لجريدة عمان:
2024-07-05@22:29:35 GMT

الاجتماع والعمارة في كتاب المساجد

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

الاجتماع والعمارة في كتاب المساجد

يمكن اعتبار العالم أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي (ت:1237هـ) من بين المُكثِرين من التأليف أو ممن تركوا آثارا كثيرة من الأعلام المتأخرين، وقد قدم لها دراسة ببليوجرافية الباحث فهد بن علي السعدي ضمن كتابه (قاموس التراث).

ومن بين كتبه التي لم تستوفِ حقها حتى اليوم من الدراسة والتحقيق كتاب (المساجد)، ولعل عنوانه يحيل إلى الفقه أكثر من أي شيء آخر، لكن الحقيقة أن في الكتاب من المسائل في الشأن الاجتماعي ومن الألفاظ الحضارية ومما يتصل بالعمارة وفنونها الكثير.

والكتاب مقسم إلى أربعة أبواب: الأول في المساجد وأحكامها، والثاني في الوصية للمسجد والإقرار والعطية، أما البابان الثالث والرابع فموضوعهما مختلف، إذ جُعِل الثالث في المدارس وأموالها والقول في المتعلمين فيها، والرابع في المحصنة وبناء سور البلد.

جاءت مادة الكتاب بين مسائل نُقِلت عن الفقهاء السابقين، وأكثرهم ممن كانوا في القرن التاسع حتى الثاني عشر الهجري، وبين مسائل عن المؤلف نفسه تبدأ عادة بعبارة تدل عليه، وهي تتميز بأسلوبه الذي سار عليه في عدد من كتبه، وهو أن يجعل المسائل في صورة حوار بين اثنين بعبارة: «قلت له»، و«قال».

وموضوع مسائل الباب الأول في فضل المساجد وبنائها وعمارها والقول في عُمّارِها وما جاء في ذلك من آيات وأحاديث نبوية وآثار. وفي فصل ما يجوز في المساجد من أعمال أو لا يجوز وردت سؤالات عديدة منها مسألة رفع الصوت وإنشاد الشعر والتفريق بين موضوعات الشعر وصلتها بحكم ذلك.

وفي الباب كذلك مسائل في بناء المساجد وصيانتها، ومن يلزمه ذلك، وفي الزيادة فيها لبئر أو برّادة أو قربة ماء، والبرّادة هي غرفة صغيرة للجلوس والانتظار اتقاء الشمس والحر، ومسائل في توسعة المساجد وزيادة الصرح (الفناء الخارجي) أو تغيير المسجد مكان الصرح ومسائل في كسح (تنظيف) المسجد ونضحه بالماء، وما يتعلق بحصره ومائه، وأحكام السراج في المسجد والمراوح. وفي الكتاب أيضًا ناقش أبو نبهان مسألة مواد البناء في تشييد المساجد مثل الحجر مع الجص أو الصاروج أو المدر، وجواز أن تجعل للمسجد أعمدة من الرخام وسقف من الألواح على جرد من الخشب الوثيق بدل جذوع النخل إن أُريدَ بذلك قوة البناء. وفي الباب مسائل كثيرة في موضوعات شتى منها أساسات البناء ومقدار الفسح للمسجد وحكم النقوش والزخارف في المحراب وغيرها.

في الباب الثالث جاء المؤلف بمسائل المدارس، ولعل أغلبها كانت مدارس تعليم القرآن، لكن جاءت إحدى المسائل في الوصية لمدرسة في بلدة ثم تبين أن في تلك البلدة أكثر من مدرسة وجاء السؤال: «إن كان يُدَرّسُ فيُعَلّم في كل واحدة من مدارسها نوع من العلم...»، وقد يفيد ذلك أن بعض المدارس كانت لتعليم علوم أخرى. وبعض تلك المسائل في أموال المدارس وأحكامها، وهي تتشابه مع أحكام أموال المساجد من قبيل أحكام الأموال الموقوفة، وفي الباب أيضا مسائل في وكيل المدرسة وما يلزمه وكيف يتصرف في أموالها، وفيه أيضا جواب طويل لأبي نبهان وفيه تفاصيل كثيرة كدأبه في بعض مؤلفاته، ومسائل عن بعض الفقهاء في معلم القرآن وما يجوز له أو لا يجوز فيمن يُعَلِّمه من الصبيان، وفصّلت تلك المسائل في طبيعة العلاقة بين المعلم والتلاميذ، ثم جواب طويل للمؤلف في تعليم القرآن وحكمه، وما يلزم الوالدان وأهل البلد والحاكم في شأن تعليم القرآن ومدارسه، وفي العلاقة بين المعلم والتلميذ وحدود ما يقوم به المعلم.

أما مسائل الباب الرابع فموضوعها التحصينات في قرى وحارات عُمان، إذ جاءت في أوله مسائل في بناء الحصون وهل يلزم بناؤها إذا انهدمت، ومن الذي يلزمه البناء، ودور مؤسسة الحكم في البناء سواء من قِبَل الوالي أو الإمام، ومسائل في سور البلد من الذي يلزمه بناؤه أو صيانته، وكذللك الزيادة فيه، والأخذ بالسنن والأعراف التي جرى عليها أهل البلد من قبل بشأنه. وتتخلل الباب نوازل واقعة سُئِل عنها الفقهاء السابقون مثل الجواب الذي نقله صالح بن وضاح المنحي (ت:875هـ) عن مشايخه في سور حصن منح وما يجب من بنيانه على من؟ وكذلك ثمة تفاصيل في بعض المسائل عن إصلاح أبواب السور إذا تلفت، وحفر الخندق بحذائه، وأحكام البيوت الملاصقة للسور. كما ورد مثال آخر في شأن سور نزوى وحكم شراء الأبواب والأقفال من ماله، والحكم إن كان ماله غير كافٍ لذلك واجتمع جباة البلد للنظر في مداخل أخرى لتوفير المال اللازم لذلك، وكذلك حكم أجرة البوّاب هل تكون من مال السور أم لا.

وللمؤلف في هذا الباب جواب طويل في بناء الحصن أو الحارة المحصنة فيه تفاصيل كثيرة في البناء وطريقته والمواد المستعملة ومصادر التمويل واتفاق أهل البلد على اختلاف مستوياتهم المعيشية، وهل يعذر من ذلك غير القادرين، وفي أحكام أموال السور وغير ذلك. ولعل هذا الباب قد ذهب موضوعه بعيدًا عن عنوان الكتاب، لكن الحقيقة أن التحصينات في العمارة العمانية تحيط بالبلد إحاطة السوار بالمعصم، وهكذا تشتمل الحارة أو المحلة المحصنة على بيوت ومدارس ومساجد محاطة بالسور والأبراج وتتخللها البوابات.

محمد بن عامر العيسري: باحث في التراث العماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المسائل فی مسائل فی فی الباب

إقرأ أيضاً:

خطة وزير الأوقاف أسامة الأزهري لتحقيق رؤية وطنية تحت قيادة الرئيس السيسي

أعرب الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، عن شكره وامتنانه للرئيس عبد الفتاح السيسي على ثقته في تعيينه في منصبه الجديد. 

أكد الأزهري في تصريحاته لقناة "إكسترا نيوز" بعد أدائه اليمين الدستورية، أنه سيعمل بجد لتحقيق كل ما يستحقه الوطن تحت قيادة الرئيس السيسي.

توجه الأزهري بالتحية إلى وزير الأوقاف السابق، مشيدًا بجهوده الكبيرة، ومؤكدًا على استمرارية البناء على ما تم تحقيقه. 

وأوضح أن الهدف الرئيسي للوزارة في المرحلة المقبلة هو تحويل المساجد وبيوت الله إلى منابر للخطاب الديني المستنير، وتحقيق مقاصد الشريعة والحفاظ على الوطن.

وأكد الأزهري في كلمته للشعب المصري على عزمه على أن تكون المساجد مصدرًا للعلم والنور، مشيرًا إلى الأولويات وخطة عمل وزارة الأوقاف التي ستعمل في إطارها خلال المرحلة المقبلة. 

وأوضح أن الوزارة تواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في تجديد الخطاب الديني، وهو ما يتطلب تجميع الطاقات والمواهب بين العلماء والخطباء والأئمة.

شدد الأزهري على أهمية وضع أولويات للخطاب الديني، بحيث يسمع الناس في المساجد خطابًا يحمل مفردات ومعاني وقيم تمس حاجتهم.

 وأشار إلى أن مصر تواجه تحديات صعبة على كافة المحاور، ما يتطلب وعيًا كبيرًا من كافة مؤسسات الدولة وإدراكًا عميقًا لحجم المخاطر المحيطة بالوطن.

أكد الأزهري أن الهدف هو أن يدخل كل مصري إلى المسجد ليشعر بالأمل والطاقة الإيجابية، ويمتلئ قلبه بالسكينة والطمأنينة واليقين بالله.

 لذلك، شدد على أهمية حشد الطاقات والجهود واكتشاف المواهب، ووضع برامج عمل لتنشيط وتفعيل دور الأئمة في كافة أنحاء مصر.

أشار الأزهري إلى أن المرحلة القادمة ستشهد تنسيقًا واسعًا بين مؤسسات الدولة، وخاصة بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف ودار الإفتاء ومشيخة الطرق الصوفية، وكذلك التعاون مع الكنيسة الوطنية لتلبية متطلبات الوطن. 

وأكد على ضرورة زيادة الوعي والثقافة لدى الأئمة وخطباء المساجد، من خلال التنسيق مع وزارتي التعليم العالي والتعليم، لصياغة خطاب ديني رشيد يصل إلى وجدان الشباب المتطلع للعلم والنور، والإجابة على أسئلتهم.

مقالات مشابهة

  • أصعب سؤال في امتحان الكيمياء.. 9 نصائح تضمن لك حل المسائل
  • الإعدام لعامل خطف واغتصب طفلة من ذوى الاحتياجات الخاصة بأكتوبر
  • «أوقاف كفر الشيخ» تفتتح مسجدا جديدا في قرية أريمون
  • «أوقاف الدقهلية» تنظم لقاء توعويا للأطفال في مركز دكرنس اليوم
  • أماكن شراء الأبواب المصفحة بأرخص الأسعار.. «خلي بيتك أكثر أمان وحماية»
  • توحيد خطبة الجمعة بالمغرب.. تضييق على الخطباء أم ترشيد لوظيفتهم؟
  • رئيس الوزراء يكشف أسباب دمج وزارتي الهجرة والخارجية
  • الأدب والفن والعمارة الإنسانية فى ضيافة اتحاد كتاب مصر
  • خطة وزير الأوقاف أسامة الأزهري لتحقيق رؤية وطنية تحت قيادة الرئيس السيسي
  • قبلان: من يقاتل من أجل لبنان والسيادة لن يقبل إلا بالشراكة الوطنية