لجريدة عمان:
2024-11-08@07:33:37 GMT

طريق الشعر والسفر.. سيرة أمجد ناصر الشعرية

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

طريق الشعر والسفر.. سيرة أمجد ناصر الشعرية

دائما ما أفضّل قراءة الكتاب المثقل بماء الشعر. وهذا ما تعزو إليه مكتبتي الصغيرة أن تحتوي أغلبها على كتب لشُعراء، لكن قلّ ما تكون دواوين أو مجموعات شعرية، بل لغة نثرية صافية محبوكة بيد فنان مبدع وهو "الشاعر". لذلك يندهش الأصدقاء حين أخبرهم أنني أحب نثر محمود درويش أكثر من شعره، وكذلك في نثر نزار قباني، وأنسي الحاج وشعراء آخرين كثيرين؛ إذ يحمل هذا النثر الشعري عادة تصنيفات وأشكالًا عدة، غالبا ما تكون على شكل مقالات، نصوص مفتوحة، وأدب رحلة، وطورًا على شكل قصص، روايات، وغيرها من الأشكال.

أشعر وأنا أكتب هذه المقدمة بنوع من الانفصام والازدواجية، فكيف لي أن أسمي المُشرّب بالشعر أو ما هو شعري في الأساس أو الشبيه للشعر بـ"النثر"! أنا الذي أسمي كتاب "هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه وصنوه كتاب "النبي" لجبران خليل جبران بالشعر الخالص.

ربما تشرح هذه المقدمة ما أثاره فيّ هذا الكتاب الصغير في صفحاته المثقل في محتواه. هو الذي كُتب من قبل شاعر، وليس كأي شاعر، إنه أمجد ناصر.

في هذا السرد المتقطع الأشبه بسيرة شعرية، يحدثنا الشاعر والصحفي أمجد ناصر عن طريقه الملتوية إلى الشعر. هو البدوي الذي تجذر الشعر في لا وعيه من خلال بيئته التي تعتاش على الشعر كما عاش عليه أسلافها الأوائل. ستكون هذه البيئة هي الشرارة الغامضة الأولى التي تومئ إليه من بعيد، فيقول:

"في فضاء مشبع بالمجاز البدوي والأمثال وتلاوات القرآن الذي يقترب في بعض سوره وآياته من الشعر الصافي ولدتُ وترعرعت. كان المجاز سيد الكلام، وكان للغة وظائف أخرى غير توصيل المعنى المباشر ورسم حدود التعاملات اليومية. كانت اللغة تنزاح عن هذا الخط لتجد نفسها في أرض أخرى، أرض الشعر، أو بالقرب منها، حيث تشرع الكلمات في تأسيس معانٍ مختلفة عن المعاني المتداولة..المستنزفة".

وفي سياقٍ مشابه يضيف:

"كان الشعر البدوي أو الأمثولة أو الحكاية التي يراد بها شيء آخر غير ظاهر المعنى هي تلمسي الأول للشعر.. الاقتراب من أرضه، وذلك قبل أن أذهب إلى المدرسة وأتعرف على شكل آخر للشعر.. الشعر الفصيح".

ليتعرف بعد ذلك السندباد البري، كما لقّبه عباس بيضون، على الشعر التقليدي في المنهاج المدرسي، لتتيح له فرصة كتابة مسرحية مدرسية، في حين كانت كلمة لمعلم اللغة العربية ذي القامة الربعة والشاربين المشذبين، المفرط في التدخين، الأثر البالغ لتشد بيد الفتى في السير قدمًا، حين قال له: "لديك ملكة أدبية".

وكأن جل الكِتاب عبارة عن علامات، علامات غامضة، تبرق ثم تختفي، تهدي التائه إلى أرضه، إلى الحلم الذي سيكونه. هو الذي لا يعرف كيف أصبح شاعرا ومتى ولماذا. أليس كل الشعراء هكذا؟

ستعيدني هذه العلامات غير المرئية التي تومض بين حينٍ وحين في طيات الكتاب إلى قصيدة أحبها لأمجد ناصر قرأتها في مراهقتي اسمها "نجوم لندن" إذ يقول فيها:

"نفسًا وراءَ نفسٍ تدفعُني الأيّامُ قُدُمًا

لكنَّ عينيَّ ظلّتا ورائي

تبحثان عن علامةٍ

تراءتْ وأنا مستلقٍ ذاتَ ليلةٍ على سطح بيتِنا في "المفرق"

أعدُّ النجوم وأخطئُ

ثم أعدُّها

غيرَ مبالٍ بالثآليل التي تطلعُ في يدي وتنطفئ.

****

لا تبحثْ عن العلامةِ

لا تعترضْ طريقَها

دعكَ من الشقوقِ والخرائبِ

لا تتَّبع أنجماً ضلّلتْ قبلَك رعاةً وعاشقين

فالعلامةُ تأتيكَ من حيثُ لا تحتسب

أو يخطرُ لك على بال".

سيجد أمجد نفسه بعد حين، بعنفوان المراهقة وجرأتها، شاعرًا يكتب القصائد أو كما سماها "بعض المحاولات الشعرية". قليلا قليلا سيتعرف على الحركات الشعرية، والأشكال الشعرية المتنوعة، وتاريخ تطور الشعر. لنجده يتقلب بين الأشكال هائمًا، مستقرًا على شعر التفعيلة، بدافع شغفه وحبه لقصائد السياب وسعدي يوسف ومحمود درويش. لكنه لن يلبث حتى ينتقل بعد ذلك إلى القصيدة التي عُرف وآمن بها، وهي قصيدة النثر، هي الطليقة التي تشبه روحه التي أحبت الحرية والسفر منشقة من التقليدي والعادي والنمطي.

سيُعرّفنا أمجد ناصر أكثر على قصيدة النثر، وتبايناتها مع أنواع الشعر الأخرى. فضلا عن رؤى أمجد ناصر الشخصية لهذا النوع من الشعر. كأنه، نوع ما، تنظير نقدي يميل إلى الانطباعية لقصيدة النثر، مُنعتقًا من اللغة الأكاديمية الصارمة، هي لغة الشاعر والصحفي. ومن أجدر من أمجد ناصر في كتابة هذه النبذة المختزلة عن قصيدة النثر!

يجدر أن أذكر هنا أنه لم يمضِ كثيرا على رحيل هذا الشاعر الأردني الكبير، وحيدا يصارع المرض كذئب الفرزدق، خمس سنوات عبرت كالطلقة ونبأ رحيله يدوي كصاعقة الأمس عليِّ وعلى محبيه مخلفًا جرحًا لا يندمل وفراغًا شاغرا أبدا. لترقد روحك بسلام حيث خبط الأجنحة ومرتقى الأنفاس، وسُرَّ كل من رآك أو تتبع أثرك العابر إلى حيث لا تسقط الأمطار الحمضية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قصیدة النثر

إقرأ أيضاً:

مصمم أردني يبهر زوار"داون تاون ديزاين" بساعات أيقونية مستدامة

استعرض مصمم الساعات والمهندس المعماري الأردني، أمجد الحاج، أبرز تصميماته وإبداعاته الفنية للساعات خلال مشاركته في معرض "داون تاون ديزاين" المقام خلال الفترة من 6 إلى 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 بحي دبي للتصميم.

وأبهر أمجد الحاج زوار المعرض بمنحوتاته الفنية الضخمة وأعماله الجدارية التي تتسم بالبساطة والعمق.

على سبيل المثال ساعة "بيغ بانغ" بمثابة عمل فريد يمزج بين الفن والعلم، مستوحياً تصميمه من الحدث الكوني الذي أسس الكون، أما ساعة "Supernova" فتجسد مشهد انفجار نجم يعبر عن عظمة الكون.

ويستخدم الحاج في منحوتاته مواد خام كالإسمنت والصلب، ويستقي مصدر إلهامه من مفاهيم فلسفية مستوحاة من العالم الطبيعي وعلم الكونيات، ليقدم تفسيراً عميقاً للحظات زمنية عابرة، لتصبح كل قطعة من أعماله رحلة تأملية في معنى الوقت وقيمته.

ومن بين أبرز أعمال الحاج الشهيرة برج "ساعة نافكو"، الذي يُعد معلماً شهيراً في منطقة جبل علي بإمارة دبي، ويصل ارتفاعه إلى 13 متراً.

ويتميز هذا البرج بهيكله الفولاذي القوي المغطى بالجرانيت الأنيق والفولاذ، ليشكل تحفة معمارية تجمع بين الصلابة والرقي. 

وتعتمد هذه الساعة على إضاءة مستدامة تعمل بالطاقة الشمسية. 


كما قدم أيضاً مجموعة "سيغنتشر" الشهيرة. وتجمع هذه الساعات بين صلابة الخرسانة وأناقة الفولاذ، لتشكل بذلك تحفاً فنيةً تأسر الأبصار بتصميمها الفريد وتفاصيلها الجمالية الساحرة، إلى جانب أدائها الوظيفي المتقن.

مقالات مشابهة

  • أمجد توفيق ساحر اللغة والباحث عن شرف الكلمة وعن الحرية
  • مصمم أردني يبهر زوار"داون تاون ديزاين" بساعات أيقونية مستدامة
  • وزير السياحة يلتقي اتحاد وكلاء وشركات السياحة والسفر البريطانية ABTA
  • عمر متولي في ضيافة الراديو بيضحك بهذا الموعد (صورة)
  • الدفاع الروسية: دمرنا 15 مُسيرة أوكرانية الليلة الماضية
  • طريق الشعب .. المنارة التي لن تخفيها البنايات الشاهقة وناطحات السحاب الجديدة ..!
  • خطوة بخطوة .. طريقة عمل الشعرية باللبن
  • الربيعة يلتقي وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني
  • غنيم: إقبال "إيجابي" على الجناح المصري ببورصة لندن السياحية
  • الطب الشرعي يفحص إيصالات أمانة في واقعة احتجاز شخص بباب الشعرية