لجريدة عمان:
2024-11-24@04:33:55 GMT

كان حلما

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

كان حلما

أكتب لك في أول يوم من الشهر، وتمامًا في الساعة الرابعة صباحًا، وفي يوم يشبه اليوم الذي التقينا فيه، ومن المكان ذاته الذي اعتدناه.

أكتب لك مع يقيني أنك لن تقرأ.. وأني لن أصل إليك، ولكني قررت الكتابة قبل أن أفقد الذاكرة، وقبل أن تفعل السنون ما فعلته بي مرارًا وتكرارًا.

ذات يوم حين رن صوت هاتفي، والرقم الذي يعلو الشاشة لا أذكر منه إلا تكرار الرقم ٤ مرتين، ليصطادني من غرقي في العمل، كان المتصل صامتا لثوان معدودة شعرت بها كساعات طويلة، وصوت الأنفاس يعلو، ليبادر بالسلام كغريب لا يعي إن كان الرقم المتصل به صحيحا أم لا.

.

كان الصوت هو ذاته، الذي يدخل دونما قيود ليصل للقلب فيحدث به زلزلة جنونية، لتحديد موعد للقاء، في غضون ساعة، وفي موقع لم أستطع التركيز ما إذا كنت أعرفه أم لا..

جريت كطفلة حان معادها أن تذهب لتلعب في الملاهي، أفتح الدولاب فأبحث عن ثوب أنيق لأرتديه على عجالة، أقف أمام المرآة وأفكر بما أضعه من مكياج، هل أخفي هالاتي السوداء تحت العين لأبدو جميلة، أم أبقيها لأترجم حجم السهر الذي عانيته منذ رحيله!

هل أضع أحمر الشفاه بلون غامق ليطغى على لون بشرتي الباهتة؟ أم أكتفي بوضع لمعة خفيفة لأكون بطبيعتي التي لم يعتد أن يراها؟ وضعت عطري المفضل، ولبست عباءتي السوداء، وحذائي الأسود أيضا، وانطلقت بسيارتي دون هدىً.

كنت في حيرة كبيرة؟ هل أنا في لقاء غرامي؟ أم اجتماع عمل؟ أم لحظة وداع؟

في الطريق وصلتني رسالة مفادها: «أنا في الطريق المؤدي إلى الجبل، أسير على قدميّ، إن استطعتي إيجادي دون «اللوكيشن» سنلتقي، وإلا فليغادر كل منا من حيث أتى». ضحكت في داخلي، كنت أعلم أنه من السهل إيجاده في بقعة صغيرة كتلك، ولكن الصعب كان إيجاده كل تلك السنوات الماضية، وأنا أطمس الذكريات لمحاولة نسيان كل الطرق المؤدية إليه..

ومع هذا لم أجده، ربما لأن قلبي كان يثير الصخب من حولي، فيحرمني من التركيز..

وما إن شعرت باليأس حتى تراءى لي ظله مقتربا مني.

كان يرتدي الثوب الذي أحب لونه، وقفت صامتة لبرهة، أتأمل فيها محاسن وجهه، فلم تكن سواد عينيه هي فتنتي، بل أهدابها الطويلة، لم يكن شعر لحيته، بل حدها الفاصل بين الذقن والرقبة، لم يكن كتفاه، بل ذراعاه، ولم أخرج من حيز التأمل إلا حين استنشقت عطره، ليقلب كياني، ويستفز أنفاسي للتسارع ..

ناديته بأحرف اسمه الرباعية.. لأكسر الصمت الطويل الذي كان بيننا، أو هكذا يخيل لمن يرانا.. إنه صمت اللسان فقط، أما القلوب فهي تتحدث وتضحك وتحلق عاليا. كان لقاءً غلبه الصمت، وكثر فيه التأمل، وحضر فيه حديث العينان، كان يشبه الوقت الذي نقضيه في معارض الفنون، نقف أمام اللوحات لوقت طويل، نقرأها دون أن نتحدث، ونتأملها دون أن نفصح، نعبر عن إعجابنا بجمالها، ونحن على يقين أن الفنان اكتفى أن تكون للعرض لا للبيع، فلا حق لنا بامتلاكها، ولن نجدها معلقة مجددا في معرض آخر، لذا نفرغ كل طاقة النظر في تلك اللحظة، نرفض أن نغمض العينان، ونتمنى أننا لو كنا قادرين على نقل نسخة من الصورة وطباعتها في أعيننا..

لا أعلم متى وصلنا بخطواتنا لشاطئ البحر، بدأنا في السير بأقدام حافية على الرمال، وبت مؤمنة أنها قادرة على خلق كيمياء جسدية بين البشر، وأن صوت الأمواج يستطيع تهييج الصوت الداخلي لنقول ما حفظناه سرا، ويفضح ما نخفيه كتمانا..

كانت الخطوات بطيئة، وكأن تلك الرمال تسحبنا للغرق فيها، وهي المثقلة بملح البحر..

بدأت الذكريات تعود، لتعود معها قصص كثيرة، لم أظن أنني ما أزال أحفظها، ولم يقطع ذاك الحديث إلا رسمه على رمال البحر المبتلة، كما كنا صغارا نفعل «الحرف الأول من اسمي والحرف الأول من اسمه وفي وسطهما شكل قلب يخترقه سهم في المنتصف.. لتعلو ضحكاتنا حين همت موجة لتمحو ما رسم على صفحة الرمل من «شخبطة» مراهقين من «جيل الطيبين».

كانت أطول مسافة سرتها دون أن أشعر بالتعب، وددت لو أن الطريق امتد أكثر، وأن الوقت لم يمض، ولكن كانت عقارب الساعة تقترب من الثانية عشرة ليلا، حيث موعد انتهاء السحر، وعودة الحياة للواقع، ولكن يبدو أن عقارب الساعة كانت أسرع مما هو معتاد، التفت يمينا فإذا بالبحر يختفي، لا أكاد أفهم ما يحدث، حتى تلاشت صورته فجأة، وأُنتزع أنا من عمق المشهد، فأستيقظ من نومي لأستوعب أنه كان ذات يوم حلما.

شذى البلوشية من أسرة تحرير «عمان»

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أحمد حافظ عن مسلسله «moon night»: كل الأشياء في التجربة كانت مخيفة

تحدث المونتير أحمد حافظ عن كواليس تعاونه مع المخرج محمد دياب خلال مسلسل «moon night»، مشيرا، إلى أنه اكتسب منه الكثير من خبرات التي تساعده على التطوير من مهاراته.

وقال حافظ خلال ندوة له على هامش مهرجان القاهرة السينمائي 2024: «شاركت في مونتاج moon night، وكنت أتعاون في الفيلم مع اثنين مونتير ماهرين للغاية، سافرت دون أن يكون لدي الجرأة في العمل مع أمريكان، وكنت أفكر هل حين أعود سيتذكرني أي شخص أم لا؟».

وتابع: «كل الأشياء في التجربة كانت مخيفة، ولكن تعلمت في النهاية أنه لن يغرق أي شخص طالما يعمل، وأعطتني التجربة إحساسا بأنه كلما ابتعدت عن منطقة الأمان كلما اكتسبت مزيدًا من الخبرات، وانتظرت سنتين هناك بعمل حلقتين».

وأضاف: «المساعد الأمريكي هناك قال أنت أسبوع وراجع، ومحمد دياب كان بيتخانق عشان شكل مصر يكون زي ما إحنا عارفينه».

أما عن كواليس العمل مع المخرج محمد دياب أوضح أحمد حافظ أنه صعب جدا ويركز في أدق التفاصيل معقب: «محمد دياب مخرج صعب جدًا، ووقت فيلم اشتباك كان فيه تحضيرات صعبة خصوصًا أن خلفيته كتابية.. لذلك كان يركز مع كل شيء، وتعلمت من دياب كثيرًا أثناء الشغل وما بعد الشغل حين سافرنا للخارج، وقدمنا أيضًا فيلم أميرة الفلسطيني».

حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي

وكان انطلق حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 45 يوم الأربعاء الماضي داخل دار الأوبرا، ومن المقرر أن تمتد فعاليات المهرجان حتى يوم 22 نوفمبر الجاري.

وشهد حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي حضور عدد من نجوم الوسط الفني أبرزهم: حسين فهمي رئيس المهرجان وزوجته، الفنان طه دسوقي، إلهام شاهين وآخرين من الفنانين.

اقرأ أيضاًبعد ظهورها مع والدتها.. ابنة أحمد السقا تتصدر التريند لهذا السبب

سميرة سعيد تروج لأغانيها القديمة من خلال الذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • تركيا تدين استهداف اليمن سفينة شحن تركية كانت في طريقها للكيان الصهوني .. كاريكاتير
  • كانت مسيحية وعلمت ابنتها الإسلام.. من هي والدة مي عز الدين؟
  • زيباري: تهديدات إسرائيل للعراق كانت متوقعة
  • أجواء كانت مشحونة بالحيوية.. صعود وهبوط السينما في المغرب
  • لغز النزال الكبير.. هل كانت مواجهة مايك تايسون وجاك بول تمثيلية؟ (فيديو)
  • الرئيس السيسي: القوات المسلحة كانت دائما ركيزة الاستقرار في مصر
  • أحمد حافظ عن مسلسله «moon night»: كل الأشياء في التجربة كانت مخيفة
  • درة: هذه كانت اللحظة الأصعب في فيلم "وين صرنا"
  • أحمد حافظ: أول عمل قدمته كان «45 يوم».. وجهة الإنتاج كانت متخوفة
  • أول رد تركي على استهداف الحوثيين سفينة تركية كانت في طريقها إلى باكستان