية مصر.

وبالنظر إلى العديد من المعطيات، سواء فيما يتعلق بمستقبل منطقة الشرق الأوسط، أو حتى على النطاق الدولي بصورته الجمعية، ومع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسياساته التي لا تروق فى جزء منها لحلفائه الأوروبيين، وهو الأمر الذى يُضفى المزيد من الاهتمام للزيارة، كما يمنح المزيد من الزخم للعلاقات بين القاهرة ومدريد.

وإذا نظرنا إلى الشرق الأوسط وقضاياه، فلا صوت يعلو فوق صوت مصر فى اللحظة الراهنة، والتي أثبتت بجلاء قدرة مصر على رعاية القضية الفلسطينية، وعندما تصدّت مصر، بالتعاون مع شركائها الإقليميين والدوليين لمخططات التهجير، فإن إسبانيا ستظل إحدى القوى الفاعلة فى هذا الملف، فعلى أرضها استضافت مؤتمر مدريد للسلام، والذى فتح باب التفاوض لتحقيق عملية السلام، وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.

وفى الواقع يُعد اختيار إسبانيا لتكون محلاً لزيارة الرئيس السيسي فى التوقيت الراهن انعكاساً للسياسة المصرية والقائمة فى الأساس على خلق التوافقات الدولية، خاصة القضية الفلسطينية، وفى إطار الشرعية الدولية والتي تتمركز حول إقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، وما يترتب على ذلك من نتائج تبدو ضرورية، وعلى رأسها رفض مخططات التهجير الذى يهدف بالأساس إلى تصفية القضية.

ولعل الموقف الإسباني الإيجابي والحاسم تجاه مسألة التهجير يُعتبر خطوة هامة لضمير الإنسانية وعدالة القضية، وقد تجسَّد أيضاً فى قرار حكومة رئيس الوزراء بالاعتراف بالدولة الفلسطينية فى مايو 2024 مع أن مدريد تُعد إحدى الدول المحسوبة على المعسكر الغربي، وهو ما أضفى الكثير من الزخم على الخطوة التي اتخذتها دول أخرى منها النرويج وسلوفينيا وأيرلندا. 

ويُعد العمل المشترك بين القاهرة ومدريد فى إطار القضية الفلسطينية باباً مهماً لتوسيع دائرة التعاون فى إطار شراكات جديدة، حيث أجادت مصر صناعتها فى السنوات الأخيرة، سواء على مستوى مناطقها الجغرافية أو على نطاق دولي أوسع، ليتجاوز القضية الإقليمية نحو التعاون الثنائي، وعلى غرار شراكات أخرى بين مصر ودول أوروبا، منها الشراكة الثلاثية مع اليونان وقبرص. 

وكذلك العلاقة الوطيدة مع فرنسا وألمانيا، وهو ما يعكس طبيعة التحركات المصرية التي باتت تنأى بنفسها على التحالفات التقليدية نحو نهج يعتمد الشراكات الاستراتيجية، التي من شأنها تنحية الخلافات لتحقيق المصالح المشتركة.

هذا، وتُعَدُّ العلاقات التجارية والاستثمارية بين مصر وإسبانيا محوراً مهماً فى التعاون الثنائي بين البلدين.

ونعرض لأرقام التبادل التجاري بين مصر وإسبانيا:

- بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين مصر وإسبانيا حوالى 3.1 مليار دولار فى عام 2024، مقارنة بـ3.2 مليار دولار فى عام 2023.

- سجّلت الصادرات المصرية إلى إسبانيا 1.5 مليار دولار فى عام 2024، بانخفاض طفيف عن 1.6 مليار دولار فى عام 2023. 

بينما بلغت الواردات المصرية من إسبانيا 1.6 مليار دولار فى عام 2024، مقارنة بـ1.5 مليار دولار فى العام السابق.

بلغت الاستثمارات الإسبانية فى مصر 123 مليون دولار خلال العام المالي 2023/2024، مقارنة بـ161 مليون دولار فى العام المالي 2022/2023.

ومن الجدير بالذكر أن إسبانيا عضو فى الاتحاد الأوروبي منذ عام 1979 وتنطبق عليها بنود اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية التي تم تفعيلها عام 2004. 

وجاءت زيارة الرئيس إلى إسبانيا لدعم وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتحقيق المصالح المشتركة فى مختلف المجالات، خاصة بين دولتين تملكان عناقيد الحضارة والتاريخ وتنتميان إلى ضفتي المتوسط.

مقالات مشابهة

  • حبس المتهم بسرقة المساكن بمدينة نصر
  • سباق الإعمار في ليبيا.. مبهج ولكن!
  • ضبط عاطل بتهمة سرقة المساكن بأسلوب كسر الباب في مدينة نصر
  • سامسونج تضيف ميزة حل المسائل الرياضية إلى تطبيق الملاحظات
  • بعد نتائج كارثة.. مانشستر سيتي يفتح الباب أمام رحيل غوارديولا
  • عاجل: حكم قضائي يقفل الباب أمام أبو الغالي للعودة إلى قيادة "الجرار" بعد خسارته دعوى ضد المنصوري
  • د. منجي على بدر يكتب: مصر وإسبانيا أرض التاريخ والحضارة والتعاون البناء
  • “مؤدبة وجميلة وحلوة” دا انتي عاملة إعلان عروسة .. تامر أمين يوجه رسالة جريئة لـ نيللي كريم
  • «الغرف السياحية»: نحتاج لأكثر من 200 ألف غرفة فندقية
  • تواصل أعمال البناء في ملعب أرامكو ..فيديو