لجريدة عمان:
2024-11-22@18:12:50 GMT

طريق الشعر والسفر.. سيرة أمجد ناصر الشعرية

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

طريق الشعر والسفر.. سيرة أمجد ناصر الشعرية

دائما ما أفضّل قراءة الكتاب المثقل بماء الشعر. وهذا ما تعزو إليه مكتبتي الصغيرة أن تحتوي أغلبها على كتب لشُعراء، لكن قلّ ما تكون دواوين أو مجموعات شعرية، بل لغة نثرية صافية محبوكة بيد فنان مبدع وهو "الشاعر". لذلك يندهش الأصدقاء حين أخبرهم أنني أحب نثر محمود درويش أكثر من شعره، وكذلك في نثر نزار قباني، وأنسي الحاج وشعراء آخرين كثيرين؛ إذ يحمل هذا النثر الشعري عادة تصنيفات وأشكالًا عدة، غالبا ما تكون على شكل مقالات، نصوص مفتوحة، وأدب رحلة، وطورًا على شكل قصص، روايات، وغيرها من الأشكال.

أشعر وأنا أكتب هذه المقدمة بنوع من الانفصام والازدواجية، فكيف لي أن أسمي المُشرّب بالشعر أو ما هو شعري في الأساس أو الشبيه للشعر بـ"النثر"! أنا الذي أسمي كتاب "هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه وصنوه كتاب "النبي" لجبران خليل جبران بالشعر الخالص.

ربما تشرح هذه المقدمة ما أثاره فيّ هذا الكتاب الصغير في صفحاته المثقل في محتواه. هو الذي كُتب من قبل شاعر، وليس كأي شاعر، إنه أمجد ناصر.

في هذا السرد المتقطع الأشبه بسيرة شعرية، يحدثنا الشاعر والصحفي أمجد ناصر عن طريقه الملتوية إلى الشعر. هو البدوي الذي تجذر الشعر في لا وعيه من خلال بيئته التي تعتاش على الشعر كما عاش عليه أسلافها الأوائل. ستكون هذه البيئة هي الشرارة الغامضة الأولى التي تومئ إليه من بعيد، فيقول:

"في فضاء مشبع بالمجاز البدوي والأمثال وتلاوات القرآن الذي يقترب في بعض سوره وآياته من الشعر الصافي ولدتُ وترعرعت. كان المجاز سيد الكلام، وكان للغة وظائف أخرى غير توصيل المعنى المباشر ورسم حدود التعاملات اليومية. كانت اللغة تنزاح عن هذا الخط لتجد نفسها في أرض أخرى، أرض الشعر، أو بالقرب منها، حيث تشرع الكلمات في تأسيس معانٍ مختلفة عن المعاني المتداولة..المستنزفة".

وفي سياقٍ مشابه يضيف:

"كان الشعر البدوي أو الأمثولة أو الحكاية التي يراد بها شيء آخر غير ظاهر المعنى هي تلمسي الأول للشعر.. الاقتراب من أرضه، وذلك قبل أن أذهب إلى المدرسة وأتعرف على شكل آخر للشعر.. الشعر الفصيح".

ليتعرف بعد ذلك السندباد البري، كما لقّبه عباس بيضون، على الشعر التقليدي في المنهاج المدرسي، لتتيح له فرصة كتابة مسرحية مدرسية، في حين كانت كلمة لمعلم اللغة العربية ذي القامة الربعة والشاربين المشذبين، المفرط في التدخين، الأثر البالغ لتشد بيد الفتى في السير قدمًا، حين قال له: "لديك ملكة أدبية".

وكأن جل الكِتاب عبارة عن علامات، علامات غامضة، تبرق ثم تختفي، تهدي التائه إلى أرضه، إلى الحلم الذي سيكونه. هو الذي لا يعرف كيف أصبح شاعرا ومتى ولماذا. أليس كل الشعراء هكذا؟

ستعيدني هذه العلامات غير المرئية التي تومض بين حينٍ وحين في طيات الكتاب إلى قصيدة أحبها لأمجد ناصر قرأتها في مراهقتي اسمها "نجوم لندن" إذ يقول فيها:

"نفسًا وراءَ نفسٍ تدفعُني الأيّامُ قُدُمًا

لكنَّ عينيَّ ظلّتا ورائي

تبحثان عن علامةٍ

تراءتْ وأنا مستلقٍ ذاتَ ليلةٍ على سطح بيتِنا في "المفرق"

أعدُّ النجوم وأخطئُ

ثم أعدُّها

غيرَ مبالٍ بالثآليل التي تطلعُ في يدي وتنطفئ.

****

لا تبحثْ عن العلامةِ

لا تعترضْ طريقَها

دعكَ من الشقوقِ والخرائبِ

لا تتَّبع أنجماً ضلّلتْ قبلَك رعاةً وعاشقين

فالعلامةُ تأتيكَ من حيثُ لا تحتسب

أو يخطرُ لك على بال".

سيجد أمجد نفسه بعد حين، بعنفوان المراهقة وجرأتها، شاعرًا يكتب القصائد أو كما سماها "بعض المحاولات الشعرية". قليلا قليلا سيتعرف على الحركات الشعرية، والأشكال الشعرية المتنوعة، وتاريخ تطور الشعر. لنجده يتقلب بين الأشكال هائمًا، مستقرًا على شعر التفعيلة، بدافع شغفه وحبه لقصائد السياب وسعدي يوسف ومحمود درويش. لكنه لن يلبث حتى ينتقل بعد ذلك إلى القصيدة التي عُرف وآمن بها، وهي قصيدة النثر، هي الطليقة التي تشبه روحه التي أحبت الحرية والسفر منشقة من التقليدي والعادي والنمطي.

سيُعرّفنا أمجد ناصر أكثر على قصيدة النثر، وتبايناتها مع أنواع الشعر الأخرى. فضلا عن رؤى أمجد ناصر الشخصية لهذا النوع من الشعر. كأنه، نوع ما، تنظير نقدي يميل إلى الانطباعية لقصيدة النثر، مُنعتقًا من اللغة الأكاديمية الصارمة، هي لغة الشاعر والصحفي. ومن أجدر من أمجد ناصر في كتابة هذه النبذة المختزلة عن قصيدة النثر!

يجدر أن أذكر هنا أنه لم يمضِ كثيرا على رحيل هذا الشاعر الأردني الكبير، وحيدا يصارع المرض كذئب الفرزدق، خمس سنوات عبرت كالطلقة ونبأ رحيله يدوي كصاعقة الأمس عليِّ وعلى محبيه مخلفًا جرحًا لا يندمل وفراغًا شاغرا أبدا. لترقد روحك بسلام حيث خبط الأجنحة ومرتقى الأنفاس، وسُرَّ كل من رآك أو تتبع أثرك العابر إلى حيث لا تسقط الأمطار الحمضية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قصیدة النثر

إقرأ أيضاً:

“قيصرية الكتاب” تستذكر سيرة الشيخ حسن آل الشيخ – رحمه الله –

المناطق_واس

نظّمت قيصرية الكتاب ضمن برنامج ” شخصيات وطنية” أمسية بجامعة الأمير سلطان بالرياض مساء اليوم احتفاءً بإرث معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ – رحمه الله – وإسهاماته في مجالات التعليم والثقافة والأدب التي امتدت لأكثر من 26 عامًا.

واستهلت الأمسية بفيلم وثائقي استعرض محطات حياة الشيخ حسن آل الشيخ منذ نشأته ومسيرته المهنية الحافلة، ثم ألقى المشرف العام على قيصرية الكتاب أحمد الحمدان كلمة أكّد فيها أهمية استذكار الرموز الوطنية.

أخبار قد تهمك خطوة تعكس تشددا حيال الصين.. ترامب يختار لوتنيك للتجارة 19 نوفمبر 2024 - 11:53 مساءً حرس الحدود الليبي ينتشل جثتين لمهاجرين غير شرعيين وينقذ 29 آخرين 19 نوفمبر 2024 - 11:47 مساءً

وعن مآثر آل الشيخ تحدث خلال الأمسية التي إدارها حمد القاضي، كل من الدكتورة ندى أبا الخيل، والدكتور طلال قستي، عن الرحلة التعليمية للمحتفى بإرثه وإنجازاته – رحمه الله – وإسهاماته في تطوير التعليم العام والعالي بالمملكة، والمراكز القيادية التي تولاها آنذاك.

وسلّط المتحدثان حديثهما عن مؤلفات الراحل التي شملت كتبًا ومقالات صحفية، ودوره في المشهد الثقافي والتعليمي.

وأضافت الدكتورة ندى أبا الخيل لمسة خاصة حين تحدثت عن رسالتها في درجة الماجستير، التي اختصت بها حياة الشيخ ونثره، معبرة عن مدى تأثرها الشخصي بسيرته، وكيف ألهمها عمق تجربته لبلورة رسالتها على نحو يليق بمقامه.

ويأتي هذا الاحتفاء في إطار رؤية قيصرية الكتاب؛ لتعزيز حضور الشخصيات الثقافية البارزة في المشهد الوطني، وتجسير العلاقات بين الأوساط الأكاديمية والثقافية، دعمًا للأهداف الثقافية لرؤية المملكة 2030.

Copy URL URL Copied 19 نوفمبر 2024 - 11:56 مساءً Share Facebook X LinkedIn Messenger Messenger Read Next منوعات19 نوفمبر 2024 - 11:06 مساءًمحافظ حفر الباطن يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة بالشرقية منوعات19 نوفمبر 2024 - 10:34 مساءًجامعة الملك عبدالعزيز تناقش أوجه التعاون المشترك مع وفد الجامعات الأمريكية أبرز المواد19 نوفمبر 2024 - 6:27 مساءًكيف يتم حساب المواسم عند العرب؟.. باحث فلكي يوضح أبرز المواد19 نوفمبر 2024 - 12:03 مساءًاستشارية: القيلولة تؤدي إلى يقظة الإنسان وشعوره بالنشاط أبرز المواد19 نوفمبر 2024 - 11:09 صباحًاتحد من الإصابة بأمراض القلب والسكري.. تعرف على الفوائد الصحية للذرة الرفيعة19 نوفمبر 2024 - 11:06 مساءًمحافظ حفر الباطن يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة بالشرقية19 نوفمبر 2024 - 10:34 مساءًجامعة الملك عبدالعزيز تناقش أوجه التعاون المشترك مع وفد الجامعات الأمريكية19 نوفمبر 2024 - 6:27 مساءًكيف يتم حساب المواسم عند العرب؟.. باحث فلكي يوضح19 نوفمبر 2024 - 12:03 مساءًاستشارية: القيلولة تؤدي إلى يقظة الإنسان وشعوره بالنشاط19 نوفمبر 2024 - 11:09 صباحًاتحد من الإصابة بأمراض القلب والسكري.. تعرف على الفوائد الصحية للذرة الرفيعة خطوة تعكس تشددا حيال الصين.. ترامب يختار لوتنيك للتجارة خطوة تعكس تشددا حيال الصين.. ترامب يختار لوتنيك للتجارة تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك Find us on Facebookالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستFacebookXYouTubeInstagramWhatsApp Facebook X Messenger Messenger WhatsApp Telegram Back to top button Close البحث عن: FacebookXYouTubeInstagramWhatsApp Close Search for Close Search for

مقالات مشابهة

  • دياموند بو عبود: سعيدة بترشح فيلمي للأوسكار وأحلم بتقديم سيرة فيروز
  • حزب الله يتصدى لمُسيرة صهيونية ويستهدف قوات العدو في مستوطنة شتولا
  • المشدد 10سنوات لتشكيل عصابي في تزوير المحررات الرسمية بباب الشعرية
  • القوات الروسية تحبط هجومًا أوكرانيًا باستخدام «طائرات مُسيرة» في مقاطعة تولا
  • من لبنان والشرق.. الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض 6 طائرات مُسيرة
  • الإعدام لقيادي موال لهادي بتهمة تشكيل عصابة مسلحة في عدن
  • المعداوي وفدوى طوقان.. سيرة ذاتية ترويها الرسائل
  • “قيصرية الكتاب” تستذكر سيرة الشيخ حسن آل الشيخ – رحمه الله –
  • “قيصرية الكتاب” تستذكر سيرة الشيخ حسن آل الشيخ
  • تفاصيل الأمسية الشعرية «فن الواو» بالمجلس الأعلى للثقافة