بوابة الوفد:
2025-04-26@21:15:30 GMT

نموذج الشيخ على جمعة

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

لا تُفارق الذكرى رأسى أبدا. كُنت فى السابعة، أو الثامنة من عمرى، وذهبت لأصلى فى المسجد. دخلت إلى الميضأة، وهممت بعفوية بطرطشة الماء على وجهى، ثم شمّرت ذراعى، لكن صوتا أجش صاح بى من الخلف» بس يا ولد. امشى من هنا»، ورأيت خادم المسجد يُحمّر عينيه، ثم طردنى، وهو يقول «اتعلم الأول تتوضأ، بعدين ابقى تعال صلي».

عُدت حزينا، وحكيت لوالدى رحمه الله، فأخذنى من يدى وذهبنا إلى المسجد، ونهر الرجل بأدب، وأفهمه أن أحدا لا يحق له طرد شخص من بيت الله، وأن الدين لين، وسماحة، ووجه بشوش، وأنه كان يُمكن أن يُطبطب على، ويُعلمنى الوضوء بدون زعيق.
من يومها وأنا أنفّر من كل واعظ يرفع صوته، ويُرهب الناس من عذاب الله، ولا يرى فى الدين سوى جهنم، وغضب الله، وانتقامه ممن عصاه.
وكنت كلما رأيت أو قرأت أو تابعت عالم دين، أفتش فيه عن السماحة، فإن لم أرها، كُنت أعتبره رجل تدين لا رجل دين.
ذلك لأن رجل الدين الحقيقى، لين، طيب، وغير متكلف، ويترك ما بينه وبين الله، بينه وبين الله، فيكاد يُخفى عبادته، وصلاحه، ولا يتتبع خطايا الناس، ويحمل كافة الأمور على حُسن الظن.
من هنا، فإن نماذج الدعاة السلفيين من أمثال الحوينى، ويعقوب، وحسان، ومن بعدهم عبدالله رشدى لم تثر فى نفسى أى قبول. ورأيت وقد أكون مُخطئا أنهم لا ينفعون الدين بل قد يضرونه لأنهم يُنفّرون الناس بخطابهم الزاعق المناقض للعقل المُخوف بالعذاب، والذى يدعى امتلاك الحق. وفى كل خطبة أو درس أو تسجيل لأى من هؤلاء كان عقلى الباطن يستدعى على الفور صوت وصورة خادم المسجد الذى نهرنى وطردنى من بيت الله وأنا طفل لأنى لا أحسن الوضوء.
أكتب ذلك وأنا أتابع برنامج «نور الدين» لفضيلة العالم المجتهد على جمعه، والذى تعرض لهجوم حاد، ولغط وتقولات وسوء ظن من جانب أوصياء على الدين يحملون كل أمر على سوء الظن. كانت سماحة العالم الجليل وعقلانيته حرقا لبضاعة تُجار الدين التقليديين الذين أرهبونا وخدعونا بدعوى امتلاكهم طريق الصلاح ومعرفة الرشاد. وربما أوجعتهم إجابات الرجل المنطقية لتساؤلات تبدو أساسية من نوعية «لماذا نحن مسلمون؟» و»هل الجنة قاصرة على المسلمين؟» وهل الحب حرام»، و»هل الاختلاط ممنوع شرعا؟».
لقد أعاد الرجل بابتسامته الرائقة، ووجهه البشوش، وردوده الهادئة العقلانية تأكيد الفكرة الأساسية التى عشت فى كنفها بأن الدين رحمة، ومعاملة حسنة، ونفع للناس، وتعايش، وحوار، وإنصاف، لا قسوة، وتخويف، وبطش، وعقاب.
الدين جسر بين حوضى ورد، مصعد نحو الرضا وحب الناس، وكف تُطبطب، وأصابع تمسح الدمع، ودرج صاعد إلى التحضر.
نموذج الدكتور على جمعة، هو نموذج رائع لعالم دين لا ينحضر علمه فى التفسير والحديث والفقه فقط، وإنما هو مُطلع ومُلم بكافة صنوف المعرفة من فلسفة وتاريخ وسياسة وعلوم تجريبية. وهو يعى بأزمة التطور الحضارى، ومفارقة كثير من الخطابات الدينية التقليدية لمفسرين وفقهاء قدامى لظروف العصر. وهو يُفعّل العقل والبحث والسببية فى توصيل المعانى، وتبصير النفوس، مفضلا البساطة والسماحة دون تكلف. وهو يبارز خطاب مختطفى الدين من الإخوان وجماعات الإسلام السياسى بُحجة وعمق، قاطعا الطريق على أولئك الذين يتاجرون بالإسلام لتحقيق مآرب أخرى.
ولأنه لا تربطنى بالرجل أى علاقة، لكنه رجل يستحق التحية والتقدير على علمه ووعيه وتحضره، فقد كتبت هذا المقال.
والله أعلم
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد المسجد السماحة

إقرأ أيضاً:

بعد فتواه عن الميراث.. سعد الدين الهلالي يدعو لتغيير اسم علم الشريعة

طالب الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بأن يتم تغيير اسم "علم الكلام" واستبداله باسم "علم العقيدة"، مشيرا إلى أن اسم علم العقيدة يدل على القدسية ويوحي بأنه مبني على نظيرات فلسفية.

كما طالب الدكتور سعد الدين الهلالي، في منشور له على صفحته الخاصة عبر فيسبوك، بأن يتم تغيير اسم علم الشريعة إلى اسم علم الفقه موضحا أن الفقه كلام الله أما الشريعة فهي كلام البشر.

ودعا الهلالي إلى تغيير اسم "الفتوى" واستبداله باسم "الرأي"، مفسرًا رأيه بأن الفتوى لها قدسية أما الرأي فهي تنتسب إلى البشر.

بعد فتوى «الهلالي».. هل الحجاب قاصر على الصلاة فقط؟ دار الإفتاء تحسم الجدلوصلنا لمرحلة خطر.. تعليق ناري من شوبير على تصريحات سعد الهلالي بشأن الميراثأول رد من سعد الدين الهلالي على تبرؤ الأزهر منه ومن فتاويهعميد أصول الدين الأسبق للهلالي:ما هكذا يا سعد تورَدُ الإبِلُ

أثار الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، جدلاً فقهياً بفتواه التي رأى فيها أنه لا يوجد نص قرآني يمنع المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث.

وقال سعد الدين الهلالي، خلال حوار متلفز، إن وظيفته هي البيان والتوضيح، مُستشهدًا بقول الله تعالى: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»، موضحًا أن الآية القرآنية التي تأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتبين للناس ما نزل إليهم.

الهلالي: المطالبة بالمساواة في الميراث ليست ممنوعة

واعتبر سعد الدين الهلالي، أن القرار في نهاية المطاف هو قرار شعبي وليس قراره أو قرار أي فرد آخر، مشيرًا إلى أن المطالبة بالمساواة في الميراث ليست ممنوعة بنص صريح في القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية الشريفة، خاصة بين المتساوين في درجة القرابة كالأخ والأخت.

وتابع: إن هذه المساواة قد تحققت بالفعل في تركيا منذ عام 1937، كما أنها موجودة جزئيًا في مصر في توريث المعاش بموجب القانون 148 لسنة 2019، حيث يتم توريثه للذكور والإناث على حد سواء، مشيرًا إلى الممارسات الواقعية في بعض الأسر المتراحمة التي تتقاسم التركة بالتساوي بالتراضي.

وفي تفسيره للآية القرآنية «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ»، طرح الدكتور سعد الدين الهلالي، معنيين مُحتملين: الأول هو وصية الله بتمييز الذكر، والثاني هو وصية الله بعدم حرمان الأنثى من نصيبها ولو كان سهمًا واحدًا من سهمين.

وطالب الدكتور سعد الدين الهلالي، بفهم النص القرآني على أنه قد يوصي بالضعيف (المرأة) لضمان عدم حرمانها من الميراث.

وأفاد الدكتور سعد الدين الهلالي، بأن ظاهر الآية لم يتم العمل به بشكل كامل حتى نهايتها، مُستشهدًا بسياق الآية حول نصيب النساء فوق اثنتين ونصيب الأم في حالة عدم وجود ولد للمتوفى، وكيف أن الفقهاء اختلفوا في تفسيرها وتطبيقها، بما في ذلك اختلاف الصحابة في عصر عمر بن الخطاب حول نصيب الأم.

وتابع: أن مسائل الميراث هي مسائل فقهية تعتمد على الفهم والتفسير، وأن الفهم الذي يرضي الأغلبية هو الذي يجب العمل به، مع التأكيد على حرية كل فرد في فهمه دون فرض وصاية من أحد.

طباعة شارك الدكتور سعد الدين الهلالي سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الأزهر

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: الرحمة أساس الحب فتراحموا..والله لا ينظر للقلوب القاسية
  • تغلق كل شر.. علي جمعة: 3 أعمال تفتح لك أبواب الغفران والخير
  • ما تم نهبه فقط من بنك السوداني ٨٢٠ مليون دولار نقدا، و٥ طن ذهب
  • بعد فتواه عن الميراث.. سعد الدين الهلالي يدعو لتغيير اسم علم الشريعة
  • وكيل أوقاف كفر الشيخ: افتتاح مسجد العاطل بـ فوة.. صور
  • خطيب المسجد الحرام: عاملوا الناس بما ترون لا بما تسمعون واتقوا شر ظنون أنفسكم
  • ظلم الناس وأكل حقوقهم.. خطيب المسجد النبوي يحذر من الإفلاس يوم القيامة
  • لماذا سورة الكهف الوحيدة التى نقرأها يوم الجمعة ؟
  • دعاء آخر جمعة من شوال.. 6 كلمات مستجابة للرزق وقضاء الحاجة لا تغفلها
  • الخداع تحت غطاء الصداقة وخيمة الثقة !