أسامة الأزهري: إذا أراد الإنسان معرفة مقامه لدى الله عليه فعل ذلك
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
قال الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية وأحد علماء الأزهر الشريف، إن أهل الله كانوا يقولون إن الطريق إلى الله يكون بعدد أنفاس الخلائق، فلكل انسان باب إلى الله قد يجد نفسه فيه، موضحًا أن العلماء كانوا يقولون أن لله أبواب خفية لا يلتفت إليه الكثير من الناس، والقرآن الكريم جاء محملا بمستويات من الهداية على حسب استعداد كل انسان.
وأضاف "الأزهري"، خلال حواره ببرنامج مملكة الدراويش المذاع عبر فضائية "الحياة"، اليوم الأحد، أن السير إلى الله مستويات ومراتب والكمال فيها لا يتناهى والباب مفتوح دائمًا وكل إنسان له نصيب منه بقدر ما لديه من الاستعداد والله هو المقصود، متابعا:" الله هو الغاية والهدف ووجدنا في الكون ليكون رحلة وسير إلى الله".
وأوضح، أن كل من سلك الطريق إلى الله وحضر مجلس الذكر والحضرة، ينبغي ألا ينفك عن الأدب بأي حال من الأحوال، وكما قال الشاعر ليس التصوفُ لبسَ الصوفِ ترقعُهُ ولا بكاؤك إن غنى المُغنُّون ولا صياحٌ ولا رقصٌ ولا طربٌ ولا ارتعاشٌ كأن قد صرتَ مجنونا"، مشيرًا إلى أن من سلك طريقًا إلى الله ولم تتنور بصيرته فليس بسالك، محذرا من أن نُفتن بشيء يفتحه الله لنا من كرامة أو رؤية أو انكشاف وعلينا أن نجعله حال بيننا وبين الله.
وتابع مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية وأحد علماء الأزهر الشريف، أن الفتوحات من الله تكون لكل مريد صادق كثير الطرق على الباب، لأن السير إلى الله يكون بالهمم التي يحملها الناس وليس بسير القدم، مشيرًا إلى أنه إذا أراد الإنسان معرفة مقامه لدى الله سبحانه وتعالى فعليه أن يبحث في أي طريق أقامه، هل هو طريق الحفاظ على الفرائض وعمل الخير أم طريق الخلاف والخناقات.
وأكد على أن الطريق إلي الله ليس فيه سكون ولكنه سير دائم من أجل أن يظل الإنسان مُنكسر وعبد طامع في الأكمل والأفضل.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: أسامة الأزهري رئيس الجمهورية فضائية الحياة مستشار رئيس الجمهورية الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية أحد علماء الأزهر الشريف فضائية الحياة اليوم أحد علماء الأزهر الطريق إلى الله أسامة الأزهری إلى الله
إقرأ أيضاً:
الحرية الفكرية
#الحرية_الفكرية
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
عندما شاءت إرادة الله تعالى أن يخلق الإنسان، ميز هذا المخلوق عن الكائنات الأخرى بالعقل، ليمكنه التمييز بين الصالح والطالح بالأدوات المنطقية، من غير الحاجة الى الوسائل الحسية التي بدونها لا يتم الإدراك والتمييز عند باقي الكائنات.
لقد منح الله هذه الأداة الراقية أصلا لهدف جليل هو ادراك وجود الخالق المغيّب عن الوسائل الحسية، والإيمان به بقناعات عقلية، وبالتالي عبادته وطاعته باختياره، لذلك جعل لهذا الكائن المكرم (الإنسان) حياتين: الأولى يمتحن فيها على حسن استعمال العقل وباقي النعم (الإيمان والعمل الصالح)، والآخرة ليس فيها تكليف أو امتحان بل جزاء، فيثاب أو يعاقب فيها على إساءة الاستعمال.
لذا فمهمة العقل الأولى معرفة الله، والمهمة الثانوية هي تأدية مهمة استخلاف الله له في الأرض ليعمرها ويحفظ توازنات الأنظمة التي أوجدها الله منظمة وضابطة لعلاقات المخلوقات ببعضها.
ولما كان العقل لا يعمل بالقسر ولا بتقييده، لذلك كانت الحرية بمختلف أشكالها فطرة أساسية في الإنسان، فهو يخلق منذ الولادة مفطورا على حب الحرية وكراهية أي مقيد لها، فما أن يشب الطفل عن الطوق، ويستغني عن أمه في تلبية احتياجاته الأساسية، حتى يبدأ بالتمرد على تعليماتها وتوجيهاتها، ويحاول أن يتصرف وفق مدركاته الحديثة التشكل.
طالما أن الله منح الإنسان الخيار باتباع الفطرة الإيمانية أو مخالفتها، ولم يفطره على الطاعة المطلقة كالملائكة، فمن المنطقي ان يتيح له حرية التفكير والاعتقاد، ولذلك قال: “وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ” [الكهف:29]، فبعد أن أنزل عليه هديه، لم يعد لعقله من حجة بتغليب مغريات الهوى والضلال.
إذا فالإسلام يحترم الحرية الفكرية، ولا يقسر الناس قسرا على اعتناقه، بعكس ما يشيعه معادو منهج الله.
أما ما يعتقده المتشددون من أن الله كلف أمته بنشر الدين بالسيف، مستشهدين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَهَا فقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ ونَفْسَهُ إلَّا بحَقِّهِ، وحِسَابُهُ علَى اللَّهِ” فهو استدلال خاطئ، فالناس هنا ليس المقصود بهم العالمين، بل المشركين والكفار المقيمين في الجزيرة، فجاء هذا الحديث من وحي فهم أمر الله تعالى وتنفيذا له: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً” [التوبة:123]، فقد حدد الكفار الواجب مقاتلتهم أنهم المجاورون من القاطنين في أرض الجزيرة، الى أن يسلموا، وأهل الكتاب الى أن يرضخوا للدولة الاسلامية بأن يعطوا الجزية: “حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ” [التوبة:29]، وذلك لأن الله أراد لهذه البقعة من الأرض أن تكون مهدا للدعوة ومنطلقا الى سائر بقاع الأرض، فيجب أن يستتب الأمر فيها للدين، فلا يجتمع معه عقيدة زائغة: “وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ..” [الأنفال:39]، ومن فهمه صلى الله عليه وسلم لهذه الآية جاء الحديث: “لا يجتمع في جزيرة العرب دينان”.
ولما أن البعض قد يتخوف من عاقبة ذلك على خسران عائد تجاري أو نقصان دخل يحققه زوار غير المسلمين لبيت الله، فقد طمأن أمته أنه سيؤمن لهم ما يكفيهم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ” [التوبة:28]، وفعلا تحقق ذلك، فكانت تجبى ثمرات كل شيء الى تلك الديار القاحلة عبر كل العصور، وأمدهم بماء زمزم التي لا تنقطع، كما جعل في ديارهم موارد طبيعية تغنيهم أضعاف ما يمكن أن تدره السياحة الترفيهية الفاسدة.
نستخلص مما سبق أن الدعوة لدين الله ظاهرة الحجة لمن ابتغى المعرفة، مقنعة للعقل المنفتح، فلا حاجة لإكراه أحد على الإسلام، والمحاجج المكابر مغلق العقل تعصبا، ولن ينفع الدين ولا الأمة، لأنه سيبقى نقطة ضعف فيها: “مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ” [التوبة:47].
إذن فالإسلام يكفل حرية الفكر والمعتقد للإنسان، وقد شهدت الدولة الاسلامية على مر العصور، بقاء أقليات لم تشأ دخول الإسلام، فبقيت على معتقدها، ولم تلق مضايقة ولا رقابة مفقدة للخصوصية الآدمية، كما تفعل الدول العلمانية المعاصرة بحق المسلمين.