لجريدة عمان:
2025-04-30@13:31:29 GMT

الاجتماع والعمارة في كتاب المساجد

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

الاجتماع والعمارة في كتاب المساجد

يمكن اعتبار العالم أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي (ت:1237هـ) من بين المُكثِرين من التأليف أو ممن تركوا آثارا كثيرة من الأعلام المتأخرين، وقد قدم لها دراسة ببليوجرافية الباحث فهد بن علي السعدي ضمن كتابه (قاموس التراث).

ومن بين كتبه التي لم تستوفِ حقها حتى اليوم من الدراسة والتحقيق كتاب (المساجد)، ولعل عنوانه يحيل إلى الفقه أكثر من أي شيء آخر، لكن الحقيقة أن في الكتاب من المسائل في الشأن الاجتماعي ومن الألفاظ الحضارية ومما يتصل بالعمارة وفنونها الكثير.

والكتاب مقسم إلى أربعة أبواب: الأول في المساجد وأحكامها، والثاني في الوصية للمسجد والإقرار والعطية، أما البابان الثالث والرابع فموضوعهما مختلف، إذ جُعِل الثالث في المدارس وأموالها والقول في المتعلمين فيها، والرابع في المحصنة وبناء سور البلد.

جاءت مادة الكتاب بين مسائل نُقِلت عن الفقهاء السابقين، وأكثرهم ممن كانوا في القرن التاسع حتى الثاني عشر الهجري، وبين مسائل عن المؤلف نفسه تبدأ عادة بعبارة تدل عليه، وهي تتميز بأسلوبه الذي سار عليه في عدد من كتبه، وهو أن يجعل المسائل في صورة حوار بين اثنين بعبارة: «قلت له»، و«قال».

وموضوع مسائل الباب الأول في فضل المساجد وبنائها وعمارها والقول في عُمّارِها وما جاء في ذلك من آيات وأحاديث نبوية وآثار. وفي فصل ما يجوز في المساجد من أعمال أو لا يجوز وردت سؤالات عديدة منها مسألة رفع الصوت وإنشاد الشعر والتفريق بين موضوعات الشعر وصلتها بحكم ذلك.

وفي الباب كذلك مسائل في بناء المساجد وصيانتها، ومن يلزمه ذلك، وفي الزيادة فيها لبئر أو برّادة أو قربة ماء، والبرّادة هي غرفة صغيرة للجلوس والانتظار اتقاء الشمس والحر، ومسائل في توسعة المساجد وزيادة الصرح (الفناء الخارجي) أو تغيير المسجد مكان الصرح ومسائل في كسح (تنظيف) المسجد ونضحه بالماء، وما يتعلق بحصره ومائه، وأحكام السراج في المسجد والمراوح. وفي الكتاب أيضًا ناقش أبو نبهان مسألة مواد البناء في تشييد المساجد مثل الحجر مع الجص أو الصاروج أو المدر، وجواز أن تجعل للمسجد أعمدة من الرخام وسقف من الألواح على جرد من الخشب الوثيق بدل جذوع النخل إن أُريدَ بذلك قوة البناء. وفي الباب مسائل كثيرة في موضوعات شتى منها أساسات البناء ومقدار الفسح للمسجد وحكم النقوش والزخارف في المحراب وغيرها.

في الباب الثالث جاء المؤلف بمسائل المدارس، ولعل أغلبها كانت مدارس تعليم القرآن، لكن جاءت إحدى المسائل في الوصية لمدرسة في بلدة ثم تبين أن في تلك البلدة أكثر من مدرسة وجاء السؤال: «إن كان يُدَرّسُ فيُعَلّم في كل واحدة من مدارسها نوع من العلم...»، وقد يفيد ذلك أن بعض المدارس كانت لتعليم علوم أخرى. وبعض تلك المسائل في أموال المدارس وأحكامها، وهي تتشابه مع أحكام أموال المساجد من قبيل أحكام الأموال الموقوفة، وفي الباب أيضا مسائل في وكيل المدرسة وما يلزمه وكيف يتصرف في أموالها، وفيه أيضا جواب طويل لأبي نبهان وفيه تفاصيل كثيرة كدأبه في بعض مؤلفاته، ومسائل عن بعض الفقهاء في معلم القرآن وما يجوز له أو لا يجوز فيمن يُعَلِّمه من الصبيان، وفصّلت تلك المسائل في طبيعة العلاقة بين المعلم والتلاميذ، ثم جواب طويل للمؤلف في تعليم القرآن وحكمه، وما يلزم الوالدان وأهل البلد والحاكم في شأن تعليم القرآن ومدارسه، وفي العلاقة بين المعلم والتلميذ وحدود ما يقوم به المعلم.

أما مسائل الباب الرابع فموضوعها التحصينات في قرى وحارات عُمان، إذ جاءت في أوله مسائل في بناء الحصون وهل يلزم بناؤها إذا انهدمت، ومن الذي يلزمه البناء، ودور مؤسسة الحكم في البناء سواء من قِبَل الوالي أو الإمام، ومسائل في سور البلد من الذي يلزمه بناؤه أو صيانته، وكذللك الزيادة فيه، والأخذ بالسنن والأعراف التي جرى عليها أهل البلد من قبل بشأنه. وتتخلل الباب نوازل واقعة سُئِل عنها الفقهاء السابقون مثل الجواب الذي نقله صالح بن وضاح المنحي (ت:875هـ) عن مشايخه في سور حصن منح وما يجب من بنيانه على من؟ وكذلك ثمة تفاصيل في بعض المسائل عن إصلاح أبواب السور إذا تلفت، وحفر الخندق بحذائه، وأحكام البيوت الملاصقة للسور. كما ورد مثال آخر في شأن سور نزوى وحكم شراء الأبواب والأقفال من ماله، والحكم إن كان ماله غير كافٍ لذلك واجتمع جباة البلد للنظر في مداخل أخرى لتوفير المال اللازم لذلك، وكذلك حكم أجرة البوّاب هل تكون من مال السور أم لا.

وللمؤلف في هذا الباب جواب طويل في بناء الحصن أو الحارة المحصنة فيه تفاصيل كثيرة في البناء وطريقته والمواد المستعملة ومصادر التمويل واتفاق أهل البلد على اختلاف مستوياتهم المعيشية، وهل يعذر من ذلك غير القادرين، وفي أحكام أموال السور وغير ذلك. ولعل هذا الباب قد ذهب موضوعه بعيدًا عن عنوان الكتاب، لكن الحقيقة أن التحصينات في العمارة العمانية تحيط بالبلد إحاطة السوار بالمعصم، وهكذا تشتمل الحارة أو المحلة المحصنة على بيوت ومدارس ومساجد محاطة بالسور والأبراج وتتخللها البوابات.

محمد بن عامر العيسري: باحث في التراث العماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المسائل فی مسائل فی فی الباب

إقرأ أيضاً:

إطلاق كتاب «الأَلَقُ الشّعريّ - قراءة نقديّة في شعر سلطان بن علي العويس»

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «خليفة التربوية»: «أبوظبي للكتاب» منصة دولية تستقطب مفكري العالم كتاب وتربويون: الشعر الغنائي ينمي خيال وقاموس الطفل اللغوي معرض أبوظبي الدولي للكتاب تابع التغطية كاملة

نظمت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية حفلاً لتوقيع كتاب «الأَلَقُ الشّعريّ - قراءة نقديّة في شعر سلطان بن علي العويس» للدكتور سمر روحي الفيصل، وذلك مساء يوم الأحد 27 أبريل في جناحها بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، بحضور نخبة من الوجوه الثقافية الإماراتية والعربية، في مقدمتهم عبدالحميد أحمد، الأمين العام لمؤسسة العويس الثقافية.
بدايةً، تحدث د. سمر روحي الفيصل عن اطلاعه الواسع على ما سبق نشره من دراسات، عن شعر سلطان وأبدى اهتماماً واضحاً بنوعية القصائد وتحليلها بشكل ممنهج، من خلال المقارنة الدقيقة لقصائد سلطان التي تميل إلى الرشاقة في حجمها وشكلها، وكذلك موضوعاتها التي كان الحب والوجدانيات العفيفة في مقدمتها، معرجاً على اللغة البسيطة التي تقارب لغة الحياة المعاصرة، دون استعراض أو ثرثرة، وهو ما أضفى على الكتاب الرصانة البحثية.
يتوزع الكتاب على مقدّمة تمهيدية تشتمل على النظرة الكلية للكتاب وأربعة فصول، يتضمن الأول مدخلاً إلى شعر العويس، حيث يتناول المؤلف دواوين الشاعر واختلاف نسخها، وتحديد المصطلحات المستعملة في الكتاب، والموقف النقدي من شعره. بينما يتناول الفصل الثاني الاتجاه المضموني في شعره، وتقديم صور المرأة والحياة والطبيعة ودلالاتها. ويشتمل الفصل الثالث على قراءة معمقة في الاتجاه الفني في شعر سلطان العويس، محلّلاً موقف هذا الشعر فنياً من المجاز ودلالات الصورة الشعرية ووظائفها، وأنواع الصور ومصادرها، والأشكال البلاغية المستخدمة، والعروض والمعجم الشعري، أما الفصل الرابع فيستقرئ تحليلياً وبنيوياً استقبال شعر العويس وتلقّيه في الكتب والدراسات والمقالات التي كُتبت عنه، وما ضمّته هذه الكتب والدراسات والمقالات من استقبال عناوين القصائد والصور والأنساق اللغوية، ويختتم الناقد بتذييل يذكر فيه أبرز ما وصل إليه في قراءته النقدية ومقترحاته في نهوض قراءات نقدية أخرى بدراسة شعر العويس. 

مقالات مشابهة

  • برلماني لـRue20: جمعيات حماية المال تقوم بالتشهير و تسيئ إلى المنتخبين (فيديو)
  • أمين عام هيئة كبار العلماء: أنصبة المواريث إلزامية ومن خالفها ضال
  • أستاذ شريعة: الأنصبة الأكبر في الميراث تحصل عليهما المرأة دون الرجل|فيديو
  • الإبادة العرقية.. وجه الغرب الخفي في تدمير الحضارات.. قراءة في كتاب
  • وزير الأوقاف لـ صدى البلد: الإعلان عن مسابقة للأئمة والعمال مرهون بتوفير درجات مالية جديدة
  • كتاب مؤسسة التصوف والصوفية كمؤسسة اجتماعية متأصلة عبر الزمن
  • إطلاق كتاب «الأَلَقُ الشّعريّ - قراءة نقديّة في شعر سلطان بن علي العويس»
  • وزير الأوقاف لـ صدى البلد : قرار إلغاء صناديق التبرعات من المساجد لا رجعة فيه
  • كتاب بغلاف مصنوع من جلد قاتل أُعدم قبل نحو 200 عام.. ما قصته؟
  • "الوثائق والمحفوظات" تصدر كتاب "منظومة المرأة العُمانية"