لجريدة عمان:
2025-03-06@13:32:38 GMT

كان حلما

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

كان حلما

أكتب لك في أول يوم من الشهر، وتمامًا في الساعة الرابعة صباحًا، وفي يوم يشبه اليوم الذي التقينا فيه، ومن المكان ذاته الذي اعتدناه.

أكتب لك مع يقيني أنك لن تقرأ.. وأني لن أصل إليك، ولكني قررت الكتابة قبل أن أفقد الذاكرة، وقبل أن تفعل السنون ما فعلته بي مرارًا وتكرارًا.

ذات يوم حين رن صوت هاتفي، والرقم الذي يعلو الشاشة لا أذكر منه إلا تكرار الرقم ٤ مرتين، ليصطادني من غرقي في العمل، كان المتصل صامتا لثوان معدودة شعرت بها كساعات طويلة، وصوت الأنفاس يعلو، ليبادر بالسلام كغريب لا يعي إن كان الرقم المتصل به صحيحا أم لا.

.

كان الصوت هو ذاته، الذي يدخل دونما قيود ليصل للقلب فيحدث به زلزلة جنونية، لتحديد موعد للقاء، في غضون ساعة، وفي موقع لم أستطع التركيز ما إذا كنت أعرفه أم لا..

جريت كطفلة حان معادها أن تذهب لتلعب في الملاهي، أفتح الدولاب فأبحث عن ثوب أنيق لأرتديه على عجالة، أقف أمام المرآة وأفكر بما أضعه من مكياج، هل أخفي هالاتي السوداء تحت العين لأبدو جميلة، أم أبقيها لأترجم حجم السهر الذي عانيته منذ رحيله!

هل أضع أحمر الشفاه بلون غامق ليطغى على لون بشرتي الباهتة؟ أم أكتفي بوضع لمعة خفيفة لأكون بطبيعتي التي لم يعتد أن يراها؟ وضعت عطري المفضل، ولبست عباءتي السوداء، وحذائي الأسود أيضا، وانطلقت بسيارتي دون هدىً.

كنت في حيرة كبيرة؟ هل أنا في لقاء غرامي؟ أم اجتماع عمل؟ أم لحظة وداع؟

في الطريق وصلتني رسالة مفادها: «أنا في الطريق المؤدي إلى الجبل، أسير على قدميّ، إن استطعتي إيجادي دون «اللوكيشن» سنلتقي، وإلا فليغادر كل منا من حيث أتى». ضحكت في داخلي، كنت أعلم أنه من السهل إيجاده في بقعة صغيرة كتلك، ولكن الصعب كان إيجاده كل تلك السنوات الماضية، وأنا أطمس الذكريات لمحاولة نسيان كل الطرق المؤدية إليه..

ومع هذا لم أجده، ربما لأن قلبي كان يثير الصخب من حولي، فيحرمني من التركيز..

وما إن شعرت باليأس حتى تراءى لي ظله مقتربا مني.

كان يرتدي الثوب الذي أحب لونه، وقفت صامتة لبرهة، أتأمل فيها محاسن وجهه، فلم تكن سواد عينيه هي فتنتي، بل أهدابها الطويلة، لم يكن شعر لحيته، بل حدها الفاصل بين الذقن والرقبة، لم يكن كتفاه، بل ذراعاه، ولم أخرج من حيز التأمل إلا حين استنشقت عطره، ليقلب كياني، ويستفز أنفاسي للتسارع ..

ناديته بأحرف اسمه الرباعية.. لأكسر الصمت الطويل الذي كان بيننا، أو هكذا يخيل لمن يرانا.. إنه صمت اللسان فقط، أما القلوب فهي تتحدث وتضحك وتحلق عاليا. كان لقاءً غلبه الصمت، وكثر فيه التأمل، وحضر فيه حديث العينان، كان يشبه الوقت الذي نقضيه في معارض الفنون، نقف أمام اللوحات لوقت طويل، نقرأها دون أن نتحدث، ونتأملها دون أن نفصح، نعبر عن إعجابنا بجمالها، ونحن على يقين أن الفنان اكتفى أن تكون للعرض لا للبيع، فلا حق لنا بامتلاكها، ولن نجدها معلقة مجددا في معرض آخر، لذا نفرغ كل طاقة النظر في تلك اللحظة، نرفض أن نغمض العينان، ونتمنى أننا لو كنا قادرين على نقل نسخة من الصورة وطباعتها في أعيننا..

لا أعلم متى وصلنا بخطواتنا لشاطئ البحر، بدأنا في السير بأقدام حافية على الرمال، وبت مؤمنة أنها قادرة على خلق كيمياء جسدية بين البشر، وأن صوت الأمواج يستطيع تهييج الصوت الداخلي لنقول ما حفظناه سرا، ويفضح ما نخفيه كتمانا..

كانت الخطوات بطيئة، وكأن تلك الرمال تسحبنا للغرق فيها، وهي المثقلة بملح البحر..

بدأت الذكريات تعود، لتعود معها قصص كثيرة، لم أظن أنني ما أزال أحفظها، ولم يقطع ذاك الحديث إلا رسمه على رمال البحر المبتلة، كما كنا صغارا نفعل «الحرف الأول من اسمي والحرف الأول من اسمه وفي وسطهما شكل قلب يخترقه سهم في المنتصف.. لتعلو ضحكاتنا حين همت موجة لتمحو ما رسم على صفحة الرمل من «شخبطة» مراهقين من «جيل الطيبين».

كانت أطول مسافة سرتها دون أن أشعر بالتعب، وددت لو أن الطريق امتد أكثر، وأن الوقت لم يمض، ولكن كانت عقارب الساعة تقترب من الثانية عشرة ليلا، حيث موعد انتهاء السحر، وعودة الحياة للواقع، ولكن يبدو أن عقارب الساعة كانت أسرع مما هو معتاد، التفت يمينا فإذا بالبحر يختفي، لا أكاد أفهم ما يحدث، حتى تلاشت صورته فجأة، وأُنتزع أنا من عمق المشهد، فأستيقظ من نومي لأستوعب أنه كان ذات يوم حلما.

شذى البلوشية من أسرة تحرير «عمان»

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

وصمة عار في تاريخ الإنسانية.. السيسي: حرب غزة كانت لتفريغ القطاع من سكانه

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته أمام القمة العربية الطارئة في القاهرة، إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قد خلف "وصمة عار في تاريخ الإنسانية".

وأشار السيسي إلى أن هذا الهجوم يستهدف تدمير الحياة في غزة وتهجير سكانها بالقوة، ولفت إلى أن الحرب التي تشنها إسرائيل لم تقتصر على استهداف المدنيين الأبرياء فقط، بل كانت تهدف إلى تدمير البنية التحتية للقطاع بشكل كامل، بما في ذلك المرافق الحيوية مثل المدارس والمستشفيات، بما يعكس السعي لفرض واقع جديد على الأرض يتسم بالقسوة والظلم.

وأكد الرئيس المصري أن "حرب غزة سعت بقوة السلاح إلى تفريغ القطاع من سكانه"، لافتاً إلى أن هذا العدوان يهدف إلى تقويض الهوية الفلسطينية وتغيير الواقع السكاني للقطاع.

وشدد السيسي على أن مصر تقف بكل قوة ضد محاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مؤكداً دعم مصر الكامل لبقاء أهل غزة في أرضهم "بكل كرامة"، وأن مصر لن تتوانى عن الدفاع عن حقوق الفلسطينيين في هذه الأوقات الصعبة.

كما أكد السيسي أن القمة العربية الطارئة تأتي في "خضم أزمة إقليمية بالغة التعقيد"، حيث تواجه المنطقة تحديات جسيمة تهدد الأمن والاستقرار في العديد من الدول العربية.

وأضاف أن هذه التحديات لا تقتصر على العدوان الإسرائيلي على غزة، بل تشمل تهديدات أكبر قد تؤثر على استقرار المنطقة بأسرها، داعياً الدول العربية إلى تعزيز التضامن، والعمل المشترك لمواجهة هذه المخاطر.

وأشار الرئيس المصري إلى أن الوضع في غزة يفرض تحديات خطيرة على الأمن القومي العربي، وأن هذا العدوان يعصف بالأمن والاستقرار في المنطقة.

وأكد السيسي أن مصر ستظل دائماً داعمة للقضية الفلسطينية، ولن تتراجع عن موقفها الثابت في التصدي للتهديدات التي تواجهها المنطقة، موضحاً أن مصر تقف مع الحق الفلسطيني مهما كانت الظروف.

???????? أكد الرئيس المصري عبد الفتاح #السيسي في كلمته مفتتحاً القمة العربية الطارئة حول غزة في القاهرة أنّ خطة حكومته لإعادة إعمار #غزة بعد الحرب ستضمن بقاء السكان الفلسطينيين في القطاع.#فرانس_برس pic.twitter.com/eAYPbscIyo

— فرانس برس بالعربية (@AFPar) March 4, 2025

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر تدعو إلى اعتماد خطتها لإعادة إعمار غزة وحشد الدعم الدولي لها. وأوضح أن الخطة المصرية تتضمن تشكيل لجنة إدارية توكل إليها إدارة قطاع غزة، ودعا المجتمع الدولي للمشاركة بفاعلية في مؤتمر إعادة إعمار غزة الشهر القادم.

وأضاف الرئيس السيسي من جهة أخرى، أن مصر عملت مع فلسطين لبلورة خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها.

مقالات مشابهة

  • أداة بسيطة تكشف إذا كانت وظيفتك تُسبب لك الشيخوخة المبكرة
  • كانت تخطط لعملية احتيال كبرى .. الأمن يفكك عصابة إلكترونية في الأنبار
  • إتلاف 71 طناً من الليمون التركي كانت مقررة للتصدير إلى دبي
  • كانت لافكاره مواقف ثورية .. كيف رأى لابلاس الكون بلا تدخل إلهي؟
  • سالي عبد السلام عن إجهاضها توأم: "الضربة كانت قوية.. ومش هعاند القدر"
  • شرق النيل كانت بمثابة أرض ميعاد الدعم السريع
  • وصمة عار في تاريخ الإنسانية.. السيسي: حرب غزة كانت لتفريغ القطاع من سكانه
  • كانت في حالة سكر وشغب.. نيابة دبي ترد على ادعاءات الخليجية "ر.ح"
  • لوموند: كيف أثر السيسي على الدور الذي كانت تلعبه مصر في القضية الفلسطينية؟
  • الدور المصري الذي لا غنى عنه