لجريدة عمان:
2024-10-02@10:12:37 GMT

كان حلما

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

كان حلما

أكتب لك في أول يوم من الشهر، وتمامًا في الساعة الرابعة صباحًا، وفي يوم يشبه اليوم الذي التقينا فيه، ومن المكان ذاته الذي اعتدناه.

أكتب لك مع يقيني أنك لن تقرأ.. وأني لن أصل إليك، ولكني قررت الكتابة قبل أن أفقد الذاكرة، وقبل أن تفعل السنون ما فعلته بي مرارًا وتكرارًا.

ذات يوم حين رن صوت هاتفي، والرقم الذي يعلو الشاشة لا أذكر منه إلا تكرار الرقم ٤ مرتين، ليصطادني من غرقي في العمل، كان المتصل صامتا لثوان معدودة شعرت بها كساعات طويلة، وصوت الأنفاس يعلو، ليبادر بالسلام كغريب لا يعي إن كان الرقم المتصل به صحيحا أم لا.

.

كان الصوت هو ذاته، الذي يدخل دونما قيود ليصل للقلب فيحدث به زلزلة جنونية، لتحديد موعد للقاء، في غضون ساعة، وفي موقع لم أستطع التركيز ما إذا كنت أعرفه أم لا..

جريت كطفلة حان معادها أن تذهب لتلعب في الملاهي، أفتح الدولاب فأبحث عن ثوب أنيق لأرتديه على عجالة، أقف أمام المرآة وأفكر بما أضعه من مكياج، هل أخفي هالاتي السوداء تحت العين لأبدو جميلة، أم أبقيها لأترجم حجم السهر الذي عانيته منذ رحيله!

هل أضع أحمر الشفاه بلون غامق ليطغى على لون بشرتي الباهتة؟ أم أكتفي بوضع لمعة خفيفة لأكون بطبيعتي التي لم يعتد أن يراها؟ وضعت عطري المفضل، ولبست عباءتي السوداء، وحذائي الأسود أيضا، وانطلقت بسيارتي دون هدىً.

كنت في حيرة كبيرة؟ هل أنا في لقاء غرامي؟ أم اجتماع عمل؟ أم لحظة وداع؟

في الطريق وصلتني رسالة مفادها: «أنا في الطريق المؤدي إلى الجبل، أسير على قدميّ، إن استطعتي إيجادي دون «اللوكيشن» سنلتقي، وإلا فليغادر كل منا من حيث أتى». ضحكت في داخلي، كنت أعلم أنه من السهل إيجاده في بقعة صغيرة كتلك، ولكن الصعب كان إيجاده كل تلك السنوات الماضية، وأنا أطمس الذكريات لمحاولة نسيان كل الطرق المؤدية إليه..

ومع هذا لم أجده، ربما لأن قلبي كان يثير الصخب من حولي، فيحرمني من التركيز..

وما إن شعرت باليأس حتى تراءى لي ظله مقتربا مني.

كان يرتدي الثوب الذي أحب لونه، وقفت صامتة لبرهة، أتأمل فيها محاسن وجهه، فلم تكن سواد عينيه هي فتنتي، بل أهدابها الطويلة، لم يكن شعر لحيته، بل حدها الفاصل بين الذقن والرقبة، لم يكن كتفاه، بل ذراعاه، ولم أخرج من حيز التأمل إلا حين استنشقت عطره، ليقلب كياني، ويستفز أنفاسي للتسارع ..

ناديته بأحرف اسمه الرباعية.. لأكسر الصمت الطويل الذي كان بيننا، أو هكذا يخيل لمن يرانا.. إنه صمت اللسان فقط، أما القلوب فهي تتحدث وتضحك وتحلق عاليا. كان لقاءً غلبه الصمت، وكثر فيه التأمل، وحضر فيه حديث العينان، كان يشبه الوقت الذي نقضيه في معارض الفنون، نقف أمام اللوحات لوقت طويل، نقرأها دون أن نتحدث، ونتأملها دون أن نفصح، نعبر عن إعجابنا بجمالها، ونحن على يقين أن الفنان اكتفى أن تكون للعرض لا للبيع، فلا حق لنا بامتلاكها، ولن نجدها معلقة مجددا في معرض آخر، لذا نفرغ كل طاقة النظر في تلك اللحظة، نرفض أن نغمض العينان، ونتمنى أننا لو كنا قادرين على نقل نسخة من الصورة وطباعتها في أعيننا..

لا أعلم متى وصلنا بخطواتنا لشاطئ البحر، بدأنا في السير بأقدام حافية على الرمال، وبت مؤمنة أنها قادرة على خلق كيمياء جسدية بين البشر، وأن صوت الأمواج يستطيع تهييج الصوت الداخلي لنقول ما حفظناه سرا، ويفضح ما نخفيه كتمانا..

كانت الخطوات بطيئة، وكأن تلك الرمال تسحبنا للغرق فيها، وهي المثقلة بملح البحر..

بدأت الذكريات تعود، لتعود معها قصص كثيرة، لم أظن أنني ما أزال أحفظها، ولم يقطع ذاك الحديث إلا رسمه على رمال البحر المبتلة، كما كنا صغارا نفعل «الحرف الأول من اسمي والحرف الأول من اسمه وفي وسطهما شكل قلب يخترقه سهم في المنتصف.. لتعلو ضحكاتنا حين همت موجة لتمحو ما رسم على صفحة الرمل من «شخبطة» مراهقين من «جيل الطيبين».

كانت أطول مسافة سرتها دون أن أشعر بالتعب، وددت لو أن الطريق امتد أكثر، وأن الوقت لم يمض، ولكن كانت عقارب الساعة تقترب من الثانية عشرة ليلا، حيث موعد انتهاء السحر، وعودة الحياة للواقع، ولكن يبدو أن عقارب الساعة كانت أسرع مما هو معتاد، التفت يمينا فإذا بالبحر يختفي، لا أكاد أفهم ما يحدث، حتى تلاشت صورته فجأة، وأُنتزع أنا من عمق المشهد، فأستيقظ من نومي لأستوعب أنه كان ذات يوم حلما.

شذى البلوشية من أسرة تحرير «عمان»

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

هكذا كانت الزيارة التفقدية للسوق النموذجي سوق الربيع بمراكش.

قام رئيس مقاطعة سيدي يوسف بن علي بزيارة ميدانية للوقوف على سير أشغال تهيئة المركب التجاري سوق الربيع، رفقة ممثلي الشركة المكلفة بالأشغال الخاصة بالواجهة وجنبات السوق لمناقشة بعض الحلول التي من شأنها تمكين المرتفقين من ولولج السوق وركن السيارات بشكل سلس و دون التسبب في عرقلة السير .
كما تم الوقوف على مدى تقدم الأشغال و أن هذه الأشغال في مراحلها الأخيرة . وجدير بالذكر أن هذا المركب تم إنجازه بمعايير و مواصفات الأسواق الكبرى من حيث المداخل و الممرات بالسوق وكذلك الواجهة النهائية التي سيتم اعتمادها والبوابات المتعددة .

المركب التجاري سوق الربيع سيخلف ارتياحا كبيرا لدى التجار والمواطنين نظرا لمجهودات السيد الوالي و المجلس الجماعي برئاسة السيدة فاطمة الزهراء المنصوري؛ والتواصل الدائم والفعال لمجلس مقاطعة سيدي يوسف بن علي_.والسلطة_ المحليةو الامن الوطني بسيدي يوسف بن علي مراكش
تأتي هذه الخطوة تماشيا وسياسة المجلس الجماعي لمراكش الرامية إلى تنظيم الحركة التجارية بأسواق نموذجية بمعايير تستجيب للتطور العمراني الذي تعرفه مدينة مراكش وخصوصا مقاطعة سيدي يوسف ين علي .
و يندرج هذا المشروع ضمن سلسلة المشاريع التنموية التي تشهدها مدينة مراكش في مختلف المجالات، والهادفة إلى تعزيز البنيات التحتية التجارية وإنعاش الحركة الاقتصادية للمدينة والرفع من جودة الخدمات المقدمة للساكنة وتجميع الباعة في فضاء رحب، نظيف وآمن يحفظ كرامتهم وسلامة المستهلك.

كما يتوخى هذا المشروع تنظيم و توفير كافة المنتوجات التي يحتاجها المواطن داخل فضاء منظم يستجيب للشروط والمعايير التجارية المطلوبة، وتمكين الباعة من ممارسة أنشطتهم والقضاء على العشوائية التي تنعكس سلبا على الصحة والبيئة والمنظر العام للمدينة.

مقالات مشابهة

  • مسؤول أمريكي: 3 دول كانت تعلم بالهجوم الإيراني على إسرائيل
  • هكذا كانت الزيارة التفقدية للسوق النموذجي سوق الربيع بمراكش.
  • حذر من المؤامرات الصهيونية.. خالد الجندي: المثلية كانت موجودة في العصر العباسي
  • قائد الجو بالحرس الثوري: حرب شاملة كانت ستعيد إيران 20 عاماً للوراء (فيديو)
  • اللواء العرادة في كلمة قوية للقوات المسلحة اليمنية: الحروب لم تعد كما كانت
  • كيف كانت أشهر نصر الله الأخيرة؟
  • جيش الاحتلال: اعترضنا مسيرة كانت في طريقها لاستهداف حقل «كاريش» للغاز
  • "فايننشال تايمز": إسرائيل كانت تعتزم مهاجمة نصر الله في أكتوبر 2023
  • بعد التأهل لنهائيات كأس آسيا.. عماد محمد: مباراة اليوم كانت الأفضل لشبابنا العراقي
  • كانت سليمة.. مصدر أمني لبناني لـCNN: انتشال جثة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله